* التقرير يحث مصالح وزارة التجارة على تقديم معطيات دقيقة ويطالب بإصلاحات
خلص التقرير النهائي الذي أعدته البعثة الاستعلامية للجنة الشؤون الاقتصادية والتنمية والصناعة والتجارة والتخطيط بالمجلس الشعبي الوطني حول التحقيق في ندرة مادة زيت المائدة إلى أن السبب الرئيس وراء الظاهرة هو تذبذب الإنتاج لأسباب و دواع متعددة وعدم انضباط بعض المنتجين، وحث مصالح وزارة التجارة على إعداد إحصائيات واقعية تساعد في ضبط السوق ومراقبتها، ودعا إلى إصلاحات ضريبية وتشريعية لتفادي تكرار الأزمة.
وقد استعرض رئيس اللجنة اسماعيل قوادرية أمس في ندوة صحفية بالمجلس الشعبي الوطني مضمون التقرير امام وسائل الإعلام، و أوضح أن البعثة الاستعلامية التي كلفتها اللجنة قامت بعملها في الفترة بين 10 و 22 يناير الماضي في ولايات بها مصانع انتاج زيت المائدة وهي معسكر، وهران ام البواقي سطيف بجاية أدرار وبرج باجي مختار.
وأوضح أن البعثة الاستعلامية اشتغلت على عدة محاور رئيسية، هي المعاينة الميدانية لتقصي اسباب ندرة الزيت، والوضعية الحقيقية في السوق والمتسببين في ذلك ومدى مسؤولية الوزارة الوصية في تموين السوق الوطنية بهذه المادة واسعة الاستهلاك، وعليه قدمت مجموعة من المقترحات و الحلول تراها ملائمة للحد من تذبذب التموين.
ومن أهم الملاحظات التي سجلتها البعثة أن دعم المنتجين حسب الكميات المصرح بها في الفواتير لا يعبر عن الواقع بناء على المعطيات المدونة في السجلات التجارية للموزعين والتي تعود بصورة غير مباشرة للمنتجين.
كما سجلت البعثة رفض بعض المنتجين الزيادة في كميات الانتاج بحجة عدم صب قيمة التعويضات( فارق السعر بين الانتاج وسعر البيع المقنن)، وكمثال على ذلك مصنع الزيت الموجود بعين مليلة بولاية ام البواقي الذي صرح مسؤوله أنه لم يتقاض مستحقاته منذ يناير 2021..
وبعد المعاينة والتدقيق في كميات الانتاج للمصانع المنتجة تبين أن مجموع الانتاج لست وحدات هو 4330 طنا في اليوم اي ما يعني 3.961.950 لترا في اليوم، اي بمعدل 103.010.700 لتر شهريا، علما أن الشهر يتضمن 26 يوم عمل، وعليه فإن هذا الإنتاج يغطي حاجيات المواطن وبالفائض.
وسجلت البعثة امتناع بعض تجار التجزئة عن اقتناء مادة الزيت لأن الضريبة على النشاط المهني التي تقدر بـ 2 من المائة من رقم الأعمال تساوي تقريبا هامش ربح الموزعين وتجار الجملة والتجزئة، وهذا بعد اعتماد الفوترة كوسيلة لتتبع الاثر وإضفاء الشفافية على سلسلة التوزيع.
وبحسب التقرير سالف الذكر فإن المنتجين يساهمون بشكل كبير في خلق أزمة ندرة زيت المائدة من خلال توفيرها على مستوى الموزعين الحصريين والمعتمدين من طرفهم، في حين أن تجار الجملة والتجزئة يحصلون على كميات منها في فترات متقطعة ومتباعدة في أغلب الأحيان.
وحمل التقرير الخلل الواقع في هذا المجال لنظام الرقابة الدورية لمصالح وزارة التجارة التي تصدر- حسبه- إحصائيات غير واقعية، ما جعل من أزمة ندرة الزيت تتجاوزهم و تتفاقم مما أدى إلى اتخاذ قرارات ارتجالية كقرار عدم بيع الزيت لمن هم دون سن الـ 18، وهي قرارات كانت مصحوبة بتصريحات غير مدروسة -يضيف التقرير.
ووقفت البعثة على تصريح أحد المنتجين بعدم وجود مخزون على مستوى مصنعه وبأن الانتاج اليومي يوجه مباشرة إلى نقاط البيع، لكن بعد التحري والمعاينة عثر على مخزون من المنتوج يوم 11 يناير يعود تاريخ إنتاجه إلى 31 ديسمبر من السنة الفارطة.
كما اعتبرت أن هامش ربح الموزعين الذي لا يتعدى 15 دينارا للعبوة الواحدة ذات سعة 5 لتر الخاضع لضريبة يبقى في نظرهم غير محفز وغير مشجع، و عليه فإن الإبقاء على آلية الدعم غير المباشر قد ساهم بشكل كبير في ارتفاع معدل التضخم كما أدى إلى عدم استفادة الاسر المؤهلة من مزاياه.
واقترح تقرير اللجنة اتخاذ تدابير من شأنها حث أعوان الرقابة والتفتيش تحت وصاية وزارة التجارة على ضرورة أن تكون معاينتهم وتحرياتهم دقيقة وموضوعية وبكل أمانة وهو ما يسمح بتفادي الأخطاء عند تفعيل آليات الرقابة، وتفعيل وتحيين البطاقية الوطنية لإحصاء تجار الجملة الحقيقيين لمكافحة التهريب، والتأكيد على إجبارية الفوترة وهو ما يسمح بتتبع مسار المنتجات المدعمة والحصول على إحصائيات حقيقية لكميات الإنتاج لصرف الدعم الملائم دون تضخيمه، واستحداث وكالة وطنية للأمن الغذائي ووضع مسؤولية ضبط السوق تحت إشرافها مع إسناد الدواوين المكلفة بتأطير السوق تحت وصاية هذه الوكالة لكونها يعتمد عليها في عملية الضبط.
واقترحت اللجنة التطبيق الصارم لقانون المنافسة، وتوسيع مهمة الضبط والرقابة والقمع لهيئات وزارة الفلاحة، وإعادة النظر في المرسوم التنفيذي 11-108 الذي يحدد السعر الأقصى عند الاستهلاك وكذا هوامش الربح القصوى عند الإنتاج والاستيراد وعند التوزيع بالجملة والتجزئة لمادة الزيت.
وأوصى التقرير ايضا بتشجيع الاستثمار في إنتاج المادة الأولية لاستخلاص مادة الزيت كالصوجا والسلجم الزيتي، كما تحدث التقرير عن تأخر الفرق المختلطة التجارة- الضرائب والجمارك- في معالجة ملفات التعويضات الممنوحة للمنتجين على مستوى الولايات.
واعتبر ان تداول معلومات مغلوطة على وسائط التواصل الاجتماعي أثر في النمط الاستهلاكي و زاد من حدة الأزمة يقابلها غياب المعلومة الدقيقة وضعف التواصل وصمت الجهات المعنية والتركيز على اختصار أسباب الأزمة في المضاربة وتحميلها للتجار الصغار والمواطنين.
و أوصى تقرير اللجنة البرلمانية في الختام بوضع نظام للترقيم الجبائي المؤمن يطبق على السلع والبضائع لضمان إمكانية تتبع ومراقبة مسار المنتجات خلال جميع مراحل طرحها للاستهلاك، واتخاذ اجراءات عملية ورقابية لمواجهة ندرة زيت المائدة من خلال التفريق بين زيت المائدة المدعم الموجه للاستهلاك الداخلي والموجه للتصدير.
و العمل على الحد من أساليب البيروقراطية في منح الرخص من قبل وزارة التجارة، وتطهير قائمة تجار الجملة في الجنوب، وتكثيف عمليات مكافحة التهريب، وإعادة النظر في فرض الضريبة والتي تحسب على اساس هامش الربح بدلا عن رقم الأعمال.
ونشير أن التقرير النهائي الذي عرض أمس سيقدم لرئيس المجلس الشعبي الوطني ثم لرئيس الجمهورية، وهذا بعد أن كانت لجنة التحقيق البرلمانية التي أنشأها مجلس الأمة في هذا الموضوع قد رفعت قبل ايام تقريرها لرئيس الجمهورية واحتفظت بحقها في الحفاظ على سريتها كما ينص القانون.
إلياس -ب