أكد أخصائيون أمس بأن تراجع المنحنى الوبائي لا يعني زوال الجائحة، والتغاضي عن التدابير الوقائية وإجراء اللقاح، بسبب ما تعرفه عدة بلدان من عودة قوية للمتحوّر «أوميكرون»، غير مستبعدين أن يطرأ على الفيروس تغيّرات جديدة بسبب العدوى الواسعة التي شهدتها الموجة الرابعة.
حذّر أطباء أخصائيون في الصحة العمومية المواطنين من اعتبار الأرقام الأخيرة المتعلقة بالوضع الوبائي التي بلغت أدنى مستوياتها منذ بدء الموجة الرابعة، مؤشرا على زوال جائحة كورونا، والعودة إلى ممارسة الحياة الطبيعية خارج إطار الإجراءات الوقائية.
وأوضح الدكتور فتحي بن أشنهو المختص في الصحة العمومية في تصريح «للنصر» بأن تحليل الوضع الوبائي ينبغي أن ينطلق من معطيات صحيحة، والأخذ بالحسبان ما تعرفه بعض البلدان من عودة انتشار العدوى بالمتحور «أميكرون»، رافضا بشدة استعمال مصطلح التغلب على الوباء، أو الخروج من الجائحة لأنه لا يعكس الواقع الفعلي.
ودعا المتدخل المواطنين إلى عدم الثقة في الفيروس، لأن لا أحد يمكنه توقع ما قد يطرأ عليه من تغيرات في المستقبل، قائلا إنه عند قراءة وتحليل الأرقام التي تقدمها اللجنة العلمية يوميا بخصوص تطور الجائحة، يجب الأخذ بعين الاعتبار ما تعيشه باقي البلدان فيما يخص مستوى انتشار العدوى لديها.
كما حذر الدكتور بن أشنهو من مغبة التغاضي عن الإجراءات الوقائية، لا سيما ما تعلق بوضع القناع الواقي في الأماكن العامة، واحترام مسافة التباعد، أو التمادي في مقارنة أنفسنا بما تعيشه الدول الأوروبية من عودة شبه تامة إلى الحياة الطبيعية واستئناف كافة الأنشطة، بعد أن حققت نسبة تغطية باللقاح فاقت 90 بالمائة لدى الكثير منها.
وأضاف المصدر بأن الخطابات التي تبعث على الطمأنينة وتتحدث عن قرب زوال الجائحة تتجاهل في حقيقة الأمر المعطيات العلمية الموضوعية، وقد تكون نتائجها عكسية على الوضع الصحي العام، لأنها قد تدفع بالمواطنين إلى عدم الامتثال للبروتوكول الصحي الرامي إلى محاربة الجائحة، اعتقادا منهم بأن التقيد بالتدابير الاحترازية قد تجاوزه الزمن فلم يعد له أي جدوى.
وجدد المتحدث الدعوة إلى التحلي بالوعي وروح المسؤولية، والتقيد الصارم بتوصيات الأخصائيين لضمان استقرار الوضع الصحي، لا سيما خلال الشهر الفضيل الذي عادة ما تكثر فيه الزيارات العائلية، مع الالتزام بقواعد النظافة للحد من انتشار العدوى بالفيروس.
وأضاف من جهته الدكتور محمد كواش المختص في الصحة العمومية بأن الانخفاض المعتبر لمستوى العدوى بفيروس كورونا خلال الأيام الأخيرة يعد عاملا مشجعا على العودة إلى الحياة الطبيعية، لكنه لا يعني أبدا زروال الجائحة، نظرا لما قد يخبئه الفيروس من مفاجآت غير سارة.
وأشار الدكتور كواش في حديث معه إلى التحذيرات التي أطلقتها مؤخرا المنظمة العالمية للصحة بشأن احتمال ظهور متحور خطير مستقبلا، لأن الانتشار الواسع للمتحور «أوميكرون» قد يعطي الفرصة لظهور متغير جديد، وفق ما تشير إليه التحاليل العلمية. وحث المتدخل بدوره على ضرورة التزام الحيطة والحذر الحفاظ على استقرار الوضع الصحي، مقترحا استغلال الظرف الحالي المتسم بتراجع العدوى بالفيروس فرصة للتوجه إلى المراكز الصحية لإجراء التلقيح، لا سيما بالنسبة للأشخاص الذين لم تشملهم العدوى بالمتحور «أوميكرون».
ويرى المصدر بأن مساهمة جميع المواطنين في مكافحة الوباء عبر التقيد بالإجراءات الوقائية، هو سبيل الوحيد لعدم الرجوع إلى نقطة الصفر، ولاستئناف كافة الأنشطة الطبية بالمؤسسات الاستشفائية، برمجة المواعيد الخاصة بالعمليات الجراحية التي تم تأجيلها لعدة المرات بسبب تسخير أغلب المصالح لاستقبال المتضررين من الإصابة بكوفيد 19.
لطيفة بلحاج