• إصدار 1470 نصا قانونيا • أزيد من 258 مليار دينار لمناطق الظل • الحفاظ على المالية العامة وتمويل الإنعاش
تؤكد الحكومة في بيان سياستها العامة الذي ستعرضه في قادم الأيام على نواب البرلمان تنفيذا لأحكام المادة 111 من الدستور بأن تنفيذ مخطط عملها الذي صادق عليه البرلمان في 17 سبتمبر من العام الماضي جاء في فترة اتسمت بظرف وطني ودولي معقد للغاية تميز بتواتر الآثار الناجمة عن جائحة كوفيد 19، و نشوب النزاع في أوكرانيا وتداعياته على الصعيد الدولي.
وجاء في مقدمة بيان السياسة العامة للحكومة المودع لدى المجلس الشعبي الوطني والذي حصلت "النصر" على نسخة عنه بأن الحصيلة المقدمة تغطي الفترة الممتدة من سبتمبر 2021 إلى غاية أوت 2022، وتشير إلى أن بداية انتعاش الاقتصاد العالمي سرعان ما تأثرت بتدهور المحيط الجيو-سياسي الدولي إلى الحد الذي أثار شكوكا بشأن الاستثمار وتدفقات التجارة الخارجية، مما أدى إلى إعادة النظر بالنقصان في تقديرات نمو الاقتصاد العالمي والتجارة الدولية لسنة 2022.
كما اتسم المحيط الاقتصادي والمالي والسياسي الدولي بالتهاب أسعار الطاقة والمواد الأولية والمنتجات الغذائية، وشهدت معظم دول العالم مستويات تضخم لم تعرفها منذ 40 سنة، حيث ارتفع سعر القمح بثلاثة أضعاف منذ بداية 2020، كما كان من المتوقع أن يصل السعر المتوسط لبرميل النفط الجزائري إلى 104 دولار للبرميل في 2022 بينما قدر بنحو 71 دولارا في 2021.
في ظل هذا المحيط المعقد عملت الجزائر في 2021 على استئناف النشاط الاقتصادي بعد تراجع ملحوظ في السنة التي سبقتها بسبب تداعيات كوفيد 19، وهكذا شهد الاقتصاد الوطني حركية استدراكية تميزت بتحقيق نسبة نمو قدرت بـ 4.7 من المائة في 2021، غير أن سياق التضخم العالمي أدى إلى تسجيل مؤشر الأسعار عند الاستهلاك في الجزائر ارتفاعا بنسبة + 7.2 من المائة في نهاية 2021.
و ينقسم بيان السياسة العامة للحكومة إلى خمسة فصول، الأول بعنوان "تعزيز دولة القانون وتجديد الحوكمة"، والثاني" من أجل إنعاش الاقتصاد وتجديده"، والفصل الثالث جاء تحت عنوان " من أجل تنمية بشرية وسياسة اجتماعية مدعمة"، وجاء الفصل الرابع بعنوان" من أجل سياسة خارجية نشطة واستباقية"، أما الفصل الخامس والأخير فقد خصص لتعزيز الأمن والدفاع الوطنيين".
مواصلة الإصلاحات السياسية والمؤسساتية العميقة
في الفصل الأول الخاص بتعزيز دولة القانون وتجديد الحكومة أكد بيان السياسة العامة للحكومة على أن عملها تمحور في هذا المجال خصوصا على مواصلة تجسيد الإصلاحات السياسية والمؤسساتية العميقة التي أقرها رئيس الجمهورية والمكرسة بموجب التعديل الدستوري الأخير، وفي هذا الجانب عملت الحكومة على عصرنة العدالة وتوسيع استقلاليتها وتعزيز الحريات، حيث تم إصدار 12 نصا قانونيا من أصل 30 نصا اعتمدت، مع برمجة 12 نصا آخر على مستوى البرلمان في دورته الجديدة.
ومن بين أهم النصوص التي صدرت في هذه الفترة والتي ترمي إلى تعزيز استقلالية القضاء، القانون العضوي المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء وتنصيب أعضائه، وإعداد مشروع تمهيدي لقانون عضوي جديد يتعلق بالقانون الأساسي للقضاء الذي سيعرض على البرلمان خلال هذه الدورة، و مراجعة القانون العضوي المتعلق بمجلس الدولة، و استحداث محاكم تجارية متخصصة وغيرها.
وفي إطار تسهيل اللجوء إلى العدالة تم تكريس نمط الجلسات المتنقلة من خلال القانون العضوي المتعلق بالتنظيم القضائي ومراجعة القانون المتعلق بالمساعدة القضائية، ومواصلة رقمنة مصالح القطاع، واستلام مقرات لجهات قضائية جديدة.
في مجال الحريات أشارت وثيقة بيان السياسة العامة للحكومة إلى تعزيز الحوار والتشاور من خلال إصدار القانون المتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي، والشروع في إصلاح شامل من خلال إعداد مشروع قانون جديد من شأنه تعزيز الحرية النقابية و حماية الحق النقابي وممارسة الحق في الإضراب على وجه الخصوص.
ومن أجل إقامة مجتمع مدني ديناميكي و ملتزم تم إعداد مشروع قانون عضوي يتعلق بشروط وكيفيات إنشاء الجمعيات، وتنصيب المرصد الوطني للمجتمع المدني، و لضمان حرية التجمع والتظاهر وإنشاء الأحزاب السياسية تم إعداد مشروع قانون يتعلق بحرية الاجتماع والتظاهر السلمي، و إعداد مشروع لقانون عضوي حول الأحزاب السياسية يكرس التبسيط العميق لكيفيات وشروط إنشائها.
وتؤكد الحكومة في بيانها بأن الصحافة ووسائل الإعلام حرة ومسؤولة، وذلك عبر مراجعة الإطار التشريعي والتنظيمي الذي باشرته من خلال إعداد ثلاثة مشاريع قوانين هي القانون العضوي المتعلق بالإعلام، والقانون المتعلق بالسمعي البصري و الآخر المتعلق بالصحافة المكتوبة والإلكترونية، فضلا عن العمل على تطوير الاتصال المؤسساتي وتحسين البث الإذاعي.
إصدار 1470 نصا قانونيا وطرح 1708 سؤال على الحكومة
وفي الجانب المتعلق بتجديد الحوكمة من أجل المزيد من الأداء والشفافية ومن أجل علاقة تكاملية بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وبالضبط في مجال الرقابة البرلمانية تحدث بيان السياسة العامة عن طرح 1708 سؤال كتابي على أعضاء الحكومة من قبل نواب الغرفتين، وتقديم الرد على 392 سؤالا شفهيا، وتسهيل تنفيذ 23 بعثة استعلامية مؤقتة ولجنة تحقيق برلمانية، ومشاركة أعضاء الحكومة ومسؤولين آخرين في 47 جلسة استماع عقدت من قبل اللجان الدائمة للبرلمان.
ودائما في إطار السعي نحو الحكم الراشد توج العلم المعياري للحكومة بإصدار 1470 نصا قانونيا بينها 35 نصا تشريعيا و 1435 نصا تنظيميا، وإصدار 19 نصا قانونيا مرتبطا بتنفيذ أحكام التعديل الدستوري وإنشاء جميع الأجهزة والهيئات المعنية بالتعديل الدستوري.
كما نفذت الحكومة طيلة عام كامل العديد من الأعمال في مجال الأموال العمومية وحمايتها مثل تنفيذ المخطط المحاسبي الجديد للدولة وتحسين التحصيل، و الوقاية من الفساد ومكافحته عبر القانون المتعلق بالسلطة العليا للشفافية و الوقاية من الفساد ومكافحته، ومشاريع أخرى.
كما تم في ميدان عصرنة الإدارة والوظيفة العموميتين تنفيذ التنظيم الإقليمي الجديد المتضمن إنشاء 10 ولايات جديدة، و إعداد المشاريع التمهيدية للقوانين المتعلقة بالبلدية والولاية وتسيير مخاطر الكوارث والتي سيتم إيداعها خلال الدورة البرلمانية الحالية، والشروع في مسار إصلاح القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، ومواصلة التحول الرقمي للإدارة العمومية.
إنعاش الاقتصاد الوطني وتحسين مناخ الاستثمار
في المجال المتعلق بإنعاش الاقتصاد الوطني وتجديده تتمثل حصيلة الحكومة في جملة من الأعمال الرامية إلى ضمان استدامة المالية العامة وتمويل فرص الإنعاش الاقتصادي ضمن منظور الاستثمار وتنويع الاقتصاد.
وفي هذا الجانب تشير وثيقة بيان السياسة العامة للحكومة خصوصا إلى عصرنة النظام المصرفي والمالي، تحسين الشمولية المالية سيما من خلال نشر منتجات الصيرفة الإسلامية ( فتح 294 شباكا)، تحسين جهاز صناديق الاستثمار الولائية، إعادة تنشيط البورصة وعصرنة المنشآت الأساسية للسوق المالية.
وأيضا إصلاح القطاع العمومي التجاري و حوكمة المؤسسات العمومية، و إزالة العراقيل التي تعترض المؤسسات العمومية الاقتصادية التي تواجه صعوبات وبعث العديد من الوحدات الاقتصادية العمومية المتوقفة.
في مجال تحسين مناخ الأعمال يشير بيان السياسة العامة بشكل أساسي إلى إعداد القانون الجديد الخاص بالاستثمار، وتنصيب لجنة وطنية مكلفة بمتابعة المشاريع الاستثمارية المتوقفة تضم ممثلي 10 وزارات والتي توجت بإحصاء 915 مشروعا استكمل ولم يستغل وهو ما سمح ببعث 863 مشروعا منها، ومواصلة العمل على تطهير ملفات الاستثمار و ترقية المقاولاتية، وتطوير العقار الاقتصادي وتحسين استغلاله بشكل أمثل، وتعزيز اقتصاد المعرفة والبحث والتنمية والابتكار، وتطوير القطاعات التي تعزز النمو خاصة في مجال المحروقات من أجل تحقيق انتقال طاقوي مأمول.
فضلا عن إنشاء أقطاب صناعية في مختلف المجالات وتطوير مختلف الشعب الفلاحية وتعزيز قدرات التصدير، وفي المجال السياحي عملت الحكومة على تنفيذ "مخطط وجهة الجزائر" من خلال عدة ورشات وأعمال تصب في هذا الاتجاه.
أكثر من 34 مليون جرعة لقاح ضد كورونا
وفي المجال الاجتماعي تلخصت حصيلة الحكومة عن مواصلة السياسة الاجتماعية للدولة في العديد من المجالات على غرار الصحة والتعليم، و تطرقت بالكثير من التفاصيل لمختلف الأعمال التي نفذتها القطاعات الوزارية المعنية خلال عام.
ففي مجال الصحة مثلا تحدث البيان عن استكمال النص التنظيمي المتضمن إعداد الخاطرة الصحية واعتمادها، و يجري الآن إنجاز خمسة مستشفيات مخصصة للاستعجالات الطبية والجراحية اثنان منهما تم استلامهما، و شدد البيان على أن المنظومة الصحية الوطنية برهنت على قدرة كبيرة على الصمود في وجه جائحة كوفيد 19، بفضل تجند غير مسبوق لها، وتم ذلك عبر اقتناء أزيد من 200 جهاز مولد للأكسجين، و أزيد من 6 آلاف مكثف للأكسجين، و اقتناء 34.676.400 جرعة لقاح مضادة للوباء.
وتعزيز الاكتفاء الذاتي من منتجات مكافحة الأوبئة من خلال الصناعة المحلية للقاح المضاد لفيروس كوفيد 19، و أيضا تعزيز قدرات معدات الحماية الفردية.
أزيد من 258 مليار دينار لمناطق الظل
في مجال التنمية المحلية واصلت الحكومة برنامج النهوض بمناطق الظل حيث تم في هذا الصدد استكمال 24072 مشروعا بقيمة 258.47 مليار دينار استفاد منها 5.6 مليون ساكن على مستوى 10.071 منطقة موزعة على 334 بلدية عبر القطر الوطني.
ويؤكد بيان السياسة العامة بأن مجهود الحكومة من حيث المكاسب الاجتماعية يتأكد من خلال تحسن مكانة بلادنا في التصنيفات الدولية سيما في مجال التنمية البشرية و مكافحة الفقر.
كما أدت الرهانات الاجتماعية والاقتصادية الكبيرة للتشغيل وانعكاسات الأزمة الصحية بالحكومة إلى تدعيم القدرة الشرائية للمواطن عبر إقرار زيادة أولى في الرواتب دخلت حيز التنفيذ في مارس 2022 من خلال مراجعة الشبكة الاستدلالية للأجور، وهو ما ترتب عنه أثر مالي سنوي قدر بـ 300 مليار دينار، ومراجعة جدول الضريبة على الدخل الإجمالي، وتسوية أصحاب عقود ما قبل التشغيل وغيرها من التدابير الاجتماعية الأخرى.
كما تجسدت السياسة الاجتماعية للدولة أيضا في مجال السكن وفي مجال التجهيزات العمومية حيث استلمت القطاعات المختلفة المئات من المنشآت والتجهيزات لصالح مختلف شرائح المجتمع.
أما في مجال السياسة الخارجية فيمكن تلخيص العمل الحكومي في تجسيد جملة من الأهداف في الفترة موضوع الاستعراض، منها تعزيز العلاقات مع إفريقيا والعالم العربي، وتعزيز الدبلوماسية الاقتصادية ووضعها في خدمة مخطط الإنعاش الاقتصادي 2020 - 2024.
و في ميدان تعزيز الأمن والدفاع الوطنيين فإن الجيش الوطني الشعبي يواصل أداء مهامه الدستورية على ضوء تعليمات وتوجيهات رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع الوطني، وهو في خضم الوضع الجيوسياسي الإقليمي والدولي يعكف على تسخير جميع الوسائل البشرية والمادية وتوفير كل الشروط لتطوير وتعزيز قدرات النظام الوطني للدفاع، وهو ما تؤكده الحصائل المختلفة التي يسجلها في مجالات مكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب و مكافحة المتاجرة بالمخدرات ومكافحة الإرهاب، والجريمة السيبرانية، ويواصل أداء دوره في مساعدة المواطنين أثناء الكوارث الطبيعية والأزمات.
إلياس -ب