• الأم: لا أطلب سوى عودة ابني سليما وعفا الله عن الفاعلين
عبر أفراد عائلة الطفل أنيس بن رجم المختفي في مدينة ميلة منذ ستة أيام عن استعدادهم للعفو عن الخاطفين، إذا أعادوا لهم ابنهم سليما معافى، قائلين أنهم لم يكونوا يتوقعون أن تقع بهم هذه المصيبة قبل أيام من عيد الأضحى.
و ذكر والد الطفل و جده أن العائلة لا أعداء لها و أن أفرادها لم يؤذوا أحدا في حياتهم حتى يتم الإنتقام منهم بهذه الطريقة، معبرين عن قناعتهم بأن الطفل أنيس تعرض للاختطاف.
جدة الطفل نقلت عن أمه للنصر حين زيارتها للعائلة مساء أمس أنها مستعدة للعفو عن الخاطفين، و أنها لا تريد شيئا سوى عودة ابنها إلى أحضانها سليما معافى.
ولا تزال القضية تشغل سكان ولاية ميلة خاصة والجزائريين عامة، وكل الرأي العام داخل أرض الوطن وخارجه حيث يبيت الناس ويستيقظون عليها فهي حديثهم الطاغي عند كل المجالس وأماكن اللقاء وسؤال واحد ووحيد فقط يتردد على الألسن مفاده « هل من جديد حول أنيس « لكن لا جواب في الوقت الحاضر و لا أحد استطاع أن يشفي غليل الناس أو يحمل البشرى لهم ويفرحهم بالقول «ها قد عاد أنيس لأحضان أمه وأبيه «.
مع كل يوم جديد أصبح سكان ميلة يسرعون الخطى نحو جرائد ذاك اليوم طمعا في الحصول على آخر المستجدات المحيطة بقضية أنيس خاصة وانها مثل القضايا الشبيهة بها، التي عرفتها بعض ولايات الوطن قد أخذت حيزا واسعا في وسائل الإعلام ومختلف شبكات التواصل الاجتماعي، وخطبة صلاة الجمعة في المساجد، ناهيك عن مبادرة الناس والمواطنين العاديين بتنظيم مسيرة سلمية للمطالبة بعودة أنيس لأهله.
وقام مواطنون مشغولون بالقضية بتنظيم حركتين احتجاجيتين آخرهما نهار أمس كما عمدوا إلى رفع صور أنيس والصقوها على جدران المحلات، وعلى السيارات والمركبات ومختلف وسائل النقل، التي تجوب شوارع ميلة، التي كانت إلى وقت قريب آمنة هادئة، لم يخطر ببال سكانها أن تحل بهم مثل هذه المصيبة وهم على أبواب عيد الأضحى المبارك. فتزعزعهم ويهبوا دفعة واحدة للمساهمة في عمليات البحث والتحري التي شرع فيها في اليومين المواليين لاختفاء الطفل حيث تم القيام بالمسح الشامل للمنطقة ولسكناتها و جنائنها أكثر من مرة وكل الأماكن المشكوك فيها.
حتى الآبار والمجمعات المائية تم إفراغها من قبل عناصر الحماية المدنية للتأكد من خلوها من الطفل المبحوث عنه كما أن المنزل العائلي لجد الطفل لأمه السيد محمد بوحبيلة أصبح محجا ومزارا حل به الناس قادمين كما صرح لنا به أمس من مختلف ولايات الوطن من الجهات الأربع، ناهيك عن الاتصالات الهاتفية المكثفة التي ما فتئت تصل كل أفراد العائلة من داخل الوطن وخارجه، وهي الميزة التي ينفرد بها الجزائريون حال حلول مصيبة ما بواحد منهم.
النصر عادت أمس لحي الكوف لتلتقي بأفراد عائلة الطفل و لتستوضح أكثر وتستقي المزيد حول هذا الصغير الذي يمثل فاتحة العنقود و باكورة أمه وأبيه، و هو كبير أخواته ( ميس) صاحبة السنتين والنصف و (بلقيس) التي ولدت يوم 13 من هذا الشهر بمستشفى ميلة، فيما يبلغ هو خمس سنوات، علما وأنه لم يلتحق بزملائه بالمدرسة كتلميذ في القسم التحضيري، بعدما حال تواجد أمه النفساء ببيت جده بميلة من التمدرس بالمدرسة التي سجله فيها أبوه بمدينة شلغوم العيد، حيث طلب مثلما صرح لنا رخصة استثنائية لابنه يمدد بموجبها عطلته إلى غاية عودة أمه للمسكن العائلي بشلغوم العيد.
أحد الجيران أوضح أن هذه الظاهرة والحادثة دخيلة على ميلة فأبناء الحي على اختلاف أعمارهم كانوا ولا زالوا يلعبون يوميا بساحات الحي ومنهم أنيس حين يتواجد معهم، دون أن يتعرضوا لأي مكروه وهذا الذي يزيد سكان الحي اعتقادا بأن أمر اختفاء أنيس تم تدبيره بعيدا عن ميلة ولكن جرى تنفيذه فيها.
الأب أحمد برجم: ليس لي أعداء ولم أظلم أحدا و مستعد لمسامحة الخاطفين
يعود بنا والد الطفل أحمد برجم إلى لحظة إبلاغه بخبر اختفاء ابنه وقتها كان بمدينة تيزي وزو، حيث عاد منها على وجه السرعة للمساهمة في البحث عن ابنه الذي كان يحلم بإدخاله إلى المدرسة بعدما تم تسجيله في القسم التحضيري بإحدى مدارس شلغوم العيد التي يقطن بها، لكونه من مواليد 6 جوان 2010.
تحدث الوالد عن حياته الخاصة التي هي مثل حياة باقي الناس فهو ليس له أعداء، وليست له مشاكل مع الناس ولم يكن سببا في ظلم أحد لذلك وجد من الصعب تفسير ما حدث له، مؤكدا بأن فرضية اختطاف إبنه هي وحدها التي تشغل باله، طالبا من المتسببين في هذه الحادثة الكشف عن نواياهم وخلفيات فعلتهم، مبديا استعداده التام لمسامحة الفاعلين والصفح عنهم إن أعادوا إليه فلذة كبده سليما معافى فالعائلة لم تفعل ما يستحق الانتقام منها بهذه الطريقة.
السيد أحمد أوضح بأنه لم يتخوف يوما من حصول هذا الحادثة لابنه خاصة بمدينة ميلة مضيفا، بأنه كان يتخوف من حصول مكروه لابنه من حوادث المرور في شلغوم العيد لوجود المسكن العائلي بالقرب من الطريق الوطني رقم 5 لذلك كان يفرض عليه نظاما صارما ويمنعه من الخروج للعب هناك، خوفا عليه مع الإشارة وأن أنيس يحب النظر للسيارات التي يملكها أصدقاء الأب ويسأل كثيرا عنها، لكن من دون أن يجازف و لو لمرة بالركوب فيها إلا بحضور الوالد.
الأب أحمد ثمن الهبة التضامنية الرسمية والشعبية التي أبداها الجزائريون على اختلاف مواقعهم وأمكنة تواجدهم تجاه العائلة، لذلك يأمل بأن تشمل صحوة الضمير الفاعلين ويمكنوا ابنه من العودة لعائلته سليما معافى، ولهم كل الصفح والعفو من العائلة والله يتجاوز عن المخطئين والتوابين.
الجد محمد بوحبيلة : ليس لنا أعداء وحفيدي يحبه كل الناس
جد أنيس لأمه السيد محمد بوحبيلة بعدما شدد على أنه ولد ونشأ بحي الكوف بميلة وأنه ليس له أعداء أو مشاكل قد تكون سببا في المصيبة التي حلت بالعائلة، أوضح بأن حفيده بوصفه مدلل العائلتين كثير الزيارة والتردد كأترابه على دار أخواله، لاسيما في فصل الصيف حيث يأتي رفقة أفراد من عائلته لميلة ويبقى فيها لأيام، قبل عودته لشلغوم العيد وهكذا دواليك.
ولكن في هذه الآونة الأخيرة بحكم أن خاله المقيم في فرنسا قرر العودة لديار الغربة ذهب لشلغوم العيد وأحضر أنيس وأمه وأخته، ليتمتع معهم بقضاء أيام قبل عودته لفرنسا يوم الجمعة الموافق للحادي عشر من الشهر الجاري، و فيها وضعت أم أنيس أخته الصغرى (بلقيس) يومين من بعد مغادرة أخيها لميلة أي يوم 13 سبتمبر الجاري.
وعن صبيحة اختفاء أنيس يقول الجد أنه قبل خروج الطفل من المنزل كان هو منهمكا كعادته أمام باب منزله الذي يبعد بحوالي 20 مترا عن الطريق العام بالقيام ببعض الأشغال في إطار حرفته المتمثلة في التلحيم والترصيص، وبعد خروج أنيس المتميز بالذكاء جلس يلعب بجواره قبل أن يطلب منه كنس أوراق العنب المتساقطة، وهو ما قام به قبل أن يتحول لدار الجيران ليسأل عن صديق له من أترابه، ولما لم يجده بقي يلعب لوحده هناك. وعند حلول الساعة الحادية عشر خرجت أمه تسأل أبيها عن ولدها فكان رده أنه يلعب هناك ولكن لما نادت عن أنيس لم يأتها الرد لتنطلق عملية البحث عنه والسؤال عنه في منازل الجيران لكن من دون فائدة.
وبعدما يئست العائلة من البحث بمفردها وعدد من الجيران عن الطفل انتقل الجد عند الساعة الواحدة لمقر الأمن الولائي للتبليغ عن اختفاء حفيده وقد استغرقت فترة الاستماع اليه كما قال أكثر من ساعة قبل أن يتم تبليغ رجال الدرك الوطني كذلك لتنطلق عملية البحث والتحري الواسعة من قبل أفراد السلكين و رجال الحماية المدنية بمساهمة قوية وكثيفة للمواطنين.
الجد محمد يؤكد بأنه بعد عملية المسح الشامل للفضاء المحيط بالمنزل العائلي فإن فرضية اختطاف حفيده، واختفاءه بفعل فاعل هي التي تطغى على مخيلته وتصوره.
وقال أن ما يدعم فرضية الاختطاف هو أن الكلب المدرب في تقفي الأثر الذي أحضره رجال الدرك الوطني من سكيكدة وبعدما قدمت له ألبسة أنيس التي لم تغسل، قد سلك مسلكا واحدا انطلاقا من الشارع المحاذي للمنزل العائلي باتجاه ميلة القديمة، لكنه سرعان ما توقف في منتصف الطريق عندما ينتهي المرتفع ( قبالة منزل عائلة بن عبد الرحمن) على بعد حوالي 200 متر من المنزل العائلي، بما يعني فرضية اختطافه عن طريق استعمال سيارة كانت متوقفة في ذاك المكان، وكذلك فعلت الكلاب المدربة التي أحضرها مواطنون متطوعون بعد أن شمت رائحة من لباس أنيس.
الجد محمد يؤكد أن حفيده ما كان ليركب مع أي غريب لولا أنه تعرض لحادثة ما حالت دون صراخه وصياحه، مبديا في النهاية شكره للهبة التضامنية التي أبداها كل المواطنين مع العائلة طالبا الهداية والرجوع لجادة الطريق والصواب للمتسببين في هذه الحادثة وليمكنوا أنيس من العودة لدفء العائلة.
الجدة: أنيس يمتاز بالذكاء واختفاؤه تم بفعل فاعل
بالنسبة للجدة فان أنيس محبوب من قبل أخواله وجيرانهم، وقد نهض حسبها صبيحة اختفائه في حدود الساعة التاسعة أين تناول وجبة فطوره قبل أن يخرج أمام باب المنزل ليلعب بجانب جده قبل أن يختفي من دون رجعة لحد الساعة، مخلفا فراغا وحزنا كبيرا في قلوب أفراد عائلته وكل الناس، فهو مدلل العائلة بوصفه البكر فيها.
جدته تذكر أن الطفل يحب من المأكولات « السباغيتي « وكذلك «القاطو» الذي يحضره جده له دوما، وأن ذكائه وفطنته تجعلانه دوما متحكما في تصرفاته ويرفض إتباع الغرباء وحتى أصحاب أخواله يلعب معهم أمام الدار، لكنه يرفض مصاحبتهم بعيدا عنها. لذلك فان اختفاءه حسبها تم بفعل فاعل وهي تتوجه لهذا الأخير متوسلة إليه بان يرحم فلذة كبدها ويساهم في عودته لدفء العائلة خاصة ونحن على أبواب عيد الأضحى الذي فيه تطمئن القلوب وتتصافى الأنفس.
الأم شهرة: لا أطلب سوى عودة ابني سليما وعفا الله عن الفاعلين
لأن أم أنيس كانت نفساء وقد زادها اختفاء ابنها ألما وتعبا فقد فضلنا عدم زيادة لوعتها واكتفينا بما نقلته لنا أمها على لسانها، وقد اقتصر قولها على جملة واحدة هي أن يعيدوا لها ابنها أنيس سليما معافى، وان يرحموا ضعفها ويضعوا حدا لحرقة قلبها. وبالنسبة إليها فهي تعفو عن الفاعلين والمتسببين، ورجاؤها الوحيد أن تقضي عيدها وفلذة كبدها بين أحضانها لتطفىء إلى الأبد لوعة فراقه فيكون معها رفقة أخواته ليعيش حياته ومستقبله بينهم.
كل الناس بالحضور الشخصي أو عن طريق الهاتف عبروا عن تضامنهم المطلق ودعمهم النفسي والمعنوي لعائلة الصغير الذي اختفى فجأة ، معبرين عن استعدادهم الكامل لتقديم كل أنواع الدعم الذي يتطلبه الظرف والحدث. وقد كان لهذا الالتفاف الشعبي والرسمي أثره الطيب في نفس كل أفراد عائلة الطفل لأمه وأبيه وكذا الجيران المحيطين بهما، الذين كثيرا ما أحبوا أنيس واحتضنوه بقوة وفتحوا له أبواب منازلهم ليلعب مع أبنائهم طيلة ساعات اليوم في كل مرة يأتي فيها من شلغوم العيد وينزل ببيت أخواله بحي الكوف. وبرغم كبر حجم الفاجعة وثقل وقعها على أهل الطفل أنيس وسكان ميلة عموما إلا أن الجميع لايزالوا متمسكين بأمل عودة هذا الأخير إلى أهله قبل حلول عيد الأضحى، وقد أكثر الناس جميعا من دعواتهم لعودة أنيس لأهله.
ابراهيم شليغم