النائب لخضر بن خلاف من الوجوه البارزة التي لازمت جاب الله في مختلف الأحزاب التي شكلها وظل طيلة سنوات لسانا مدافعا عن الشيخ، تميز في البرلمان بنقاشاته و خرجاته لكنه يعتبر نفسه الرجل الوفي لمبادئ شيخ يرفض أن ينفصل عنه، يفتح بن خلاف في هذا الحوار للنصر النار على البرلمان الذي يراه الأسوأ في تاريخ الجزائر بتعداد 17 حلاقة، كما يعتبر حرب نعيمة صالحي ضده مجرد حالة من الجنون، وينفي الوجه البارز في جبهة العدالة والتنمبة ما يقال عن مستوى معيشة جاب الله مؤكدا أنه يسكن في علبة ويرى ضرورة أن يطال التقشف رواتب الإطارات العليا ومهمات الوزراء والمهرجانات.
حاورته: نرجس كرميش
اسم لخضر بن خلاف كعضو قيادي ملازم لعبد الله جاب الله في كل حزب يشكله منذ السبيعينات، لماذا لم تختلف مع الرجل كغيرك من الإطارات؟
التحقت بالعمل بالجماعة التي كان يرأسها جاب الله في السر سنة 1978 حينها كنت سنة أولى جامعي، وجدنا تحركا طلابيا ذا توجهات إسلامية و اكتشفنا أن من يقف وراء النشاطات جماعة تحمل اسم الشيخ تأسست سنة 1974، وجدت أنها تتلاءم وتكويني التربوي ، في البداية الجماعة كانت تحمل اسمه لأسباب أمنية، ثم أصبحت تسمى الجماعة الإسلامية.
استمر النضال السري حتى 87 تاريخ انعقاد مؤتمر بقسنطينة تم على مستوى عدد من البيوت، تغير الاسم في تلك الفترة وتمت دراسة وثائق تتعلق بالتحول إلى العمل السياسي لأننا كنا نشعر ببوادر تفتح سياسي.
يرى ملاحظون أنكم إمتداد لحركة الإخوان المسلمين مثلما هو الحال بالنسبة لحركة حمس؟
لم نتبع لحركة الإخوان هيكليا وتنظيميا لأننا نؤمن بإقليمية التنظيم لا بالبعد الدولي ، لقد حاول بعض المغرضين ترويج فكرة انضمامنا إلى حركة الإخوان وربطوا ذلك بكون جاب الله ارتبط من سيدة من البليدة ، رغم أن من اقترح عليه زوجته الحالية أستاذ سوري يسمى عبد الحليم كان يدرس في قسنطينة، هذا الأستاذ كان جار عبد القادر بوخمخم وهو من أشار على بوخمخم وجاب الله بفكرة الزواج من أخت كانت من القليلات الناشطات في الدعوة، والمحجبات في تلك الفترة، وشاءت الصدف أن يكون الزواج أثناء تأديته للخدمة الوطنية بالبليدة.
يقال أنك اخترت الصداقة على حساب مسار سياسي مغاير ربما كان سيجعل منك رئيس حزب؟
هو الوفاء للمبادئ و الأخلاق وحق الرجل، كنت وفيا لمؤسس التيار الإسلامي في الجزائر، وأنا معه من 1974 إلى يومنا هذا لأنني أؤمن به وبرسالته. نعم هي صداقة و أخوة و أكثر من هذا هي ،علاقة نضال ، لأنه شخص تتوفر فيه صفات وما يطرحه من حلول وبدائل من خلال المؤسسات التي يرأسها مقنع ويزيد قناعة اقتناعا.
لكن يعاب على جاب الله حبه للزعامة وتمسكه بمنصب الرجل الأول؟
كل التنظيمات التي ترأسها كانت المسؤولية تأتيه عن طريق الانتخابات، و في كل مرة كان ينسحب فيها أو يرفض التقدم القاعدة تدفعه إلى ذلك، وتنتقل معه القاعدة كلما ترك حزبا، وفي كل مرة يتعرض إلى مؤامرة باستخدام الإطارات لكنه يعود أقوى من السابق.
نفهم من كلامك أن جبهة العدالة والتنمية الأقوى في التيار الإسلامي حاليا؟
لا ندعي أننا الأقوى لكن العدالة والتنمية من الأحزاب الفاعلة في الساحة السياسية، و الحزب يقاس بتنظيمه وهيكلته وبالكثير من المواصفات منها الوعاء الانتخابي الذي لا يمكن القياس عليه في غياب انتخابات نزيهة وشفافة ، لو أن هناك انتخابات حقيقية ستحدث مفاجآت تقلب الموازين حتى بالنسبة للأحزاب التي تسمى بالكبرى.
ترى بعض التيارات أن التيار الإسلامي قد أفل في الجزائر؟
هي مجرد تخمينات وكلام غير مؤسس، لا يمكن أن نحكم أو نقيس إلا من خلال الانتخابات، رغم محاولات تقزيم التيار الإسلامي وشرذمته، ورغم هذا كله وفساد المجتمع وملله من الأداء السياسي للأحزاب، عموما نستطيع أن نقول أن التيار الإسلامي يبقى قويا و عنصر أساسي في الساحة السياسية وله كلمة يقولها.
لكن التيار الوطني يحوز حاليا على أكبر وعاء انتخابي في الجزائر؟
أين هو التيار الوطني وبأي معيار سمي بالوطني، حتى التيار الديموقراطي من هو ، الوطنية من حق الجميع و الديموقراطية يتصف ويتوق إليها الجميع.. هي تسميات مطاطية يقولون لنا الإسلام ليس حكرا عليكم وهم يفعلون ذلك بالوطنية و الديموقراطية.
وما محل التيار اليساري من المشهد السياسي الجزائري خاصة وأنه يبدو الخصم الأول للتيار الإسلامي؟
التيار اليساري لم يعد له أثر في الواقع بعد انهياره في روسيا، الشعب فهم بأن هذه السياسة لا توصل، أصبح يختبئ وراء العمال والنقابات، ليست لديهم الجرأة أن يقولوا نحن يساريون، ليست لديهم الشجاعة لكننا نعرفهم من تصرفاتهم، بقيت بعض النخب القليلة .
سبق و أن وصفت نعيمة صالحي رئيسة حزب العدل والبيان بالخطيرة والمتسلقة وهي هاجمتك إعلاميا؟
تصريحاتها كثيرة وهي لمجرد الاستهلاك لا أريد أن أتكلم عن هذه الممارسات الطفيلية، المرأة تتخيل مؤامرات وقصص غريبة ووصل خيالها إلى الموساد..لا أريد أن أتحدث عنها قمت بالرد على بعض التصريحات والأكاذيب التي صرحت بها ضدي، أعرف جيدا من تكون ومن يحركها وما الأهداف التي تريد أن تصل إليها.
وما هي أهدافها برأيك ؟ ولماذا تحول الأمر بينكما إلى معركة كلامية؟
هدفها تعرفه جيدا، تقول أن بن خلاف استفاد من ثمرة جهودها في وضع نظام الحصص في البرلمان، لو عرفت بأنها قامت بهذه المهمة القذرة “ الحصص” لما دخلت البرلمان، وإن كانت قد تفاوضت بشأن «كوطة» لماذا لم تفد حزبها أو حتى شخصها، ما أعرفه أنها لقد ترشحت ولم تفز.
أفضل عدم الحديث عنها ، أخلاقي تمنعني أن أزيد أكثر، وأتكلم في امرأة لا تمثل شيئا، وقد طويت ملفها سنة 2000 عندما تأكدت لماذا جاءت وكيف وما تريد تحقيقه ، الجهات التي جاءت بها حذرتنا من خطرها ، هي نكرة وغير موجودة في الساحة السياسية. .
صالحي تقول أن لها قاعدة واسعة وقد أصبحت تخوض في قضايا فقهية لا حزبية فقط؟
هي لا تمثل التيار الإسلامي ولا تمثل أي شيء للمرأة الجزائرية الأصيلة.
الملاحظ أن التيار الإسلامي لم يخرج لنا بسياسيات قويات ما الذي حال دون ظهور أسماء فاعلة؟
هناك نساء كثيرات في المستوى من كل الجوانب الأخلاقية والسياسية والدعوية والعلمية لكن لا تردن أن تتقدمن الصفوف لأن هذه طبيعة المرأة.
لكن زوجة جاب الله خاضت تجربة التشريعات و اختفت بعد أن أخفقت؟
زوجة جاب الله خاضت التجربة والإخفاق كان في قائمة العاصمة، وهي ولاية لم يحصل فيها الحزب على أي مقعد بسبب التزوير، لأنه سبق وأن حصلنا ورغم التزوير على خمسة مقاعد في العاصمة، وأعتقد أن إبعاد الحزب عن العاصمة كان بسبب هذه المرأة، و أنا متأكد لو أنها فازت كانت ستصنع الفارق، عكس ما نراه اليوم من رداءة من النواب . السيدة عضوة مجلس الشورى الوطني وتقوم بتكوين الأخوات، لكن إعلاميا لا تريد الظهور وقد خاضت تجربة الترشح للبرلمان و تكرار المحاولة هو أمر يعود إليها ولزوجها.
فقط أؤكد مرة أخرى أسوأ نواب تاريخ الجزائر نجدهم في هذه العهدة، سواء من ناحية المستوى أو الأداء ، أعتقد أن العهدة السابعة هي الأسوأ على الإطلاق.
الأسوأ من حيث ماذا؟
من أعطوا الأغلبية لا يحضرون ولا يتكلمون ولا يراقبون ولا يقيمون التعديلات، هؤلاء يأتون للتصويت بأيديهم وفقط.
أليست الكتلة البرلمانية للعدالة والتنمية جزء من هذا البرلمان السيء جدا في نظركم؟
المجموعة البرلمانية لجبهة العدالة والتنمية تقوم بدورها في مراقبة الجهاز التنفيذي، نحن و معنا أربعة أعضاء من حركة البناء، رغم قلتنا نقوم بالعمل النيابي الحقيقي من إطلاق مبادرات وطلب تشكيل لجان تحقيق ومناقشات ومساءلات.. وهذا رغم التعتيم والحاجز الذي يفرض عليها من مكتب المجلس لوقف مبادراتنا ، نقوم بدورنا كما تنص عليه القوانين، والغريب أننا نجد استجابة كبيرة من الوزراء الذين يحققون مطالبنا ونراهم أرحم بنا من المكتب.
تدور الكثير من الأقاويل حول جاب الله ومصادر دخله، ويقال أنه لم يعمل يوما في حياته؟
في فترة معينة من حياته عاش عيشة قاسية ، و منذ تأسيس حركة الإصلاح والمشاركة في البرلمان سنة 2002 قررت مؤسسة الحزب أن تخصص له أجرا كسائر الأحزاب، وهو يتقاضى أقل من نصف ما يتقاضاه النائب، ثم لا ننسى أنه يسير حزب ومن حقه أن يتكفل له بدفع مستحقاته من تحركات وتنقلات.
يشاع أنه يسكن فيلا فخمة و ابنه رجل أعمال في لبنان؟
جاب الله يعيش في سكن يشبه العلبة، سكن عادي ككل بيوت الجزائريين ، وقد حصل عليه بعد أن تنازل عن مسكنه في قسنطينة لحركة النهضة وهو سكن عادي جدا.
أما ابن الشيخ فهو صيدلي ويمارس المهنة في الجزائر، درس في لبنان والآن فتح صيدلية منذ سنتين، تزوج لبنانية وهما يعيشان في الجزائر منذ سنوات، لا مليونير ولا شيء ، لكن أؤكد أن وضعية أبناء جاب الله العلمية ساهمت في تحسين حالته الاجتماعية.
لماذا هو متمسك إلى اليوم بالحراسة الأمنية ؟
الحراسة فرضت عليه في وقت النهضة بعد أن بينت التحقيقات الأمنية أنه كان مهددا و عرضة للاغتيال أكثر من مرة، وهو ما فرض عليه الحراسة التي بقيت ملازمة له إلى اليوم تجنبا للمفاجآت. مؤسسات الحزب اختارت أن تكون له حراسة كسائر الشخصيات السياسية.
نعود إلى شخصك كبرلماني متعدد العهدات هل تعتبر نفسك رقم 2 في جبهة العدالة والتنمية؟
لست الرجل الثاني ولا الثالث أنا في ذيل قائمة إطارات الحزب أقوم بواجبي كإطار في الحزب و كرئيس للكتلة البرلمانية، وأرى أنها مسؤولية أمام الله وأمام من انتخبوني وأريد أن ألتزم بالعهدة الانتخابية، رغم أنني في مجلس به برلمانيون لا يملكون أكثر من شهادة ميلاد في ملفاتهم.
لكن البرلمان مغري ماديا؟
أنا وضعي كان أحسن قبل البرلمان حاليا ، أنا خاسر ماديا ، ما كنت أتقاضاه كان اكبر مما أنا عليه مرتين ونصف، اجتماعيا وماديا كنت أحسن، لذلك فأنا في البرلمان من أجل النضال لا من أجل المال.
يؤخذ عليك كونك مهتم بقضايا وطنية أكثر وغائب نوعا ما عن قسنطينة التي أوصلتك إلى البرلمان؟
أؤمن بأن العهدة الانتخابية وطنية وليست حسب الدائرة، يريدون تقزيمها، لذلك عادة أهتم بقضايا وطنية تمس عموم المواطنين دون إغفال القضايا الخاصة بالولاية ، كنت أول من أثار قضية استعمال كلاب مدربة لفض احتجاج بمعهد التغذية، أنا من تكلم عن مشاريع عاصمة الثقافة وعن صفقات ترميم المساجد المتوقفة بسبب خطأ إداري ،إضافة إلى تدخلات شخصية لانشغالات مواطنين لا أخرجها إلى العلن، قضايا واهتمامات الناس لا أريد أن أخرجها للعوام.
وما علاقتك كبرلماني بالسلطات المحلية ؟
هناك تعاون بيننا وبين السلطات المحلية ولا مشكلة لدينا، كل الرسائل التي أبعثها والتدخلات التي أوجهها تتم في إطار علاقة محترمة ، نتدخل على المستوى المركزي لصالح الولاية نقترح ونبني مشاريع ، كنت أحضر زيارات بعض الوزراء الجادين أما من يقومون بالمسرحيات فقد تجنبتهم، و منهم خليدة تومي التي حذرت منها ومما كانت تقوم به، وراسلت حتى الوزير الأول.
أما في الفترة الأخيرة فقد منعني المرض عن الميدان.
ما علاقتكم بالأحزاب الإسلامية في الوطن العربي في ظل الوضع الحالي بالمنطقة العربية
علاقتنا بالأحزاب الإسلامية في الخارج علاقة منتديات وملتقيات خاصة بموريتانيا وتونس و المغرب وقد قلصنا العلاقات في المدة الأخيرة.
اتخذتم من الوضع الاقتصادي موضوع الساعة، وفي كل مرة تدقون ناقوس الخطر، ما هو تصوركم لما يجب فعله؟
الجزائر تعيش أزمة اقتصادية حقيقية الدينار تراجع و احتياطي الصرف يتآكل وهذا يؤثر على القدرة الشرائية للمواطن ما يجعل الوضع خطيرا ومرشح للاحتقان، لأنه و بدخول إيران سوق النفط ستنهار الأسعار أكثر وتصل إلى 40 دولار.
هناك إجراءات تقشفية أترونها غير كافية؟
الحكومة تطلب التقشف ولا تتقشف، تستورد الكماليات كالخنزير وشعر الخنزير و بمبالغ ضخمة، الفواكه تدخل بشكل مبالغ فيه، على الحكومة أن تبدأ بنفسها وتخفيض أجور الإطارات السامية والنواب والوزراء.
لكن هناك تركيز أكبر على أجور النواب ، كم يتقاضى النائب الجزائري فعليا؟
النائب يحصل على 27 مليون شهريا إضافة إلى 75 مليون سنتيم سنويا تخص تكاليف الكراء أي ما يعادل 63 ألف دج أي أن النائب يحصل على 33 مليون سنتيم، إضافة إلى تذكرتي طائرة في الشهر، في الأحزاب الملتزمة البرلماني لديه التزامات تجاه حزبه، لأن النائب الحقيقي جمعية خيرية متنقلة.
نفهم من كلامك أن الرقم محل الجدل غير مبالغ فيه ؟
مقارنة بدول المغرب العربي نحن نتقاضى أقل بكثير ولكن رغم هذا يبقى الوضع الاجتماعي في الجزائر يتطلب التقشف ، وعندما نطلب التقشف يجب أن يطبق على الجميع بداية من أنفسنا إلى مسؤولي الولايات، لا بد من التوقف عن التبذير بوقف استيراد الكماليات والمحرمات وتوقيف المهرجانات وأوامر المهمة للوزراء.
الحل الآخر هو أن تكون مساعدات الدولة موجهة للفئات التي تحتاجها فقط، يجب تقديم منحة شهرية لمن يستحقونها.
كذلك يجب توقيف السوق الموازية للعملة الصعبة والعمل على تنويع الاقتصاد الجزائري وتشجيع الاستثمار ، كما يجب القضاء على الثالوث الخطير المتكون من البيروقراطية الرشوة والتعامل السيء للبنوك.
وفي مجال الاستثمار يجب تقديم تحفيزات مع فرض ضريبة على الثروة تكون تصاعدية حتى يدفع كل واحد مقابل ما يملكه، ومراقبة الأموال عن طريق «مبدأ من أين لك هذا؟”
يجب التفكير في فتح مكاتب صرف عملة صعبة بهامش معقول، لأن هناك 5 ملايير دولار يتم تدويرها في بورسعيد في السوق السوداء. أرى أن الزيادات في الفواتير والمواد الغذائية ليست الحل المناسب.