مكنت التدابير الاستباقية التي وضعتها الحكومة، والتفعيل السريع لمخططات الطوارئ والتدخل والإجلاء من احتواء الحرائق التي اندلعت في عدة ولايات و إخمادها، وتمكنت فرق التدخل للحماية المدنية المدعومة بعناصر الجيش الوطني الشعبي ومصالح الغابات، من احتواء الوضع وتجنيب البلاد كارثة أكبر بالنظر لشساعة المساحة التي شملتها الحرائق و امتدادها على عدة ولايات وصعوبة التضاريس الجبلية إضافة إلى قوة الرياح التي ساهمت في انتشار ألسنة النيران.
نجحت فرق التدخل التابعة للحماية المدنية ومصالح حماية الغابات، المدعومة بعناصر الجيش الوطني الشعبي، في احتواء الحرائق التي عرفتها 16 ولاية، وتمكنت خلال فترة وجيزة في التحكم ميدانيا في الوضع بفضل الإمكانيات الهامة التي سخرتها الدولة لمواجهة الحرائق سواء تعلق الأمر بالأرتال المتحركة برا أوفرق التدخل الجوي، إضافة إلى التجربة التي اكتسبتها فرق التدخل في التعامل مع الحرائق وتجنيب البلاد كارثة أخرى على غرار الكوارث التي شهدتها الجزائر في العامين الماضيين.
وقد سمحت مخططات التدخل والإنقاذ التي تم تفعيلها مباشرة بعد اندلاع أول الحرائق ليلة الأحد إلى الاثنين، من التحكم في الوضع بشكل أكبر، ما جنب البلاد كارثة حقيقية، حيث لم يتم تسجيل ضحايا بعد مباشرة فرق الإنقاذ والتدخل عملها، بل كان جل المصابين المسجلين ضحايا للهلع الذي صاحب اندلاع النيران في الساعات الأولى وانتشار النيران حول القرى المأهولة بالسكان ما خلف ضحايا وسط المدنيين، والعوامل المناخية على غرار الرياح القوية التي عرفتها ولاية بجاية و منطقة بن كسيلة والتي كانت وراء الحصيلة المأساوية للضحايا وسط المدنيين وأفراد الجيش، حيث تسببت الحرائق في وفاة 34 شخصا بينهم عشرة عسكريين و24 مدنياً.
وتم تسجيل نشوب 97 حريقاً مسّ الغابات والأدغال والمحاصيل الزراعية، عبر 16 ولاية. وكان انتشارها السريع ناجم عن«رياح معتبرة» شهدتها المناطق المتضررة حيث امتد بعضها إلى القرى المأهولة بالسكان. وأجبرت نحو 1500 شخص على إخلاء منازلهم. وكانت وزارة الداخلية قد كلفت الولاة على مستوى الولايات المعنية بالحرائق بمتابعة مخطط الإجلاء الاحترازي للمواطنين المقيمين بالقرب من المناطق الغابية إلى أماكن آمنة متى اقتضت الضرورة والتكفّل بهم، وإنشاء خلايا متابعة محلية، والتواصل مع المواطنين.
وبعدما امتدّت حرائق عدّة إلى قرى مأهولة بالسكان، دعت وزارة الداخلية المواطنين الذين يقطنون في الولايات المتضرّرة إلى توخّي الحيطة واتّباع إرشادات السلامة، من خلال تجنّب الاقتراب من المناطق التي تشهد حرائق، إلى حين إخمادها نهائياً. وهو القرار الذي جنب سقوط المزيد من الضحايا وسط المدنيين، كما سمح لفرق التدخل من التعامل مع الوضع بأريحية أكبر بعد إجلاء المدنيين من تلك المناطق.
وأشاد وزير الداخلية والجماعات المحلية، إبراهيم مراد، خلال الزيارة التي قام بها إلى المناطق المتضررة. بتجند أعوان الحماية المدنية وكل الأسلاك الأمنية وفي طليعتها أفراد الجيش الوطني الشعبي لمجابهة هذه الحرائق وحماية الأرواح. كما أثنى الوزير على المساهمة الكبيرة للمواطنين وسمات التلاحم التي تُميّز أبناء الجزائر.
وأكد الوزير في تصريح للصحافة، أنه لولا التدخل العاجل لفرق الحماية المدنية و الجيش ومساعدة المواطنين لكانت الأضرار أكثر من تلك المسجلة موضحا أنه من خلال المعاينة الجوية والميدانية التي قام بها على مستوى ولايات تيزي وزو والبويرة وبجاية، تبين أن قرى بأكملها مستها النيران، وأضاف أنه لو لم تتم عمليات الإجلاء بشكل استبقائي من قبل الولاة لكانت حصيلة الضحايا أكبر بكثير.
وثمن وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية إبراهيم مراد، الدور الكبير للقوات الجوية للجيش الوطني الشعبي وأثنى على مستوى الفعالية التي ميّزت الطلعات الجوية والتي ساهمت بالتحكم السريع في الوضع. وذلك خلال معاينته لسير عمليات إخماد الحرائق بمطار عبان رمضان بولاية بجاية على وتيرة التدخلات الجوية.
وأشاد رواد مواقع التواصل الاجتماعي بجهود القوات الجوية التابعة للجيش الوطني الشعبي التي أسهمت بشكل كبير في السيطرة على الحرائق، وعلق بعضهم أن الطلعات الجوية سمحت بالسيطرة على الحرائق.
وقد تناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع صورا وفيديوهات تدخلات مروحيات وطائرات القوات الجوية و حوامات الحماية المدنية وصور التلاحم التي صنعها المواطنون مع أفراد الحماية المدنية والجيش وهم يواجهون الحرائق المشتعلة.
وجندت مصالح الحماية المدنية 8000 فرد، مع تسخير 529 شاحنة، إلى جانب 10 أرتال متنقلة، وفرقتان للدعم الجوي، حيث أسهم إقحام طائرات وحوامات الجيش الوطني الشعبي في التسريع في عملية السيطرة على الحرائق التي مست 11 ولاية على مساحة امتدت لعشرات الكيلومترات.
وقد أقحمت قيادة الجيش الوطني الشعبي عددا من مروحيات مي 26 التي تعد الأكبر في العالم، إضافة إلى الطائرة بيريف “بي إي – 200” رغم الظروف المناخية الصعبة، حيث تواصلت عمليات إخماد الحرائق المدعومة من طرف فرق الحماية المدنية المتواجدة بالأرض و الحوامات التابعة لها إلى غاية السيطرة التامة على هذه الحرائق.
ع سمير