نزفت غزة دما في عيد الفطر، بعد أن كثف الكيان الصهيوني من ارتكاب المجازر و قصف منازل المدنيين العزل، والأسواق التي لجأوا إليها للعثور على ما تبقى من المواد والأغراض التي يمكن أن تذكرهم بعيد الفطر.
وسقط يومي العيد حسب وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أزيد من 170 شهيدا و200 جريح، من بينهم ثلاثة من أبناء رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية وعدد من أحفاده الذين استهدفهم جيش الاحتلال في سيارة كانوا على متنها في مخيم الشاطئ.
ويؤكد تكثيف جيش الاحتلال الصهيوني لاستهداف المدنيين العزل في عيد الفطر، على همجية هذا الكيان الغاصب الذي تجرد من كل القيم الإنسانية والأخلاقية، ولا يحترم شعائر غيره، كما تؤكد هذه الممارسات أن خطر هذا الكيان المجرم الذي استوطن أرض فلسطين يتجاوز الفلسطينيين والمسلمين بل يهدد الإنسانية والعالم كافة، أمام ما يقوم به من جرائم بشعة وتجرده من كل مظاهر الإنسانية، ولم يسلم من بطشه وجرائمه النساء والأطفال، كما لم يحترم في المدنيين شعائرهم وكثف من القتل والتدمير في عيد الفطر.
لكن الصورة الأليمة السوداء التي يرسمها الاحتلال الصهيوني يوميا في غرة الممزوجة بالقتل والتدمير والتجويع والتهجير والتشريد، لم يستطع من خلالها أن يمنع الفلسطينيين في غزة من التمتع بفرحة العيد والقيام ببعض المظاهر التي تؤكد قدسية هذه الشعيرة رغم الألم والمحن، ونقلت خلال اليومين الأخيرين وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي صورا لأسواق غزة التي تعج بالمتسوقين رغم قلة السلع من ألبسة وغيرها، كما لم تخلوا خيم النازحين في بعض المناطق من تحضير حلويات العيد، وفي نفس الوقت لم يستطع الاحتلال نزع من أطفال غزة البسمة الممزوجة بأمل غد أفضل، وتبعث هذه الصورة الجميلة التي رسمها فلسطينيو غزة رسائل الصمود رغم الدمار والتقتيل ومحاولات الاحتلال جعل غزة غير صالحة للحياة، بتدمير كل شيء ينبض في هذا القطاع، ولعل رسائل الصمود التي بعثها سكان غزة بمناسبة عيد الفطر هي التي جعلت الاحتلال يكثف من قصف المدنيين، حيث قصف سوقا والمنازل المجاورة له أثناء خروج المواطنين للتسوق بمناسبة عيد الفطر بمدينة غزة مما أدى إلى سقوط 6 شهداء، كما قصف منزل عائلة الطبايبي مما أدى إلى استشهاد 25 شخصا من فراد العائلة بحي الدرج.
13 ألف مفقود منذ بداية العدوان
قدر المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان عدد المفقودين في قطاع غزة منذ بداية العدوان بـ 13 ألف مفقود تحت الأنقاض أو قتلى في مقابر جماعية عشوائية، أو أخفوا قسرا في سجون ومراكز اعتقال تابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، والبعض تعرض للقتل داخلها، ونبه المرصد في تقرير نشره أمس أن هذا التقدير مبني على حجم البلاغات الأولية للمفقودين، مستدركا أنه من الصعب تقدير الأعداد الحقيقية في هذه المرحلة، نظرا للهجمات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة، وحصار العديد من المناطق التي ينفذ فيها جيش الاحتلال عملياته العسكرية.
وكشف المرصد عن انتشال 422 جثة لشهداء من مجمع الشفاء الطبي ومحيطه غرب مدينة غزة ومن خانيونس بعد انسحاب قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي منهما خلال الأيام الماضية، مشيرا إلى أن فرقه الميدانية واكبت عمل طواقم الدفاع المدني وفرق الإنقاذ التي تقوم بانتشال جثامين الشهداء بوسائل بدائية، ولفت نفس المصدر إلى أن غالبية الجثث المنتشلة تعرضت للتحلل نتيجة طول المدة، وبعضها كان واضحا أنها تعرضت للنهش من القطط والكلاب، بعد أن أعاقت قوات الاحتلال طوال الأشهر الماضية انتشالها، بما ينتهك كرامة الضحايا، وحقهم وحق ذويهم في دفنهم باحترام وبشكل لائق، وأشار المرصد المتوسطي إلى أن غالبية الجثامين كانت إما في الشوارع أو في بنايات بسيطة من طابق واحد، في حين هناك صعوبات كبيرة حسبه في انتشال جثامين الشهداء من أسفل المباني المتعددة الطوابق، مشددا على ضرورة وجود تحرك سريع لانتشال الجثامين، محذرا من استمرار بقاءها بالشكل الحالي الذي ينذر بنشر المزيد من الأوبئة وسيكون له تداعيات خطيرة على الصحة العامة والبيئة.
وطالب المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان بتحرك دولي عاجل لإدخال آليات خاصة وفرق متخصصة لرفع ركام المنازل والمباني التي قصفها جيش الاحتلال وإنقاذ الأشخاص المحاصرين تحت أنقاضها وما يزالون على قيد الحياة، وانتشال آلاف الجثامين لآخرين ممن قضوا تحتها منذ بدء العدوان العسكري في السابع أكتوبر الماضي، كما دعا نفس المرصد إلى تشكيل ضغط دولي حاسم على حكومة الاحتلال الإسرائيلي لتأمين عمل الأشخاص والطواقم العاملة في إزالة الركام، بالإضافة إلى الكشف عن مصير آلاف المفقودين من الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في قطاع غزة ممن تحتجزهم قوات جيش الاحتلال.
استشهاد 60 فردا من عائلة هنية
كشف إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس عقب استشهاد 3 من أبنائه وعدد من أحفاده في يوم عيد الفطر بعد استهدافهم من طرف جيش الاحتلال أن عدد الشهداء من عائلته بلغ 60 فردا، وأكد هنية في تصريح صحفي بأن دماء أبنائه ليست أغلى من دماء أبناء الشعب الشهداء في غزة، مضيفا بأن الاحتلال يعتقد باستهداف أبناء القادة أنه سيكسر عزيمة الشعب، قائلا «هذه الدماء لن تزيدنا إلا ثباتا على مبادئنا وتمكسنا بأرضنا، والعدو واهم إذا ظن أنه بقتله لأبنائنا سيغير مواقفنا»، مجددا التأكيد على أن ما فشل العدو في انتزاعه بالقتل والتدمير والإبادة لن يأخذه في المفاوضات.
نورالدين ع