وقّعت وزارة الفلاحة و التنمية الريفية والمجمع الإيطالي «بونيفيشي فيراريزي» اتفاقية إطار لإنجاز مشروع متكامل لإنتاج الحبوب والبقوليات الجافة والعجائن الغذائية بولاية تيميمون. وجرى حفل التوقيع أول أمس بالمركز الدولي للمؤتمرات عبد اللطيف رحال بالجزائر العاصمة، تحت إشراف وزير الفلاحة والتنمية الريفية، يوسف شرفة، ووزير الفلاحة والسيادة الغذائية والغابات الإيطالي، فرانشيسكو لولوبريجيدا، بحضور وزير المالية لعزيز فايد، وأعضاء من الحكومة، وكذا المدير العام للوكالة الوطنية للاستثمار،
والمستشار الدبلوماسي لرئيسة الوزراء الإيطالية وسفير روما بالجزائر.
وقد تم التوقيع بالأحرف الأولى على هذا الاتفاق الإطار من طرف المديرة العامة للاستثمار و العقار الفلاحيين بوزارة الفلاحة والتنمية الريفية، سعاد عسعوس، والرئيس التنفيذي للمجمع الإيطالي بونيفيشي فيراريزي، السيد، فديريكو فيكيوني.
وفي كلمة له بالمناسبة أكّد وزير الفلاحة والتنمية الريفية يوسف شرفة أن هذه الاتفاقية تأتي لتجسيد مشروع استراتيجي يدخل في إطار سياسة الجزائر لتعزيز الأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، مضيفا بأن هذا المشروع المدمج يتعلق بإنتاج الحبوب والبقوليات على مساحة 36 ألف هكتار بولاية تيميمون بقيمة مالية إجمالية تقدر بـ 420 مليون يورو.
وتابع بأن المشروع يندرج ضمن المخطط الوطني الخاص بتطوير الشعب الاستراتيجية الذي يشمل الحبوب والبقوليات والنباتات السكرية والزيتية والبذور وكذا الحليب، المنبثق من التزامات وتوجيهات رئيس الجمهورية ومن مخطط عمل الحكومة، وكذا الاستراتيجية القطاعية لوزارة الفلاحة و التنمية الريفية، بهدف تلبية الحاجيات الغذائية الواسعة الاستهلاك. واعتبر الوزير أن الاتفاقية المبرمة جاءت لتعزيز علاقات الشراكة المتميزة بين الجزائر و إيطاليا بما يعكس الإرادة القوية والمشتركة لقائدي البلدين اللذين يعكفان على تعميق هذه الشراكة في شتى المجالات، لا سيما من خلال العمل سويا لتجسيد مخطط ماتيي لإفريقيا الذي أطلقته الحكومة الإيطالية بهدف تعزيز علاقات التعاون مع بلدان القارة.
كما أوضح الوزير أن هذا المشروع بين الصندوق الوطني للاستثمار و مجمع
«ب.ف» الإيطالي يعتبر ثاني أكبر مشروع زراعي وصناعي يجسد ميدانيا خلال فترة زمنية وجيزة بعد مشروع «بلدنا» مع الشريك القطري الموقع في نهاية أفريل الماضي الخاص بتربية الأبقار الحلوب وإنتاج الحليب المجفف بولاية أدرار.
وعليه أكد المتحدث أن تجسيد هذين المشروعين يعكس الاهتمام المتزايد للدولة لفتح المجال للاستثمار الفلاحي أمام المتعاملين الجزائريين العمومين أو الخواص بالشراكة مع أجانب لا سيما بولايات الجنوب، التي تتوفر بها كل المؤهلات الضرورية لاستقطاب المشاريع الكبرى وإنجاحها بعد التحفيزات المختلفة التي وضعتها الدولة في إطار قانون الاستثمار.
كما ذكّر شرفة بالمناسبة بالتوجيهات الأخيرة التي أسداها رئيس الجمهورية خلال اجتماع مجلس الوزراء بخصوص تحديد هدف توسيع المساحات المزروعة في ولايات الجنوب إلى 500 ألف هكتار، ورفع مستوى المردود في الهكتار إلى ما لا يقل عن 55 قنطارا، واعتبر ذلك فرصة سانحة للمستثمرين الجزائريين والأجانب لاغتنامها.
6700 منصب شغل و رفع إنتاج القمح بـ170 ألف طن سنويا
وخلال لقاء صحفي مشترك مع نظيره الإيطالي عقب التوقيع على الاتفاقية، أوضح يوسف شرفة أن المشروع المتكامل لإنتاج الحبوب والبقوليات والعجائن الغذائية والكسكس هذا سيسمح برفع الإنتاج الوطني من القمح الصلب بـ 170 ألف طن سنويا، 60 من المائة منه سيوجه للمخزون الاستراتيجي، و40 من المائة المتبقية توجه نحو التحويل و التصدير.
كما سيرفع المشروع من إنتاج العدس بـ7100 طن، والفاصوليا بـ 14 ألف طن، والحمص بـ 11 ألف طن سنويا، وسيوفر المشروع المرتقب بولاية تيميمون ما يقارب 6720 منصب شغل، منها 1560 منصبا دائما، و 5160 منصبا غير مباشر.
ويتألف المشروع من مزرعة مدمجة لإنتاج الحبوب والبقول الجافة وسلسلة صناعية كمطحنة القمح الصلب، خط إنتاج العجائن الغذائية وخط إنتاج الكسكس، و صوامع لتخزين الحبوب والبقول الجافة بقدرة تخزين إجمالية تقدر بـ 62 ألف طن، أما المساحة الإجمالية للمشروع فهي 36 ألف هكتار.
المشروع سينطلق في أكتوبر القادم مع بداية حملة الحرث والبذر، وسيكون أول غرس شهر ديسمبر، أما المدة الكاملة لإقامته فهي أربع سنوات، إلى نهاية 2027، وسيتم إنجاز المشروع ضمن رؤية اقتصادية شاملة مدمجة، وهو يدخل ضمن استراتيجية الدولة لتعزيز الأمن الغذائي بالنسبة للقمح والبقول الجافة.
ولتنفيذ المشروع- يضيف شرفة- سيتم إنشاء شركة مختلطة خاضعة للقانون الجزائري بالشراكة مع الصندوق الوطني للاستثمار، 51 من المائة للشريك الإيطالي و 49 من المائة للصندوق الوطني للاستثمار، وسيساهم المشروع في تنفيذ المخطط الوطني الذي يهدف إلى الزيادة في إنتاج الشعب الفلاحية الاستراتيجية، وهو يندرج ضمن المخطط الوطني لتنمية الزراعات الاستراتيجية الذي وضعه رئيس الجمهورية.
من جانبه أكد وزير المالية، لعزيز فايد، أن هذا المشروع الاستراتيجي يأتي في إطار استراتيجية الدولة لتنويع الاقتصاد وموارد الميزانية والاستعداد لمواجهة تحديات المستقبل التي يواجهها العالم والمتمثلة خاصة في تحقيق الأمن الغذائي لا سيما مع تزايد عدد سكان العالم وتأثيرات التغيرات المناخية وتذبذب العلاقات الدولية وسلاسل التموين، كما يساهم المشروع في تطوير الجنوب وخلق 6 آلاف منصب شغل ونقل المعرفة والتكنولوجيا وخفض الواردات وتعزيز ميزان المدفوعات.
وشدد فايد على أنه ومن أجل إنجاح المشروع فقد كرست وزارة المالية كل مجهوداتها وعلى أعلى مستوى لمرافقته من البداية وعبر جميع المراحل وصولا إلى مرحلة التوقيع على مذكرة التفاهم، كما ساهمت من خلال ذراعها المالية المتمثلة في الصندوق الوطني للاستثمار بالمشاركة كمساهم بنسبة 49 من المائة في رأسمال الشركة المختلطة بما يعادل 102.9 مليون يورو( 14.8 مليار دينار) وهو ما يؤكد أن الوزارة تولي أهمية كبيرة لهذا المشروع.
كما أكد فايد أيضا أن وزارة المالية ساندت ولا تزال تساند المشروع وستقدم له كل الدعم اللازم، وستظل في خدمته وخدمة الاقتصاد الوطني، وهي تطمح إلى تطوير مشاريع شراكة جديدة أخرى مع الشركاء الإيطاليين، كما تتطلع إلى أن تقوم الشركة المختلطة لتجسيد هذا المشروع بتطوير مشاريع أخرى في الجنوب بما يتماشى وتعليمات رئيس الجمهورية لدخول الأسواق الإفريقية.
أما وزير الفلاحة و السيادة الغذائية والغابات الإيطالي، فرانشيسكو لولوبريجيدا، فقد قال من جهته إن التوقيع على مذكرة التفاهم لتجسيد المشروع سيسمح بخلق شراكة قوية بين البلدين في مجال ذي علاقة بالأمن الغذائي.
لولوبريجيدا الذي استعرض تاريخ العلاقات المميزة بين الجزائر وإيطاليا من عقود قال إن هذا المشروع هو أول نتيجة ملموسة في قطاع الصناعات الزراعية الذي يهدف إلى الإنتاج من خلال مشروع يضع الراية الجزائرية جنبا إلى جنب مع الراية الإيطالية، واعتبر أن إفريقيا وأوروبا، والجزائر وإيطاليا ركيزتان أساسيتان في مواجهة تحدي ظواهر الأمن الغذائي، ويعالجانها بمنطق الالتزام المشترك.
وأضاف الوزير الإيطالي بأن الجزائر لها دور استراتيجي تلعبه كدولة رائدة في المنطقة لتحقيق هدف تحسين الحياة على ضفتي البحر المتوسط. إلياس -ب