تشهد مدينة عنابة، في الفترة الأخيرة استقطابا هائلا للأشقاء التونسيين، الذين باتت السياحة في المدينة تستهويهم بشكل متزايد حيث تسجل المعابر الحدودية يوميا دخول العشرات من السياح مع ارتفاع محسوس في معدل الإقبال هذه الأيام تمهيدا للاحتفال برأس السنة الجديدة، حيث زاد الترويج الإيجابي لعنابة والجزائر عموما كوجهة للسياحة والتسوق معا، وساهمت عدة عوامل في زيادة الاستقطاب من الجانبين خاصة مع فتح خط النقل عبر القطار بين الجزائر وتونس الصيف الماضي.
حسين دريدح
المقاهي الشعبية قبلة العائلات التونسية
يحاول التونسيون الوافدون على عنابة الاندماج في الحياة اليومية خاصة بوسط مدينة عنابة، لوجود ترابط وتشارك في نمط التفكير ولغة التواصل واللهجة، وقد لاحظنا بأن المقاهي الشعبية تعتبر محطة رئيسية لزيارة السياح حيث يقصدها الأزواج والعائلات دائما لتناول فطور الصباح، في سلوك يعتبر مألوفا في المدينة.
وقد أنعشت حركية السياح التونسيين الأحياء الشعبية ومقاهيها في بونة، أين يمارس الأشقاء نمط حياتهم بشكل عاد و يتأقلمون بشكل سريع جدا مع الثقافة المحلية، علما أن المدينة القديمة تستهويهم بشكل كبير خصوصا أسواقها العتيقة على غرار باب السويقة وشارع بوريقيبة.
وفي حديث للنصر، من زوجين من تونس أوضحا بأنهما يزوران عنابة للمرة الثانية، وقد أعجبا بها ويفضلان الانغماس في الحياة اليومية لسكان المدينة بدل الاكتفاء بجولة في المواقع السياحية والأثرية فقط، مشيرين إلى أنهما وجدا راحتهما التامة و يحسان بألفة في المكان نظرا للقواسم الثقافية المشتركة بين أهل بونة و هل تونس، مشيدين بالترحاب والمعاملة الجميلة التي يحظيان بها أينما حلا.
مؤثرون يخدمون المدينة عبرالمواقع
وينشر عدد كبير من المؤثرين التونسيين فيديوهات لجولاتهم السياحية بعنابة والولايات الأخرى، التي تشتهر بمواقعها السياحية والأثرية، حيث يوثقون عبر فيديوهاتهم سحر الطبيعة بمدينة سرايدي الجبلية، وفارق الطقس بين وسط المدينة وكورنيش البحر أين الشمس الدافئة والحرارة المعتدلة، كما يروجون سياحيا عبر خاصية « السطوري» على فيسبوك وإنستغرام لوسط سرايدي الذي يكون غارقا في الضباب في مثل هذا الوقت من السنة في منظر بديع يسحر الناظرين.
وقد نشر مؤثر شاب مؤخرا مقطعا تم تداوله بكثرة على المواقع، علق فيه بأنه « يشعر كمن يسير فوق السحاب»، كما سجل إعجابه بنظافة سرايدي وتنظيم المحلات، وطيبة السكان ودرجة الأمان داعيا التونسيين إلى زيارتها خصوصا وأن رحلات القطاع باتت تسهل السفر بين الجزائر وبلاده.
و صور سائح آخر، شبابا على مستوى مركز تحضير النخبة، وهم يمارسون كرة القدم وسط الضباب وبرودة الطقس، دون أن يكون ذلك عائقا، وقد كانوا لطفاء وودودين معه، وأخبروا متابعيه في الفيديو بأنهم تأقلموا مع هذا الجو لأنه أصبح جزءا من يومياتهم.
الشوكولاطة الجزائرية عامل جذب إضافي
ومع النجاح والضجة التي حققتها شوكولاطة الطلي المرجان بذوق البندق، على الصعيد المحلي والعالمي، كان اهتمام التونسيين بها كبيرا منذ البداية، وحسب ما وقفت عليه النصر، فإن رحلة السياح بين المحلات والمساحات التجارية لا تتوقف للظفر بعلبة منها، حيث يبدون فرحة كبيرة بمجرد عثورهم على عبلة.
قال أحمد، وهو سائح من مدينة باجة :» لدي عشرات الطلبات من الجيران والأصدقاء من تونس وأحاول أن أشتري ما يكفي لأهديهم من هذه الشوكولاطة»، معلقا «راهي دوختنا ياصاحبي، بنينة بالحق علخر تبارك الله».ومع تطور الصناعة الجزائرية في مجال الحلويات، تصنع أيضا شكولاطة « سطوري» ضجة كبيرة، بعد رواج ذوق شوكولاطة دبي المصنوعة من الفستق والكنافة، ورغم الكمية الكبيرة التي تخرج إلى السوق، غير أن الطلب عليها لا يزال هائلا حيث تنفذ بمجرد وضعها على الرفوف.
ارتفاع الطلب على رحلات القطاع في الأيام الأخيرة
وقد سجلت الشركة الوطنية للنقل عبر السكة الحديدية، ارتفاع الطلب على حجوزات القطار انطلاقا من تونس إلى عنابة في الأيام الأخيرة من نهاية السنة 2024، وأكد سمير عمارة مسؤول بمحطة السكة الحديدية بعنابة، بأن أعداد التونسيين القادمين نحو الجزائر في تزايد خلال هذه الفترة، مع ارتفاع نسق التوافد كما عرفته الانطلاقة الأولى خلال موسم الاصطياف.وزاد اهتمام المسافرين بالقطار خلال نهاية السنة، بسبب الطوابير الكبيرة بمختلف المعابر الحدودية من الجانبين، حيث أصبح القطار يوفر الوقت والجهد والراحة، أحسن من السيارة رغم طول مدة الرحلة نوعا ما.وتعمل الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية على تقليص عمر الرحلة، ورفع سرعة حركة القطار، والتحسين المستمر للخدمات داخل العربات، ومحاولة تقليص إجراءات العبور بين البلدين بالتنسيق مع مصالح الجمارك وشرطة الحدود تماشيا مع حركية السياح قبيل رأس السنة.
وسيسمح مشروع ازدواجية الخط المنجمي الجديد، الجاري إنجازه في إطار المشروع الضخم للفوسفات، بزيادة سرعة القطار في الشطر الذي يقطعه إلى غاية الحدود مع تونس، حيث يرتقب انتهاء الأشغال سنة 2027.وحسب البرمجة، تكون الانطلاقة من محطة القطار بعنابة، أيام الأحد والثلاثاء والخميس، على الساعة التاسعة صباحا، لتصل إلى تونس العاصمة، على الساعة السادسة وسبع وعشرين دقيقة مساء. فيما تكون الانطلاقة من محطة تونس أيام الاثنين والأربعاء والجمعة، على الساعة الثامنة وخمسة وعشرين دقيقة صباحا، لتصل إلى عنابة، على السادسة وعشرين دقيقة مساء. كما تتم إجراءات العبور على مستوى محطة سوق أهراس الدولية بالنسبة للجزائر، وعلى مستوى محطة غار الدماء بالنسبة لتونس.