شرعت وزارة التجارة الداخلية وتنظيم السوق الوطنية أمس في إحصاء المنتوج الوطني بانتقاء ولاية بجاية كنموذج تحسبا لتعميمها على كافة مناطق الوطن مطلع الشهر المقبل، بهدف تحديد القدرات الإنتاجية للاقتصاد الوطني والتحكم في عملية الاستيراد، وتجري العملية الإحصائية تحت شعار «إحصاء شامل لاقتصاد متكامل».
يستعد حوالي 186 ألف متعامل اقتصادي للتنسيق مع مندوبي وإطارات وزارة التجارة الداخلية وضبط السوق الوطنية في إطار حملة الإحصاء الشامل للقدرات الإنتاجية الوطنية التي ستنطلق بصفة رسمية شهر جانفي القادم، بهدف تحديد مستوى مساهمة الشركات الاقتصادية الوطنية في تلبية حاجيات السوق الداخلية من مختلف المواد والمنتجات الاستهلاكية، لأجل وضع خارطة طريق تحفز المنتجين على مزيد من العمل والجهود، ولضبط عملية الاستيراد.
وتم إعطاء إشارة انطلاق عملية الإحصاء الشامل للإنتاج الوطني من ولاية بجاية كنموذج سيتم الاحتذاء به من قبل مديريات التجارة لباقي الولايات، باعتبار المنطقة من الولايات المعروفة بتنوع وكثافة نشاطها الاقتصادي، وبحجم الإمكانيات الاقتصادية التي تتميز بها.
وتستهدف العملية الإحصائية المتعاملين الاقتصاديين التابعين للقطاع العام والخاص، وتمس مختلف الشعب بهدف إعداد بطاقية وطنية لمختلف الوحدات الإنتاجية، إلى جانب التحديد الدقيق للقدرات الإنتاجية لتأطير عملية الاستيراد، التي ستقتصر بناء على مخرجات الإحصاء الشامل على المواد غير المنتجة محليا، وعلى تغطية النقص المسجل في المنتجات ذات الطلب الواسع، بسبب عدم قدرة الوحدات الإنتاجية على تغطية حاجيات السوق.
كما سيمكن الإحصاء العام من توجيه السلطات العمومية في عملية الاستثمار، بمنح الوكالة الجزائرية للاستثمار التي تتولى مهمة دعم ومرافقة المستثمرين الوطنيين والأجانب لتجسيد المشاريع، حوصلة موضوعية ودقيقة حول واقع الاستثمار في الجزائر، لأجل اتخاذ تدابير إضافية لدعم المشاريع الاستثمارية الاقتصادية الموجهة للإنتاج.
وأنهت وزارة التجارة الترتيبات التقنية تحسبا للشروع في الإحصاء الشامل للاقتصاد الوطني، الذي سيضع أمام الوصاية صورة واضحة ودقيقة حول مؤشرات الإنتاج الوطني وتوجيه الاستثمار، بما يساهم في دعم التنمية المحلية وتنشيط الحركة التجارية.
وتتعلق العملية الإحصائية بجرد المنتجات الاستهلاكية التي توفرها الوحدات الإنتاجية عبر كافة ربوع الوطن، من بينها المواد الغذائية واسعة الاستهلاك، التي تسهر الدولة على توفيرها بصفة منتظمة ودائمة حفاظا على استقرار السوق، عبر دعم كفاءات الإنتاج وسلاسل الإمداد وتنشيط مجتمع الأعمال والابتكار، وفق ما أكده وزير التجارة الداخلية وتنظيم السوق طيب زيتوني مؤخرا.
وتقوم العملية على جمع المعطيات غير مغلوطة حول الاقتصاد الوطني وشبكة الإنتاج بمختلف شعبه من الميدان، تحسبا لتسليم النتائج المزمع التوصل إليها للحكومة لاعتمادها في اتخاذ القرارات، ورسم السياسات المستقبلية في مجال التشجيع على الاستثمار ودفع عجلة التنمية، ووضع الترتيبات الكفيلة بتنظيم السوق سيما خلال المناسبات الاجتماعية التي تشهد زيادة في نسبة الاستهلاك وإقبالا واسعا على الفضاءات التجارية لاقتناء المواد الغذائية.
وتوجهت سياسة الدولة في الشق الاقتصادي في السنوات الأخيرة نحو تشجيع الإنتاج الوطني وكبح الاستيراد العشوائي الذي كبد الخزينة العمومية خسائر بسبب عدم الاعتماد على معطيات دقيقة وصحيحة حول حاجيات السوق في تحديد قائمة الواردات.
وينتظر أن توفر نتائج الإحصاء العام للاقتصاد الوطني قاعدة بيانات للحكومة للاستناد إليها عند اتخاذ القرارات ووضع البرامج، وذلك بناء على كميات المنتوج الوطني ونسبة مساهمته في تغطية السوق وسد العجز، بما يؤدي إلى الحد من الاستيراد المكثف مقابل تشجيع الإنتاج المحلي الذي يذر على الاقتصاد الوطني الأرباح ويوفر مناصب عمل إضافية.
ويتزامن إطلاق الإحصاء الشامل مع اعتماد منصات رقمية على مستوى وزارة التجارة لتتبع مسار إنتاج وتوزيع المنتجات الفلاحية والغذائية، بداية من المستورد والمنتج مرورا بتجار الجملة والتجزئة، وكذا لمعرفة كميات الإنتاج والاستيراد والتوزيع، وملاحظة الأسعار بصفة يومية وتطورها، قصد معالجة أسباب ارتفاعها بطرق عشوائية وغير مبررة.
لطيفة بلحاج