* أميز بين غالبية الفرنسيين وأقلية من قواها الرجعية * الجزائر لن ترسل المرضى للعلاج في فرنسا بعد الآن
أكد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أن التصريحات العدائية التي أدلى بها سياسيون فرنسيون ضد الجزائر خلقت مناخا ساما أدى إلى تدهور العلاقات بين البلدين، وقال إن «الحوار السياسي شبه منقطع»، بسبب التصريحات العدائية التي يدلي بها سياسيون فرنسيون يوميا مشددا على أن “الكرة الآن في ملعب الإيليزيه لتجنب افتراق غير قابل للإصلاح”.
وجه رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، خلال الحوار الذي أجراه مع الصحيفة الفرنسية «لوبينيون» رسائل سياسية واضحة، صريحة وقوية لجهات متعددة في فرنسا، على غرار صناع القرار والرئيس ماكرون، بخصوص ما يتوجب القيام به لوقف الانزلاق الذي تشهده العلاقات بين البلدين، مشددا على ضرورة الحوار قبل الوصول إلى نقطة اللاعودة في العلاقات، كما حرص على توجيه إشارات قوية إلى الوزراء المنتمين إلى التيار المتطرف على غرار وزير الداخلية روتايو، مؤكدا أن الجزائر لن تتنازل عن مواقفها، قبل أن يؤكد أن الجزائر ترفض الخلط بين الفرنسيين والأقلية المتطرفة التي تريد إشعال النار في العلاقات بين الجزائر وفرنسا.
رئيس الجمهورية وصف مناخ العلاقات بين البلدين بـ»السام»، مشيرا إلى وجوب أن يستأنف البلدان الحوار لتفادي قطيعة قد يصعب معها الحل، وأكد الرئيس تبون، تعليقا على الأزمة الدبلوماسية الحادة بين الجزائر وفرنسا، أنه لا يسعى ولا يريد القطيعة مع فرنسا، ودعا إلى عدم إخفاء أي شيء في ما يتعلق بالتعاون بين البلدين، في مجال الذاكرة والتاريخ.
وأكد رئيس الجمهورية، أن التصريحات العدائية التي أدلى بها سياسيون فرنسيون ضد الجزائر قد خلقت مناخا ساما أدى إلى تدهور العلاقات، وأضاف قائلا: «المناخ سام، ونحن نضيع الوقت مع الرئيس (إيمانويل) ماكرون. وقد كانت لنا آمال كبيرة في تجاوز الخلافات المتعلقة بالذاكرة ولهذا السبب أنشأنا، بمبادرة مني، لجنة مشتركة لكتابة هذا التاريخ الذي لا يزال يشكل مصدر ألم لنا». وكشف رئيس الجمهورية، بأنه هو صاحب المبادرة بإنشاء «لجنة للذاكرة المشتركة» مع فرنسا، بعد زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الجزائر في أوت 2022 . وأعطى رأيه لأول مرة في عملها، حينما قال: «عبّرت عن أسفي لكوننا لا نغوص بعمق كاف في جوهر الأمور».
وأضاف قائلا: «قصد جعل هذا الملف غير مسيس، استقبلت مرتين المؤرخ بنجامين ستورا، الذي أكن له خالص التقدير ويقوم بعمل جاد رفقة زملائه الفرنسيين والجزائريين استنادا إلى مختلف الأرشيفات رغم أنني آسف لعدم التعمق بما فيه الكفاية في الأمور».
كما ذكر رئيس الجمهورية أنه وضع «خريطة طريق طموحة» بعد زيارة الرئيس ماكرون في أغسطس 2022, التي تلتها زيارة إليزابيث بورن، الوزيرة الأولى آنذاك، التي وصفها ب»المرأة ذات الكفاءة التي تتحكم في ملفاتها», مضيفا: «لكن لم يتم إحراز أي تقدم باستثناء العلاقات التجارية».
التصريحات العدائية سبب الوضع المتردي للعلاقات
وحمل الرئيس تبون، تيار اليمين المتطرف في فرنسا مسؤولة الوضع الصعب الذي تعيشه العلاقات وقال بأن «الحوار السياسي شبه منقطع», مشيرا إلى «التصريحات العدائية التي يدلي بها سياسيون فرنسيون يوميا، على غرار تصريحات النائب عن نيس، إيريك سيوتي, وعضو التجمع الوطني (جوردان بارديلا). وأردف قائلا: «هؤلاء الأشخاص يطمحون يوما ما إلى حكم فرنسا. شخصيا، أميز بين غالبية الفرنسيين وأقلية من قواها الرجعية, ولن أسيء أبدا إلى بلدكم.»
كما تطرق رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، لقضية المؤثرين الجزائريين الذين تعرضوا لحملة إعلامية في الآونة الأخيرة، مشيرا إلى محاولة استغلال فرنسا هذه القضية لتأجيج الرأي العام وإثارة الخلافات بين البلدين في الوقت الذي ترفض السلطات الفرنسية تسليم بعض المطلوبين.
وقال رئيس الجمهورية بهذا الخصوص، أن وزير الداخلية الفرنسية، «أراد توجيه ضربة سياسية للجزائر بمحاولة طرده لمؤثر. نفس الشيء حاول القيام به سابقه، جيرالد دارمانان حين تسلم حقيبة الداخلية، فأراد أن يضغط علينا في قضية ترحيل المهاجرين وبعدها جاء إلى الجزائر وتوصلنا لطريقة عمل».وانتقد الرئيس تبون، في السياق منح باريس «الجنسية أو حق اللجوء» لعدد من «المجرمين والمخربين»، والذين تطالب الجزائر باريس بتسليمهم للقضاء، موضحا أن الجزائر تريد «أيضا أن توافق فرنسا على طلبات التسليم كما تفعل إسبانيا، ألمانيا، إيطاليا، لكن نرى باستغراب أن فرنسا تمنح الجنسية وحق اللجوء السياسي لأشخاص ارتكبوا جرائم اقتصادية وآخرون يحرضون انطلاقا من الأراضي الفرنسية، وحسب معلوماتنا البعض منهم تم توظيفهم من قبل مصالحكم الاستخباراتية كمخبرين».
«التجمع الوطني» من بقايا «المنظمة السرية»
كما استنكر رئيس الجمهورية تصريحات رئيسة حزب «التجمع الوطني» الفرنسي مارين لوبان المسيئة للجزائر لافتا إلى أن حزب «التجمع الوطني» الفرنسي المتطرف يضم في صفوفه بقايا من «المنظمة المسلحة السرية». التي لا تؤمن إلا بالقنابل اليدوية والعمليات الارهابية».
وفي رده على زعيمة التيار المتطرف في فرنسا، قال رئيس الجمهورية، انه «لا يمكن تشبيه علاقة الجزائر بفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية بكولومبيا، الولايات المتحدة لم تستعمر كولومبيا ولا دولا في أمريكا اللاتينية». وواصل قائلا: «أتساءل كيف سيكون مصير الجزائريين لو وصلت السيدة لوبان إلى الحكم، هل ستقوم بعملية «فالديف» أخرى وتقوم بنقلهم بعدها».
قضية صنصال و درينكور...
كما تطرق الرئيس تبون، إلى قضية الكاتب بوعلام صنصال، حيث قال إنها ليست «مشكلة جزائرية، بل مشكلة لمن اصطنعوها». واعتبر الرئيس يأن «القضية معقدة، ولم تكشف كل أسرارها وهي تهدف للتجنيد ضد الجزائر، وقال بهذا الخصوص، أن عشية سفره إلى الجزائر تناول صنصال وجبة العشاء في بيت كزافيي درينكور، سفير فرنسا الأسبق في الجزائر، وهذا الأخير مقرب من وزير الداخلية برونو روتايو، مشيرا إلى أن «هناك حالات أخرى لمزدوجي الجنسية لم تثر تضامنا مماثلا، وفي الأخير صنصال أصبح فرنسيا منذ 5 أشهر فقط». اوضح الرئيس بشأن المعني: «هو الآن رهن الحبس المؤقت وهذا هو القانون الجزائري، لقد تلقى الرعاية الصحية الكاملة في المستشفى وستتم محاكمته في الآجال المحددة ويسمح له بالاتصال هاتفيا بزوجته وابنته». وعن إمكانية استفادته من العفو الرئاسي قال الرئيس تبون «لا يمكنني التنبؤ بأي شيء».
كما رد الرئيس بخصوص قضية علاج المرضي الجزائريين في فرنسا، حيث قال بأن الجزائر لن ترسل بعد الآن مرضاها إلى فرنسا وسيتم توجيههم إلى دول أوروبية مثل ايطاليا، بلجيكا وتركيا.
اتفاقية الهجرة ورقة فارغة تستخدم لحشد المتطرفين
كما انتقد الرئيس تبون، استغلال اليمين الفرنسي لورقة اتفاقية عام 1968 التي تخص الهجرة وتنقل الأشخاص، ووصفها بأنها «قوقعة فارغة لحشد المتطرفين»، في إشارة منه إلى أن المراجعات الثلاث التي تمت لهذه الاتفاقيات لم تبق للجزائريين أية امتيازات جدية، مقارنة بباقي المهاجرين من دول أخرى.
واعتبر رئيس الجمهورية أن الأمر يتعلق «بقضية مبدأ». وتساءل في هذا الصدد: «لا يمكنني أن أساير كل النزوات. لماذا نلغي هذا النص الذي تمت مراجعته في 1985 و1994 و2001؟». وأوضح في هذا السياق أن «بعض السياسيين يتخذون من التشكيك في هذه الاتفاقيات ذريعة للتهجم على اتفاقيات إيفيان التي نظمت علاقاتنا في نهاية الحرب. فاتفاقيات 1968 ليست سوى قوقعة فارغة لحشد المتطرفين، كما كان الحال في زمن بيير بوجاد».
الكرة في مرمى الإيليزيه
وفي رد على سؤال بخصوص استعداده «لاستئناف الحوار مع فرنسا» لمنع مزيد من التدهور في العلاقات بين البلدين، قال الرئيس تبون إنه “موافق” على وجوب استئناف الحوار، مشيرا إلى أن الكرة في مرمى أصحاب القرار في فرنسا حيث قال: “لست أنا من يقع على عاتقه هذا الأمر. بالنسبة إلي، الجمهورية الفرنسية هي في المقام الأول رئيسها».
ودعا رئيس الجمهورية، بهذا الخصوص، إلى فسح المجال الإعلامي والسياسي في فرنسا إلى الأصوات المعتدلة التي ترفض القطيعة بين البلدين، وأوضح قائلا: “هناك مثقفون وسياسيون نحترمهم في فرنسا أمثال جان بيير شوفنمان جان بيير رافاران وسيغولين رويال ودومينيك دو فيلبان، الذي يحظى بسمعة طيبة في جميع أنحاء العالم العربي، لأنه يعكس نوعا ما صورة فرنسا التي كان لها وزنها”، مضيفا أنه “يجب أيضا أن يُسمح لهم بالتعبير عن آرائهم. ولا ينبغي السماح لأولئك الذين يزعمون أنهم صحفيون بمقاطعتهم وإهانتهم، خصوصا في وسائل الإعلام التابعة لفانسان بولوريه، التي يبدو أن مهمتها اليومية تتمثل في تشويه صورة الجزائر.”وأكد رئيس الجمهورية “ليس لدينا أي مشكلة مع وسائل الإعلام الأخرى، سواء كانت تابعة للقطاع العام أو الخاص”.
وبشأن «تأثير الجزائر على مستوى مسجد باريس الكبير», أشار رئيس الجمهورية إلى أن «الدولة الجزائرية لم ترغب في ترك جمعيات مشبوهة تتغلغل في المسجد الكبير، وكانت دائما تتكفل بصيانته». كما ذكر أنه عندما كان وزيرا للاتصال والثقافة، كان قد «أقر هذه المساعدات التي تستخدم خصوصا في ترميم المباني», موضحا أن «فرنسا الرسمية لم تبدِ أي اعتراض وكانت تلبي الدعوات التي يوجهها عميد المسجد بانتظام». وأكد بقوله إن «المسجد الكبير ليس مكتبا دعائيا», وأن «العميد الحالي، شمس الدين حفيز, قد اختير بالتشاور مع سلفه, دليل بوبكر, والدولة الفرنسية».
فرنسا مطالبة بتطهير مواقع تجاربها النووية بالجزائر
كما أكد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أن ملف التعويضات عن التفجيرات النووية واستخدام الأسلحة الكيميائية من طرف فرنسا في الجنوب الجزائري يعد مسألة حيوية لاستئناف التعاون الثنائي بين البلدين. وفي هذا السياق، دعا إلى “تسوية نهائية” لهذه الخلافات، مشدداً على أهمية “تنظيف مواقع التجارب النووية” كواجب إنساني وأخلاقي وسياسي وعسكري.
وقال الرئيس تبون: “كان من الممكن أن نبحث هذا الملف مع دول أخرى مثل الولايات المتحدة أو روسيا أو الصين، ولكن الجزائر ترى أنه من الضروري أن يتم ذلك مع فرنسا التي يجب عليها إبلاغنا بدقة عن المواقع التي أُجريت فيها هذه التجارب وأماكن دفن المواد المشعة”.
وأشار رئيس الجمهورية إلى قضية أخرى تتعلق باستخدام الأسلحة الكيميائية في منطقة واد الناموس، قائلاً إن هذه المسألة يجب أن تجد هي الأخرى حلاً نهائيًا، حيث لا يمكن تجاهلها أو تأجيلها. وذكر في هذا السياق أنه بدأ مسيرته المهنية في ولاية بشار في بداية السبعينات، حيث كان يتلقى بشكل دوري شكاوى من مربي المواشي حول نفوق الحيوانات بسبب التلوث الناتج عن هذه التجارب.
وأضاف الرئيس: “في تلك الفترة، كنا نسمع كل أسبوع تقريباً عن نفوق ماشية نتيجة لهذه التجارب”. وأكد أن هذه القضايا ليست فقط تاريخية بل تظل تؤثر على حياة المواطنين اليوم، مما يتطلب من الطرف الفرنسي تقديم توضيحات ومساعدة في تسوية هذه الملفات بشكل نهائي. وشدد رئيس الجمهورية على ضرورة عدم تجاهل هذا الملف، قائلاً: “يجب أن نعمل على تسوية هذه الخلافات بشكل نهائي من أجل فتح صفحة جديدة من التعاون بين الجزائر وفرنسا”. ع سمير
الرئيس تبون يتحدث عن الملفات الدولية ويؤكد
الجزائـــر قـــوة استقـــــرار في إفريقيـــــــا
* الجزائر كانت حازمة مع بشار الأسد وعرضت الوساطة * الشعب المغربي يستحق الأفضل * الجزائر ترفض وجود مرتزقة على حدودها وأبلغت روسيا بذلك * نضحك من المزاعم بأن الجزائر بلد معزول
أكد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، تمسك الجزائر بعلاقات متوازنة بين كل القوى المحورية في العالم، ردا على الأطراف الفرنسية التي تتحدث عن عزلة دولية تعيشها الجزائر، وقال إنه حذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بشأن تغيير موقف باريس حول النزاع في الصحراء الغربية.
تطرق رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، في الحوار المطول مع الصحيفة الفرنسية «لوبينيون» إلى عديد الملفات الدولية على غرار القضية الصحراوية، والتحول في الموقف الفرنسي الذي تسبب في بروز خلافات عميقة بين البلدين، وقال إنه سبق أن وجه تحذيرات إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بشأن تغيير موقف باريس حول النزاع في الصحراء.
وأوضح الرئيس تبون: «حذرتُ الرئيس ماكرون أنه سيرتكب خطأ فادحًا في قضية الصحراء الغربية»، بالنظر إلى أن فرنسا عضو في مجلس الأمن المعني بالقضية في إطار الأمم المتحدة، كما رد الرئيس على مزاعم الأطراف الفرنسية التي تتحدث عن عزلة تعاني منها الجزائر بسبب مواقفها الدولية، مؤكدا بأن الجزائر هي قوة استقرار في إفريقيا، وتابع قائلا: «لذلك عندما يقول بعض السياسيين الفرنسيين إن الجزائر بلد معزول، فإن هذا يجعلنا نضحك».
وجدد الرئيس تبون عزم الجزائر الحفاظ على علاقات متوازنة بين كل القوى المحورية في العالم. وأضاف: «منذ استقلالنا وحتى يومنا هذا، كان لدينا دائمًا محور أساسي في السياسة الخارجية،عدم الانحياز. منذ أيام، استقبلت الجزائر أعضاء الحكومة الروسية وجرت تبادلات أمنية ودبلوماسية، واستقبلت على أعلى مستوى مع الولايات المتحدة وفدا من حلف شمال الأطلسي، ولدينا علاقات ممتازة مع جميع دول البحر الأبيض المتوسط».
«المغرب سباق في عدائه للجزائر»
كما تطرق رئيس الجمهورية إلى علاقات الجزائر مع المغرب. وقال في هذا الصدد: «بالنسبة لعلاقتنا مع المغرب، كنا على الدوام في وضعية رد الفعل». وأضاف: «تاريخيا، كان المغرب هو السباق في عدائه للجزائر» مذكرا بالاعتداء على السيادة الجزائرية أشهرا قليلة بعد استقلالنا.. حيث فقدنا 850 شهيدا خلال الدفاع عن سيداتنا في العدوان المغربي علينا 9 أشهر بعد الاستقلال. وأكد أن المغرب كان دوما بعقلية توسعية، بدليل أنه لم يعترف بموريتانيا إلا عام 1972. وبخصوص فرض التأشيرة على المغاربة، ذكّر الرئيس تبون أن المغرب كان أول من فرض التأشيرة على الجزائريين عام 1994. وأردف الرئيس: ”منعنا الطيران المغربي عن أجوائنا لتنفيذه مناورات مشتركة مع الكيان الصهيونى بقرب مجالنا الجوي، وهذا ينافي حسن الجوار.” وختم الرئيس بالقول: ”علينا وضع حد لهذه الوضعية يومًا ما..الشعب المغربي شعب شقيق يستحق الأحسن.” مؤكدا أن الجزائر تدعم الصحراء الغربية لأنها قضية استعمار وجب تصفيته مهما طال، فالجزائر نالت استقلالها بعد احتلال دام 132 سنة.
لا تطبيع قبل إقامة دولة فلسطينية
وبخصوص القضية الفلسطينية، أكد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أن الجزائر لن تطبع مع الاحتلال الإسرائيلي قبل إقامة دولة فلسطينية. وفي رده على سؤال بشأن استعداد الجزائر لتطبيع علاقاتها مع دولة الاحتلال الإسرائيلي في حال إقامة دولة فلسطينية، قال تبون «بالطبع، في اليوم الذي يحصل فيه ذلك». وتابع في هذا الصدد: «همنا إقامة دولة فلسطينية».
أوكرانيا لم تستجب لوساطة الجزائر
كما تطرق رئيس الجمهورية، إلى الملف السوري، حيث أكد الرئيس تبون، أن الجزائر كانت حازمة مع الرئيس السوري السابق بشار الأسد قبل سقوطه، وأنها لم تقبل أبدا بالمجازر ضد شعبه. وحول قراءته للأحداث الجارية في سوريا، قال الرئيس تبون: «لطالما تحدثنا مع الرئيس السوري السابق وبقينا حازمين معه. لم نقبل أبدا بالمجازر ضد شعبه». مضيفا : «قبل سقوطه، أرسلت له مبعوثا. وعرضت الجزائر، بدعم من الأمم المتحدة، القيام بدور الوسيط حتى يتمكن من إجراء محادثات مع معارضته. لم ينجح ذلك. ونحن نعلم ما حدث بعدها».
وفي رد على سؤال بخصوص موقف الجزائر من النزاع بين روسيا وأوكرانيا، أشار رئيس الجمهورية إلى “ازدواجية المعايير” التي تتبعها بعض الدول. وأشار إلى أن “الجزائر واضحة، ومن الصعب عليها فهم ازدواجية المعايير”، متسائلا باستغراب: “يتم إدانة التدخل في أوكرانيا، بينما ينبغي الصمت في ضم الجولان والصحراء الغربية؟”.
وكشف الرئيس تبون: «عندما زرت فلاديمير بوتين في روسيا في يونيو 2023، طلب مني إيمانويل ماكرون أن أرى إذا كان بوسعي القيام بشيء ما من أجل السلام. وقد أعطاني الرئيس الروسي أيضا الضوء الأخضر. كان مستعدا للحوار، لكن فولوديمير زيلينسكي لم يستجب».
الجزائر ترفض وجود مرتزقة على حدودها
وفيما يتعلق بالأوضاع في منطقة الساحل، أعرب رئيس الجمهورية عن أسفه كون «دول الساحل، على غرار العديد من البلدان الإفريقية الأخرى، لم تتمكن من بناء مؤسسات قوية وأكثر صمودا».
أما بشأن مالي، فقد أشار إلى أن الجزائر كانت بصدد وضع مخطط للتنمية في شمال البلاد وكانت على استعداد لتمويله “بقيمة تصل إلى مئات ملايين الدولارات”. وأضاف أنها كانت مستعدة لجمع الموقعين على اتفاق السلم والمصالحة في مالي المنبثق عن مسار الجزائر، الذي قامت باماكو بوقف العمل به العام الماضي. وقال الرئيس تبون «الجزائر ومالي يشتركان في مجتمع الطوارق الممتد بيننا وكنا دوما على استعداد للصلح والجمع». وردا على اتهامات سلطات باماكو العسكرية، قال الرئيس عبد المجيد تبون، أن الجزائر لا تدعم أي جماعات إرهابية في مالي، مؤكدا أن «الجزائر لا تسعى إلى وضع مالي تحت إدارتها إذ نعتبره بلدا شقيقا، وسنمد له يد العون دائما». كما أن الجزائر تؤكد دعمها للسلام. موضحا أن الجزائر شرحت للطرف المالي «أن ما حدث في بداية الخلاف معه نابع عن تدخل أجنبي». وشدد الرئيس عبد المجيد تبون أن الجزائر ترفض وجود قوات مرتزقة على حدودها وأبلغت روسيا بذلك، مشيرا إلى أن الانقلابات العسكرية في دول الساحل متوقعة لضعف المؤسسات في بعض الدول.
الجزائر تقف إلى جانب تونس
من جهة أخرى، عبر رئيس الجمهورية عن دعمه لنظيره التونسي قيس سعيد “الذي أعاد الأمور إلى زمامها من خلال استعادة النظام الرئاسي الذي شهدته تونس منذ استقلالها”. كما أشاد تبون، بـ”أخيه” الرئيس التونسي قيس سعيد، الذي “يتمتع بشعبية في بلاده برغم الانتقادات”.
وأردف بالقول: ” تونس ليس لديها مشاكل كبيرة ماعدا الديون والنمو الضعيف ونحن نساعدها بقدر ما نستطيع لأنها نعم الجارة وكابدت ويلات قصف الطيران الاستعماري لأنها ساندت حرب التحرير الجزائرية”، مؤكدا أنه بلد “يستحق الدعم حتى يتمكن من تجاوز هذا الظرف الصعب”.
ولدى تطرقه للعلاقات مع الصين، أكد رئيس الجمهورية قائلا: “تجمعنا صداقة ضاربة في عمق التاريخ”. وبخصوص العلاقات الجزائرية-الإيطالية، أوضح رئيس الجمهورية أنه “بخلاف اليمين المتطرف الفرنسي، لدينا علاقات ممتازة مع اليمين المتطرف الإيطالي، خاصة وأننا ليس لدينا أي خلاف، سواء تعلق بالذاكرة أو غير ذلك، إذ كانت إيطاليا على الدوام شريكا موثوقا للغاية”.
علاقاتنا ظلت جيدة مع جميع الرؤساء الأمريكيين
وبشأن العلاقات الجزائرية- الأمريكية، كشف الرئيس عبد المجيد تبون، أن العلاقات ظلت جيدة مع جميع الرؤساء الأمريكيين سواء كانوا ديمقراطيين أو جمهوريين. قائلا: “لن ننسى أبدًا أن الولايات المتحدة عرضت المسألة الجزائرية على الأمم المتحدة إبان حرب التحرير”. مضيفا أن: “الولايات المتحدة الأمريكية هي الوحيدة التي لديها مدينة تحمل اسم بطلنا القومي الأمير عبد القادر”.
كما سلط الرئيس تبون الضوء على التعاون الوثيق بين البلدين في مختلف المجالات، موضحا أن “أكبر مشاريعنا في عهد الرؤساء هواري بومدين، الشاذلي بن جديد، وعبد العزيز بوتفليقة تم إنجازها مع الأمريكيين، خاصة في قطاع المحروقات ومجالات أخرى.”وردا عن سؤال يتعلق بالتعاون الاقتصادي مع الصين، أوضح رئيس الجمهورية أن «الصينيين يهتمون بعدة قطاعات نشاط (في الجزائر), انطلاقا من أحدث التكنولوجيات إلى الإلكترونيات، مرورا بالتكنولوجيا الرقمية وبطاريات الليثيوم، حيث أننا نمتلك هذه المادة الأولية». وذكر في هذا الصدد بأن المتعاملين الصينيين «جاؤوا في البداية لبناء مساكن، ما أثار استياء المجموعات الفرنسية على غرار بويج», الذي كان مهتما بصفقة جامع الجزائر. وقال في هذا الصدد: «لقد قدم الصينيون أفضل العروض بأقصر الآجال، ونحن راضون عن خدماتهم». كما أشاد رئيس الجمهورية بالتعاون مع إيطاليا، التي «كانت دائما شريكا موثوقا للغاية».
وأردف قائلا: «أصدقاؤنا الإيطاليون ذوو نوايا حسنة. نحن نساعد بعضنا البعض، وإيطاليا تعزز مواقعها الاقتصادية كل سنة».
ع سمير
الرئيس تبون يؤكد رحيله بعد نهاية عهدته الثانية
ليـــس لـدي أي نيــــة للبقـــاء في السلطــــة وسأحتـــرم الدستــــور
* البحث عن إجماع من أجل الإصلاحات وإنشاء بنك للجماعات المحلية * الجزائر ستصبح بلدا ناشئا خلال عامين
أكد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أنه لا ينوي البقاء في السلطة بعد انتهاء عهدته الثانية وأنه سيحترم الدستور، ملتزما بترك بنية تحتية جديدة وورشات كبرى وإصلاح للنظام السياسي. وقال إن الجزائر ستصبح بلدا ناشئا بمستوى دول جنوب أوروبا، على الأرجح خلال عامين.
تحدث رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، في حواره مع صحيفة «لوبينيون» الفرنسية عن الشأن الداخلي، حيث رد على سؤال حول احتمال استمراره في الحكم بعد انقضاء ولايته الرئاسية الحالية في عام 2029، قال تبون: «ليس لدي أي نية للبقاء في السلطة وسأحترم الدستور الجزائري»، حيث يمنع الدستور الجزائري الترشح لولاية رئاسية ثالثة ويحدد العهدات الرئاسية بعهدتين فقط، ما يغلق الباب مبكرا أمام كل التأويلات السياسية التي تلمح إلى إمكانية تعديل الدستور لفتح العهدات الرئاسية.
وقال رئيس الجمهورية: «عند وصولي إلى سدة الحكم، كان من الضروري إعادة بناء المؤسسات في وقت قصير جدا، ورغم أن الأزمة الصحية صعبت الأمر أكثر، إلا أننا أوفينا بالتزاماتنا وقمنا بمراجعة الدستور». وأوضح بالقول «تعد هذه العهدة الثانية عهدة استكمال الورشات الكبرى التي انطلقت منذ 2020، مضيفا «مررنا بمراحل صعبة –من العشرية السوداء إلى نهاية عهدة الرئيس بوتفليقة ثم الحراك- كادت أن تعصف بالبلد».
وفي رده على سؤال حول التطورات السياسية والمؤسساتية المنتظرة في هذه العهدة الثانية، ذكر رئيس الجمهورية أنه «يستقبل فعلا مختلف التشكيلات السياسية”. وأضاف: «سنتوصل إلى إجماع من أجل إصلاح قانون الأحزاب ونظام الانتخابات وقانوني البلدية والولاية، كما سنعزز اقتصاد هذه المناطق من خلال إنشاء بنك للجماعات المحلية».
وفي رد على سؤال حول الإرث الذي يرغب في تركه للجزائر عند نهاية عهدته، أكد رئيس الجمهورية: «ليس لدي أي نية للبقاء في السلطة وسأحترم الدستور (الذي يحدد عهدتين رئاسيتين فقط)»، ملتزما «بترك بنية تحتية جديدة وورشات كبرى وإصلاح للنظام السياسي»، مضيفا «حتى لو لم أتمكن من تحقيق كل شيء سيكون لي الفضل في أن أظهر للجزائريين أن ذلك كان ممكنا وستكون الطريق ممهدة وعلى الأجيال القادمة إتمام العمل».
الجزائر ستصبح بلدا ناشئا خلال عامين
من جانب آخر، أكد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أن الجزائر ستصبح بلدا ناشئا بمستوى دول جنوب أوروبا، على الأرجح خلال عامين، وقال: «بمشيئة الله، ربما في غضون عامين كحد أقصى، ستصبح الجزائر بلدا ناشئا بمستوى دول جنوب أوروبا، مع ناتج داخلي خام يتجاوز 400 مليار دولار».
وأضاف أنه «مع بداية 2027 على أقصى تقدير، سنكون قد استكملنا تنفيذ برنامجنا لإنجاز 5ر3 مليون وحدة سكنية –وقد تم بالفعل تسليم مليوني وحدة منها- وسنكون قد انتهينا أيضا من مشكلة المياه، كما سنكون قد خفضنا استيراد المواد الأولية لمصانعنا. فهدفنا يتمثل في تصنيع أكبر عدد ممكن من المنتجات محليا. وسنصبح من بين أكبر الدول المصدرة للفوسفات ومشتقاته. كما سنعمل على تطوير الطاقة الشمسية وإنتاج الهيدروجين الأخضر، وهو مورد جديد سيعزز جاذبية الجزائر الصناعية».
وأوضح رئيس الجمهورية أن هذه الإستراتيجية «ستمكننا أيضا من زيادة قدرتنا على تزويد أوروبا بالطاقة», مشيرا إلى أن الجزائر تعمل كذلك على تعزيز أمنها الغذائي وتعبئة المزيد من الموارد المائية.
ميزانية الجزائر تبلغ 130 مليار دولار سنويا
وردا على سؤال بخصوص «المساعدات» الفرنسية للتنمية المقدمة للجزائر وإمكانية إلغائها، اعتبر رئيس الجمهورية أن أي دعوة لإلغاء هذه «المساعدات» تعكس ببساطة «جهلا عميقا بالجزائر». وقال، في هذا الصدد، إنها «تتراوح بين 20 و30 مليون دولار سنويا، بينما تبلغ ميزانية الدولة الجزائرية 130 مليار دولار، وليس لدينا ديون خارجية». كما ذكر بأن الجزائر «تمول سنويا 6 آلاف منحة دراسية لفائدة الطلبة الأفارقة، علاوة على طريق يربط الجزائر بموريتانيا بتكلفة تفوق مليار دولار، كما قامت مؤخرا بإلغاء ديون قيمتها 4ر1 مليار دولار لصالح 12 دولة أفريقية».
وأكد رئيس الجمهورية بوضوح أن الجزائر ليست بحاجة إلى هذه «المساعدات», التي لا تخدم في الحقيقة سوى المصالح الفرنسية. وقال بحزم «لسنا بحاجة إلى هذه الأموال التي تخدم قبل كل شيء المصالح الخارجية لفرنسا».
مراجعة اتفاقية الشراكة «ضرورة»
وردا عن سؤال حول الأسباب التي دفعت الجزائر إلى طلب مراجعة اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، أوضح رئيس الجمهورية أن هذا الطلب يمليه حرص البلاد، التي تزخر بإنتاج صناعي متنوع، على رؤية صادراتها تلج السوق الأوروبية بشروط تفضيلية. وأضاف أن «طموحنا في مجال التصدير يتعزز: في سنة 2005, لم يكن لدينا إنتاج يذكر عدا المحروقات. اليوم، لدينا إنتاج صناعي وطني».
وأوضح رئيس الجمهورية في هذا الصدد أن «جميع الأجهزة الكهرو-منزلية جزائرية. وتدر زراعتنا، وفقا لمنظمة الأغذية والزراعة, 37 مليار دولار سنويا. ونحن نصدر المنتجات البقولية إلى تونس وموريتانيا والشرق الأوسط», ملحا على ضرورة «مراجعة الاتفاقية لكي تتمكن منتجاتنا الفلاحية وفولاذنا من ولوج السوق الأوروبية بشروط تفضيلية».
ع سمير