يشرف الوزير الأول، السيد نذير العرباوي، بتكليف من رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، اليوم السبت بولاية الكاف التونسية، مناصفة مع نظيره رئيس الحكومة التونسية، السيد كمال المدوري، على مراسم إحياء الذكرى الـ 67 لأحداث ساقية سيدي يوسف، حسب ما أفاد به أمس الجمعة بيان لمصالح الوزير الأول. وأوضح المصدر ذاته أنه «بتكليف من رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، سيحل الوزير الأول، السيد نذير العرباوي، السبت بولاية الكاف بالجمهورية التونسية، حيث سيشرف مناصفة مع نظيره رئيس الحكومة التونسية، السيد كمال المدوري، على مراسم إحياء الذكرى الـ 67 لأحداث ساقية سيدي يوسف». وستشكل هذه المناسبة --مثلما أشار إليه البيان-- «فرصة لاستذكار التضحيات والتاريخ النضالي المشترك للشعبين الجزائري والتونسي ضد الاستعمار الفرنسي من أجل استرجاع الحرية والكرامة، فضلا عن استعراض وبحث سبل تعزيز التعاون الثنائي وفق الرؤية المشتركة لقائدي البلدين، رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، وأخيه سيادة الرئيس، السيد قيس سعيد، الهادفة لتجسيد شراكة استراتيجية فاعلة بين البلدين». وسيرافق الوزير الأول خلال هذه الزيارة، كل من وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، السيد إبراهيم مراد، ووزير المجاهدين وذوي الحقوق، السيد العيد ربيقة، بالإضافة إلى كاتب الدولة المكلف بالجالية الوطنية بالخارج، السيد سفيان شايب، وفقا لنفس المصدر. و تعتبر قرية ساقية سيدي يوسف التي تعرضت ذات 8 فيفري 1958 إلى هجوم من قبل القوات الجوية للمستعمر الفرنسي أسفر عن استشهاد العشرات وجرح المئات من التونسيين والجزائريين مثالا حيا عن همجية الاستعمار الفرنسي وانتهاجه لأسلوب العقاب الجماعي لكل ما من شأنه تقديم العون والمساعدة لعناصر جيش التحرير الوطني في كفاحه ضد المستعمر الفرنسي. وتستمد ساقية سيدي يوسف التونسية أهميتها البالغة بالنسبة لثورة الفاتح من نوفمبر 1954 من موقعها الاستراتيجي على الحدود المشتركة بين الجزائر وتونس، مما حولها إلى ملاذ للمجاهدين الجزائريين للتزود بالأسلحة والمؤونة، كونها قريبة جدا من مدينة لحدادة التابعة لولاية سوق أهراس. وبالنظر لذلك، أصبحت ساقية سيدي يوسف محل استهداف مستمر لقوات الاحتلال الفرنسي بشنه لهجمات مسلحة في أكثر من مناسبة عقابا على مساندتها لجيش التحرير وتعبيرها عن تضامنها ودعمها للثورة الجزائرية. وبالعودة إلى المصادر التاريخية، فإن ساقية سيدي يوسف تعرضت لأول هجوم مسلح في سياق ملاحقة عناصر جيش التحرير الوطني يومي 1 و2 أكتوبر1957 ثم يوم 30 جانفي 1958، وكان الهجومان تمهيدا لمجزرة أكبر وأبشع تم خلالها سفك الكثير من الدماء وبقيت شاهدة على وحشية الاحتلال. وأمام الدعم الكبير الذي تحصلت عليه الثورة الجزائرية من مختلف المكونات السياسية والمدنية في تونس ومن عديد المناطق الحدودية بين البلدين، لجأ الاحتلال الفرنسي إلى التخطيط لهجوم كبير يهدف إلى إحداث القطيعة بين الشعبين الشقيقين والدفع بالتونسيين إلى التخلي عن دعم ثورة التحرير الجزائرية. ولتحقيق مبتغاه، قام المحتل الفرنسي بتوجيه نيرانه ومدافعه يوم 8 فيفري 1958 نحو ساقية سيدي يوسف التونسية الحدودية ولم يكن اختيار ذلك التاريخ صدفة، بل لتزامنه مع السوق الأسبوعية في المدينة التي يحتشد فيها عدد كبير من المدنيين التونسيين ويتوافد عليها عدد كبير من الجزائريين لتسلم المساعدات الغذائية من المنظمات الإنسانية. ومع حلول الساعات الأولى من صباح ذلك اليوم، غطت أسراب من الطائرات القاذفة والمطاردة سماء ساقية سيدي يوسف وشنت غارات وقصفا متواصلا استمر أكثر من ساعة مستهدفا --حسب ما ذكرته مصادر تاريخية-- مبان حكومية ومدارس ابتدائية والعديد من المحلات والمنازل. ووفق إحصائيات رسمية، فإن الهجوم الذي امتزجت فيه دماء الشعبين الشقيقين أسفر عن سقوط 68 شهيدا من الجزائريين والتونسيين من بينهم أطفال ونساء. وقد أثارت مجزرة ساقية سيدي يوسف ضجة إعلامية دولية عكس ما كان يأمل المستعمر الفرنسي الذي اعتقد أنه بردع التونسيين سيقضي على دعم الثورة الجزائرية. ويحيي الشعبان الجزائري والتونسي منذ ذلك التاريخ هذه الذكرى التي تبقى شاهدا على التضامن المشترك بين البلدين في مقاومة الاستعمار الفرنسي.