أكد الخبير الاقتصادي الدولي في الصناعة المالية الإسلامية، محمد بوجلال أمس، أن تجربة الشبابيك الإسلامية قد لاقت نجاحا كبيرا سواء على مستوى البنوك العمومية أو البنوك الخاصة، مبرزا بأن هذه الشبابيك قد بلغت مرحلة النضج والتشبع إلى درجة أن طاقتها الاستيعابية البشرية والمادية لم تعد قادرة على استقبال طلبات الجمهور المتعلقة بفتح حسابات جارية أو ادخارية أو طلبات التمويل المقدمة من طرف المتعاملين الاقتصاديين. وفي محاضرة قدمها بمقر المجلس الإسلامي الأعلى بعنوان ‘’منظومة التمويل الإسلامي بين الواقع والمأمول: معالم للارتقاء بالصناعة المالية في الجزائر»، أكد الدكتور بوجلال وهو عضو بالمجلس الإسلامي الأعلى، أن الصناعة المالية في الجزائر حققت نجاحا كبيرا في ظرف زمني وجيز، معتبرا بأن الوضع الحالي يقتضي القيام بنقلة نوعية في الأداء، وأعرب عن يقينه بأن ثمة حاجة ملحة، لترقية الشبابيك إلى بنوك مستقلة متخصصة حصريا في الصيرفة الإسلامية’’. وفي ذات السياق سجل المتدخل بأن الصناعة المالية الإسلامية لم تستكمل بعد بناءها التنظيمي والقانوني على المستوى المهني، حيث "ما زلنا – كما قال - ننتظر إنشاء مجلس التنسيق المهني الذي سيرتقي بالتجربة إلى رحاب أوسع من خلال تقديم المقترحات المفيدة لأداء أفضل لمنظومة التمويل الإسلامي"، مشيرا في ذات الوقت إلى أن هنالك مجالات تنتظر التأقلم مع الصناعة الجديدة الأمر الذي يتطلب تعديل بعض المراسيم التنفيذية على غرار المرسوم التنفيذي 24208 الذي يحدد شروط الالتحاق بمهنة الموثق وممارستها، حيث أن تطبيق صيغة المرابحة في الممتلكات العقارية مثلا – كما ذكر - يجعل الزبون يتحمل أتعاب الموثق مرتين. وفي هذا الصدد يقترح عددا من الحلول لتجاوز التحديات والارتقاء بالتجربة نحو الأفضل من بينها "ضرورة إنشاء بنكين عموميين متخصصين في الصيرفة الإسلامية يكون بمقدورهما استيعاب الطلب المتزايد على منتجات الصناعة الجديدة إيداعا وتمويلا". كما اقترح الإسراع في إنشاء مجلس التنسيق المهني للمالية الإسلامية الذي اقترحه المجلس الإسلامي الأعلى ولقي – كما قال - استجابة من الهيئات الوصية، والذي سيلعب - حسبه، دور المرافق المهني للصناعة جنبا إلى جنب مع المرافقة الشرعية التي يقوم بها المجلس الإسلامي الأعلى.
ومن بين الاقتراحات التي قدمها الدكتور بوجلال ‘’ التعجيل بإصدار أول صكوك سيادية لتمكين بنك الجزائر من تنويع أدوات السوق النقدية لتحقيق أهداف السياسة النقدية من جهة، وتمكين شركات التأمين التكافلي والمصارف الإسلامية من توظيف أموالها في أدوات متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية». كما دعا المتحدث، المستثمرين إلى إنشاء بنك إسلامي خاص بأموال محلية، مسجلا في هذا الصدد أن الساحة المصرفية في الجزائر تتوفر على 21 بنكا، منها سبعة عمومية و 13 بنكا خاصا برؤوس أموال أجنبية وبنك واحد مختلط هو بنك البركة الجزائري، و أضاف، ‘’بمعنى لا يوجد بنك خاص برؤوس أموال محلية’’. من جهته أكد رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، السيد مبروك زيد الخير، أن «المجلس ما فتئ منذ عشر سنوات يؤسس للصيرفة الإسلامية، و يرعى مراحل تطويرها وتكييفها مع الواقع»، مبرزا دور المجلس في الإشراف على شهادات المطابقة لتحريك ديناميكية العمل المصرفي.
وفي هذا الخصوص، أشار إلى أن الاستثمار الإسلامي يعد الآلية الأجدر لتوخي المقاصد العليا للشريعة، والتي تبقى صالحة لكل زمان و مكان. من جهته، اعتبر عميد جامع الجزائر، الشيخ محمد المأمون القاسمي الحسني، أن الاعتماد على النظام المالي الإسلامي يعني العمل بنظام عادل، مشددا على ضرورة ابتعاد المصارف الإسلامية عن كل المظاهر التي تقربها من هوية البنوك التقليدية، مع العمل على استكمال صيغ المعاملات الإسلامية في الاستثمار و الخدمات المصرفية. ودعا بذات المناسبة المؤسسات المصرفية إلى أن يكون لها دور وأثر ملموس في خلق فرص العمل من خلال أدوات تمويل سليمة و تشغيل المشروعات النافعة. وخلال المناقشة، قدم خبراء وباحثون في المجال الاقتصادي،عديد المقترحات التي ترمي إلى تطوير العمل بهذه الصيغة المصرفية،على غرار ضرورة توجه المؤسسات المالية نحو فتح شبابيك للصيرفة الإسلامية و توسيع باقة المنتجات الإسلامية التمويلية، بما فيها تلك التي تعنى بالقطاع الفلاحي، إلى جانب إنشاء بنوك خاصة مختصة في الصيرفة الإسلامية. ع.أسابع