كشف رئيس الهيئة المدنية لإدماج ذوي السوابق العدلية والوقاية من العود، السيد حميدني عمار، أمس الأربعاء، عن إطلاق برنامج واسع بمشاركة وزارات التضامن والشؤون الدينية والعدل، إلى جانب مصالح الأمن والدرك الوطنيين، لإعادة إدماج المسبوقين قضائيا في المجتمع، بمساعدتهم على الالتحاق مجددا بمناصب عملهم بعد استيفاء مدة العقوبة، أو إقامة مشاريع مصغرة، فضلا عن الإصغاء لمشاكلهم لانتشالهم من دائرة الانحراف والإجرام، حتى لا يقعوا فرائس بين أيادي الجماعات الإرهابية التي تعمد إلى تجنيد ذوي السوابق العدلية الذين تسد أمامهم كافة المنافذ لاستئناف حياتهم العادية، إلى جانب حمايتهم من الأطراف التي تسعى لاستعمالهم في إثارة الفوضى والأعمال التخريبية، على غرار الأحداث التي شهدتها مؤخرا ولاية بجاية وغرداية والعاصمة سابقا، بهدف ضمان أمن واستقرار المجتمع، وقدر المتحدث في منتدى يومية المجاهد نسبة العودة مجددا إلى طريق الإجرام آو الانحراف من قبل المسبوقين بـ 67 في المائة، وهي جد مرتفعة مقارنة ببلدان متقدمة، من بينها كندا التي لا تفوق فيها نسبة العود 0.3 بالمائة، مما مكنها سنة 2014 من غلق 8 مؤسسات عقابية.
ومن المزمع أن تنظم أولى الجلسات الوطنية لمناقشة احتياجات ومشاكل ذوي السوابق العدلية ما بين 15 و20 مارس، بحضور ممثلي عدة قطاعات وزارية وفاعلين وخبراء، بالموازاة مع الشروع في التحضير لإنجاز المركز الجزائري للإصغاء والاستقبال والتكفل والإدماج لذوي السوابق بالعاصمة، الذي سيكون بمثابة حلقة تواصل مع هذه الشريحة والتكفل بها، وإبعادها عن دائرة الشبهات وطريق الإجرام، وفق تأكيد المكلف بالإعلام للهيئة المدنية لإدماج ذوي السوابق العدلية السيد جمال نايلي، وهو مختص في الصحة النفسية، موضحا أن الغرض الأساسي من نشاط الهيئة هو تفكيك النواة الإجرامية في المجتمع، التي تسعى دائما إلى استقطاب واستغلال المسبوقين قضائيا، عن طريق عزل هذه الفئة عن دائرة الشبهات والتكفل باحتياجاتها، بالتنسيق مع قطاعات عدة، خاصة الدرك والأمن الوطنيين، إلى جانب إدارة السجون، حيث تسعى الهيئة لتمكينها من دخول المؤسسات العقابية، التي تخضع لشروط أمنية صارمة.
وتسعى الهيئة للتنسيق مع وزارة الشؤون الدينية، عن طريق إقحام الأئمة في التعريف بالمهام التي تقوم بها، فضلا عن محاولة استغلال بعض الأملاك الوقفية في إقامة مقرات فرعية لاستقبال المنتسبين لها من المسبوقين قضائيا الذين يبحثون عن يد المساعدة، إلى جانب الاتصال برجال الأعمال والصناعيين لمساعدة هذه الشريحة من المجتمع، وكذا أسر المسبوقين قضائيا، حيث قامت الهيئة بمساعدة نساء قضوا عقوبة الحبس في الاستفادة من دورات تكوينية في مجال الخياطة، وفتح ورشات صغيرة، إلى جانب إعانة شباب آخرين مسبوقين قضائيا على ممارسة نشاطات في مجال الفلاحة وتربية المواشي، بإبرام شراكة مع شباب آخرين، كما تم تمكين إطارات وموظفين دخلوا السجن لأسباب مختلفة، من بينهم من تورطوا في ارتكاب أخطاء مهنية أو تجاوزات، في العودة إلى مناصبهم أو تحويلهم إلى مناصب أخرى، في حين بلغ العدد الإجمالي لأسر المسجونين المتكفل بهم من طرف الهيئة منذ تأسيسها سنة 2003، إلى غاية اعتمادها رسميا سنة 2013 حوالي 1080 عائلة، مع إدماج ما يقارب 2000 مسجون، من بينهم سجينات.وبحسب السيد حميدني عمار، فإنه بصفته محاميا ويتعامل مع المحاكم باستمرار، وقف على حجم العراقيل التي تواجه المسبوقين قضائيا في استئناف الحياة الطبيعية، من بينهم موظفين وإطارات بعضهم قضى عقوبة لا تزيد عن ثلاثة أشهر، لكنهم وجدوا صعوبات في العودة إلى مناصبهم، مضيفا أن المسجونين ليسوا جميعهم منحرفين بل هم خليطا من المجتمع، غير أن دخولهم المؤسسات العقابية يجعلهم في غالب الأحيان عناصر غير فاعلة في المجتمع، مما يدفع بالكثير منهم إلى ارتكاب أخطاء ودخول السجن من جديد، رافضا بشدة أن تتحول شهادة السوابق العدلية إلى دليل للإدانة.
لطيفة بلحاج