* أويحيى: الميثاق لن ينهي القطاع العمومي
• الهدف من الميثاق وضع إطار مرجعي وتذليل كل الخلافات القانونية والمتعلقة بالتسيير
وقعت أطراف الثلاثية، الحكومة، الاتحاد العام للعمال الجزائريين ومنظمات أرباب العمل، أمس على ميثاق الشراكة بين القطاعين العمومي الذي يؤسس لعهد جديد من الشراكة والتعاون بين القطاعات الاقتصادية العمومية والخاصة في مواجهة الأزمة المالية الكبيرة التي تمر بها البلاد.
وقد جرى حفل التوقيع على هذا الميثاق بدار الشعب مقر الاتحاد العام للعمال الجزائريين بحضور الوزير الأول أحمد أويحيى، والأمين العام للمركزية النقابية عبد المجيد سيدي السعيد، ورؤساء عدد من منظمات أرباب العمل، والرؤساء المديرون العامون لعدد من المؤسسات الاقتصادية العمومية الكبرى على غرار سوناطراك وسنونلغاز ومحافظ بنك الجزائر.
وقد وقع كل من الوزير الأول، أحمد أويحيى، والأمين العام للمركزية النقابية، عبد المجيد سيدي السعيد، وعلي حداد رئيس منتدى رؤساء المؤسسات أيضا على هذا الميثاق، الذي سيفتح صفحة جديدة من التعاون بين القطاع الاقتصادي العمومي والخاص من أجل إعطاء وتيرة جديدة للاقتصاد الوطني في هذه المرحلة، كما قال أحمد أويحيى.
ويهدف هذا الميثاق إلى وضع إطار مرجعي أمام كل المتدخلين العموميين في مسار الشراكة يوضح مختلف الخطوات التي يجب القيام بها لعقد شراكة قطاعية ومتابعتها، وهو يمر في المقام الأول بتذليل كل الخلافات ذات الطابع التسييري والقانوني التي يمكن أن تعترض مسار الشراكة، و جمع كل الأحكام والإجراءات المتعلقة به في وثيقة واحدة الصادرة عن مجلس مساهمات الدولة، كما يوضح كل المسؤوليات المؤسساتية المتعلقة بقيادة ومتابعة عمليات الشراكة.
ويبين الميثاق أنواع الشراكة التي يمكن أن تتم في إطاره، وهي إما شراكة تعاقدية خالصة مع أو دون شخصية معنوية، وهذا النوع يرتكز على عدة عقود تعاون.
أما النوع الثاني من الشراكات فهو الذي يتمحور حول خلق كيان، قد يكون في شكل مجموعة من المؤسسات، شركات تضامن جماعية، أو شركات توصية أو شركات مدنية، أو تجارية.
أما مجال تطبيق هذا الميثاق فيخص كل الشركات الوطنية العمومية والخاصة النشطة في كل القطاعات، وأيضا المؤسسات ذات الطابع التجاري، والهيئات التابعة للدولة والكيانات الفلاحية، وينفذ حصريا في خلق شركات مزدوجة، فتح الرأسمال الاجتماعي لمؤسسة عمومية أو أخذ حصص في شركات متعددة الأطراف موجودة.
كما يحدد الميثاق أشكال الشراكة المسموح بها وهي مع طرف أو عدة أطراف برأسمال مقيم، او برأسمال غير مقيم، أو مع شركات عمومية أخرى.
ولما يتم العقد بين طرفين أو عدة أطراف ذات رأسمال مقيم فإن حصة الشركة المعنية أو فرعها لا ينبغي أن تقل عن 34 من المائة من الرأسمال الاجتماعي، ولما تضم الشراكة طرفا أو عدة أطراف مقيمين أو طرفا أو عدة أطراف غير مقيمين فإن حصة هذا الأخير أو الأخيرين لا ينبغي أن تتجاوز نسبة 49 من المائة، وعندما تضم الشراكة أطرافا غير مقيمة فإن حصة الشركة المعنية أو فرعها لا ينبغي أن تقل عن 51 من المائة من الرأسمال الاجتماعي ويتم الإبقاء على نفس النسب في حال وقع تنازل.
أما بالنسبة للتمويل فإن أي مؤسسة مسؤولة عن تمويل شراكاتها، أما اللجوء إلى التمويل الخارجي فهو يخضع للقانون المعمول به و للموافقة المسبقة من الحكومة.
أما المتدخلون في عمليات الشراكة فقد حددهم الميثاق في مجلس مساهمات الدولة، أمانة مجلس مساهمات الدولة، الوزير المعني بالرقابة والمؤسسة في حد ذاتها ومجلس إدارتها.
أما الشريك الاجتماعي فله الحق في أن يعلم بكل علميات الشراكة التي تعقدها المؤسسات العمومية وفق ما تضمنته بنود هذا الميثاق، ويوضح الميثاق في فصول أخرى كيفيات إقامة وإعداد عقود الشراكة، و مسارات التفاوض وغيرها من الأمور التقنية المتعلقة بعمليات الشراكة بوجه عام.
من شأن هذا الميثاق أن يكرس بالفعل وحدة المؤسسة الاقتصادية الجزائرية بغض النظر عن طبيعتها القانونية، ويساهم في تنويع الاقتصاد الوطني وتفضيل المنتوج الوطني على المستورد، وهو ما أكدت عليه كل الأطراف التي كانت حاضرة أمس بدار الشعب.
كما يعتبر الميثاق الموقع أمس أيضا تتويجا لمسار طويل من الحوار الاجتماعي بين أطراف الثلاثية والتعاون والتنسيق والالتزام ببناء اقتصاد وطني قوي يقوم على المؤسسة الاقتصادية الوطنية عمومية كانت أم خاصة.
ويفتح الميثاق الباب أمام المتعاملين الاقتصاديين الخواص للمساهمة في رأس مال الشركات الوطنية الصغيرة، وأيضا استفادتهم من المزيد من المزايا والتسهيلات في مجال الاستثمار في ظل القوانين المنظمة له والمعمول بها.
إلياس -ب
أويحيى خلال التوقيع عليه أمس بدار الشعب
ميثاق الشراكــة عمومي- خـاص قفزة نوعية هــامـة لبنــاء الاقتصــاد الوطني
• فتح رأسمال الشركات الصغيرة والمتوسطة لن ينهي القطاع العمومي • على الخواص الانخراط في المسار الجديد للاقتصاد الوطني وهناك تسهيلات كبيرة لهم
وصف الوزير الأول، أحمد أويحيى، التوقيع على ميثاق الشراكة بين القطاعين العمومي والخاص بين أطراف الثلاثية أمس بالقفزة النوعية والهامة، وهو جواب على بعض الخطابات السياسية التي تريد الجمود للاقتصاد الوطني، وشرح المقاربة الاقتصادية والاجتماعية التي أقرتها الحكومة من أجل مواجهة الوضع المالي الصعب الذي تمر به البلاد في الوقت الحالي جراء تراجع إيرادات المحروقات.
وقد اعتبر الوزير الأول في تصريح له بعد الاجتماع الذي ضم أمس بدار الشعب أطراف الثلاثية بمناسبة التوقيع على ميثاق الشراكة بين القطاعين العمومي والخاص، اللقاء «بالنقلة النوعية كونه جرى بمقر الاتحاد العام للعمال الجزائريين من أجل تجديد عهد الشراكة بين القطاعات الاقتصادية العمومية والخاصة والمختلطة دون أي عقدة».
وواصل يقول بأن اللقاء جواب على بعض الخطب السياسية التي تريد الجمود لاقتصاد الجزائر، وأن يقع لها ما وقع لسفينة «التيتانيك» الشهيرة التي تنتظر في وقت العواصف فقط الغرق.
أما بشأن محتوى هذا الميثاق الموقّع بين أطراف الثلاثية فقد أوضح الوزير الأول أنه موجود في القوانين، على غرار قانون الخوصصة والاستثمار والشراكة، لكن كونه أن يمضى اليوم من طرف الفاعلين من ممثلي العمال و المتعاملين الاقتصاديين والحكومة يعطيه «نقلة نوعية هامة»، مضيفا بأن هذا الميثاق «يساهم في إعطاء قفزة إضافية لوتيرة بناء الاقتصاد الوطني».
وفي دفاعه عن الخيارات الاقتصادية التي أقرتها الحكومة شدد الوزير الأول هنا على أنه يجب أن نعيش في مستوانا كعائلة كبيرة وأنه من غير الممكن أن نستمر في هذا النزيف حيث يتقلص احتياطي الصرف كل عام بـ 20 إلى 25 مليار دولار، ما يعني أننا سنسير بعد أربع سنوات إلى الاستدانة الخارجية، ونلجأ إلى صندوق النقد الدولي ونحن نعرف جحيم هذه المؤسسة.
وردا عن سؤال حول فتح رأسمال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة للخواص و هل يمكن أن يؤدي ذلك إلى نهاية القطاع العام؟ طمأن الوزير الأول بأن القطاع العمومي باق وهو ثروة وطنية مثل الشركات الخاصة لكن الحكومة تريد له أن يتطور وتزيد من مردوديته.
وأوضح في رده عن السؤال بأن قانون فتح رأسمال الشركات الصغيرة موجود منذ سبع سنوات، وينص على إعطاء نسبة 34 من المائة للخواص مقابل 66 للدولة، مشددا على أن الشريك سيطبق كل ما يتفق عليه في دفتر الشروط مثل المزيد من الاستثمار وخلق مناصب العمل.
ثم تساءل أويحيى «برأيكم ستبقى الدولة تدعم شركات صناعة الأجر أم تدعم سياسة السكن التي تأوي المواطنين؟ وهل تبقى تتكفل بالمطاحن أم تقوم بدورها في دعم المداخيل الضعيفة في مواجهة حاجيات السوق؟، وفي الخلاصة طمأن المتحدث بأن هذا لن «ينهي الشركات العمومية» التي هي ثروة وطنية مثل الشركات الخاصة لكن لابد أن تتطور وتزيد من مردوديتها.
أما بشأن النموذج الاقتصادي الجديد للنمو فقد اعترف الوزير الأول بأن مساره المالي كان مزيفا من البداية، مستدلا على ذلك بالأرقام التي جاء بها قانون المالية لسنة 2016، وبرأيه فإن العجز المالي الذي كان يتم الحديث عنه لم يذكر الألف مليار دينار كلفة الصفقات التي لم تسدد، ثم تحدث عن توجه مالي جديد لتصحيح هذا الوضع اليوم بعد أن وافق البرلمان على تعديل قانون النقد والقرض الذي أعطى مصدرا للرجوع إلى التوازن المالي مع حلول سنة 2022.
ودائما في دفاعه عن هذا التوجه قلّل المتحدث من شأن المعارضين له وقال أن كل طرف يستعمل كلمة في مكان أخرى، لكن الأهم أننا بصدد التحوّل من اقتصاد ما زالت له مفاهيم في المجتمع
و الإدارات والمقاولين نحو اقتصاد سوق ذو طابع اجتماعي.
والأهم أيضا بالنسبة للمتحدث «أننا واجهنا الأزمة بكل صراحة وهذا ما يتركنا نتكلم عن غلق السوق والذهاب نحو الاقتراض من البنك المركزي حتى لا نبقى نحلم بالاستدانة من الخارج»، مشيرا إلى أنه حتى لو «فضلنا خيار الاستدانة الخارجية فلن نجد من يقرضنا 270 مليار دينار، أي ما يعادل 5 ملايير دولار في ظرف شهرين».
في معرض حديثه عن منع أكثر من ألف مادة من الدخول تحدث الوزير الأول على ضرورة حماية المنتوج الوطني، ووعد بمواصلة منع دخول مواد جديدة في كل مرة يغطي المنتوج الوطني احتياجاتها، وذلك لا يتعارض -حسبه - مع كل الالتزامات مع الاقتصاد العالمي وشركاء الجزائر الآخرين.
أويحيى الذي ذكّر في كلمته الافتتاحية بالمصاعب المالية الجدية التي تواجه البلاد جراء تراجع إيرادات المحروقات قال بالمقابل إنه من واجب البلاد أن تحافظ على مسار قوي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الذي بادر به رئيس الجمهورية منذ 1999 إلى جانب التشجيع على الاستثمار والاستجابة القوية لكافة أشكال الطلب على التشغيل.
ثم شرع الوزير الأول في شرح التدابير الهامة التي اتخذتها الحكومة لمواجهة هذا الوضع والتي ستجسد في سنة 2018 المقبلة، ومنها أن القروض التي منحها البنك المركزي للخزينة تسمح بإقفال السنة الحالية دون صعوبات، وثانيا أن نفس هذه القروض هي التي مكنت من تسوية نحو 207 مليار دينار من الديون المستحقة للمؤسسات العمومية والخاصة وحتى الأجنبية.
وفي المقام الثالث اتخذت الحكومة أيضا تدابير لتسوية كل الوضعيات التي لا تزال عالقة مع البنوك وقد سمح ذلك بضخ 1100 مليار دينار من السيولة الإضافية في البنوك العمومية، ما مكنها من التوفر على سيولة كافية لتمويل الاستثمار في ظل احترام القواعد المعمول بها.
أما في مجال الحفاظ على احتياطات الصرف فإن ذلك يحظى بجهد متواصل وسينطوي قانون المالية على تدابير تعريفية واعدة في هذا الصدد عبر رسوم جمركية ورسوم داخلية على منتجات استهلاكية مختلفة، يضاف إليه الشروع في بداية السنة في منع مؤقت لاستيراد الكثير من المنتجات المصنعة محليا، وهو ما من شانه أن يوفر حصصا من السوق للمؤسسات المحلية التي يتعين عليها رفع مستوى إنتاجيتها وتنافسيتها، وقال إن أجزاء من الاستهلاك المحلي مغطاة من المنتوج الوطني.
يضاف إلى كل ما سبق إصدار تعليمة تقضي بتسخير جميع الطلبيات العمومية للمؤسسات المحلية عدا في حال الاستثناء، كما أعلن أويحيى أيضا عن أن مسار إنجاز 50 منطقة صناعية قد انطلق في كامل البلاد والكثير منها ستستلم في 2018 مما يسمح بتوفير المزيد من العقار الصناعي.
وبمناسبة التوقيع على ميثاق الشراكة بين القطاعين العمومي و الخاص دعا الوزير الأول كل المتعاملين والمؤسسات الخاصة إلى الانخراط بقوة في المسار الاقتصادي الجديد الذي يعرفه الاقتصاد الوطني القائم على التنويع و فتح المجال أمام الاستثمار الخاص.
وبهذا الخصوص استعرض الوزير الأول أمام ممثلي منظمات أرباب العمل جملة من التدابير والإجراءات والتسهيلات التي اتخذتها الحكومة لصالح تشجيع الاستثمار الخاص وقال مؤكدا بأن «فتح الاقتصاد الوطني حتمية لا مفر منها».
وجدد الوزير الأول استعداد وعزم الحكومة على مساعدة المؤسسات الاقتصادية مهما كانت طبيعتها طبقا للعقد الوطني الاجتماعي والاقتصادي للنمو، وشدد على أن المؤسسة يجب أن تكون محركا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومحركا للتنوّع وخلق الثورة ومناصب الشغل.
وطمأن جميع ممثلي منظمات أرباب العمل بأن رسائلهم وصلت وبأنه لا فرق بين المؤسسة العمومية و الخاصة وأن العلاقة عضوية بينهما، وأن المؤسسة الاقتصادية الوطنية لا بد أن تلعب دورا أساسيا في خدمة الأمة، مذكرا في السياق بأن المؤسسة العمومية عرفت تحولا كبيرا منذ سنوات الثمانينيات، وفي انتظار نهاية هذا المسار فإن الدولة ستبقى تقوم بواجبها اتجاهها.
ودائما في معرض حديثه عن الإجراءات التي وضعتها الدولة لصالح المؤسسة الاقتصادية الوطنية تحدث أويحيى عن اللامركزية التي ستكون محل توجيهات بعد أيام من قبل رئيس الجمهورية، وثانيا تسهيل فتح رأس مال الشركات الصغيرة والمتوسطة في إطار القانون، ودعم كل استثمار مختلط عمومي –خاص في إطار قانوني، وتشجيع كل المؤسسات الخاصة في أي مسعى للمساهمة في تمويل تجسيد وتسيير المنشآت العمومية التي ستطلقها الدولة، وأخيرا تشجيع المؤسسات التي تبدي اهتمامها بخدمات المرفق العام بالامتياز على المستوى المحلي، وتحدث أيضا عن الاهتمام بقوة بقطاع الفلاحة ودعمه.
وفي الأخير حرص المتحدث أن الحكومة تشجع الشراكة العمومية والخاصة، مضيفا بأن معركة بهذا الحجم تتطلب اقتران الكثير من الجهود سيما جهود العمال والمتعاملين الاقتصاديين.
إلياس -ب