المنظومة التربوية والشبكات الاجتماعية أحدثت القطيعة بين الأديب و القراء
أكدت الباحثة الأمريكية إيرين تووهيغ، أن مشكل تكوين قراء الأدب عن طريق المنظومة التربوية في المدارس، أصبح ذو بعد عالمي ولا يقتصر فقط على الدول العربية أو الإفريقية، بل حتى في أمريكا التي يطرح فيها هذا الإشكال في جميع الأطوار التعليمية، مع اختلاف هو أن مشكل اللغة عموما غير مطروح في المنظومة التربوية بأمريكا، مثلما يتدخل في كل المسار التربوي والأدبي في الجزائر مثلا.
وقالت الباحثة إيرين هوويغ، وهي أستاذة للأدب المغاربي في جامعة جورج تاون بأمريكا، نهاية الأسبوع الماضي في ندوة بمركز الدراسات المغاربية بوهران عنوانها «المدرسة في الأدب والأدب في المدرسة، قراءة في المنظومة التربوية الجزائرية»، أن التحولات التكنولوجية و الانتشار الكبير للشبكات الاجتماعية، عمّق إشكالية وجود قراء للأدب في كل الفضاء العالمي، مشيرة بأنه رغم التحاق العديد من الأدباء والروائيين بهذه الشبكات الاجتماعية لنشر مؤلفاتهم، إلا أن التفاعلية بينهم وبين القراء الافتراضيين، تقتصر على الإطلاع على فقرات أو مختصرات من المؤلف فقط وليس القراءة الكلاسيكية للكتاب التي تكاد تختفي.
و أوضحت إيرين أن كل المؤلفات التي تناولها بحثها الخاص بأطروحة الدكتوراه، لم تحدد مقاييس أو نموذج معيّن لمنظومة تربوية قادرة على تكوين متمدرسين مطالعين للأدب، مما يعني أن الأمر ليس سهلا، مضيفة : «بالنسبة للعديد من المؤلفين الذين تناولوا هذه الإشكالية فإن تحفيز المتمدرسين منذ الصغر على القراءة و الاهتمام بالأدب والكتاب، هو إحدى السبل الممكن إتباعها لترسيخ هذه الممارسة مستقبلا».
و من خلال تجربتها الميدانية في الدول المغاربية، وجدت أن الوضع في الجزائر يختلف عن المغرب وتونس، باعتبار الفترة الاستعمارية الطويلة التي عانى منها الجزائريون أكثر من غيرهم، مما ترك آثارا واضحة على مسيرة الأدب، التي صبغت أيضا بفترة الإرهاب، وهذا ما أعطى لمسة خاصة وتناولا يحمل بين طياته القطيعة بين الأجيال، بينما في المغرب وتونس مثلما أضافت المتحدثة فقد حافظت المدرسة على ازدواجية اللغة مما أعطى للأدب بعدا مختلفا عن التأليف في الجزائر.
وكشفت الباحثة أنها بصدد إعداد بحث آخر سيكون مضمونه أول مؤلف لها، و الذي ستنطلق في تجسيده من الجزائر، آسرة بأنه يتمحور حول دور الكتب والحوليات المدرسية في المساهمة في تكوين قراء المستقبل للأدب والرواية، مضيفة أنها ستركز على الأدباء الذين اختارتهم الكتب المدرسية لتتضمن نصوصا من مؤلفاتهم.
و لاحظت الباحثة التي تسعى لدراسة تجربة كتاب يؤلفون باللغة الفرنسية، بأن هذه الفئة من المؤلفين تشعر بالإبعاد ضمن المنظومة التربوية الجزائرية بسبب اللغة التي هي بالنسبة لهم لغة كتابة أدبية، بينما يعتبرها القراء لغة المستعمر، أما المؤلفون باللغة العربية، فتتقلص عندهم مسافة القطيعة مع القراء، باعتبار العربية لغتهم الرسمية، خاصة بعد سياسة التعريب في السبعينات، و رغم هذا تبقى المقروئية مطروحة أيضا بالنسبة لهذه الفئة مثلما قالت.
و أجمعت تدخلات الحضور خاصة الأساتذة والمعلمين على أهمية التجارب و المبادرات الشخصية التي تصب في ضرورة اجتهاد المدرس في جميع الأطوار التربوية وحتى الجامعة، على كيفية تحفيز التلاميذ والطلبة على القراءة وعدم جعلها إلزامية تربوية فقط، مشيرين إلى إمكانية الاستعانة بقواعد تربوية وتكنولوجية، لحث القراء و تحفيزهم على القراءة حتى تصبح عادة وممارسة متواصلة.
هوارية ب