تتوجه الكاتبة والشاعرة آسيا عبد اللاوي، إلى الطفل بمضامين تربوية وتعليمية من خلال الشعر الغنائي، وأدب الناشئة، حيث تحرص على ترسيخ قيم حميدة لدى الصغار لاسيما الرفق بالحيوان والحفاظ على البيئة، وكذا استخدام هذا المحتوى كوسيلة لتصويب ألسنتهم حتى يتقنوا اللغة العربية الفصحى السليمة.
إيناس كبير
وترى عبد اللاوي، أنه أصبح من الضروري الاهتمام بالمحتوى الخاص بالطفل، وأن تكون البيئة الجزائرية بقيمها وأعرافها مصدرا له، وبالخصوص في ظل الحروب الثقافية التي تستهدف الناشئة عبر وسائل الاتصال الحديثة، حيث تُصدَّر لهم مضامين تسمم تفكيرهم وتدفعهم نحو عادات دخيلة بعضها قد يؤدي إلى الانحراف، أو اكتساب عادات سلبية خصوصا في الجانب الأخلاقي وتعاملهم مع آبائهم.
والمتابع لما يُنشر في هذا الجانب يستطيع التوصل إلى ما ذهبت إليه بعض القنوات الإلكترونية التي تكون غالبيتها مجهولة المصدر، أو تستخدم أطفالا لتحقيق مشاهدات، خصوصا على منصة «يوتيوب»، أين ينتشر محتوى يكون أبطاله أطفالا صغارا، يقلدون ما يقوم به البالغون، وقد تحولوا إلى نجوم «سوشل ميديا» تفاعلا مع يومياتهم أو القصص التي ينشرونها، ناهيك عن برامج ومقاطع مصورة قصيرة يتلقاها الطفل لساعات متواصلة، حيث تجدها أمهات وسيلة ناجعة لتهدئة صغارهن خصوصا أثناء قضائهن لبعض الأشغال. وقد انتشرت مؤخرا، تحذيرات بخصوص بعض الأغاني لشخصية كرتونية تُدعى «لولو» على المنصة ذاتها، ظاهرها تسلية الطفل، بينما ترسخ للتمرد على الأوامر باستخدام الصراخ، والتخويف باللجوء إلى نوبات الغضب.
أغاني تعليمية هادفة تكرس القيم
تقول الكاتبة والشاعرة الشابة آسيا عبد اللاوي، إنها كتبت عشرات الأغاني الموجهة للأطفال، وهي تخوض في مواضيع مختلفة أساسها التربية والتعليم، مثل التعريف بأسماء الحيوانات والحشرات والطيور والخضر، وحروف اللغة العربية وذكرت أيضا، أنها تحرص على زرع عادات صحية لديهم تساهم في بناء شخصيتهم، أما عن أكثر المواضيع التي تشغلها، فقد أشارت إلى اهتمامها بالحفاظ على البيئة والرفق بالحيوان.
وأوضحت عبد اللاوي، أن التلقين عن طريق الفن يساعد الطفل على التعلم بطريقة ممتعة، لأن تكرار ترديد الأغاني يجعل الصغير يتعلم مضمونها بسهولة ويحفظها باستمتاع وحماس.وتحرص الشاعرة على استخدام اللغة العربية الفصيحة والسليمة من الأخطاء اللغوية، لأن ترسخ بعض الكلمات أو تراكيب الجمل، بطريقة خاطئة في ذهن الطفل، يهدد البناء اللغوي لديه وذلك لسرعة حفظ الأغاني في ذاكرته.
وعرجت، للحديث عن خصوصية الجيل الجديد واختلاف عادات وأنماط التلقي لديه، وتأثره بالبيئة الرقمية التي جعلت من الجلوس أمام كتاب أو تلفاز فعلا تقليديا.
وعقبت المتحدثة قائلة :»أطفال اليوم يملكون خصائص تجعلهم يختلفون عن جيل التسعينات، فهم كبروا في بيئة رقمية هي المسؤولة عن توجيه اهتماماتهم وأذواقهم»، وأتبعت» لكن هذا لا يعني أن ننجر إلى ميول الطفل في كل شيء، فالطفل الرقمي يحتاج إلى من يوجهه ويأخذ بيده، وهنا يبرز دور الكاتب المتخصص في أدب الأطفال». ووفقا لها :»يجب عليه أن يراعي احتياجات الطفل، ويسعى في الوقت ذاته لجعله يحب ما يكتب له، بهدف التوجيه السليم لذوقه الفني، فضلا عن الحفاظ على هويته بدءا من الحفاظ على اللغة العربية، وتوظيفها في الفن والإعلام الموجهين للناشئة».
المتخصص في أدب الطفل يجب أن يكون موسوعيا
وانطلقت الكاتبة من نوتات الأغاني داخل قصص الأطفال وأدب الناشئة، من منظور أن الأغاني تساهم بشكل كبير في تشكيل مهارات لغوية وتعبيرية لدى الطفل، فضلا عن تحفيز ذكائه السماعي، لكن هذا لا يغنيه عن ممارسة القراءة، من أجل توسيع مداركه واستيعاب العالم من حوله.
وقد اختارت هذا الصنف الأدبي لشغفها بعالم الطفولة والرغبة في الاقتراب منه، وإيمانها الراسخ أن ملامح المستقبل ترسمها أنامل الأطفال الصغار، مضيفة بأن أي تغيير نرغب به يكون مصدره تنشئة طفل مثقف وواع، بالإضافة إلى الاهتمام بصحته النفسية.
وتملك آسيا عبد اللاوي، ثلاث مجموعات شعرية تُوجت بجوائز ذكرت منها، همس الكائنات المتوج بجائزة عبد الحميد شومان، وكتاب طائرتي الورقية ضمن القائمة القصيرة لجائزة اتصالات، وكتاب أجراس الربيع، أما في مجال في القصة فقد نشرت كتابين لحد الآن.
وبحسب المتحدثة، فإن الكاتب المختص في أدب الأطفال، يجب أن يكون موسوعيا، ينهل من علم النفس والعلوم الإنسانية، حتى يستطيع إفادة المربين في كل مرحلة من مراحل نمو الطفل، إلى جانب تكوين ثقافة في المعارف التكنولوجية والتقنية حتى يكون ما يقدمه ناجحا ويلبي الاحتياجات النفسية، واللغوية والإدراكية للصغير، فضلا عن توفير بدائل جذابة له وتفعيل دور المكتبات.
ضرورة حماية الهوية الثقافية للطفل
وفي عصر تتناطح فيه الثقافات، وتوجه صخورها لتحطم حواجز بين السلبي والإيجابي فاتحة المجال لأفكار دخيلة وعادات خطيرة، بهدف تشكيل نمط تفكير جديد لدى الأجيال لا يلائم ما تحث عليه الأعراف، تبرز أهمية الحفاظ على الهوية الثقافية للطفل الجزائري من الانصهار في ثقافات أخرى، بحسب عبد اللاوي، التي ترى أنه أصبح من المهم تكثيف الإنتاج الأدبي والفني الذي يلاءم مع متطلبات العصر الرقمي وخصائصه من ناحية توفير الانتشار، وإمكانية الوصول لكل الأجيال.وفي سياق متصل، قالت إن أدب الطفل بالجزائر بحاجة إلى دعم، واهتمام من طرف الكتاب، فالمتخصصون فيه، قليلون جدا وفقا لها، ناهيك عن أن عدد دور النشر المتخصصة قليل جدا، إذا ما استثنينا دور النشر المنتجة للكتب الشبه مدرسية، حيث دعت عبد اللاوي، إلى تكثيف الجهود والتعاون بين الكتاب والناشرين لنشر الوعي بأهمية أدب الناشئة وزيادة الإقبال عليه. وبحسبها، فإن مشاركة الكُتاب الجزائريين في المسابقات الأدبية هو بمثابة صدى إعلامي، يخدمهم ويدعم توسعهم في العالم العربي، كما من شأنه أن يكون ملهما لكُتاب آخرين ومحفزا لهم لتطوير أنفسهم وتحسين جودة الكتابة في هذا الصنف الأدبي.
إ.ك