الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

المكتبات الرقمية.. هل أصبحت بديلا للمكتبات التقليدية؟

 

يحتفلُ العالم اليوم (23 أفريل)، باليوم العالمي للكِتاب وحقوق المؤلف والملكية الفكرية، ففي مثل هذا اليوم من كلّ عام، تحتفل منظمة الأُمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو"، ومعها الهيئات والمؤسسات الثقافيّة في شتى بقاع العالم، باليوم العالمي للكِتاب وحقوق المؤلف، وهذا من أجل تعزيز القراءة ونشر الكُتُب وحماية الملكية الفكرية. وكما جاء في وثيقة اليونسكو، فإنّ يوم23 أفريل، هو تاريخ رمزي في عالم الأدب العالمي. ففي هذا التاريخ من عام 1616، شهد العالم وفاة نخبة من الكُتّاب والمبدعين العالميين، منهم: ميغيل دي سرفانتس، وليم شكسبير، آلاينكا غارسيلاسو دي لافيغا. كما يصادف يوم 23 أفريل ذكرى ولادة أو وفاة عدد من الأدباء، مثل موريس درويون، هالدور ك. لاكسنس، فلاديمير نابوكوف، وجوزيب بْلا، ومانويل ميخيا فاييخو. وغيرهم الكثير. هذا التاريخ الرمزي في عالم الأدب، أقرته منظمة اليونسكو، كاِحتفالية سنوية، وكفرصة للاِحتفاء بالكِتاب ودراسة سُبل ترقيته وانتشاره، وتعزيز الجوانب الثقافية له. بمبادرة أطلقتها لصالح الكِتاب وحقوق المؤلف، خلال مؤتمرها في باريس عام 1995. واليوم، تأتي مناسبة العيد العالمي للكِتاب، في وقت اختفت فيه الكثير من المكتبات التقليدية الورقية، في السنوات الأخيرة، واِنتشرت في المقابل المكتبات الرقمية في مواقع ومنصات وبرامج إلكترونية متعددّة الوسائط، فهل يمكن القول أو الجزم في ظل تراجع المكتبات التقليدية (في الجزائر-مثلاً-)، بأنّها ستكون بديلة عنها، أم تُكَمِلها؟ أيضاً ما مدى مكانة المكتبات الرقمية، وأهميتها في حياة الأفراد والكُتّاب والمثقفين والمؤسسات التعليمية والجامعات، وهل تعوض المكتبات الرقمية أو الإلكترونية المكتبات الورقية التقليدية وتُغنينا عنها في سياق يوميات الحياة العصرية المتسارعة؟ أيضا هل حقاً وصلت ثقافة المكتبة الرقمية إلى مجتمعنا الجزائري، والعربي عموماً، وبالتالي إلى الإنسان والمثقف الجزائري والعربي. خاصةً وأنّ الأمر في بقية دول العالم وهي مجتمعات قرائية باِمتياز، تُشكل فيه المكتبات الرقمية واحدة  من صور الحياة العصرية. لكن كما يتساءل الدكتور لونيس بن علي، وفي سياقنا الجزائري: هل نجحنا في التأسيس لمجتمع القراءة؟

أعدت الملف: نـوّارة لـحـرش

الشاعر خالد بن صالح:  المكتبات الرقمية واحدة من صور الحياة العصرية


يقول الشاعر خالد بن صالح في هذا الشأن: "لا شك أنّ المكتبات الرقمية تُشكلُ واحدة من صور الحياة العصرية المتسارعة، وتكمن أهميتها أساساً لاِرتباطها بشبكة الإنترنت، مِمَّا يعني إتاحة المحتوى بأسرع ما يُمكن، والحصول على المعلومات المطلوبة مجاناً، في فضاءٍ مفتوح على كلّ الوسائط والمواد الأرشيفية من كُتُب تراثية وجديدة وأخرى نادرة وقديمة، بالإضافة إلى عدد كبير جداً من الصور والفيديوهات والملفات الصوتية والنصوص والمقالات والأبحاث وغيرها، والمتوفرة في صيغ رقمية لا تتطلب عناءً وجهداً ولا تُكلف شيئاً".
ومواصلاً في ذات الشأن، أضاف: "هذا من حيث مبدأ عمل المكتبات الرقمية في مقابل المكتبات الورقية التي تحتاج إلى مساحات تخزين كبيرة بينما يتسع الفضاء الرقمي لملايين المجلدات والوثائق والمواد التي تتطلب عدداً قليلاً من الخبراء لتنظيمها وترتيبها وإتاحتها للقُرّاء والطلبة والباحثين، خاصةً مع التطبيقات الجدبدة والمُحدثة لتسهيل عمليات التصفح وتعميم الاِستفادة".
وحسب المُتحدث: قد يليق هذا التوصيف على مكتبة رقمية مثل مكتبة الكونغرس والتي لا يقل محتواها الورقي قيمةً وأهميةً عن محتواها الرقمي الرهيب.
ثم أردف متسائلاً وموضحاً في آن: "ربّما هذا يفرض جملة من الأسئلة العملية حين يتعلق الأمر بالعالم العربي والجزائر بالذات. منها: هل نملك أرضية قانونية لمثل هذا النوع من المكتبات؟ في ظل ضآلة قوانين حماية حقوق النشر أمام اِنتشار القرصنة وغيرها من الاِنتهاكات العلنية لعالم الكِتاب والفنون عموماً؟ ما مدى التحكم في تقنيات الأرشفة والعرض، وترتيب البيانات لتسهيل عمليات البحث وعدم الضياع في الطريق إلى المعلومة؟ هل ساهمت المؤسسات الرسمية في تطبيق القوانين لفرض بيئة صحية ونظيفة تُحافظ على المكتبات الورقية وتُوسع في الوقت نفسه من اِستخدامات المكتبات الرقمية على أوسع نطاق؟".
هذه بعض الأسئلة -يقول بن صالح- وليس كلها، بالنظر للتحديات الكبيرة التي تُواجه هذا النوع من المكتبات عندنا، حتّى تكون مكتبات عملية ودقيقة، وذات مصداقية.
فمخاوف الناشرين مثلاً -كما يعتقد- تكبر عندما لا يوجد ما يردع أي شخص لاِستنساخ نسخة إلكترونية من كِتابٍ ما وتوزيعها بشكل غير قانوني وبلا تصريح أو اِتفاق مسبق. وهذا جانب واحد من الإشكال مُتعدّد الأوجه.
ذلك أنّ مجاراة التطوّر السريع -حسب رأيه- الحاصل في عالم التكنولوجيات الحديثة والتغير المُستمر لمحركات البحث وتجدّد بياناتها يُعتبر تحدياً هو الآخر، مع ضمان ديمومة المواد الرقمية وصيانتها، ما يتطلب خبرة وأموالاً.
ومُستدركاً أضاف: "وإن كان للجزائر تجربة في هذا المجال مع رقمنة المكتبة الوطنية والعمل على رقمنة المكتبات الجامعية إلاّ أنّ سياق توفير الكُتُب الحديثة والجديدة كما المخطوطات والمواد التراثية والقديمة، لا يختلف عن واقع الكِتاب الورقي وغيابه في الحياة اليومية للمُثقف والباحث والمهتم بشكلٍ عام".
وفي ذات السياق واصل قائلاً: "شخصياً أهتم بالجانبين معاً، أي توفر الكِتاب الورقي كما الإلكتروني، وأي مادة أرشيفية أخرى بشكليها المادي والرقمي هي سد لفراغ مهول يصعب على مقتنيات فردية أن تتيحه حين يتعلق الأمر ببحث أكاديمي جاد أو كتابة ترنو لاستيفاء شروطها الإبداعية".
فالفراغات -حسب رأيه- والمساحات البيضاء في تاريخنا المعاصر كبيرة جداً وتحتاج إلى جهود حقيقية لتُملأ بالكُتُب والمواد على اِختلافها لتلبي الاِحتياجات المُتزايدة للمهتمين.
صاحب "مرثية الأبطال الخارقين"، خلص في الأخير إلى القول: "إنني طبعاً أميل إلى الكُتُب الورقية والمواد الملموسة، إلاّ أنّ ضيق المكان وقِلة الحيلة يتطلبان البحث إلكترونيًا عمَّا أرغب في قراءته أو الاِستناد عليه في مشاريعي الإبداعية، لكن مثلما هناك طقوس في القراءة أفضل أن تتوفر تلك المواد الرقمية بطريقة صحيحة ومريحة لتكون الفائدة كما المتعة أكبر".

الناقد الأدبي لونيس بن علي:  التقنيّة وفرت الكتب لكننا في حاجة لتأسيس مجتمع القراءة


يرى الأكاديمي والناقد الأدبي، الدكتور لونيس بن علي، أنّنا نحتاجُ إلى كتابةِ سيرة الكُتُبِ في ثقافتنا وفي مُجتمعنا، وهي في جوهرها سيرة الثقافة العُلياَ، التي من خلالها يُمكن رصد التاريخ التكويني للوعي الجمعي.
مضيفاً: "نحن لا نكاد نُؤرّخ لأنفسنا اِنطلاقاً من سيرة الكُتُب، لعلّ للأمر سرّ ما، نخشى أن ينكشف، فتنكشف عورتنا الحضارية. الأُمم تتطوّر روحياً وأخلاقياً وعقلياً على نحو مطرد كلما اِزداد الاِهتمام بالكِتابِ، وكلما أُعطيت للكُتُب مكانتها التي تستحق، والعكس صحيح؛ فخراب الأُمم لا يأتي بسبب فساد أخلاقها فحسب، لكن يأتي بسبب هجران الكُتب والمكتبات".
وفي ذات المعطى، أردفَ قائلاً: "منذ زمن ليس ببعيد، كُنا نشكو من ندرة الكُتب ومن شحها، حينها اعتقدنا أنّ مشكلة العزوف عن القراءة لها ما يُبرّرها على الأقل. ليأتي عصر التقنية، فانفتحت الثقافة أكثر على منجزاتها العظيمة، ومنها تطور وسائل المعرفة وأدواتها، فظهر الكِتاب الإلكتروني، وانتشرت المكتبات الإلكترونية، وعلى الرغم من أنّ الكثير مِمَّا هو متوفر اليوم من الكُتب هو مُقرصن، فإنّ الكِتاب صار متوفراً بشكلٍ كبير، فانتقلنا من أزمة الندرة إلى أزمة الوفرة المُبالغ فيها. لكن هل أصبحت القراءة اليوم مُمكنة أكثر من السابق؟"
وبعد هذا التساؤل عن القراءة وما إذا أصبحت مُمكنة أكثر من السابق، يُواصل المتحدث فكرته بنوع من التوضيح والإجابة: "هناك مؤشرات تُوحي بأنّ الثورة التقنية قد نشّطت القراءة أكثر، خاصةً وأنّ الكِتاب، قديمه وحديثه وجديده صار مُتوفراً، وهذا يُمكن رصده من خلال اِنتقال القُرّاء من الكِتاب الورقي إلى الكِتاب الرقمي (المقرصن في الغالب)، ويمكن أن يكون ذلك مؤشراً قويًا لاِهتمامٍ أكبر بالكِتاب؛ عالمياً، وبعد جائحة الكوفيد، وما سببته من غلق عالمي، نشط الكِتاب الإلكتروني، بالنظر إلى سهولة الوصول إليه وتوفره الآني، ساعد ذلك في تنشيط سوق الكِتاب على نحو غير مسبوق".
وهنا أضاف مُستدركاً: "طبعًا، ودون نية المقارنة التقليدية بين الكِتاب الورقي والكِتاب الإلكتروني، فإنّه يُمكن رصد بعض المُميزات، منها سهولة الوصول إلى الكِتاب، وحتى لو كان مدفوعاً فإنّ سِعر الكِتاب الإلكتروني أقل بأضعاف من سِعر الكِتاب الورقي، دون الحديث عن الكِتاب المقرصن أو الكُتُب المجانية التي توفرها بعض المنصات المحترمة مثل موقع هنداوي للكُتُب، أو أبجد. بالإضافة إلى أنّ القراءة الاِلكترونية تمنح بعض المُميزات الأخرى مثل القدرة على كتابة الملاحظات والتظليل على الفقرات والجُمل وسهولة العودة إليها في أي ظرف كان".
طبعاً، هناك من يتحدث -كما يضيف المُتحدث- عن الأضرار الصحية للكِتاب الإلكتروني لاسيما الّذي يُقرأ على الحاسوب أو الهاتف أو اللوح الإلكتروني، وهذا صحيح طبعاً، لكن أهل الميدان قد فكروا في قارئات الكندل المشهورة والتي تُوفر تجربة مختلفة في القراءة من خلال تكنولوجيات الحبر الإلكتروني، فالأجهزة تُوفر تجربة مُختلفة ومريحة للقراءة.
وفي الأخير خلص إلى القول: "لقد وفرت لنا التقنية جنة من الكُتب ومن المكتبات الرقمية. فهل هناك من يقرأ؟ هل نجحنا في التأسيس لمجتمع القراءة؟ المُشكل اليوم أنّنا اِنتقلنا نحو ثقافة الاِستهلاك، مع العِلم أنّ القراءة لا تندرج ضمن أفعال الاِستهلاك الثقافي، لأنّها تنتمي إلى أفعال الإنتاج الثقافي".

الأستاذ فوضيل خالد:  المكتبـات الرقمية ضحية غياب المقروئية أيـضا


يبدأ الأستاذ والكاتب فوضيل خالد، تدخله، بإحدى مقولات غامبل واترسون وهو أحد أبطال سلسلة كرتونية أمريكية بريطانية، وهو قط أزرق عمره 12 سنة حيثُ يقول في أحد المقاطع (ضع القليل من البنزين على كُتبك وأشعل عود ثقاب ودع العِلم يُشع نوراً). من جهة أخرى يقول في حلقة أخرى (الإنترنت كله شر في شر، الحياة بلا انترنت مفيدة جداً).
بعدها أردفَ قائلاً: "أسوق هاتين المقولتين ليس من باب السخرية ولكن للتعبير عن مدى تناقض السياقات الجديدة فيما يخص الاِهتمام سواء بالمُطالعة والكُتب من جهة، وكذلك ما تحمله تكنولوجية الإعلام والاِتصال والإنترنت وأثرها على حياة الإنسان من جهةٍ أخرى".
مُضيفاً: "في الحقيقة، موضوع المكتبات الرقمية والتقليدية لا ولن يُعالج إلاّ في ظل الحديث عن المقروئية والمُطالعة سواء في الثقافة العامة، لمختلف المجالات أو حتى المطالعة المتخصّصة أو الأكاديمية لأغراض بحثية أو بيداغوجية".
صاحب "ما دمتُ أملك أجنحة"، قال أيضا: "إنّ المكتبات سواء الرقمية أو التقليدية قبل الحديث عن أيهما أولى أو أفضل أو أنجع، أعتقد أنّ كلاهما يُعاني كثيراً من ضعف الإقبال والاِستعمال وتراجع مستويات القراءة والمطالعة لدى أغلب شرائح المجتمع، بِمَا في ذلك المكتبات الجامعية التي تحوز على جمهور الباحثين وطلبة العِلم وأصحاب الاِختصاص، نجد أن نسبة الإعارة ضعيفة جداً سواء الكُتب الورقية أو حتى الدّعامات والوثائق الاِلكترونية والرقمية. إذا نحن أمام تحدي كبير، ورهان اِجتماعي وثقافي وحضاري يدعونا جميعاً إلى طرح سؤال وجودي: لماذا لا نقرأ؟".
وفي المقابل، وفي حقيقة الأمر -يرى المتحدث- أنّ المكتبات الرقمية اليوم أصبحت واقعاً ملموساً في ظل تطور تكنولوجيا الاِتصال والانترنت حيثُ لا نجد شخصاً واحداً لا يملك هاتفًا مُتعدّد الوسائط أو حاسوبًا شخصياً.
وبالتالي -كما يقول- "فإنّ غالب الاِستخدامات اليوميّة تتم في وسائط إلكترونية، لقد أصبح الحصول على كتاب أو مرجع أو وثيقة على مسافة نقرة واحدة. تسمح لنا اليوم المنصات المختلفة والمكتبات الرقمية العامة أو الخاصة  (digital library)، المتنوعة أو الجامعية على الحصول على المراجع والدعامات والوثائق في وقت قياسي يتم فيه إلغاء الحاجز الزماني والمكاني، وربح الوقت والجهد والمال".
كلّ هذا -حسب رأيه- ساهم في وضع القارئ سواء الطالب الجامعي أو المثقف أو الكاتب في حالة ميسورة من حيث الحصول على المراجع. لكن -يتساءل الأستاذ فوضيل-: ما حجم اِستعمال هذه المكتبات؟ وإقبال القُرّاء عليها؟، وهل يتم فعلاً قراءة الكُتب والاطلاع عليها عبر الهواتف النقالة الذكية أو الحواسيب الشخصية أو حتى القارئات الرقمية( Tablette)  أم أنّ العملية تتوقف على تحميل الملفات فقط وتخزينها؟ على أمل قراءتها الّذي لن يتحقق؟
وهنا أضاف بنوع من الخيبة والحسرة: "أريد أن أُشير في هذا الصدد إلى تجربة قامت بها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في السنوات الماضية، حيثُ فتحت منصة (SNDL) وهو نظام وطني للتوثيق عبر الخط . (Système national de Documentation en ligne) وقامت بشراء حقوق القراءة عن منصات علمية دولية ومكتبات عالمية مرموقة ودور نشر كبيرة ومعروفة وذلك من أجل توفير مراجع وكُتب وأبحاث للطلبة الجزائريين والأساتذة.. لكن بعد سنوات اضطرت إلى إيقاف الاِشتراك، لأنّ نسبة اِستعمال والإطلاع وتحميل الملفات والمراجع لم تتجاوز 2%. يعني خسارة كبيرة للخزينة العمومية، إذا كان هذا هو أمر الجامعة، فكيف لنا بالمكتبات الرقمية العامة؟"
المُتحدث واصل في ذات السياق: "من جهة أخرى، أعتقد أنّ التواجد في مكان عمومي سواء في وسيلة النقل، (الميترو الطرامواي)، أو حتى في مساحة خضراء، يقدم لنا إجابة مختصرة. حيثُ أنّ أغلب اِستخدامات الهاتف من طرف مختلف شرائح المجتمع عندنا تكون لسماع الموسيقى أو تتبع فيديوهات التيكتوك، أو مواقع التواصل الاِجتماعي، المحيط الصوتي من حولنا هو مزيجٌ بين الضجيج من الموسيقى والفيديوهات والأصوات المُخلة بالحياة أحياناً والتي تخرج من سماعات الهواتف مِمَن حولنا. لنُقارن حجم تحميل كِتاب مُعين من مكتبة رقمية مع نسبة مشاهدة لفيديو تافه على مواقع التواصل الاِجتماعي، الفرق بالملايين".
وانطلاقاً من هذه الأسباب، يضيف مؤكداً: "رغم توسع اِستعمال المكتبات الاِلكترونية وسهولة الوصول إليها للجميع إلاّ أنّ اِستعمالها ضعيفٌ جداً وعلى هذا الأساس أقول أنّ المكتبات التقليدية والمراجع الورقية مازلت تملك ذلك الزخم والشعبية والاِهتمام، خاصةً أنّ حمل كِتاب مع رائحة الورق خالي من الفوضى وشرود الذهن بالمقارنة مع حمل هاتف نقال، الّذي يُشتت الذهن بِمَا يملكه من عوامل جاذبية تجعلك تغلق ملفاً لتسمع أو تُتابع فيديو أو ترد على اِتصال أو رسالة نصية".
واختتم بقوله: "من جانب فلسفي وفكري، متّى سنحقّق أهداف القراءة المُعاصرة، كما اِختلف عليها جاك دريدا وإدوارد سعيد، حيثُ أنّ هذا الأخير يعتبر العولمة والنيوليبرالية بكلّ أشكالها تقود جيوشها الإعلامية والمالية المُدججة بالصورة والأفكار البراقة بعيداً عن الثقافة الإنسانية الحقيقية. لتحويل العالم إلى مجتمع الصفر والهشاشة. أمّا جاك دريدا يرى أنّ القارئ هو المُنتج للمعنى في هذا العالم".

الأستاذ فارس شاشــة:  المكـتبات الرقمية بيئة متكـاملة


يقول، من جهته، الأستاذ والباحث فارس شاشة المتخصص في عِلم المكتبات، من جامعة سطيف: "إنّ المكتبة الرقمية عبارة عن مجموعة من المصادر الاِلكترونية والإمكانات الفنية ذات العلاقة بإنتاج المعلومات والبحث عنها واستخدامها وبذلك فالمكتبة الرقمية هي اِمتدادٌ ودعمٌ لنُظم المعلومات واسترجاعها التي تدير المعلومات الرقمية بغض النظر عن الوعاء سواء كان نصياً أو صوتياً أو في شكل صور بنوعيها الثابت وغير الثابت وتكون مُتاحة على شبكة معلومات".
مُضيفاً: "ولا ينبغي النظر إلى المكتبات الرقمية بوصفها مجموعة من مصادر المعلومات الرقمية وما يتصل بها من أدوات لإدارة هذه المجموعة إنّما ينبغي النظر إليها بوصفها تلك البيئة التي تجمع معاً بين المجموعات والخدمات والأشخاص لدعم الدورة الكاملة لإنتاج البيانات والمعلومات والمعرفة وبثها وإخضاعها للدرس والتعاون والإفادة منها".
ويرى المتحمسون للمكتبة الرقمية -حسب قوله- أنّ الحاسبات الآلية والشبكات قد غيرت بالفعل الأساليب التي يتواصل بها الأفراد مع بعضهم البعض وثمّة زعمٌ في بعض التخصصات العلمية بأنّ الباحث أو المهني يُفضل اِستخدام حسابه الشخصي المُتصل بشبكة الإنترنت أو إي شبكة اِتصالات أخرى على الذهاب إلى المكتبة بحثاً عن المعلومات.
وتتمثل المزايا العديدة للمكتبات الرقمية -حسب الدكتور شاشة- في عدة مزايا، من بينها، نقل المكتبة إلى المستخدم، إذ أصبح القارئ يتصفح المراجع دون التنقل إلى المكتبة التي تتطلب وقتًا وإمكانيات لذلك فكلّ قارئ يملك جهاز حاسوب مُتصل بشبكة الانترنت يمكنه الاِتصال بالمكتبات الرقمية إن كانت مجانية وقد يتطلب الأمر دفع مبالغ مالية في بعض الأحيان.
كما يُشير المُتحدث إلى  ميزة أخرى، هي سرعة التصفح والبحث، إذ تبنى -كما يضيف- معظم المراجع الرقمية على خاصية الروابط التشعبية التي تُسهل عملية الاِنتقال بين المراجع دون الاِضطرار إلى البحث من جديد كما تُزَوَّد هذه المراجع بمحركات بحث صغيرة تصل عملية البحث والولوج إلى المعلومات.
ومن بين هذه المزايا أيضاً، تشاطر المعلومات. أي الاِطلاع على محتويات المكتبات الرقمية وتحميلها تمكن الباحثين من تبادلها والاِستفادة الجماعية منها.
إضافةً إلى سهولة التحديث. و-هنا يُؤكد المُتحدث-، أنّ إضافة وتبديل المعلومات القديمة في المكتبة الورقية يتطلب إصدار طبعات جديدة عكس الكُتُب الرقمية التي يمكن تبديل المعلومات التي نريد تحيينها فقط. مع توفر إمكانيات الإتاحة الدائمة للمعلومات في المكتبة الرقمية.
كما أشار المُتحدث إلى توفير أشكال جديدة لعرض المعلومات، إذ تُمكننا -حسب رأيه- المكتبات الرقمية باِستخدام بعض البرمجيات من عرض المعلومات بطُرق مختلفة مكتوبة تُحَوَّل إلى سمعية مثلاً، كما يمكن تحليل المعلومات الموجودة في المكتبات وعرضها في جداول أو رسوم تخطيطية.
كلّ هذا -حسب الدكتور شاشة- أدى إلى ظهور نمط تعليمي مختلف، وهذا ما جاء في قوله: "لا شك أنّ التعليم الإلكتروني عمل على إحداث ثورة في طُرق التعليم الكلاسيكية فالطالب يختار المقاييس التي يدرسها فيه ويتدخل المشرفون في تقديم دعم تكنولوجي وبيداغوجي عن بُعد، هذا النمط يحتم وجود نوع جديد من المكتبات تُوفر له مراجع عن بُعد دون الحاجة للاِنتقال وهو ما يتطلب وجود مكتبة رقمية، فالهدف الواسع لمُبادرة المكتبة الرقمية يكمن في تحيين سُبل تجميع مصادر المعرفة وتخزينها وتنظيمها وإتاحة اِستخدامها بشكلٍ واسع في مُختلف أشكالها الإلكترونية".

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com