تأرجح الحصاد الكروي لفرق ولاية أم البواقي، خلال الموسم المنصرم بين نشوة الصعود وتجرع مرارة السقوط، مع إدخال تغيير طفيف على حصة الولاية في بعض المستويات من الهرم الكروي الوطني، تمثل بالأساس في استعادة الولاية الرابعة مقعدين في الجهوي الأول لرابطة قسنطينة، مقابل تقلص التمثيل بفريق في الجهوي الثاني.
قراءة : صالح فرطاس
ولو أن عودة اتحاد الشاوية إلى الرابطة الثانية كانت بمثابة أهم انجاز، لأنه خفف من آثار سقوط جمعية عين مليلة إلى قسم ما بين الجهات، على اعتبار أن فرق ولاية أم البواقي تواصل الغياب عن دور الأضواء، بعد السقوط الحر لأبناء «قريون»، والذي جسد التراجع الكبير لولاية كانت في تسعينيات القرن الماضي ممثلة بثلاثة فرق دفعة واحدة في الوطني الأول، وهو «سيناريو» كان قد حدث لموسمين متتاليين خلال الفترة الممتدة ما بين سنتي 1995 و1997، لما لعبت أندية اتحاد عين البيضاء، جمعية عين مليلة واتحاد الشاوية جنبا إلى جنب ضمن تركيبة 16 فريقا لقسم النخبة، دون تجاهل مرور شباب عين فكرون عبر الرابطة المحترفة الأولى لموسم واحد في مستهل العشرية الماضية، ليكون رابع فريق من ولاية أم البواقي سجل تواجده في أعلى درجة، لكن «الانهيار» جعل هذه «الكوطة» تتقلص بصورة تدريجية، إلى أن بلغت درجة الغياب الكلي عن الوطني الأول منذ سقوط جمعية عين مليلة من الرابطة المحترفة قبل 3 سنوات، مع الاكتفاء بمقعد وحيد في الرابطة الثانية، ليكون التمثيل على الصعيدين الوطني والجهوي في حدود 11 فريقا فقط. وحملت «لاصام» خلال الموسم الماضي راية تمثيل ولاية أم البواقي في بطولة الوطني الثاني، لكن نهاية المشوار كانت بسقوط «دراماتيكي»، كان من عواقب تضييع نقطتين من ذهب بملعب خليفي الزوبير، عندما التعادل مع الضيف اتحاد عنابة، في مقابلة كانت بمثابة «نهائي النجاة»، والنتيجة المسجلة عبّدت الطريق أمام العنابيين للمحافظة على مقعدهم في هذا القسم لموسم آخر، مقابل وضع جمعية عين مليلة أمام نهاية «هيتشكوكية»، كان فصلها الختامي بحسابات في جولة إسدال الستار، أبقت بصيص الأمل قائما، ومرهونا بنتائج جردت الجمعية من تقرير مصيرها بأرجل لاعبيها، إلا أن إفرازات الميدان أجبرت أبناء «قريون» على استكمال إجراءات حجز التذكرة الثالثة على متن قطار النزول إلى قسم ما بين الرابطات، كمرافقين لكل من وفاق سور الغزلان ومولودية العلمة، فكان الفوز الأخير بقسنطينة على حساب الموك دون أي مفعول، لأن حلم أنصار الجمعية كان معلقا على مقابلتين بباتنة وعنابة، لكن عدم تحقيق المطلوب بخر أمل البقاء.
هذا السقوط، كان المصير الحتمي لفريق مر بموسم شاق، لأن جمعية عين مليلة اصطدمت بديون الغرفة الفيدرالية للمنازعات، فكان الاعتماد على الشبان المنفذ الوحيد للموسم الثاني تواليا، بصرف النظر عن الصراعات الداخلية التي كانت قد طفت على السطح، غير أن الجرة لم تسلم هذه المرة، لأن حصد 14 نقطة فقط في الذهاب كان المؤشر الأولي على تواجد الفريق ضمن كوكبة المهددين بالسقوط، وارتفاع حصاد مرحلة الإياب إلى 23 نقطة لم يكن كافيا لتحقيق المبتغى، سيما بعد تضييع أهم نقطتين في المشوار، بالتعادل داخل الديار مع وفاق سور الغزلان، ثم في «النهائي» مع اتحاد عنابة، لتكون الخاتمة بنزول جمعية عين مليلة إلى قسم ما بين الجهات، وهي التي تعد سفير الولاية كرويا، الذي عمر طويلا في الوطني الأول، بلعب 20 موسما في قسم النخبة، كانت على 3 فترات، أطولها كانت 15 موسما متتاليا ما بين سنتي 1984 و1999، ثم بعد ذلك لموسمين في مستهل الألفية الجارية، والمغامرة الثالثة والأخيرة للجمعية مع «الكبار» دامت 3 مواسم، في عهد الاحتراف، غير أن السقوط أعاد الفريق إلى قسم كان قد مر منه لمدة 6 مواسم، خلال فترة امتدت بين 2004 و2010، لأن باقي مشوار «لاصام» كان في مستويات أعلى.
صعود استعـراضي للشـاوية و«لاجيباك» و«السلاحف» بحضور مشرف
بالموازاة مع ذلك، فقد تمكن اتحاد الشاوية مع المحافظة على مقعد الولاية في تركيبة الرابطة الثانية للموسم القادم، ويصبح أفضل ممثل لولاية أم البواقي في الهرم الكروي الوطني، وهذا بعد نجاحه في تحقيق عودة سريعة إلى وطني الهواة، عقب موسم واحد في بطولة ما بين الجهات، وقد ارتسمت معالم عودة أبناء «سيدي رغيس» مبكرا، فكان مشوارهم في مرحلة الذهاب كافيا لتوضيح الرؤية أكثر على مستوى فوج الشرق، لأن الابتعاد بتسع خطوات عن أقرب المنافسين نصب الاتحاد في خانة أكبر المرشحين للظفر بتأشيرة الصعود، وذلك بفضل سلسلة الانتصارات المتتالية التي أحرزها، لأن تلقي هزيمة واحدة في ثلثي المشوار أبرز دليل على «الديناميكية» التي فرضنها تشكيلة المدرب بلعريبي، إذ لم تتمكن باقي الفرق من مسايرة هذا الريتم، فكانت الجولة 21 حاسمة، وحددت هوية البطل، الأمر الذي أدخل اتحاد الشاوية في عطلة، عمد من خلالها إلى خوض المباريات خارج القواعد بالشبان، مقابل المحافظة على هيبته في ملعب زرداني، لتكون الحصيلة الختامية صعود استعراضي بفارق 13 نقطة عن أقرب المنافسين.
عودة اتحاد الشاوية إلى الرابطة الثانية، وضعت حامل اللقب الوطني الرسمي الوحيد للولاية على بعد خطوة واحدة من قسم النخبة، ولو أن بطل الجزائر لموسم (1993 / 1994) سبق لهم خوض تجربتين فقط في الوطني الأول، انطلاقا من المغامرة الاستثنائية التي كانت خلال الفترة الممتدة ما بين 1992 و1999 على مدار 7 مواسم متتالية، وكان فيها التتويج بلقب البطولة الوطنية، والثانية كانت لموسمين فقط خلال فترة امتدت بين 2003 و2005، ومنذ ذلك الحين يبقى اتحاد الشاوية غائبا عن الوطني الأول، وحضوره في البطولة أصبح يتأرجح بين الوطني الثاني وقسم ما بين الجهات. من جهة أخرى، فإن ولاية أم البواقي كانت قد سجلت حضورها بثلاثة ممثلين في بطولة القسم الثالث للموسم المنصرم، وتبادل المناصب بين اتحاد الشاوية وجمعية عين مليلة ثبّت هذا التمثيل بنفس الحصة الموسم القادم، لأن شباب عين فكرون استقر في بطولة ما بين الجهات منذ اعتماد نظام جديد للمنافسة في جوان 2020، وقد راهن «السلاحف» على الصعود، إلا أن الجانب المادي كان من أبرز العقبات، في الوقت الذي أظهرت فيه جمعية عين كرشة تأقلما كبيرا مع أجواء هذا القسم في رابع مغامرة لها في بطولة ما بين الجهات، حيث تنافست «لاجيباك» على الأدوار الأولى، واحتلت الوصافة في العديد من الجولات، فكانت نهاية الموسم بكل أريحية، بضمان البقاء مبكرا، واحتلال الصف الرابع في الترتيب النهائي.
«الحراكتــة» و«الهـنشير» يضمنان تمثيل الولايـة في الجهوي الأول
وبخصوص تمثيل الولاية على مستوى رابطة قسنطينة الجهوية، فإن فرق أم البواقي استعادت تواجدها في تركيبة بطولة الجهوي الأول للموسم القادم، بفضل الصعود «المزدوج» للثنائي اتحاد عين البيضاء ونجم هنشير تومغني، لأن النجم سطع عاليا في سماء بطولة الجهوي الثاني، وحسم تتويجه بلقب الفوج الأول قبل 6 جولات من نهاية المشوار، بينما اضطر «الحراكتة» إلى انتظار الجولة ما قبل الأخيرة لترسيم العودة إلى الجهوي الأول، وهذا بعد مطاردة شرسة من عدة فرق، في صورة سريع سوق نعمان، شباب فرجيوة، نجم التلاغمة ومستقبل عين سمارة، لكن انتفاضة الاتحاد في النصف الثاني من الموسم شفعت له بضمان الصعود، وتجاوز كل العقبات، مما سمح لولاية أم البواقي من ضمان حضورها بفريقين في النسخة المقبلة من بطولة الجهوي الأول، وهي التي كانت غائبة عن تركيبة الطبعة المنقضية، الأمر الذي يخلق توازنا بين الولايات من حيث التمثيل. وفي نفس السياق، فإن خاتمة فعاليات بطولة الجهوي الثاني لرابطة قسنطينة للموسم المنصرم كان بسقوط فريق من ولاية أم البواقي إلى الشرفي، ويتعلق الأمر بوفاق بوغرارة سعودي، الذي دفع فاتورة الانهيار الكلي الذي عرفه في الثلث الأخير من المشوار، ليكون تدحرجه التدريجي كافيا دخول قائمة الخماسي النازل إلى الشرفي، بينما خرجت 3 فرق أخرى من دائرة الخطر في آخر جولة من المشوار، في صورة شباب الحرملية، جمعية أولاد زواي وبلدية عين البيضاء، وعليه فإن «كوطة» الولاية في تركيبة الجهوي الثاني للموسم القادم ستتقلص إلى 6 فرق، في ظل صعود «الحراكتة» و»الهنشير» وسقوط بوغرارة سعودي، موازاة مع التحاق مستقبل عين البيضاء بهذا القسم كضيف جديد، إثر تتويجه بلقب البطولة الشرفية، بعد موسم مميز، نشط فعالياته 16 فريقا، تم توزيعهم على فوجين، مع الاحتكام إلى دورة «البلاي أوف»، والتي احتفظت بكامل أسرارها إلى غاية الجولة الختامية، حيث نشط «المستقبل» وأولمبي عين فكرون المباراة النهائية، والتي حددت نتيجتها هوية صاحب الحظ السعيد.
ص / ف