صنعت الأندية المحلية الحدث، خلال فترة الانتقالات الصيفية الأخيرة، بعد إبرامها لتعاقدات تاريخية من شأنها أن تعود بالفائدة على الكرة الجزائرية، الساعية لبسط هيمنتها إقليميا وقاريا، في شاكلة الفرق المصرية، المُسيطرة بفضل الإستراتيجية الناجحة، المنتهجة من قبل نواد عملاقة مثل الأهلي والزمالك.
وأسدل الستار منتصف سهرة الثلاثاء الماضي، على الميركاتو الصيفي الذي كان ناريا وتاريخيا، بعد التعاقدات المميزة المبرمة من عديد الأندية المحلية، التي دعمت صفوفها بأسماء ثقيلة صنعت في وقت ليس ببعيد أمجاد المنتخب الوطني على الصعيدين الإقليمي والقاري، في صورة كل من إسلام سليماني وأندي دولور ورياض بودبوز ومصطفى زغبة وزكريا دراوي والطيب مزياني.
ورغم الأموال المنفقة لانتداب أسماء من هذا الحجم والنوع، إلا أن الفوائد والامتيازات قد تُنسينا كل شيء، كيف لا وتعزيز الصفوف بنجوم الصف الأول كفيل بضرب عدة عصافير بحجر، فإلى جانب توسيع دائرة ورُقعة المنافسة محليا، فإن مثل هكذا تدعيمات قوية ستساعد فرقنا الغائبة عن منصبات التتويج قاريا على استهداف هذه الألقاب المستعصية (دوري الأبطال وكأس الكاف)، دون الحديث عن النجاح في تسويق البطولة المحلية مجددا، بعد أن فقدت الكثير من بريقها، فلا شك أن القنوات الأجنبية قد تحرص على شراء حقوق البث بأموال طائلة، ستنعش خزينة الفاف والأندية الوطنية التي تسير بخطى ثابتة نحو الاحتراف الحقيقي، فبعد استفادتها من منشآت ومرافق عالمية، ها هي الآن تدعم صفوفها بلاعبين كانوا بالأمس القريب، يصنعون ربيع نواد أوروبية كبيرة.
وينتظر عشاق ومحبو الساحرة المستديرة في الجزائر على أحر من الجمر انطلاق المنافسة، من أجل العودة بقوة لمدرجات مختلف الملاعب الوطنية، والتمتع بمشاهدة لاعبين، في صورة سليماني وبودبوز ودولور الذين يمتلكون من الإمكانيات ما يسمح لهم برفع مستوى الدوري المحلي الذي كان محل انتقادات لاذعة في المواسم الأخيرة، بعد انخفاض حدة المنافسة، وانحصارها بين فريقين على أقصى تقدير، ما أثر بالسلب على العديد من الجوانب الرياضية والتسويقية.
الميركاتو الأقوى والأضخم في تاريخ الكرة الجزائرية
مما لا شك فيه، لن تنسى الجماهير الجزائرية العاشقة للكرة المحلية الميركاتو الأخير، كيف لا ومسؤولونا قاموا بالتعاقدات الأقوى والأضخم في تاريخ البطولة المحلية، بعد النجاح في انتداب «نجوم» كان من المستحيل بالأمس القريب التواصل معها وجس نبضها، على غرار دولور وبودبوز وسليماني وحماش وزغبة.
ورغم أن أهل الاختصاص اعتقدوا أن أنديتنا المحلية لن تقوى مجددا على القيام بانتدابات مُماثلة لتلك المبرمة الموسم الماضي، بعد جلب نجوم من أمثال رايس مبولحي وحسين بن عيادة وعدلان قديورة وأسامة درفلو، إلا أن الحقيقة كانت مغايرة تماما، على اعتبار أن انتدابات الصائفة الأخيرة أكبر وأفضل بكثير، عقب التمكن من إقناع لاعبين من طينة سليماني ودولور وبودبوز وحماش وشتي وعريبي ودراوي، دون الحديث عن أسماء أجنبية من الطراز الأول، ويكفي التمعن لاستقدامات اتحاد الجزائر التي ضمت الكونغوليين مونديكو وليكونزا والبوليفي أداليد واللاعب السابق في الليغا غاساما، إضافة إلى تعاقد شباب بلوزداد مع النجم السابق للنجم الساحلي جاك مبي والجنوب إفريقي مايو خانييسا، وغيرها من الصفقات، التي رفعت سقف الطموحات عاليا محليا وقاريا.
هذه هي الفرق الأكثر تسوقا وإنفاقا
وبالعودة إلى الميركاتو الصيفي الذي صنع الاستثناء، فقد كان حركيا إلى أبعد الحدود، كونه لم يقتصر على فريق أو اثنين، بل امتد لأكثر من 5 نواد قامت بالتعاقد مع خيرة الأسماء الجزائرية والأجنبية، ويتعلق الأمر بكل من مولودية الجزائر واتحاد الجزائر وشباب بلوزداد وشبيبة القبائل ومولودية وهران، حيث كانت في منافسة شديدة على «النجوم»، ما اضطرها لإنفاق أموال معتبرة، في سبيل القيام بالميركاتو الأقوى والأفضل، ولو أن الحديث عن هذا سابق لأوانه، على اعتبار أن الأهم أن تكون هذه الأسماء عند مستوى التطلعات، وتنجح في جلب الإضافة المرجوة، خصوصا على المستوى القاري الذي كان وراء دخول الميركاتو بهذه القوة، فالألقاب المحلية لم تعد تعني الكثير لفرق في صورة شباب بلوزداد، المتوّج بأربع بطولات متتالية إلى جانب فوزه بكؤوس جمهورية.
وغيّرت هذه الفرق تعدادها بشكل منحها قوة وطموحا أكبر، فيكفي أن سوسطارة جلبت 8 أسماء من الطراز الرفيع، ويتعلق الأمر بكل من إلياس شتي وحسام غشة وغيلاس قناوي وعماد عزي وغنودي ليكونزا وكيفن مونديكو وسيكو غاساما وأداليد تيرازاس، فيما دعم «الشناوة» صفوفهم بنجوم الصف الأول، كيف لا والإدارة انتدبت أسماء جلها دولية، ونعني بالذكر كلا من توفيق موساوي وزكريا دراوي ومروان خليف وأمين مسوسة وأكرم بوراس وأندي دولور والطيب مزياني وكيبري جونيور وأنطوني باجو، أما صفقات شباب بلوزداد فحدث ولا حرج، بعد التعاقد مع كل من مصطفى زغبة وفريد شعال وبدر الدين سوياد وهيدي شعيبي ورزقي حمرون وأيمن محيوص وإسلام سليماني ومايو خانيسيا وجاك مبي وعرفات دومبيا، دون الحديث عن الميركاتو جد الموفق بالنسبة لشبيبة القبائل التي دعمت صفوفها بلاعبين، من أمثال أمين مداني ورياض بودبوز وغايا مرباح وشكال عفاري بلحاج ويوسف كوني، الأخير الذي ارتدى زي نوادي فرنسية معروفة، مثل ليون وريمس، بينما نجحت إدارة مولودية وهران في مجاراة النسق العالي المفروض من طرف النوادي سالفة الذكر، وهي التي ضمت نجوما، في صورة رحماني وحماش وعقون وعريبي وقسوم.
أسماء صنعت أمجاد الخضر إقليميا وقاريا تُزيّن البطولة
صنعت خمسة نواد الاستثناء في فترة التحويلات الصيفية، ويتعلق الأمر باتحاد الجزائر ومولودية الجزائر وشباب بلوزداد وشبيبة القبائل ومولودية وهران، ما جعل المتتبعين يتوقعون أن يشهد موسم 2024/2025، منافسة قوية على لقبي البطولة والكأس، وتميّز الميركاتو المنقضي، بقدوم أسماء ثقيلة صنعت في وقت ليس ببعيد أمجاد الخضر على الصعيدين الإقليمي والقاري، فقد انضم أبطال العرب 2021 بقطر إلى البطولة المحلية، ويتعلق الأمر بكل من زكريا دراوي والطيب مزياني ومصطفى زغبة وإلياس شتي، دون نسيان نجوم المنتخب الأول التي ستزيّن الدوري المحلي في نسخته الجديدة، ونتحدث هنا عن الهداف التاريخي للخضر سليماني وزملائه السابقين رياض بودبوز وأندي دولور وإلياس حماش المصنفين كصفقات مدوية إلى جانب محيوص ومايو وقناوي وجاك نمبي.
أجانب الصف الأول يرتقون بالمستوى
لم تقتصر الصفقات المدوية على اللاعبين الجزائريين فقط، بل امتدت إلى ورقة الأجانب، التي كانت مميزة، فمسؤولو أنديتنا المحلية، أصروا خلال الميركاتو المنقضي على استهداف أجانب الصف الأول، على غرار سوسطارة المتعاقدة مع نجمي مازمبي ليكونزا ومونديكو، وغاساما الذي لعب في الليغا الإسبانية والنيجري علي موسى المحترف في أوروبا، دون نسيان البوليفي أداليد المتوقع أن يكون اكتشاف الموسم، فيما ركزت إدارة بلوزداد على أفارقة ذوي خبرة، على غرار جاك نمبي الذي يعد من خيرة المحترفين في الدوري التونسي، إضافة إلى الجنوب إفريقي مايو خانيسا الذي اشترى الرئيس رابحي وثائقه بقرابة 40 مليار سنتيم، بينما كان بن شيخة وراء جلب باباكار سار ووالتر بواليا (نجم الأهلي المصري ) ويوسف كوني اللاعب السابق لليون الفرنسي إلى شبيبة القبائل.
القيمة التسويقية للدوري المحلي فاقت 100 مليون أورو
فاقت القيمة التسويقية للدوري الجزائري حاجز 100 مليون أورو (103.13)، في بطولة تضم 16 فريقا بعدد إجمالي من اللاعبين في حدود 428 من بينهم 42 عنصرا أجنبيا بمعدل ( 9.8 بالمئة )، وتصدرت مولودية الجزائر القائمة بمعدل قيمة تسويقية في حدود 14.98 مليون أورو، وجاء شباب بلوزداد وصيفا بقيمة 12.78، ثم اتحاد الجزائر بقيمة 10.60، وشبيبة القبائل رابعا ب9.73 ومولودية وهران ب7.40 خامسا، وهو مؤشر عن هوية الأندية التي ستتنافس دون شك على لقب البطولة المحلية الذي كان الموسم الماضي من نصيب «الشناوة»، الباحثين عن الاحتفاظ بهذا التاج، ولو أن مهمتهم لن تكون سهلة أمام فرق أنفقت أموالا معتبرة، لا لشيء سوى لتسيّد المشهد في الدوري المحلي.
دولور الأغلى في التاريخ ( 4 مليون أورو) والثاني إفريقيا
يعتبر الوافد الجديد على بيت مولودية الجزائر أندي دولور الأغلى قيمة تسويقية في تاريخ البطولة الوطنية ب4 مليون أورو، متفوقا على نجوم بارزة، في صورة إسلام سليماني الذي تبلغ قيمته 1.2 مليون أورو، بينما لا تتعدى قيمة رياض بودبوز 800 ألف أورو (انخفضت بسبب عامل السن)، ويحتل المهاجم السابق للخضر ( دولور ) الصف الثاني إفريقيا، بعد الدولي المصري زيزو نجم الزمالك البالغة قيمته 4.5 مليون أورو، وهو ما يؤكد حجم الانتدابات المبرمة من أنديتنا المحلية التي كانت على موعد مع الميركاتو الأقوى والأضخم في التاريخ.
جدير ذكره، أن البطولة المحلية تضم في صفوفها عدة نجوم تفوق قيمتهم التسويقية 1 مليون أورو، على غرار ديلور وحماش ومايو وجاك نمبي وزوغرانا ونعيجي ومحيوص، وهو ما من شأنه أن يجعلها محل متابعة واسعة من محبي الكرة.
ميركاتو استثنائي للمدربين أيضا
يبدو أن المتتبع لأخبار الدوري المحلي، سيقف على جزئية ثانية تخص الميركاتو، والمتعلقة بحركية المدربين التي كانت كبيرة أيضا، بعد تعاقد عدة فرق مع تقنيين محليين و أجانب، على غرار اتحاد الجزائر الذي انتداب بطل دوري أبطال إفريقيا مع الترجي التونسي نبيل معلول المصنف من خيرة المدربين في القارة السمراء، وهو الذي قاد «نسور قرطاج» أيضا، إضافة إلى انضمام الفرنسي كورتين مارتينز إلى شباب بلوزداد، وخير الدين مضوي إلى النادي الرياضي القسنطيني، إضافة لإسناد العارضة الفنية لشبيبة القبائل لبطل كأس الكاف والسوبر الإفريقي عبد الحق بن شيخة، دون نسيان الصفقة الرائعة لنادي بارادو الذي عيّن الدولي التونسي السابق رضا الجعايدي، بينما حافظت المولودية على مدربها الفرنسي باتريس بوميل، الذي قادها للعودة لمنصات التتويج من جديد.
ثلاث أبرز أماني مرتقبة من هذه الصفقات !
تمني الجماهير الجزائرية النفس أن تنعكس هذه الصفقات المدوية بالإيجاب على الأندية المحلية والدوري ككل، حيث تتوقع بعد قدوم أسماء من طينة سليماني ودولور وبودبوز أن تتسع رقعة المنافسة التي كانت منحصرة بين ناديين أو ثلاثة، كما ترى أن مثل هكذا ميركاتو كفيل بمنح القوة لممثلينا قاريا للمنافسة على الألقاب المستعصية علينا، على غرار كأس دوري الأبطال، دون نسيان الأمنية الأبرز، والمتمثلة في إعادة تسويق الدوري الجزائري من جديد لكبرى القنوات الرياضية، في شاكلة ما حصل مع الدوري السعودي الذي يباع بأموال طائلة. سمير. ك