تُعد تجربة الجزائر في إنشاء الشعاب المرجانية الاصطناعية، واحدة من المبادرات البيئية الهامة، التي تهدف إلى استعادة التوازن البيئي في حوض البحر المتوسط، خاصة في ظل التدهور الناتج عن التلوث والصيد الجائر والتغيرات المناخية.
لينة دلول
ويؤكد مختصون للنصر، أن هذه المبادرة ستساهم بشكل كبير في استعادة التوازن البحري، وحماية السواحل من التآكل، إضافة إلى دعم الأنشطة الاقتصادية المحلية مثل الصيد والسياحة البحرية، وزيادة إنتاجية الأسماك، بما يعود بالفائدة على المجتمعات الساحلية والاقتصاد الوطني بشكل عام.
ويذكر أن الجزائر، بدأت هذه التجربة في أوائل العقد الأول من القرن 21، حيث تم تنفيذ العديد من المشاريع لإنشاء شعاب مرجانية اصطناعية باستخدام مواد متنوعة مثل الخرسانة، والفولاذ، وأسطوانات فولاذية، وأحيانا حتى السفن القديمة و ذلك في المناطق البحرية التي تحتاج إلى دعم بيئي لتحفيز نمو الكائنات البحرية.
ومن أبرز المناطق التي عرفت تنفيذ مشاريع شعاب مرجانية اصطناعية ساحل تيبازة و عين طاية وعين بنيان، حيث تم إنشاء العديد من الهياكل الاصطناعية التي تساهم في تنمية الحياة البحرية.
ورغم نجاح بعض هذه المبادرات في تعزيز الحياة البحرية، أكد المختصون أن التحديات لا تزال قائمة، خصوصاً في مواجهة التلوث البحري، والصيد الجائر، وتأثيرات التغيرات المناخية التي تظل تهدد فعالية الشعاب المرجانية الاصطناعية، وبالتالي يتطلب الأمر المزيد من الجهود والابتكار لحماية البيئة البحرية وضمان استدامة هذه المشاريع المهمة في الجزائر.
* عضو الجمعية الجزائرية لتوثيق الحياة البحرية مراد حرز الله
الشعاب الاصطناعية تحمي السواحل من الـتآكل
أكد موثق ومستكشف الحياة البرية في الجزائر وعضو الجمعية الجزائرية لتوثيق الحياة البرية مراد حرز الله، أن الشعاب المرجانية الاصطناعية هي هياكل من إنتاج الإنسان تُصنع لأهداف بيئية معينة، باستخدام مواد متنوعة مثل الخرسانة والمعادن وأحيانا المواد المعاد تدويرها ، على غرار المقطورات والسفن القديمة، مضيفا أنه تتم تنقية هذه المواد من البلاستيك والملوثات الأخرى قبل وضعها في قاع البحر، من قبل خبراء ومتخصصين.
وأوضح المتحدث، بأن الهدف من هذه الهياكل هو توفير بيئات ملائمة لنمو الكائنات البحرية وتحفيز استعادة التوازن البيئي في المناطق المتدهورة، بالإضافة إلى تعزيز التنوع البيولوجي البحري ودعم الاستدامة البيئية في المناطق الساحلية.
وبالأخص حماية حياة الأسماك والقشريات التي تعتمد على هذه البيئات كموطن لها، متابعا بالقول بأنه يمكن أن تصبح الشعاب الاصطناعية وجهة سياحية وترفيهية، مشابهة لتجارب سياحية في مناطق أخرى مثل فلوريدا وشرم الشيخ، حيث تُستخدم هذه الشعاب كأماكن للغوص الرياضي، مما يعزز السياحة البحرية ويعود بالفائدة الاقتصادية على المجتمعات المحلية.
وأوضح الخبير، بأن الشعاب المرجانية الاصطناعية تساهم كذلك بشكل فعال في حماية السواحل الجزائرية من التآكل، وذلك من خلال توفير حواجز تحت الماء تمنع تأثير حركة المد والجزر العاتية، ما يساعد على تقليل التآكل الساحلي ويحمي المناطق المنخفضة من التدمير. وأشار المتحدث، إلى أن أغلب المشاريع التي أُقيمت في الجزائر تعتبر صغيرة نسبيا مقارنةً بالمشاريع الضخمة التي استثمرت فيها أموال طائلة في دول أخرى، إذ أن العديد من هذه المشاريع في الجزائر تفتقر بحسبه إلى الحجم والموارد التي تضمن استدامتها على المدى الطويل، في حين أن الدول الأخرى قد استثمرت مبالغ ضخمة في إنشاء شعاب مرجانية اصطناعية كبيرة تحقق نتائج بيئية واقتصادية ملحوظة. وقال المتحدث، بأنه عندما يتم تنفيذ هذه المشاريع، يتم اختيار المواد بعناية لتكون قابلة للتحلل البيولوجي بمرور الوقت، دون أن تشكل تهديدا للبيئة.
مشروع «بيت البحر»
وأشار المتحدث في سياق منفصل، بأنه في عام 2017، قامت جمعية "هيبو سيب" المتواجدة في عنابة، بتنفيذ مشروع "بيت البحر" وتم تجديده في 2021، وهو من بين أكبر المشاريع البيئية في ولاية عنابة وفي الجزائر بشكل عام، بهدف حماية الثروة الحيوانية في الشعاب المرجانية من خلال إنشاء هياكل اصطناعية، تساعد على استعادة التوازن البيئي وتحفيز الحياة البحرية.
وأكد الخبير، بأنه وبفضل جهود الجمعية في تنفيذ هذا المشروع الضخم، تمكنوا من تحقيق نتائج ملموسة في إعادة الحياة البحرية في بعض السواحل الجزائرية، خاصة في المناطق التي كانت تعاني من تدهور كبير في النظام البيئي البحري، كما حصلوا على جوائز مرموقة في البحر المتوسط تقديرا لإسهاماتهم في مجال حماية البيئة البحرية وتحسين التنوع البيولوجي.
وأكد حرز الله، بأن هناك عدة أنواع من الشعاب المرجانية الاصطناعية، كل منها يهدف إلى تحقيق أهداف بيئية مختلفة، بعضها تدعم التكاثر البحري، حيث توفر بيئات ملائمة لتكاثر الأسماك والقشريات والكائنات البحرية الأخرى، وتساعد في تجديد المخزون السمكي. وأخرى تهدف إلى منع الصيد الجائر من خلال توفير مناطق محمية، حيث تعمل كحواجز تمنع وصول الصيادين إلى نقاط بحرية معينة، وبالتالي توفر حماية أفضل للشعاب الطبيعية وللحياة البحرية من الممارسات غير المستدامة.
هكذا يتم اختيار المناطق التي توضع فيها الشعاب الاصطناعية
وأوضح الموثق، أنه يتم اختيار مواقع إنشاء الشعاب المرجانية الاصطناعية بناء على الاحتياجات البيئية المحددة لكل منطقة، على سبيل المثال، إذا كانت منطقة معينة تحتوي على شعاب مرجانية طبيعية تعرضت للتدهور بسبب التلوث أو الأنشطة البشرية، فإنه تتم إعادة تأهيلها باستخدام الشعاب الاصطناعية لاستعادة الحياة البحرية فيها، و يتم هذا العمل بالتعاون مع أخصائيين في البيئة البحرية، يحددون المناطق المناسبة التي تحتاج إلى شعاب مرجانية لحمايتها وتعزيز التنوع البيولوجي فيها.
متابعا بالقول، بأن هناك عدة تقنيات لتسريع نمو الكائنات البحرية في الشعاب المرجانية الاصطناعية، ومن أبرزها اختيار البيئات المناسبة التي تتوافق مع حركات المد والجزر، لأنها تلعب دورا مهما في تغذية الكائنات البحرية التي تعيش في الشعاب، حيث إن معظمها يعتمد على العوالق البحرية كغذاء أساسي.
ويتطلب تحديد كثافة وحجم الشعاب المرجانية الاصطناعية بحسب الخبير دراسة شاملة للبيئة البحرية المستهدفة، لضمان توفير بيئة بحرية مناسبة تحقق التوازن البيئي المرغوب، تشمل قياس درجة حرارة المياه، وقوة التيارات البحرية، ودرجة الملوحة، ومستويات الإضاءة تحت الماء.
بالإضافة إلى ذلك، يجب فحص الكائنات البحرية المستهدفة بالتعاون مع مختصين في البيئة البحرية، لتحديد الأنواع التي يمكن أن تستفيد من هذه الشعاب، مشيرا في ذات السياق إلى أن الدراسات تساعد في ضمان قدرة الشعاب الاصطناعية على توفير موائل مناسبة لنمو وتكاثر الكائنات البحرية، مما يساهم في استعادة التنوع البيولوجي ودعم الاستدامة البيئية في المناطق المتدهورة.وأكد الخبير، أن التمويل من أبرز التحديات التي تواجه إنجاز مشاريع الشعاب المرجانية الاصطناعية، لأن إنشاءها يتطلب استثمارات كبيرة في البحث والتصميم والتنفيذ، بالإضافة إلى أن مفهوم الشعاب الاصطناعية يعتبر جديدا نسبيا في المجتمع الجزائري، مما يؤدي إلى نقص في الوعي العام حول أهميتها وفوائدها البيئية والاقتصادية.
* زرقوط جمال خبير في الثروة البحرية
من الأولويات الهامة لمواجهة التغيرات المناخية
من جهته، أكد رئيس جمعية التنمية المستدامة والسياحة البيئية، الخبير في الثروة البحرية جمال زرقوط ، أن الهدف الرئيسي من إنشاء الشعاب المرجانية الاصطناعية في الجزائر هو توفير حل فعال لحماية السواحل من التآكل الناجم عن الأمواج والتيارات البحرية، وذلك لأن هذه الشعاب تساهم في الحفاظ على التنوع البيولوجي والاستقرار البيئي للبيئة البحرية السطحية، كما توفر بيئة ملائمة للكائنات البحرية وتدعم استعادة الأنظمة البيئية المدمرة.
علاوة على ذلك، فهي تسهم في حماية المنشآت الساحلية مثل الموانئ والطرق الساحلية من التأثيرات الضارة للعوامل البحرية، مما يجعلها أداة مهمة في إدارة الساحل وحمايته من التغيرات المناخية وظواهر المد والجزر العنيفة.
كما تسهم الشعاب المرجانية الاصطناعية كما أوضح الخبير، في توفير بيئة مناسبة لنمو الشعاب المرجانية الطبيعية، مما يعزز قدرة السواحل على التكيف مع التغيرات المناخية، وتعد هذه المهمة بحسبه من أهم الأولويات في الوقت الراهن، خصوصا في السنوات الأخيرة، حيث أصبحت التغيرات المناخية تشكل ظاهرة متطرفة تؤثر بشكل كبير على الأنظمة البيئية البحرية، من خلال ارتفاع درجات حرارة المياه والحمولة الزائدة من ثاني أكسيد الكربون.
وأضاف المتحدث، بأن المنطقة الشرقية من الجزائر، خاصة في مدينتي سكيكدة والقل، تعتبر بمثابة "أمازون الجزائر" بفضل تنوعها البيولوجي البحري الغني، لذا يعدّ إنشاء الشعاب المرجانية الاصطناعية خطوة حيوية لحماية هذا التنوع وضمان استقراره للأجيال الحالية والمستقبلية.
يجب إشراك المجتمع المحلي في حماية الشعاب الاصطناعية
وبحسب زرقوط، فإنه بعيدا عن الفوائد الاقتصادية لهذه الشعاب الاصطناعية، فإن الجانب البيئي يعد أكثر أهمية بالنسبة للسكان المحليين على طول الشواطئ، لكونها تعود بالفائدة على المجتمعات الساحلية سواء من حيث الموارد الطبيعية أو من خلال تعزيز السياحة البيئية، بالتالي فإن حماية الشعاب المرجانية كما عبر، تعتبر إستراتيجية محورية على المستويين المحلي والوطني، كونها تساهم في الحفاظ على التوازن البيئي وحماية السواحل من التآكل والظواهر المناخية المتطرفة.
وشدد المتحدث، على ضرورة الحفاظ على الشعاب المرجانية الاصطناعية وتثمينها، و تعزيز الجهود المتعلقة بتطوير الدراسات والخبرات في هذا المجال، و توجيه برامج تدريبية وتكوين متخصص للسكان المحليين حول كيفية استخدام هذه الشعاب والحفاظ عليها.
مؤكدا في ذات السياق، أن إشراك المجتمع المحلي في حماية هذه الشعاب والاعتناء بها يعتبر خطوة أساسية لضمان استدامتها، وهو ما يساهم بشكل مباشر في الحفاظ على توازن البيئة البحرية، ويضمن استمرارية الموارد البحرية التي يعتمد عليها السكان في رزقهم اليومي.
فوائدها الاقتصادية
وتتمثل الفوائد الاقتصادية المتوقعة من إنشاء الشعاب المرجانية الاصطناعية، في تأثيراتها الإيجابية على الحياة البحرية والأنشطة الاقتصادية المرتبطة بها، فهي بمثابة بيئة مثالية لتوفير الغذاء والمأوى للأسماك، مما يعزز تنوع الأنواع البحرية ويحفز النمو الطبيعي للشعاب المرجانية الأصلية، هذه البيئات الاصطناعية تعمل كمناطق جذب للأسماك، التي تجد فيها حماية وغذاء، مما يقلل من هروبها إلى الأعماق البعيدة ويزيد من كثافتها في المياه الضحلة.
من الناحية الاقتصادية، يساعد هذا التزايد في أعداد الأسماك في تسهيل عمليات الصيد التقليدي والتجاري، حيث تصبح الأسماك أكثر توافرا في المناطق القريبة من السواحل، مما يعود بالفائدة على الصيادين المحليين.
وأشار زرقوط، إلى أن هناك نقصا ملحوظا في الجانب التحسيسي بأهمية الشعاب المرجانية الاصطناعية والطبيعية، ما أدى إلى تجاهل دورها الحيوي في الحفاظ على التوازن البيئي، منوها بأن القضاء على هذه الشعاب، سواء كانت اصطناعية أو طبيعية، تترتب عليه مخاطر كبيرة على البيئة البحرية بما في ذلك تدهور نوعية المياه، فالشعاب المرجانية بحسبه، تلعب دورا أساسيا في تنقية المياه من الملوثات وتوفير بيئة ملائمة للكائنات البحرية، وأي تدمير لها يؤدي إلى اضطراب في النظام البيئي وزيادة تلوث المياه، ما ينعكس سلبا على التنوع البيولوجي وصحة البيئة البحرية بشكل عام.
ل.د
خبير البيئة كريم ومان يدعو الشركات الجزائرية للاستفادة منها
تجربة رائدة في إنتاج مواد بناء من البلاستيك المسترجع
طورت شركة كندية ناشئة مواد بناء مقاومة، تتكون من البلاستيك المسترجع وفق تقنيات جديدة تفتح المزيد من الآفاق على قطاع النفايات، الذي يثير قلق حماة البيئة و قادة العالم الذين يواجهون تحديات كبيرة لحماية الكوكب من البلاستيك الذي غزى البر و البحر.
فريد.غ
و قال خبير البيئة الجزائري كريم ومان، و المدير السابق للوكالة الوطنية للنفايات، بأن الشركة الناشئة الكندية تقدم لنا اليوم مثالا يحتدى به، من خلال تطوير مواد بناء تتكون من أكثر من 90 بالمائة من البلاستيك المعاد تدويره، مضيفا بأن هذه المواد ليست فقط صديقة للبيئة ولكنها أيضا تقدم خصائص فريدة مثل المقاومة للطقس، وخفة الوزن، والعزل الحراري الفائق.
و يعتقد كريم ومان المهتم بشؤون البيئة بالجزائر و العالم، بأن هذا الابتكار الجديد ليس عصيا على العقول الجزائرية، مؤكدا بأنه على قناعة بأن برنامج رئيس الجمهورية الطموح في قطاع السكن هو فرصة للاستثمار في هذا المجال الحيوي المنتج للثروة و مناصب العمل.
و يمكن للشركات الناشئة والمستثمرين الجزائريين، الذين يسعون لتحويل الأفكار إلى حلول مبتكرة في إدارة النفايات، الاستفادة من التجربة الكندية و تحويل الكم الهائل من النفايات البلاستيكية إلى مواد بناء مستديمة و منخفضة الثمن، لكن البداية حسب خبير البيئة الجزائري تمر عبر وضع التشريعات والمعايير الضرورية، و تحيين دفاتر الشروط العمومية حتى تكون محفزة علي استعمال مواد البناء المنتجة من المواد البلاستيكية المعاد تدويرها.
و قال موقع أخبار القارة الأوروبية «يو.سي. نيوز» بأن الشركة الكندية «كاربيكريت» ابتكرت خلطة بناء دون اسمنت، يمكنها أن تكون حلا بيئيا للتغير المناخي، حيث تعمل على امتصاص الكربون وإنتاج مواد ثانوية يمكن استخدامها في الصناعة، ما أهلها للحصول على براءة اختراع.
و يدخل الإسمنت كمكون أساسي في خلطات الخرسانة التقليدية الأكثر استخداما في عمليات البناء والتشييد، ولكنه يسبب انبعاثات بنسبة 8 % من ثاني أكسيد الكربون.
و قال «يوري ميتكو”، مدير التسويق في الشركة بأن إنتاج طن واحد من خلطة (كاربيكريت) الجديدة يسمح بإزالة 150 كلغ من ثاني أكسيد الكربون من الجو.
و تمتاز التقنية الجديدة بالتقاط ثاني أكسيد الكربون بشكل دائم وتحويله إلى كربونات الكالسيوم، التي تملأ فراغات مادة البناء وتعطي الخلطة قوتها، ما يجعل وحدات البناء الناتجة سالبة كربونيا.
وصمم الباحثون خلطة البناء الجديدة لتصبح مكونا أساسيا في عمليات تشييد وحدات مستدامة ومواد بناء مسبقة الصنع أقوى وأقل تكلفة مقارنة بالبدائل التقليدية المعتمدة على الإسمنت.
و تقدم الشركة الكندية دعما تقنيا وعلميا لشركات صناعة خلطات البناء بهدف استبدال تقنياتها الحالية بالتقنية الجديدة المستدامة. و استفاد الباحثون من مادة تسمى “خَبث الحديد” في ربط مواد الخلطة كبديل عن الإسمنت، ثم عرضوا الخلطة إلى ثاني أكسيد الكربون بدلا من الحرارة والبخار في غرفة معالجة مغلقة.
و يمكن لاستخدام “خَبث الحديد” الذي يُنظر له على أنه نفايات، في صناعة خلطة البناء، أن يجعل تكلفتها منخفضة مقارنة بالخلطة التقليدية التي تعتمد على الإسمنت.
و تخطط الشركة لبدء الإنتاج قريبا ليصل إلى 250 ألف وحدة من الخلطة الجديدة في اليوم، بالتعاون مع شركة كندية أخرى مصنعة لمواد البناء، و سيكون بلوك البناء الجديد متوفرا تجاريا حول العالم.
وتسعى الشركة الكندية المبتكرة الى بناء أول منشأة لإنتاج الخلطة بواسطة التقنية الحديثة بشكل تجاري وعلى نطاق واسع، ما يشجع الشركات الأخرى على استبدال التقنيات الحالية المعتمدة على الإسمنت التقليدي.
و يشهد العالم تحولا مذهلا في استرجاع و تدوير النفايات البلاستيكية، حتى وصل هذا الجهد الى إنتاج مواد بناء من هذه النفايات التي تكتسح العالم، ولم يجد لها حلا نظرا لعمرها الطويل ومقاومتها للتحلل السريع بالوسط الطبيعي. وتستهلك الجزائر كميات ضخمة من مواد البناء التقليدية سنويا، لإنجاز مشاريع كبرى بقطاعات السكن و الطرقات و المياه، حيث يعد الاسمنت المكون الرئيسي لهذه المواد، و حان الوقت، حسب خبراء البيئة، للاستفادة من التجارب العالمية الرائدة في مجال التحول إلى مواد بناء صديقة للبيئة والإنسان و أقل تكلفة وأكثر استدامة.
تتميز بغطاء نباتي ومدعمة بمنزل غابي حديث
غابة الشطابة رئة قسنطينة
تعتبر غابة الشطابة الواقعة بين بلديتي عين سمارة وبن زياد الرئة التي تتنفس بها ولاية قسنطينة، نظرا لمساحتها الشاسعة وتنوع غطائها النباتي، ما جعلها تستفيد من جملة من المشاريع على غرار تهيئة المسالك المضادة للنار، وإعادة تهيئة المنزل الغابي الواقع بها والذي يضمن لأعوان محافظة الغابات أداء عملهم في ظروف مثالية.
وتقع غابة الشطابة في موقع استراتيجي جعلها الرئة التي تتنفس بها قسنطينة، بين بلديتي عين سمارة وبن زياد، غرب الولاية، وتتميز هذه الغابة الطبيعية بغناها بالحيوانات والنباتات البرية، وتقع على مساحة تبلغ 2300 هكتار، مسيرة من طرف محافظة الغابات بالخروب، بحدود غابات الخروب بمنطقة عين سمارة وبحدود غابات زيغود يوسف بمنطقة بن زياد. واستفاد هذا المكسب الطبيعي بالولاية، من دعم بمشاريع لانجاز هياكل من أجل ضمان أفضل الظروف لأعوان محافظة الغابات التي تشرف على تسييرها، والبداية كانت بانجاز منزل غابي بمساحة 750 مترا مربعا أنشئ لأول مرة سنة 1965، ليعاد ترميمه سنة 2024، ويظهر بأبهى حلة، خاصة وأنه يتوفر على عدد معتبر من الغرف بموقع عالي مطل تقريبا على كل الغابة.كما استفادت الغابة من مشاريع أخرى من أجل السماح لمختلف العائلات بالتواجد بها والاستمتاع بمناظرها الطبيعية الخلابة، وفي نفس الوقت لتسهيل مهمة أعوان محافظة الغابات أو الحماية المدنية في أداء عملهم على أكمل وجه، وكذا الاستفادة من أشجارها المثمرة ومساحتها الشاسعة، وتتمثل أبرز المشاريع في أشغال زراعة الغابات على مساحة 1259.5 هكتار، وتهيئة المسالك على مسافة 37 كلم، إضافة إلى تهيئة خنادق مضادة للنار على مساحة 61 هكتارا وتهيئة برج مراقبة سنة 1982 على مساحة 19 مترا مربعا، ليكون آخر مشروع أنجز بها هو عملية إعادة ترميم وتهيئة المنزل الغابي. وتتميز غابة الشطابة بثروة حيوانية، وتعتبر موطنا لعدة حيوانات على غرار الضبع، الذئب، الخنزير، ابن آوى وغيرها، نظرا لعدد الفضاءات الكبير المخصص لأصناف مختلفة من الحيوانات، متمثلة في 15 فضاء أو مساحة للثدييات و190 فضاء للطيور و15 منطقة للزواحف و10 مناطق للبرمائيات و273 فضاء للمفصليات و21 فضاء للعناكب و11 فضاء للرخويات، وهو ما يؤكد التنوع الحيواني بهذه الغابة الفريدة من نوعها.
وبجانب ثرائها الحيواني، تعتبر الشطابة من الغابات الثرية التي تعرف غطاء نباتيا متنوعا، حيث تتوفر على حلب الصنوبر، أشجار السرو دائمة الخضرة، هولم البلوط، لعرعر الأوكسيدار أو الأرز الشائك، وهي شجرة صغيرة أو شجيرة شائعة في منطقة ساحل البحر الأبيض المتوسط، وتعد من النباتات المميزة للأدغال، شجرة الفراولة أو شجرة الفراولة الشائعة، وهي نوع من النباتات المزهرة في عائلة إريكاسيا وتتمثل في شجيرات أو أشجار صغيرة تنمو في جميع أنحاء الحافة الغربية للبحر الأبيض المتوسط ولكن أيضًا في شمال الحافة الشرقية، إضافة إلى شجرة فيليريا هو جنس من الشجيرات يتبع فصيلة الزيتيات ويجمع هذا الجنس بين نوعين من الفيلاريات، وهي شجيرات البحر الأبيض المتوسط العدوانية، قريبة جدًا من شجرة الزيتون، بساتين الفاكهة البرية، فطريات، النباتات العطرية والطبية.
حاتم / ب