يقبل البعض في عديد المناسبات وحتى في الأيام العادية على تعطير بيوتهم باستخدام البخور، خصوصا بعدما راجت موضته في السنوات الأخيرة و صارت المبخرة جزءا من ديكور البيت، و تفضله اليوم نساء كمعطر جديد بعد التنظيف، حيث يطلقن رائحته في كل الغرف تقريبا، ويستخدمنه كذلك لتعطير المفروشات خاصة أسرة النوم والستائر، ومع أن له رائحة زكية تدوم طويلات، إلا أن هناك محاذير من استخدامه كما يوضحه مختصون في الصحة، يدعون إلى الابتعاد عن استنشاق الدخان المنبعث منه.
مليون حالة وفاة سنويا بسبب أمراض الرئة
ويأتي البخور في شكل أعواد ذات رائحة عطرية قوية، بينما تُعرض أنواع أخرى في علب خاصة وتكون إما مطحونة أو في شكل رقاقات صغيرة، أو حتى قطع كبيرة الحجم توضع في المبخرات ويتم حرقها لتنبعث رائحتها في أرجاء المنزل، و يبالغ عشاق البخور في استنشاقه مباشرة و تعطير ملابسهم به.ووفقا لمنظمة الصحة العالمي، تتسبب أمراض الرئة الانسدادية المزمنة بأكثر من مليون حالة وفاة سنويا، وترتبط هذه الأمراض غالبا بالملوثات القادمة من أفران الطهي والمداخن، بالإضافة إلى حرق البخور الذي يفرز الملوثات ذاتها كأحادي «أكسيد الكربون».
من جهة أخرى، فإن استخدام الفحم لحرق البخور بحسب المنظمة، يزيد من تركيز غاز أول «أكسيد الكربون» وغيره من الملوثات الأخرى.
كما أشارت دراسة قام بها فريق من الباحثين في جامعة جنوب الصين للتكنولوجيا وشركة تبغ كبيرة، حول نوعين من أكثر أنواع البخور المعطرة شيوعا في الأسواق، إلى أن دخانهما يحتوي على مهيجات ومركبات سامة، وجاء في نتائج تجارب أُجريت على بعض الحيوانات إلى أن الدخان المتصاعد يحتمل أن يغير المادة الوراثية مثل الحمض النووي، وبالتالي يسبب الطفرات.فيما أظهرت دراسة حديثة أُجريت في جامعة «كاليفورنيا»، أن حرق البخور يعتبر مصدرا لتلوث الهواء الداخلي وقد يسبب التهاب في خلايا الرئتين للإنسان، كما ربطت دراسات أخرى استخدام البخور بمشاكل صحية عديدة وتضمنت الأعراض التنفسية و الصداع وتفاقم أمراض القلب والأوعية الدموية، وحدوث تغيرات في بنية خلايا الرئتين.
دخان البخور ملوث للهواء الداخلي ومسبب لأمراض خطيرة
وبحسب المختصة في أمراض الحساسية الدكتورة سامية كرميش، فإن تفاعل الغازات المنبعثة من احتراق البخور مع مواد ملوثة أخرى موجودة أساسا في هواء المنازل، بفعل عناصر تدخل في صناعة الأثاث أو وجود بعض أنواع الجلود الصناعية، يؤدي إلى الإصابة بأمراض تنفسية وكذا سرطانات، خصوصا عند غلق الغرفة وعدم تهويتها بعد استخدام البخور، حيث ينبعث منه غاز «أحادي أكسيد الكربون» المسمم للجهاز العصبي والدم.وأردفت كرميش، بأن حالات الغثيان التي تحصل خلال بعض التجمعات تكون بفعل الإفراط في استخدام البخور المتفاعل مع «أكسيد الكربون» الذي يطرحه الإنسان أثناء عملية التنفس.
وتكون المادة المُبخرة في غالب الأحيان مجهولة المكونات عطورا أو أخرى يُضاف إليها الفحم كما تقول الأخصائية، ما يجعلها مسببة لأمراض على غرار التحسس من الغازات، وعدم تحمل الروائح الكيميائية، ومن الأعراض التي تظهر على الشخص المصاب، ذكرت احمرار العين وانسداد الأنف، وأعراضا أخرى تمس الجهازين الهضمي و العصبي والتنفسي.
كما يمكن أن تزيد الأبخرة من حدة مشاكل مثل الربو و حساسية الأنف، أو انقطاع التنفس في حالة الإصابة بنوبة سعال، فيصبح المصاب بحاجة إلى بخاخات أو «كورتيزون».
البخور الطبيعي يتحول إلى مادة سامة عند حرقه
وتشكل الحويصلات الهوائية الموجودة في الرئة، وفقا للطبيبة المتختصة في أمراض الحساسية، سطحا مساحته مائة متر مربع، وهي الأكبر في جسم الإنسان، وفقا لها، ما يجعلها في اتصال مباشر مع المحيط وبالتالي تكون مستهدفة من طرف العددي من المواد المستنشقة أو التي تدخل عن طريق الفم، غازات كانت، أم بخاخات، ليصبح الدم الذي تعمل الرئة على تصفيته من «الكربون» عرضة لمخاطر التسمم، كما عرجت كرميش، للحديث عن خطر الإصابة بحروق في الجلد.
وفي حديثها عن تصنيف هذه المادة وما إذا كانت طبيعية أو صناعية، أفادت الأخصائية، بأن البخور الطبيعي سبب في الإصابة بأزمات حساسية، إذ تتغير طبيعة المادة بعد حرقها وتنبعث منها عناصر كيميائية، وفي هذا السياق تقول المتحدثة، بأن الدراسات رصدت أمراضا كثيرة لدى أشخاص يعملون في ميدان البخور والعطور. كما تصنح بتجنب المواد التي لا يستفيد منها الإنسان، ناهيك عن تجنب وضع ثقته في أي مادة يدعي المروجون لها بأنها طبيعية من أجل المتاجرة بها، واعتبرت الأخصائية بأن الاهتمام بالصحة هي مسؤولية الفرد بدل اضطراره لدفع أموال على الأدوية بسبب ممارسات هدامة وغير منتجة.
إيناس كبير