يشهد سوق الأثاث الجزائري قفزة نوعية، بفضل التصاميم الفريدة والجودة العالية، التي أتاحت خيارات عدة للزبائن تواكب الديكوارات العصرية، وتلبي أذواقا مختلفة، وهو ما لاحظناه وأكده تجار قالوا بأن مواقع التواصل الاجتماعي وبالأخص منصة «بانترست» روّجت لقطع أثاث مستوحاة من الديكورات الأوروبية والمشرقية والتركية توازن وتناغم بين كل ما هو بسيط وكلاسيكي.
ورغم تضاعف سعر الأثاث في السنوات الأخيرة، إلا أن ذلك لم يكبح رغبة محبي التجديد في مواكبة موضة الديكورات المنزلية، ولعل أكثر صيحة تستقطبت الجزائري هذا الموسم، الطابع الغربي الكلاسيكي الذي يتميز بألوان هادئة كتدرجات الباستل.
فالمتجول عبر خاصية «الستوري» التي ينشر فيها أغلب الرواد من مؤثرين ونجوم، وحتى مستخدمين عاديين، سيلحظ أن عديد الأسر صارت تستخدم مختلف أنواع خشب الديكور في تصاميم المساحات الرطبة، كالحمامات والمطابخ ، وحتى في غرف استقبال الضيوف، حيث يعكس مظهرًا مريحا للمكان، كما أصبحوا يتجهون إلى تزيين أعمدة منازلهم بالرخام، لإضفاء عنصري الأناقة والفخامة للمنزل وبث شعور الدفئ والسكينة في الأرجاء، كما يكثرون من استخدام الأرضيات الرخامية، و الاعتماد على أسلوب المزج بين المعادن، كالفضي مع الذهبي.
ومالاحظناه كذلك بأن كثيرين صاروا يصممون ركنا خاص عند مدخل المنزل باستخدام المرايا وقطع الأثاث ليبدو واسعا، وكذا كسر جمود الغرف باستخدام النباتات الداخلية، للونها المريح للعين.
ديكورات داخلية بألوان هادئة
شدنا خلال جولتنا بعدد من محلات الأثاث بقسنطينة، التنافس على عرض قطع أثاث عصرية بأسعار متباينة، تحكمها الجودة والحجم، تبرز التوجه نحو الطابع الغربي في الديكورات الداخلية، حيث لاحظنا تنوعا في تشكيلات أثاث غرف الاستقبال، التي تعد الأكثر طلبا حسب التجار، إذ يختار الزبائن أرائك وطاولات كلاسيكية بألوان هادئة، يتم تنسيقها مع مرايا من الزجاج والخشب، المزينة باللون الذهبي والمعدني، وهي قطع يتوفر بعضها على نظام إضاءة عصري ساهم كثيرا في إبراز جمالية الصالون.
ويتراوح سعر الصالونات بحسب ما واقفنا عليه بين 8 ملايين سنتيم و 60 مليون سنتيم، قد يزيد أو ينقص بحسب المقاسات المطلوبة، ونوعية الخشب والقماش المصنوع منه إن كان مستوردا أو محليا، فيما بلغ سعر المطابخ الجاهزة 300 مليون سنتيم، أما بالنسبة للأبواب فسعرها يبدأ من 3 ملايين سنتيم ويصل حتى 20 مليون سنتيم إذا كان مزودا بنظام ذكي ويعمل عن طريق الذكاء الاصطناعي، كما يختلف حسب نوعية الخشب المصنوع منه.
وبحسب تجار تحدثنا إليهم خلال جولة ميدانية بين محلات بيع الأثاث، فإن قطع الأثاث والمفروشات التقليدية، لم تعد تجد مكانا لها في بيوت الكثير من العائلات، فقد استبدلت بأخرى عصرية، منها الأوروبية و المشرقية، إلى جانب التركية،
و تجد الكثير من السيدات متعة كبيرة في تغيير الديكور الداخلي للبيوت، من فترة لأخرى، ومتابعة آخر المستجدات في هذا العالم الواسع والمتغير.
وأوضح الممثل التجاري بمحل أبوشيك ناصر مروشي، بأن أحدث اتجاهات التأثيث لهذه السنة تتجه لكل ما هو بسيط وكلاسيكي، وبألوان فاتحة، تتناسب مع كل الأوقات والفصول، على غرار البيج بتدرجاته والرمادي، كما ظهرت كذلك الألوان الصاخبة كالأحمر الآجوري والأزرق والأصفر القاتم لكسر جمود ورتابة الغرفة.
وقال بأنه مؤخرا أصبح يتم إدخال اللون الذهبي في ديكورات المنزل، من خلال الإكسسوارات ووحدات الإضاءة وقواعد الطاولات والوسائد والمناضد وحتى على أدوات المائدة من أطباق وأكواب.
منع الاستيراد يخدم المنتوج المحلي
وشجع التنوع في الإنتاج الوطني و ما تعرضه الأسواق، فضلا عن توفر النماذج على أرض الواقع و في العالم الافتراضي، الكثيرين على تغيير ديكورات منازلهم، حسب ناصر، و منح أفكارا جديدة لمن هم بصدد بناء مساكن جديدة مثلها، ولو أنها مكلفة للغاية و تزيد من الأعباء المالية على الأسر.
وقال بأن ما ضاعف الطلب على الأثاث المحلي، مقارنة بالسنوات الفارطة، جودة المنتج المحلي الذي يعتمد على مواد أولية عالية الجودة، ابتداء من الخشب، والمعدن، وصولا إلى القماش، لصناعة الأرائك والطاولات.
وأضافت البائعة بمحل «غلوب قايت» للأثاث جيهان خناوي، بأن منع الاستيراد كان له تأثير مزدوج على هذه الصناعة، حيث أن الإجراء فتح باب السوق أمام المنتجين الجزائريين، وسمح لهم بالتقرب أكثر من الزبون وتعريفه بطبيعة منتجاتهم كما حصل في العديد من القطاعات الإنتاجية الأخرى.
المطابخ الجاهزة الخيار المفضل
وأكد صاحب محل «ميلار كويزين» فيصل شرواط، بأن المواطن اليوم مل من طرق التأثيث التقليدية، وبات يبحث عن الأثاث الجاهز وسهل التركيب مع ضمان الجودة بالدرجة الأولى، وأوضح بأن الزبون يركز كثيرا عند اختياره للمطابخ الجاهزة على طريقة تصميم المطبخ، وعلى إكسسواراته التي تسهل العمل وتوفر الجهد والوقت.
وأشار التاجر، إلى أن المساحة الداخلية للمطبخ هي المتحكم الرئيسي، في كيفية اختيارهم لنوع المطبخ وحجمه ولونه، بشكل يوفر المساحة والارتياح ولا يجعل المطبخ يبدو ضيقا، قائلا بأن «الماط» التدرج اللوني الأكثر طلبا هذا الموسم في المطابخ الجاهزة، كالـ«عسلي»، الرمادي القاتم والفاتح وكذا لون الخشب، مضيفا بأن الزبائن يفضلون المطابخ المستوردة من تركيا، ألمانيا، فرنسا واسبانيا عكس المنتوجات المحلية.
وأوضح المتحدث، بأن الخشب ليفي متوسط الكثافة أو المضغوط، يعد من أجود أنواع الخشب الذي ينصح باقتنائه فيما يخص مطابخ المنزل لأنه مقاوم للرطوبة، وسهل التنظيف ولا يتغير لونه مع مرور الوقت.
وللحفاظ على أثاث المطبخ، لأطول مدة ممكنة ينصح المتحدث، بعدم شفطه بالماء، كما ينبغي التعامل مع جميع قطع الأثاث بحرص شديد أثناء الحياة اليومية للحفاظ عليها لفترة طويلة، مع تجنب وضع الأشياء ذات الحواف الحادة أو الساخنة أو الرطبة على الأسطح الخشبية، مع الحرص على إزالة السوائل فور انسكابها لتجنب توغل الرطوبة داخل الخشب ما يتسبب في انتفاخه. وأشار في سياق منفصل، إلى أن الديكور الحديث فرضته تأثيرات الفضائيات والإنترنت وقاعات عرض المنتوج «شوروم» التي قربت النظرة أكثر للزبائن، من خلال منحهم صورا حقيقية عما سيكون عليه مطبخهم بعد التركيب بفضل التكنولوجيا من جهة، و نماذج التصاميم والنماذج المعروضة في «الشوروم» من جهة ثانية، فضلا عن منح الزبون فرصة اختيار أوسع.
الباستيل بتدرجاته موضة الموسم
تعد الألوان الترابية من أبرز اتجاهات ألوان الديكور 2024، حيث يتم اعتمادها في طلاء الجدران والأثاث والمفروشات، لتركزها على تدرجات الألوان الناعمة والراقية التي لديها القدرة، حسب أحمد صاحب محل طلاء المنازل، على جعل الغرفة تبدو أوسع.
وأضاف المتحدث، أن الألوان الغامقة لم تعد محل اختيار ربات البيوت، لأنها تجعل مساحة الغرفة أصغر وأضيق، عكس الألوان الفاتحة فهي تعطي شعورا بالاتساع، مشيرا في ذات السياق، إلى أنه لا مانع من طلاء الغرف الواسعة بالألوان الداكنة لكسر رتابة الألوان الفاتحة، كالرمادي والأسود، والعكس صحيح، ويستحسن بحسبه طلاء الغرف الضيقة بالألوان الفاتحة. وعن أكثر ألوان الباستيل التي فرضت نفسها بقوة هذا العام، ذكر أحمد، «فانيلا لاتي»، و«تدرجات البيج»
و الرمادي، وهي ألوان من السهل تنسيقها مع الديكور الداخلي العصري، إضافة إلى الأزرق الفاتح، الوردي، الأبيض الترابي، الزهري، المشمشي الفاتح، الخشبي الفاتح، الأصفر الكريمي، والأخضر مائي، كونها ألوان تخلق في المنزل جوا مريحا وهادئا، وتضفي عليه مظهرا أنيقا وراقيا يعطي لمسة فنية تتلاءم وجميع الفصول.
وأوضح التاجر، بأن هناك أنواعا كثيرة من الدهان الموجهة للديكور، التي ورغم سعرها المرتفع وجودتها إلا أن الزبائن ينفرون منها ولا يقتنونها، لأنهم صاروا يفضلون البساطة فيما يخص طلاء الجدران لكي يتماشى وديكور الداخلي للمنزل، مردفا أن السوق تدعمت مؤخرا بأنواع كثيرة من الدهان المحلية، وتعتبر بحسبه ذات جودة عالية وتدوم لمدة طويلة تماما مثل المستوردة، متابعا بالقول بأن «سابلي وغلاكسي» من أكثر الأنواع الرائجة محليا.
وأشار أحمد، إلى أن موضة ورق الجدران عادت مجددا للظهور بعدما اختفت لسنوات، وصار هناك من يستخدمها كديكور في جدار أو جدارين بالغرفة بدلا من تغليفها كلها، حيث ظهرت بحسبه تصاميم جديدة وجذابة.
لينة دلول