برزت التلميذة أسيل بلهادف، في سن صغيرة في مجال الابتكار والتكنولوجيا، كما أن تمتعها بمهارات أخرى جعلها تتربع في كل مرة على رأس قائمة التتويجات في مسابقات علمية وطنية وحتى دولية، وهي الآن تتأهب للمشاركة في المسابقة العربية للبرمجة، لتنافس ممثلة الجزائر 3 ملايين مشارك من 19 دولة.
يتجه العالم بسرعة نحو تكليف الذكاء الاصطناعي بمهام متعددة، لذلك تحاول أجيال مواكبة هذا التطور، وترك بصمة في مختلف جوانبه لاسيما الجزء المتعلق بالابتكارات التي تساعد أفراد المجتمع على تحسين حياتهم وإضفاء سهولة عليها، وهي الرؤية التي انطلقت منها التلميذة أسيل بلهادف، حتى يكون لها دور في هذا المستقبل الجديد، الذي اعتبرته مليئا بالتحديات والفرص.
وتعتبر التلميذة في الصف الأول ثانوي، و صاحبة ثاني أعلى معدل في شهادة التعليم المتوسط ، بأن التركيز و الاستخدام الأصح للتقنية الحديثة سبيل للتطور وخدمة المجتمع والمساهمة في حل مشاكله، وقد أبرزت ابتكارات قدمتها في عديد المسابقات الجانب الإنساني لقصتها مع التكنولوجيا، بعد ابتكارها لعصا مخصصة للمكفوفين، وسوار للمصابين بالصم.
هذا الجزائري هو قدوتي
كان لعمل والدي أسيل وهما أستاذان في كلية الإعلام الآلي، أثرا في سقي بذرة حبها للتكنولوجيا والحواسيب، فقد أخبرتنا بأنها كانت محاطة بفكرة العلم والابتكار منذ نعومة أظافرها، وهو ما زاد اهتمامها بالمجال، حيث أتقنت نطق مصطلحات علمية معقدة وهي طفلة لأن الكلمات كانت دارجة في أحاديث أبويها.
أخبرتنا التلميذة، بأن الفضول طبع أيضا هذا الشغف حيث كانت تهتم جدا فهم إشكاليات الإعلام الآلي، وكلما سمعت عن أمر يخص المجال سواء مشكلة أو تقنية جديدة، إلا وحاولت الاستفسار عن الموضوع لتجد نفسها مؤخرا مولعة بالذكاء الاصطناعي وكل ما تعلق به.
وفي كل مرة يزيد نهمها للتعلم، تفتح أسيل بابا آخر منتقلة إلى مستوى جديد، لخوض مغامرة الابتكارات، فخلال جائحة كورونا، استغلت بقاءها في المنزل لتمضية وقت فراغها في مطالعة مقالات حول البرمجة ولغاتها، بالإضافة إلى مواضيع عن آخر التطورات الحاصلة في المجال وتعلم البرامج البسيطة، ومن هناك كانت انطلاقتها الحقيقية كما عبرت.
أما عن قدوتها و النموذج الذي تقتدي به لتسلق سلم النجاح، فتقول محدثتنا الصغيرة، بأنه العالم والمخترع الجزائري بلقاسم حبة، حيث تسعى لأن تكون مثله في المستقبل، من خلال الدراسة بجد وتوظيف مهاراتها في منافسات الذاكرة والبرمجة للتعلم أكثر عن الذكاء الاصطناعي و الابتكار.
مضيفة، بأنها حاليا بصدد تعلم لغات جديدة للبرمجة مثل «بايثون»، وأتبعت، لتساعدها في إنشاء تطبيقات ومواقع ويب، وإلى جانب لغات الحاسوب، تتكلم التلميذة بالطور الثانوي، اللغة الإنجليزية بطلاقة وتتحدث بها في كل المجالات.
التركيز على الأهداف بوصلة للوصول إلى التميز
قالت أسيل بلهادف، إن قصتها مع البرمجة والذكاء الاصطناعي، تميزت أيضا بمشاركتها في مسابقات علمية محلية، وطنية و عربية وحتى دولية، وأفادت بأنها تحصلت على المرتبة الأولى عالمي في مسابقة «كوديفير» عن مشروعها القسم الذكي، فضلا عن أنها خصصت في مسابقات أخرى مشاريع لذوي الاحتياجات الخاصة، مثل مشروع السوار الذكي للصم، والعصا الذكية للمكفوفين.
وتحضر التلميذة هذه الأيام، للمشاركة في نهائيات المسابقة العربية للبرمجة بعد تفوقها وطنيا وفوزها بالمرتبة الأولى، وهي مسابقة تنظمها منظمة «الأليكسو» العربية للعلوم والتربية والثقافة، ستعرف منافسة 300 مشارك من 19 دولة، وقد خُصص موضوع المسابقة للذكاء الاصطناعي واللغة العربية.
أما عن مشروعها الذي أنجزته مع زميلتها لينا بوبيلي، تحت إشراف وتأطير مدربهما حسان بلهادف، فقد شرحت الطفلة، بأنه عبارة عن تطبيق «ويب» يعتمد على آخر ما توصلت إليه تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال المعالجة اللغوية الطبيعية، وهي «النماذج اللغوية الضخمة».
يمكن للتطبيق القيام بعدة مهام، وقد أوضحت أسيل، أن أهمها وهو تقسيم الجمل إلى كلمات، الإعراب، وتحليل المشاعر التي تتضمنها النصوص، وأردفت، بأن المستشار اللغوي يقدم مساعدات للتلاميذ من مختلف الفئات العمرية وكذا الأساتذة.
وتحضيرا للمسابقة أخبرتنا، بأنها تحاول تخصيص وقت لمراجعة المشروع وتنقيحه من النقائص.
المسابقات العلمية جعلتني أكثر نضجا
وبالإضافة إلى المهارات الجديدة وتطوير قدراتها ومستواها في اللغات، ترى المبتكرة الصغيرة، بأن هذه المسابقات جعلتها أكثر انضباطا، فضلا عن معرفتها قيمة الوقت واستغلاله بطرق جيدة، إلى جانب تعلم العمل الجماعي وتنظيم الأفكار وهي أسرار تفوقها الدراسي أيضا.مؤكدة، على التنظيم والالتزام والانضباط، حيث ذكرت بأنها تعتمد على خطة دراسية للمراجعة وتقسيم دروسها و مهامها في جدول مع الفهم والاستيعاب الجيد للدروس، وتضيف بأنها تخصص أيضا فترات للراحة حرصا منها على خلق توازن حتى لا يُنهك جسمها.
أكدت محدثتنا، عن أهمية الدعم العائلي في هذا المسار تقول، قائلة بأنها تحصل على التشجيع من كل أفراد عائلتها للوصول إلى أحلامها وتجسيد طموحاتها، وهو ما كان حافزا لها لتحقيق أهدافها كما زادت ثقتها بنفسها.
وتنصح التلميذة بالطور الثانوي، وصاحبة جوائز وطنية وعالمية في مجال الابتكار، الأطفال بأن يرسموا أهدافا لأنفسهم ويؤمنوا بأحلامهم ويعملوا بجد لتحقيقها وأردفت، بأن الحياة مليئة بالتحديات والصبر والمثابرة مفتاحا التغلب عليها.
إ.ك