دعا، أول أمس، الخميس، دكاترة خلال ملتقى وطني حول البيوتكنولوجيا والقانون بقسنطينة إلى وضع أطر قانونية خاصة وإثراء تلك التي تنظم استخدام التكنولوجيا الحيوية في ميداني الصحة و التغذية، فضلا عن تشديد الرقابة، حيث أكد المتحدثون أن القوانين والضوابط الأخلاقية لا تواكب التطور العلمي الحاصل في مجال البيوتكنولجيا.
واحتضنت كلية الحقوق بجامعة الإخوة منتوري قسنطينة 1 أشغال الملتقى الوطني حول البيوتكنولوجيا والقانون: موازنة بين التقدم العلمي والحماية القانونية، إذ قدّم الدكتور من المركز الوطني للبيوتكنولوجيا بقسنطينة، سعد مبرك، مداخلة استعرض في بعض جوانبها تطبيقات التكنولوجية الحيوية، فالحمراء تشير للتطبيقات الطبية مثل العلاجات الجينية، بينما الخضراء فتعبّر عن التطبيقات الزراعية على غرار الكائنات المعدّلة وراثيا، الأسمدة الحيوية، أما الزرقاء فتمثل التطبيقات البحرية والبيئية كالتنظيف البيولوجي والوقود الحيوي، في حين تعبّر البيضاء عن التطبيقات الصناعية بما تحتويه من عمليات بيولوجية وغيرها
ولفت المتدخّل أنّ كل تطبيق يتضمن تحديات، ففي مجال الطب والأدوية هناك قضايا أخلاقية مرتبطة بتعديل الجينات واستخدام الخلايا الجذعية وسلامة العلاج الجيني، أيضا زراعيا سلامة الكائنات المعدلة وراثيا وتأثيرها على الصحة البشرية والبيئة وتداعياتها على التنوع البيولوجي، كذلك مخاطر التوازن البيئي ضمن المجال البحري و البيئي، فإدخال كائنات جديدة في البيئات البحرية له تأثيرات على الكائنات المحلية. وقالت رئيسة الملتقى والدكتورة بكلية الحقوق بجامعة قسنطينة 1، ماية ويس، في كلمتها الافتتاحية إنّ التطور العلمي في مجال التكنولوجيا الحيوية يضع المعنيين أمام تحديات قانونية وأخلاقية غير مسبوقة تتطلّب إعادة النّظر في الموجود وتطبيق إطار قانوني مواكب ومتوازن مع مراعاة الضوابط الأخلاقية.
و تحدّثت، ويس، في مداخلة لها كذلك حول تنظيم التجارب السريرية والبيولوجية في قانون الصحة الجزائري، قائلة إنّ التشريع ضمن قانون الصحة 18/11 وضع مجموعة من الضوابط القانونية لإجراء هذه التجارب، تشمل الترخيص المسبق من طرف المجلس الوطني لأخلاقيات العلوم الطبية، نصّت عليه المادة 387 من القانون وما يصاحب ذلك من توفّر شروط علمية وأخرى متعلّقة بالأهمية فضلا عن الإدارية، إذ اعتبرت المتحدّثة أنّ هذا الإجراء يشكّل حجر أساس للقيام بهذه التجارب السريرية.
وشددت ذات الدكتورة على ضرورة الموافقة بالنسبة للمتطوعين مرتبطة بالأهلية القانونية للأشخاص على غرار بلوغ سن الرشد، السلامة العقلية وحرية الاختيار بشأن الخضوع لهذه التجارب والحق في الانسحاب، بالإضافة إلى توضيح المخاطر المحتملة للتجربة والمنافع المتوقعة، أيضا مدة وإجراءات القيام بالعملية، إلى جانب ذلك إجبارية توفير التأمين واشتراط السرية الطبية، تخص المعلومات الشخصية، نتائج التجربة والبيانات الحساسة سواء بالنسبة للخاضع للعملية أو العلاج محل التجربة.
وتطرقت المتحدثة إلى الضوابط الأخلاقية الموضوعة، حيث ذكرت احترام كرامة الإنسان ومنع التجارب المهينة، التقيّد بالمبادئ الأخلاقية للبحث بالنسبة الطاقم الطبي، كذلك التوثيق الدقيق للتجارب المنجزة على الأشخاص.
و ترى، ماية ويس، أنّ قانون الصحة ينظّم المهنة أكثر ممّا يتطرّق لهذه الجوانب التي تمس المجال العلمي والتطوّر المعاش، خاصة مع مواجهة هذا النوع من التقدّم البيولوجي خلال فيروس «كورونا»، إذ ينبغي تعديله وإعادة النظر فيه ،حيث أوصت بإنشاء هيئة وطنية مستقلة للرقابة على التجارب السريرية والبيولوجية، تتمتّع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، تفعيل دور اللجان الأخلاقية وتدعيم استقلاليتها هي الأخرى في مجال الرقابة والتحقيق، أيضا تطوير آليات الرقابة والمتابعة، فضلا عن وضع قاعدة بيانات لتوثيق هذه التجارب.
الهندسة الوراثية في الجزائر
من جهته ذكر الدكتور بذات الكلية، مهدي علواش، أنّ التكنولوجية الحيوية أبرزت العديد من المنتوجات الغذائية المحوّرة جينيا، كما أصبحت تحتل مكانة كبيرة في مجال التجارة الخارجية، بالنّظر إلى مزاياها، غير أنها في المقابل تصيب صحة المستهلك بأضرار وأمراض خطيرة، وأضاف المتحدّث أنّ الجزائر منعت استخدام الهندسة الوراثية في المنتجات الغذائية، إلا لأغراض علمية بحتة.
ولفت المتحدث أنه رغم فرض المشرّع للرقابة وإنشاء شبكة الإنذار السريع إلا أنّ الأسواق تشهد وجود الأغذية المحوّرة جينيا، حيث أوصى، علواش، بوضع إطار قانوني خاص باستخدام الهندسة الوراثية في المنتوجات الغذائية وكذلك إصدار قانون خاص بالسلامة الإحيائية، فضلا عن إثراء الأحكام المتعلقة بالمسؤولية الموضوعية للمنتج لإزالة أي لبس قد يثار، خاصة فيما يتعلق بتعريف المنتج وعيب المنتوج، تشديد الرقابة على مستوى الحدود وإنشاء مخابر متخصصة لهذا الغرض، تماشيا مع ما كرّس في قانون 24/04، فضلا عن إعمال قواعد الحيطة في إطار المسؤولية المدنية للمنتج لنقلها من الوظيفة الإصلاحية إلى الوقائية.
وأوضح علواش، للنصر على هامش الملتقى أنّ هناك تباين في المصطلحات المعرفة للشخص المسؤول والمستهلك، ما بين التوسيع والتضييق في القانون المدني وكذلك المتعلّق بحماية المستهلك، كما أضاف أنّ المشرّع لم ينظّم مسألة القصور العلمي من خلال إعفاء المنتج من المسؤولية بسبب العيوب الجديدة التي يكشف عنها التطوّر العلمي بعد فترة زمنية من طرح المنتوج للتداول، مع عدم قدرة المنتج على تجنبها أو التنبؤ بها في ضوء معارفه العلمية خلال طرح المنتوج.
وفي ذات السياق دعا، الدكتور بكلية الحقوق بجامعة قسنطينة 1، عبد الجبار شعيبي، في حديثه مع النصر إلى الجمع بين القانونيين وعلماء التكنولوجيا الحيوية بغية المشاركة في وضع إطار قانوني خاص بالهندسة الوراثية والتلقيح الصناعي، يترتّب عنه نظام مسؤولية للأطراف الفاعلة ويسمح بأخلقة المجال.
وقال المتحدّث إنّه قام بعملية مسح لأهم النصوص القانونية الدولية والمحلية، واستنتج أنّها تتميّز بنوع من السطحية ولا تواكب الإشكالات التي يطرحها الموضوع، إذ وقف على وجود نصين فقط يتطرقان بصريح العبارة لمجال الهندسة الوراثية والتلقيح الصناعي، هما المرسوم التنفيذي رقم 92/ 276 وقانون الصحة لسنة 2018 والمعدّل في 2020.
إسلام. ق