يعيش سكان قرية الحمايد التابعة لبلدية عين سمارة بقسنطينة، حياة بعيدة عن معالم التحضر، رغم وقوعها على بعد كيلومترات قليلة من المدينة، حيث تغيب بها وسائل النقل و يتوجه التلاميذ إلى المدارس البعيدة مشيا على الأقدام، بينما هجر المستفيدون من البناء الريفي سكناتهم لعدم ربطها بالشبكات، فيما بُنيت بطريقة عشوائية تشبه الأحياء الفوضوية.
على الطريق الوطني رقم 5 الرابط بين حي بوالصوف و مدينة عين سمارة، و على مستوى المدخل المؤدي نحو حي الكيلومتر 13، تقع على بعد مئات الأمتار من طريق ريفي ضيق يشق أراض زراعية ممتدة على مرمى النظر، قرية الحمايد، التي أطلق عليها هذا الاسم نسبة إلى العائلة التي سكنت هذه الأرض لعشرات السنين، و أول ما يقابلك و أنت تدخلها، حاوية قمامة كبيرة صُنعت من الحديد، غير أن النفايات لا ترمى بداخلها، بل تكدس بجانبها بشكل عشوائي، بالإضافة إلى أكوام من فضلات الأبقار.
و على اليمين يقع مجمع سكني من البناء التطوري، يحمل اسم المجاهد بوخالفة محمد، غير أن هذه المساكن و رغم المساحة الشاسعة للأراضي الممتدة على مئات الهكتارات، بنيت على رقعة صغيرة، إذ أن ما يقارب المئة بيت أنجزت على امتداد خط طويل، و لا يفصل بين المنزل و الآخر سوى جدار من الطوب، فيما لا تزيد مساحة المنزل الواحد عن 80 مترا مربعا، حسب ما علمناه من السكان، الذين أكدوا بأن هذه البيوت التي استفادوا منها سنة 2006، هجرها الكثير من مالكيها، و هو ما لاحظناه لدى تواجدنا بالمكان، فيما لجأ معظمهم إلى كرائها لصعوبة العيش في المنطقة، خاصة في فصل الشتاء، إذ أن القرية لم يصلها الغاز الطبيعي سوى قبل سنة واحدة.
و على الجهة الأخرى من الحمايد، يقع تجمع سكني كبير من البناء الريفي، الذي استفاد منه أزيد من 150 شخصا من سكان القرية و المناطق المجاورة، و يظهر بأن الكثير من البيوت قد أُتم بناؤها، فيما توجد أخرى في مرحلة الإنجاز أو توقفت ورشتها لتظهر في شكل قاعدة و أساسات أو مجرد هيكل، كما أن الملاحظ هو أن معظم هذه المنازل مهجور و بني بطريقة عشوائية، فالممرات بينها غير متساوية و كذلك الشوارع، فيما يعلو بيت أكثر من الآخر، و ذلك راجع حسب محدثينا من السكان، إلى عدم احترام المساحة و غياب دراسة مسبقة لعملية البناء، ما جعل هذا التجمع السكني يبدو أشبه بحي فوضوي، تنتشر وسطه اسطبلات بدائية لتربية الأبقار و الأغنام و الدواجن، حيث يتم التخلص من الفضلات في ذات المكان.و قد بدت معظم البيوت غير مأهولة، باستثناء عدد قليل منها، حيث أوضح لنا قاطنو المنطقة بأنه و رغم الشروع منذ ثلاث سنوات في بنائها، غير أن جميع الشبكات لم تنجز بعد، فليس هناك ماء أو غاز و لا حتى كهرباء، كما تنعدم قنوات الصرف الصحي، و يلجأ السكان إلى تصريف المياه القذرة داخل الحفر بطريقة جد بدائية تخلف أخطارا صحية، و باستثناء طريق شبه معبد، فباقي المسالك ترابية و وعرة.
قاطنو المجمع السكني التطوري و كذا بعض البيوت القديمة التي تشكل أصل هذا الدوار، اشتكوا من عدم وصول المياه إلى حنفياتهم منذ جفاف المجمع المائي الذي يقع على بعد مئات الأمتار، حيث يلجأون في الوقت الحالي إلى شراء مياه الصهاريج، مؤكدين أيضا بأن انعدام النقل من بين أسباب معاناتهم و عزلتهم، إذ يضطر تلاميذ الابتدائي و المتوسط و الثانوي، إلى ركوب حافلة صغيرة واحدة يتجمع فيها أكثر من 100 طفل، فيما يتوجه البقية مشيا على الأقدام إلى الطريق العام، لركوب الحافلات نحو عين سمارة، و هي معاناة تزداد حدة في فصل الشتاء.
و يطالب السكان بانتشالهم من عزلتهم من خلال إيصال الشبكات المختلفة، نحو مجمع البناء الريفي، و بناء مدرسة ابتدائية و مستوصف، إضافة إلى تخصيص حافلة للنقل الحضري تربطهم بمدينة عين سمارة.
عبد الرزاق.م