الأصل في الإعلام الإباحة والقيود استثناء

احتلت حرية الرأي والتعبير مكانة هامة لدى مختلف الشعوب والحضارات، واتفق الجميع على أهميتها كحق من الحقوق الأصيلة والطبيعية التي يجب أن ترافق الإنسان في كل مراحل حياته، وبالرغم من ذلك فقد كان لهذا الحق مكانة مميزة في الشريعة الإسلامية بالنظر إلى طبيعة مصدرها والأصول التي يستمدها منها مقارنة بالقوانين الوضعية؛ لذلك فلا عجب أن كانت الشريعة الإسلامية فضل السبق في تقرير الحريات بشكل عام وحرية التعبير والإعلام بشكل خاص، فقد منحت الحرية للإنسان لاختيار أقدس وأنبل أمر وهو حرية الاعتقاد كما في قوله تعالى: فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ[ الكهف: 29]] فالحرية  في الإسلام أمر فطري و مقصد مهم لتحقيق المساواة لذلك قال عمر بن الخطاب: ‘متى  استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا».

ولئن لم يعرف الفقهاء المسلمون القدامى مصطلح الإعلام بمدلوله الحديث إلا أنهم عرفوا مترادفات له على غرار النبأ والإخبار والبلاغ والدعوة وغيرها، وهذا المصطلح الأخير يؤدي نفس معنى الإعلام تقريبا، وهو مصطلح مستمد من الكتاب والسنة، والمقصود به تبليغ الرسالة، فالتفريق بين الدعوة والإعلام لا نجده سوى على المستوى الاصطلاحي لأنهما متطابقان تقريبا من الناحية العملية، وإن اختلفت الوسائل عبر العصور؛ لكن هذا لا يعني حصر الإعلام بضوابطه الشرعية في الإعلام الديني.بل هو الإعلام الذي يعكس روح المبادئ والقيم الإسلامية ويمارس في مجتمع إسلامي ويتناول كافة المعلومات والحقائق والأخبار المتعلقة بكافة نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية والدينية والأخلاقية والترفيهية،فهو إعلام موجه يهدف لنشر كلمة الدين وإعلاء كلمته ومعالجة مختلف قضايا الحياة من منظور شرعي.
والحرية الإعلامية في نظر الشريعة الإسلامية تعني إرادة الإنسان وقدرته على الاختيار والانتفاع بحرية الاتصال بشتى وسائل الإعلام، وهي عطاء إلهي فطر الإنسان عليه حتى يكون عبدا لله بالحرية والاختيار كما هو عبد له بالفطرة والاضطرار، وفق الممكن من العلم والقدرة على ممارسة هذا الحق، انطلاقا من مسؤولية التكريم والاستخلاف وواجب البلاغ، وطلبا للاستجابة والإقناع بالحق والتفاهم والتعاون على الخير في إطار عقيدة التوحيد وغايته الحقيقية؛ لذلك يبقى الأصل في حرية الإعلام في الفقه الإسلامي هو الإباحة فلا توجد عليها قيود إلا فيما تعلق بالعقيدة أو الأخلاق أو النظام العام، أو حقوق الآخرين.فالإسلام. قد كفل حرية التعبير ووضع لها ضوابط، والتي لا يقصد منها التضييق على الإنسان في ممارسة حرية التعبير، بل من أجل حماية المصلحة العامة والمصلحة الخاصة ومن هذه الضوابط، الالتزام بالصدق والعدل، والالتزام بالقول الحسن والحكمة والتقيد بالأخلاق الحميدة وحماية الحياة الخاصة للناس واحترام معتقدات الآخرين.  فالقيود والضوابط الواردة على الإعلام من منظور إسلامي، مستمدة من خصائص الشريعة الإسلامية، المبنية على الوسطية والاعتدال، فهو وسط بين أنظمة تطلق العنان لحرية مطلقة منفلتة، وأخرى تقيدها لدرجة تفقدها ماهيتها وتجعلها مضطهدة، فالحرية الإعلامية بشكل عام في الشريعة الإسلامية ذات مفهوم عقائدي تعبدي، خاضعة للشريعة، وفي ضوئها يجتهد الفقهاء في وضع الضوابط والقيود.                 (للموضوع مراجع)

صدور كتاب: الضوابط القانونية للتغطية الإعلامية في الشأن القضائي
صدر حديثا عن دار مضة للنشر والتوزيع والترجمةكتاب: الضوابط القانونية للتغطية الإعلامية في الشأن القضائي دراسة مقارنة_ للدكتور عمار بن جدة، وأصل الكتاب دراسة علمية أكاديمية تهدف لتسليط الضوء على نقاط الظل والمسائل الشائكة والمعقدة في العلاقة بين الإعلام والقضاء بهدف تحقيق التكامل والانسجام المطلوب بينهما، وفقا لأحدث التعديلات التي عرفتها التشريعات الإعلامية المقارنة (الفرنسي والمصري) والقانون العضوي للإعلام الجزائري لسنة 2023.
لأن دراسة الضوابط القانونية للتناول الإعلامي في شأن القضائي، تهدف إلى تحقيق التوازن المطلوب بين مصلحتين مختلفتين جديرتين بالحماية، وهما المصلحة العامة المتمثلة في حق المجتمع في عدالة جنائية فعالة وقضاء مستقل، وبين المصلحة الخاصة المتعلقة بحماية الحريات الشخصية وسائر حقوق الإنسان، كالحق في الخصوصية والحق في الكرامة واحترام قرينة البراءة والحق في المعلومة.
   وهنا تبرز أهمية هذا الكتاب بالنسبة للإعلاميين ورجال القانون على حد سواء، فأعضاء السلك القضائي مطالبون بالتكيف مع التطور الهائل الذي شهدته تكنولوجيا الإعلام والاتصال ، والارتقاء بالخطاب الإعلامي  من أجل ضمان حرية التعبير وحق المواطن في المعلومة دون الماس بحسن سير العدالة .كما يجب على رجال الإعلام في الجهة المقابلة معرفة مجالات تحركهم والحدود التي لا يجوز تجاوزها عند تغطيتهم لمختلف المسائل المتعلقة بالشأن القضائي، حماية وحفظا لحقوق أخرى لا تقل أهمية عن الحق في الإعلام والمعلومة، كالحق في الخصوصية والحق في احترام قرينة البراءة وحقوق المتهمين.
    وعليه يمكن لهذا الكتاب أن يكون دليلا عمليا للقضاة والمحامين والإعلاميين، لتحقيق التوازن والتكامل بين الإعلام والقضاء والتخفيف من نقاط التصادم والاختلاف، من أجل حسن سير العدالة وحماية الخصومة الجنائية من أي تأثير سلبي من وسائل الإعلام من جهة، وضمان حق المواطن في المعلومة وحرية الإعلام من جهة أخرى، حسبما قال صاحبه.

قـراء و مشايخ يحلون بتندوف
حلت قافلة علمية دينية بولاية تندوف لتقديم أمسيات قرآنية وتنظيم ندوات علمية حول مخاطر المخدرات في المؤسسات التربوية وفي مختلف مساجد الولاية.
القافلة التي حلت تحت إشراف مديرية الشؤون الدينية وتنظيم مسجد حمزة بن عبد المطلب والجمعية العلمية الثقافية مالك بن نبي وجمعية الاتحاد الرياضي للتاهيل البدني، شرعت في أنشطتها من يوم الإثنين وواصلتها إلى نهار أمس الأول الخميس، حيث عرفت بالأساس تنظيم أمسيات قرآنية من قبل القارئين محمد إرشاد مربعي وعبد العزيز سحيم، وهما القارئان اللذان شاركا في إمامة صلاة التراويح بجامع الجزائر الأعظم، وقد سبق لهما التتويج بجوائز وطنية ودولية في حفظ القرآن الكريم وتجويده، كما تم تنظيم ندوات ببعض المؤسسات التربوية، في إطار حملة تحسيسية جوارية حول مخاطر المخدرات أطرها إلى جانب القارئين: الأستاذين محمد الهادي الحسني، وبوعمرة سونة مالك، وبوغازي علي، كما قدموا دروسا وقراءات بمسجد حمزة بن عبد المطلب.حسبما نشر في بعض المواقع.

وفق ما تؤكده الوثائق الإسلامية المعاصرة
الإسلام أقر حقوق العمال وصان كرامتهم
حرصت الوثائق الإسلامية المعاصرة التي صدرت عن هيئات علمية وسياسية إسلامية ذات الصلة بحقوق الإنسان، على التأكيد على حق إبراز حق العامل التي كفلها له الإسلام ليمارس عمله ويعيش في كرامة ويشعر بالعدالة الاجتماعية دون إكراه أو اضطرار، وقد استندت في تقرير حقوق العامل من نصوص الكتاب والسنة التي ما انفكت تؤكد على أن العمل واجب.
ومن بين تلك الوثائق البيان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمد من قبل المجلس الإسلامي بتاريخ باريس 21 من ذي القعدة 1401هـ، الموافق 19 أيلول/سبتمبر 1981م، الذي نص في مادته (17)التي خصصت لحق العامل وواجبه، على أن  (‹العمل»: شعار رفعه الإسلام لمجتمعه: «وقل اعملوا» (التوبة: 105)، وإذا كان حق العمل: الإتقان: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه» (رواه أبو يعلى، مجمع الزوائد، جـ 4).
فإن حق العامل: (1)أن يوفى أجره المكافئ لجهده دون حيف عليه أو مماطلة له: «أعطوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه» (رواه ابن ماجة بسند جيد).، (2) أن توفر له حياة كريمة تتناسب مع ما يبذله من جهد وعرق: «ولكل درجات مما عملوا» (الأحقاف: 19). (3)أن يمنح ما هو جدير به من تكريم المجتمع كله له: «اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون» (التوبة: 105). «إن الله يحب المؤمن المحترف» (رواه الطبراني، مجمع الزائد، جـ 4). (4) أن يجد الحماية التي تحول دون غبنه واستغلال ظروفه قال الله تعالى: «ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه حقه» (رواه البخاري (حديث قدسي)).
ويستمد هذا الحق قوته أيضا من حق آخر نص عليه البيان في المادة (18) يتعلق بحق الفرد في كفايته من مقومات الحياة حيث ذكر أن (من حق الفرد أن ينال كفايته من ضروريات الحياة .. من طعام، وشراب، وملبس، ومسكن .. ومما يلزم لصحة بدنه من رعاية، وما يلزم لصحة روحه، وعقله، من علم، ومعرفة، وثقافة، في نطاق ما تسمح به موارد الأمة -ويمتد واجب الأمة في هذا ليشمل ما لا يستطيع الفرد أن يستقل بتوفيره لنفسه من ذلك: «النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم» (الأحزاب: 6)).
كما يستمد قوته أيضا من الحقوق الاقتصادية التي أمد عليها البيان في المادة (16)،ومما جاء فيها: (أ) الطبيعة - بثرواتها جميعا- ملك لله تعالى: «لله ملك السموات والأرض وما فيهن» (المائدة: 120). وهي عطاء منه للبشر، منحهم حق الانتفاع بها: «وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا» (الجاثية: 13). وحرم عليهم إفسادها وتدميرها: ولا تعثوا في الأرض مفسدين» (الشعراء: 183). ولا يجوز لأحد أن يحرم آخر أو يعتدي على حقه في الانتفاع بما في الطبيعة من مصادر الرزق: «وما كان عطاء ربك محظورا» (الإسراء: 20). (ب) لكل إنسان أن يعمل وينتج، تحصيلا للرزق من وجوهه المشروعة: «وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها» (هود: 6)، «فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه» (الملك: 15). (ج) الملكية الخاصة مشروعة -على انفراد ومشاركة -ولكل إنسان أن يقتني ما اكتسبه بجهده وعمله: «وأنه هو أغنى وأقنى» (النجم: 48). والملكية العامة مشروعة، وتوظف لمصلحة الأمة بأسرها: «ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم» (الحشر: 7). (د) لفقراء الأمة حق مقرر في مال الأغنياء، نظمته الزكاة، «والذين في أموالهم حق معلوم. للسائل والمحروم» (المعارج: 24 و25). وهو حق لا يجوز تعطيله، ولا منعه، ولا الترخص فيه، من قبل الحاكم، ولو أدى به الموقف إلى قتال مانعي الزكاة: «والله لو منعوني عقالا، كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه» من كلام أبي بكر رضي الله عنه في مشاورته الصحابة في أمر مانعي الزكاة. (هـ) توظيف مصادر الثروة، ووسائل الإنتاج لمصلحة الأمة واجب، فلا يجوز إهمالها ولا تعطيلها: «ما من عبد استرعاه الله رعية فلم يحطها بالنصيحة إلا لما يجد رائحة الجنة» (رواه الشيخان)، كذلك لا يجوز استثمارها فيما حرمته الشريعة، ولا فيما يضر بمصلحة الجماعة. (ز) رعاية مصلحة الأمة، والتزام قيم الإسلام العامة، هما القيد الوحيد على النشاط الاقتصادي، في مجتمع المسلمين.)
كما أكد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن (العمل حق تكفله الدولة والمجتمع لكل قادر عليه، وللإنسان حرية اختيار العمل اللائق به مما تتحقق به مصلحته ومصلحة المجتمع، وللعامل حقه في الأمن والسلامة وفي كافة الضمانات الاجتماعية الأخرى. ولا يجوز تكليفه بما لا يطيقه، أو إكراهه، أو استغلاله، أو الإضرار به، وله -دون تمييز بين الذكر والأنثى-أن يتقاضى أجرا عادلا مقابل عمله دون تأخير وله الاجارات والعلاوات والفروقات التي يستحقها، وهو مطالب بالإخلاص والإتقان، وإذا اختلف العمال وأصحاب العمل فعلى الدولة أن تتدخل لفض النزاع ورفع الظلم وإقرار الحق والإلزام بالعدل دون تحيز)، وغيرها من الوثائق التي تكشف عن مدى حرص الإسلام على حقوق العمال حتى لا تهضم حقوقهم ولا يتعرضون للإهانة وهم يؤدون واجبهم.
ع/خ

الرجوع إلى الأعلى