تلقت بقايا الجماعات المسلحة التي تراجع نشاطها الإرهابي في القرى و المدن، ضربة قاصمة منتصف شهر رمضان الجاري، بالمدينة الجديدة علي منجلي غير بعيد عن مدينة قسنطينة التي اتخذها الإرهابيون في الآونة الأخيرة هدفا استراتيجيا جديدا لنشاطهم الإجرامي الهدّام، بعدما أغلقت في وجوههم جميع المنافذ التي كانوا يتسللّون منها.
 الفلول الذين يطلّون من مخابئهم في أوقات مدروسة، كانوا يأملون من خلال الاستراتيجية هذه بعث رسالة خدمة للأجانب و الإدعاء كذبا أن الإرهابيين مازالوا موجودين في الجزائر كلّها و مازالت لديهم القدرة على إلحاق الأذى و الخراب و إحداث الصخب الإعلامي المأمول على المستوى الدولي.
غير أن عملية نوعية لقوات الأمن المشتركة أسقطت المخطط الإرهابي و ما يحمله من أضرار و دمار في الماء، و مكنّت من تحييد ثلاثة إرهابيين خطيرين و ثلاثة عناصر دعم و إسناد و القبض عليهم جميعا.
 و من ثمة استغلال المعلومات التي تكون بحوزة هؤلاء لملاحقة الفارين من المجتمع و العدالة و كشف المزيد من المخططات الإرهابية التي رسمت قصد التركيز على مناطق بعينها و إيهام الرأي العام الوطني و الدولي أن الإرهاب بإمكانه الضرب في المناطق الأكثـر تأمينا و أمنا.الرسالة التي ينوى الإرهاب تبليغها إلى مناطق أخرى في العالم العربي و الإسلامي و التي تعرف تصاعدا كبيرا للأعمال الإرهابية، تريد إعطاء انطباع عام بأن ما يسجل من عمليات معزولة و محاولات إرهابية فاشلة في الجزائر و على قلّتها، هي امتداد أو على علاقة بتلك العمليات الإرهابية الغريبة التي ما فتئ يسجلها العالم باستياء و استنكار في المناطق الساخنة مثل ليبيا و اليمن و العراق و سوريا و مصر و أخيرا إيران التي أصبحت هدفا في مرمى الإرهاب الذي تشابه على الناس منذ صدور الفتوى الشهيرة التي أطلقها رئيس الولايات المتحدة و سمح لنفسه بتحميل التهمة للبعض
و تبرئة البعض الآخر و ما يترتب عنها من أحكام جائرة قد تنذر بحرب خليجية أخرى لن يسلم منها أحد في المنطقة.
و يبدو أن الإرهاب و فلوله عندنا لم يستوعب الدروس جيّدا من خلال المواجهة الدموية التي جمعته على مدار عشريتين مع مختلف مصالح الأمن و انتهت بدحره عسكريا و هزمه سياسيا و دفنه في مقبرة سحيقة لا يمكنه أن يخرج منها أمام الضربات التي يتلقاها يوميا على يدي قوات الجيش الوطني الشعبي التي رفعت لواء هذه الحرب الطويلة الأمد و التي سوف لن تنتهي إلا بالقضاء على آخر إرهابي يمكن أن يشكل خطرا على الشعب الجزائري.
و يجد الفلول و البقايا في الجاهزية الدائمة و اليقظة المستمرة لمؤسسة الجيش و مختلف الأسلاك الأمنية و كذا الوعي الشعبي بحجم المخاطر التي تهدد الأمن القومي، الرّد الملائم على مزاعمه الكاذبة من أن الخطر الإرهابي ما زال قائما و أنه بإمكانه عرقلة التحولات العميقة التي تعرفها الجزائر في مجال بناء المؤسسات الدستورية و تشييد ملايين السكنات و المرافق التربوية و الصحية و فسح الأبواب للاستثمار الوطني و الأجنبي.
و ما كان لآفة الإرهاب أن تنحسر و تتوارى في بلد محلّ أطماع و نوايا سيئة، لو لم تجد سياسة مصالحة رشيدة تبنت من جهة اللّين مع التائبين و الرأفة بالمغررّ بهم و من جهة أخرى تبنت الصرامة و اليقظة مع شبكات الدعم و الإسناد و اللجوء إلى الغلظة مع الإرهابيين الذين وضعوا أنفسهم في خدمة المخططات الأجنبية الهدّامة.
النصر

الرجوع إلى الأعلى