دعا وزير الاتصال، محمد مزيان، أول أمس الخميس بوهران، الأسرة الإعلامية الوطنية لتكوين جبهة تتبنى خطا تحريريا قيميا خاصة عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن القيم الوطنية التي تضمنها بيان أول نوفمبر والتي مازالت مكرسة في مختلف المجالات ويعكسها دفاع الجزائر على القضايا العادلة والحق والحقيقة، مؤكدا أنه على الإعلاميين الالتزام بهذه القيم في ظل هذه الجبهة التي تكون بنية تتبع أبنية أخرى منها النظام السياسي والاقتصادي وتدعم العمل الذي تؤديه مؤسسات الدولة في ميادين أخرى، مشيرا إلى أن الإعلام الوطني عائلة واحدة ودعم قوي لالتحاق الجزائر بالدول الناشئة..
وأوضح وزير الاتصال محمد مزيان في كلمته التي ألقاها في افتتاح اللقاء الأول للصحفيين والإعلاميين الجزائريين والذي احتضنه فندق الميريديان بوهران، أن الغاية من هذه الثورة السلمية المفاهيمية والإجرائية، هي خدمة وترقية المهنة و الانتقال من الكم إلى الكيف وأن يحتل الصحفي مكانة احترام وتقدير في المجتمع، موضحا أن هذا الطرح يتضمن القيم المهنية التي ترتكز وتستند على الدقة والممارسة وتناوب الأدوار في الفعل الإعلامي.
و أشاد الوزير بالأسرة الإعلامية الوطنية الموحدة والتي تجسدت صورتها في لقاء وهران كعائلة متماسكة ومنسجمة وهذا ما من شأنه أن يثير العديد من التساؤلات لدى الغير، وفق الوزير، الذي شدد على أن الإعلام الوطني هو عائلة واحدة موحدة لا فرق فيها ما بين الإعلام الحزبي والإعلام الحر والإعلام الخاص والإعلام العمومي، بل الجميع يلتفون حول عائلة واحدة خاصة في هذا الظرف الذي تعيشه البلاد مما يعطي دفعا للمنتوج الوطني ولمؤسسات الدولة في مسار التحاق الجزائر بقوة بمصاف الدول الناشئة التي تمتاز بانسجام مجتمعها وبتطور اقتصادها وبفاعلية دبلوماسيتها.
و أعرب مزيان في السياق عن الافتخار بما تقدمه الدبلوماسية الجزائرية من انتصارات تحت قيادة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، وأبرزها ما حققته من انتصار باهر مؤخرا في أديس أبابا، مردفا أن الإعلام الوطني مطالب بمرافقة هذا الانتقال الطفروي لمصاف الدول الناشئة، و الذي سيجعل الجزائر تحتل مكانة مرموقة وسيلعب الاقتصاد دورا بارزا، وبالتالي فالمرافقة الإعلامية لهذا المسار ستكون ضرورية، يضيف الوزير.
و أضاف الوزير أن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، يكن للأسرة الإعلامية كل المودة والتقدير والاحترام، مشيرا أنه في كثير من المرات عندما يذكر الإعلام يقول «لا مستقبل للجزائر دون إعلام وطني محترف ويحسن مساءلة الأشياء»، مبرزا أن أهم الأسئلة التي لابد أن تطرح هي التكوين المتواصل والمتخصص، «فالدقة مثلا هي قيمة متعالية في الممارسة الإعلامية لأنها تركز على مصدر المعلومة»، وهذه القيمة، يضيف الوزير، غير موجودة عند بعض مهنيي القطاع الذين يستنجدون بمصادر مشبوهة عبر شبكات التواصل الاجتماعي يستقون منها معلوماتهم، في الوقت الذي يجب عليهم محاربة هذا الفضاء إعلاميا لأن مجمل المضامين مصادرها مشبوهة ومعروف من أين تأتي، حيث يبدو ظاهرها أمرا بسيطا ولكن محتواها يخفي أمورا قد تمس بأمن الدولة و انسجام المجتمع، مستطردا «عندما يعلن الغير الحرب عليك، فاعلم أنك بصحة وعافية».
قيم الدولة والمجتمع قاسم مشترك للخط التحريري
وقال مزيان، إنه في إطار الإصلاحات المستقبلية يجب على المؤسسات الإعلامية أن تستمد مضامينها من قيم الدولة والمجتمع وأن تجعلها قاسما مشتركا لخطها التحريري عندما يتعلق الأمر بالوطن، أما في مسار العمل المعتاد لهذه المؤسسات فيكون التنافس في الأفكار والتوجهات باحترافية راقية و متحضرة، وهنا وجه مزيان نداء للمؤسسات الإعلامية الوطنية لبذل مجهود لضمان تكوين متخصص ومتواصل لطاقمها الصحفي والإعلامي لبلوغ درجة الاحترافية وترقية الفرد والمؤسسة، وهذا استشرافا لمستقبل المهنة في ظل المهن الجديدة التي ستظهر في الوقت الذي اختفت فيه مهن عديدة.
و وجه مزيان نداء للأسرة الإعلامية الوطنية لاحتلال مكان فاعل و بارز على شبكات التواصل الاجتماعي، والهيمنة على هذه الشبكات من خلال لعب دور بارز في الدفاع عن الجزائر ورموز الدولة في إطار الاحترام وبأدب و احترافية، وهذا مثلما أفاد الوزير، لا يعني تهديدا للآخرين أو مساسا بحريتهم أو محاولة المساس بفضاء التواصل، خاصة و أن الجزائر، مثل ما قال، ليس لها مشكل مع حرية التعبير الخادمة التي هي مرحب بها وفق مبادئ الدستور، محذرا في ذات الوقت من أن يتم تجاوز النقد للقذف، فالجزائر، يضيف، ستتطور وعلى الإعلام مرافقة ودعم هذا المسار وما تقدمه مؤسسات الدولة في قطاعات أخرى، مشيرا إلى أن المجتمعات التي تتجاوز المرحلة الصناعية، تدخل في نمط اجتماعي يسمى عند البعض «المجتمع الإعلامي» وعند آخرين «مجتمع ما بعد التصنيع»، خصائصه تفضيل المحلية أي الارتباط بكل المعلومات المتصلة بالبيئة القريبة للإنسان، وهذا النمط يعطي قيمة كبيرة لدور المرأة في المجتمع وبالتالي يناط بالإعلام مهمة إبراز هذا الدور ومدى مساهمتها في المجهود الوطني.
الإعلام ركيزة أساسية لتعزيز الاستقرار والوحدة الوطنية
و في لقاء خاص بإذاعة وهران، أكد وزير الاتصال محمد مزيان، أن الجزائر القوية المنتصرة بحاجة إلى أذرع دعم وإسناد، وفي مقدّمتها الإعلام الذي يُعدّ ركيزة أساسية لتعزيز الاستقرار والوحدة الوطنية، ومواجهة التحديات الجيوسياسية في محيط دولي معقد.
وأضاف وزير الاتصال ، أن الجبهة الإعلامية لا تُختزل في حزب أو جمعية، بل هي بمثابة عائلة يتقاسم أفرادها القيم، والالتزام الصادق تجاه الوطن، وهو ما يجعلها امتدادًا فعليًا للجبهة الداخلية للمجتمع الجزائري، مركزا على أن الهدف من هذه اللقاءات الجهوية هو مساءلة المهنة لترقية الأداء المهني الإعلامي و رص الصفوف لخلق جبهة إعلامية، هي ليست حزبا ولا تنظيما و إنما توجه قيمي مجرد ينبني على مجموعة من المعارف التي تفيد الصحفي و المؤسسة الإعلامية وبالتالي القيم الوطنية، لتكون العائلة الصحفية على موعد مع التاريخ، مشيدا بأن الصحافة الوطنية كانت في مستوى التاريخ وكانت دوما إلى جانب الدولة وإلى جانب مؤسسات الدولة وإلى جانب المجتمع الجزائري، وأن الوزارة ستعمل جاهدة على انتهاج سياسة التقارب بين مراكز التكوين والمؤسسات الإعلامية لخلق الانسجام بين ما هو نظري وما هو عملي مهني، والسعي للتحكم في التكنولوجيات الجديدة ومنها الذكاء الاصطناعي، وتقنيات الجيل الخامس، معرجا على أن غاية اللقاءات مساءلة كل المتغيرات الأساسية المرتبطة بالممارسات المهنية لهذا القطاع الإستراتيجي، وهي فرصة للتساؤل حول التكوين الذي يجب أن يتماشى ومتطلبات السوق.
الجزائر كانت لها حضارة عندما كانت بعض الأمم تعيش البربرية
و أشار وزير الاتصال أن اختيار وهران لاحتضان أول لقاء للصحفيين، يرتكز على كونها ولاية عريقة وضاربة في التاريخ، فهي متواجدة ما قبل الاحتلال الإسباني لها، كما أن هذا الاختيار، يؤكد الوزير، فيه إجابة على من ينكر أن الشعب الجزائري أمة، مؤكدا بأن ما يسمى بالممالك الوطنية في التاريخ القديم كانت توجد مملكة «الماسيسيل» التي كان على رأسها ملك ذاع صيته وقتها في العلاقات الدولية، وهي ذات العلاقات التي هي قائمة حاليا في بلادنا، وكانت قرطاج التي تضاهي مكانتها مكانة روما، تدفع لمملكة نوميديا الجزية للظفر بالحماية، وهذا ما يعكس أن الجزائر كانت وقتها تحمي الدول ومهيمنة على مجريات الأحداث في التاريخ القديم، وهذا ما يدحض ما يقوله البعض بأن الجزائر مصنوعة من طرف الاستعمار الفرنسي ولا تاريخ لها، ويجهلون أنها موجودة عبر العصور وكانت لها حضارة، في الوقت الذي كانت فيه تلك الأمم تعيش في بربرية وهذا بشهادتهم هم أنفسهم.
وقد شارك في هذا اللقاء الذي نظمته وزارة الاتصال بالتنسيق مع ولاية وهران، ممثل المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية ومسؤولو العديد من المؤسسات الإعلامية، وصحفيون وإعلاميون من 17 ولاية من الغرب والجنوب الغربي للوطن وممثلو المكاتب الولائية للجمعيات والنقابات الوطنية.
للعلم، فبعد لقاء وهران ستكون لقاءات في قسنطينة وورقلة ويكون الاختتام في العاصمة يوم 28 أفريل الجاري، وكل التوصيات والاقتراحات التي خرج بها المشاركون في هذه الجلسات سترفع لاتخاذ القرارات المناسبة يوم 3 ماي القادم بمناسبة اليوم العالمي لحرية التعبير و الصحافة.
بن ودان خيرة