الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

سيدة المقام العراقي السيدة فريدة

الحرب شردت فناني العراق و  السياسة الفاشلة قضت على الثقافة في بلدي
تحدثت سيدة المقام العراقي الفنانة فريدة، أمس خلال ندوة صحفية نشطتها بقسنطينة، ساعات قبل إحيائها لحفل ساهر في إطار فعاليات الطبعة التاسعة من المهرجان الدولي للمالوف ، عن الواقع المزري لفناني العراق الذين شردتهم الحرب، و هجرتهم إلى بلدان أوروبا و دول الخليج و الأردن، بحثا عن مناخ مناسب للعيش، محملة حكومات ما بعد صدام مسؤولية تراجع  الحركية الثقافية و الفنية، التي باتت مهددة في صميمها بسبب همجية داعش و تعديها الصارخ على التراث العراقي بمختلف طبوعه.الفنانة العراقية القديرة، أكدت بأن الوضع في العراق لم يعد يسمح للفنان بالعيش، و لا بممارسة فنه، فالقائمون على الثقافة ،كما عبرت، لا يفقهون فيها، و هم دخلاء على القطاع و فشلوا حتى في إنجاح تظاهرة بغداد عاصمة الثقافة العربية سنة 2013، بالرغم  من الغلاف المالي الخيالي الذي رصد لحدث و قيمته نصف مليار دولار، وهو الوضع الذي خلف هجرة جماعية للفنانين ، بحثا عن مناخ أنسب و هربا من بطش تنظيم داعش الذي حرم الغناء خصوصا على المرأة، و أصبح يستهدف كل أشكال الحضارة و الفن  بشكل مباشر، ما دفع بفنانين أمثالها إلى حمل إرث بلدهم الفني و الهجرة إلى دول أخرى تحترم تراث الشعوب.و اعتبرت سيدة المقام العراقي، بأن وسائل الأعلام العراقية ،و تحديدا القنوات الفضائية، قصرت جدا في واجبها تجاه التراث العراقي، و أصبحت تصنع من مؤديي الأغاني الهابطة نجوما، ومن لا أحد فنانا، بينما تتقاعس في التعريف بتراث بلادها و المساهمة في الترويج له و الحفاظ عليه، ما صعب على الفنانين مهمة التواصل مع جمهورهم، مؤكدة بأن  عددا كبيرا من الفنانين اضطروا لمغادرة بلدهم غصبا ، بينما  وجد العديد من الشباب  المهتمين بأداء المقام، أنفسهم أمام خيار التخلي عنه و البحث عن بديل مربح في الأغاني السريعة، لأن الفن الراقي لا يحقق الربح المادي، مؤكدة بأنها لم تستفد من تجربتها ماديا بقدر ما خدمها الفن معنويا.
الفنانة و أستاذة موسيقى المقام، بالمعهد الموسيقى العراقي، أكدت بأنها وبحكم زياراتها المتواصلة للعراق، أصبحت تجزم بأن هذا البلد يمر بظروف صعبة جدا تهدد تراثه الحضاري و الفني و الثقافي بالاندثار، بعدما هجره عشاقه و بات عرضة للطمس و التحريف و التنكيل على يد الهمجيين، مطالبة الجهات القائمة على قطاع الثقافة في العراق بالاهتمام أكثر بالفن و الفنان ،حفاظا على إرث بلاد الرافدين الضارب في عمق التاريخ و الذي يزيد عمره عن أربعة قرون.وعن مشاركتها في فعاليات الطبعة التاسعة للمهرجان الثقافي الدولي للمالوف بقسنطينة، أكدت سيدة المقام العراقي فريدة، بأنها سعيدة بالتواجد للمرة الثامنة في الجزائر ، و الثانية في قسنطينة لتلتقي مجددا بجمهور عشقته و أحبت رقيه و تذوقه لفن المقام، القريب جدا إلى موسيقى المالوف، خصوصا من ناحية التغني بالقصائد و الموشحات الفصيحة، حيث اختارت له توليفة متنوعة من أغاني ناظم الغزالي و المقامات المرصعة بالتجديد الموسيقي.أما عن علاقتها بالفنانين الجزائريين، فقد أوضحت الفنانة فريدة، بأنها تعشق موسيقى رابح درياسة الذي تربطها به علاقة شخصية قديمة ، منذ غنى في العراق في ثمانينيات  القرن الماضي أغنيته الشهيرة «نجمة قطبية».
الندوة التي نشطته سيدة المقام العراقي، عرفت مشاركة بارزة لزوجها الموسيقار محمد حسين كمر،مدير مؤسسة المقام العراقي بهولندا مقر سكنى الفنانة منذ حوالي 20 سنة. الماسيترو محمد حسين كمر، تطرق بدوره إلى مشكل التهديد الصريح الذي بات التراث الفني و الحضاري العراقي يواجهه، واصفا مستقبل هذا الميراث بالمجهول، وهو ما دفعه، كما قال، إلى طرح فكرة مشروع خاص لتوثيق تراث المقام العراقي، وهو مشروع ،قال بأنه حظي بمباركة  اليونيسكو التي تصنف فن المقام كموروث حضاري إنساني، ضمن قائمة موروث 47 دولة أخرى، إضافة إلى أنه لقي دعما ايجابيا من قبل الصندوق العربي للثقافة و الفنون، مع ذلك لم تجد وعود المسؤولين العراقيين طريقها إلى التجسيد، و بقيت حبرا على ورق، مع أن المشروع بلغ نسبة إنجاز 60 بالمائة إلى غاية الآن. و أوضح المايسترو العراقي، بأن العمل لن يكتمل إلا بدعم مادي من وزارة الثقافة العراقية، لأنه مشروع مكلف يتطلب حوالي 800 ساعة تسجيل مع أوركسترا محترفة، لذلك يبقى مصيره معلقا إلى غاية الآن ،و مرهونا بجهود  مؤسسة المقام العراقي، بالتنسيق مع الفنانة فريدة و الفنان حسين الأعظمي، و سعد الأعظمي، و الفنان حامد السعدي.
مع ذلك أكد الموسيقار وزوجته الفنانة فريدة، على استعدادهما للسعي قدما من أجل الحفاظ على فن المقام، و تطويره عن طريق البحوث الأكاديمية المستمرة التي تهدف بالأساس لتصحيح أخطاء التدوين، و توريث موسيقى راقية للأجيال، و تطويرها بشكل يسمح لها بالاستمرار، وهو تحد أكدت السيدة فريدة نيتها على رفعه، تماما كما رفعت تحدي غناء المقام العراقي الذي كان حكرا على الرجال فقط.
نور الهدى طابي

جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com