الخطــــاب الأصولي الخلاصي تغــوّل في أوروبـــــا أيضــــا
يتحدث الباحث والمفكر أحمد دلباني في هذا الحوار، عن كتابه الجديد «مفاتيح طروادة/كتابات في أزمنة الهويات المغلقة»، الصادر حديثا عن دار التكوين بدمشق، والذي احتوى مجموعة من النصوص والمقالات. أحمد دلباني، وفي سياق الحوار دائما، يتحدث أيضا عن العديد من المحاور الشائكة وكلّها ذات صلة بأزمنة الهويات المغلقة وأزماتها المربكة والمرتبكة.
• حاورته/ نوّارة لحــرش
كتابك «مفاتيح طروادة»، الصادر منذ أيام، جاءت مقالاته ومقارباته لتناقش الانغلاق الهوياتي الذي أصبح يميز العالم اليوم في ظل تعثـر العولمة وشحوب ميراث الأنوار. فماذا تقول في هذا السياق؟
أحمد دلباني: لقد كان همي الأول منذ فترة أن تكون كتاباتي ومداخلاتي متميزة بانخراطها في النقاش العام والانفتاح على مُشكلات العالم المعاصر وقضايا الرَّاهن الفكري والحضاري بعامة. من هنا يأتي كتابي الأخير «مفاتيحُ طروادة» ليكتبَ فصلا جديدًا من تدخلي في شؤون اللحظة الملتهبة من التاريخ المعاصر الذي يعرفُ اختلالا وانفجارًا للأصوليات والتطرف في شكله الدينيّ بالأخص. لقد أصبح هذا الأمرُ، باعتقادي، يشكل هاجسا مُقلقا من هواجس الفكر العربيّ وهو يشهدُ –بصورةٍ فاجعةٍ– تراجعَ مشاريعه النهضوية والتحديثية لصالح الانتكاس الذي لم يتردَّد في الإفصاح عن نفسه في صورة تطرف وانغلاق هوياتي وانكماش أمام تحديات اللحظة العولمية بضخامة مُشكلاتها.
ندركُ جيّدًا، بهذا الصَّدد، مدى تغول الخطاب الأصولي الخلاصيّ على حساب التفكير التاريخي/الثوري والنقدي معا. ندرك جيدًا انتصار الآلهة المشهدي بعد غياب أثناء عهود الصَّخب الإيديولوجي. كأننا آثرنا، من جديدٍ، الزواجَ بالأبدية كرد فعل على سقوط سرديات التفاؤل التاريخي. والجديرُ بالذكر أنَّ هذا المناخ العام لا تعرفه الضفة الجنوبية من المتوسط فحسب وإنّما يجدُ أصداءَه المقلقة أيضا، كما هو معروفٌ، في القارة العجوز المُتميزة بصِلاتها التاريخية والثقافية الخاصة بمُستعمراتها السابقة.
هذه الأصداء المقلقة التي امتدت إلى القارة الأوروبية كما تقول. هل يمكن القول أنّها امتدت أكثـر في شكل «الإسلام المرعب»؟
أحمد دلباني: نعم، إنَّ هناك قلقا متزايدا في الغرب الأوروبيّ من حضور «الإسلام» اللافت في طبعته المُرعبة باعتباره ما يتأبَّى على الانفتاح أو عقد مُصالحة تاريخية مع الحداثة التي دشنت، منذ قرون، عهدَ انتصار العقل ومركزية الإنسان وتاريخية القيم. هذا، على الأقل، ما يُروّجُ له اليمين السياسي والفكري الذي يعيشُ ربيعَه الانتخابي وحضورَه الثقافي في شكل وعيدٍ مُخيف باقتراب «نهاية الغرب» على يد القنابل الموقوتة التي يمثلها المهاجرون العربُ والمُسلمون. سيكون من السهل، طبعا، أن ندركَ مدى ابتعاد هذا الخطاب عن ميراث «الأنوار» العظيم الذي شكل وجهَ الغرب الحديث، ولكنَّ هذا الأمرَ يجبُ أن يكونَ مناسبة سانحة لطرح مُشكلة العلاقة بالآخر المُختلف في سياق الأزمة الحضارية الحالية التي تشهدُ تنابذ الجزر الثقافية في أوقيانوس العالم. سيقول المُتسرّعون بالطبع: «هذا هو صدامُ الحضارات الذي تنبَّأ به هنتنغتون منذ عشريات». ولكننا نختلفُ جذريا مع هذا الطرح الهوياتي الجوهراني الذي يعتقدُ بوجود هويات تعلو على التاريخ الذي أنتجها، أو كيانات ثقافية تعيشُ زمنا رياضيا لا يعرفُ التغير والاغتناء. ما يجبُ التنبيهُ إليه، بهذا الصَّدد، هو أنَّ هناك قوى إيديولوجية وسياسية معروفة تستثمرُ دائما في الخوف من الأجنبيّ دون أن تكلف نفسها عناءَ فهم ما يحدثُ بالطبع.
لا يقفُ انتصارُ الأصولية الدينية عندنا إلا على أرض الخيبات والنكسات والفشل
هذا ما حاولتُ –في الكثير من مواد كتابي- أن أقفَ عنده مُسلحا بمُقارباتٍ تكشفُ عن الطبيعة التاريخية العرَضية للصراعات الرَّاهنة بين الكيانات الثقافية وهي تستنفرُ الذاكرة وتستنجدُ بالهوية باعتبارها ملاذا دافئا يقي الذات من خطر التلاشي في عالم لم يعُد يَعِدُ بالكثير. الهوية بيتُ الخائب دائما كما أقول، ولا يُمكنها أن تشكل مدارًا للتفكير إلا عند من صار يعتقدُ أنّه يعاني يُتمًا من أبوة التاريخ. تحضرُ الهوية عندما يضمحل الحديثُ عن المُستقبل وعندما تنسحبُ وعودُ التاريخ إلى الظل على ركح تراجيديا العالم. من هنا عنوان كتابي «مفاتيحُ طروادة». لقد ظلت هذه المدينة منيعة أمام مُحاولات اليونان لاختراقها كما أخبرنا هوميروس في عمله الخالد «الإلياذة» حتى تم ذلك من خلال حيلة شهيرة كما نعلم: حصان طروادة. ما أردتُ أن أقول –من خلال ذلك- هو أنَّ الخطابات المعاصرة التي تستثمرُ في الانغلاق الهوياتي تشبه طروادة وعلينا اقتحامُها وفضحها من خلال اختراقها وخلخلة مُسلماتها وإبراز السياقات المعقدة التي مكنت من انبثاقها شرقا وغربا.
من جهة أخرى تطرق الكِتاب لأزمنة الهويات وانفجار الأصوليات الدينية. برأيك ما الذي أدى إلى هذه الأزمات المتتالية في الهويات وانفجار الأصوليات الدينية التي أصبحت تشكل خطرا على منظومة القيم العربية وكذا الوعي العربي المعاصر؟ وكيف تقرأ تداعيات هذا الانغلاق راهنا ومستقبلا على حياة الفرد العربي؟
أحمد دلباني: الانغلاقُ الهوياتي وانفجارُ الأصوليات سِمة العصر وهما من النتائج الأكثر مشهدية لفشل الإيديولوجيات الخلاصية وانتكاس مشاريع الدولة الوطنية عندنا منذ نهايات القرن المُنصرم. لقد خرجت الأصولياتُ بكل طبعاتها من شقوق الحداثة الكلاسيكية التي ودَّعت -إلى غير رجعةٍ– عهودَ انتظار «الصباحات التي تغني». إنَّ اضمحلال الإيديولوجيات الكبرى كان يعني تلاشي سردية الخلاص التاريخي. وبالنسبة لنا، بوصفنا عربا أو مُسلمين، لا يقفُ انتصارُ الأصولية الدينية عندنا إلا على أرض الخيبات والنكسات والفشل التنموي الكبير. هذا ما يجعلني أقول دائما إنَّ لشجرة الزقوم جحيما تطلعُ فيه. وأنا لا أقرأ الظاهرة إلا في سياق الأزمة مع الذات والعالم. فالانكماشُ علامة تراجع وبحث عن قشة الخلاص في محيط التاريخ الأهوج ولا يمكنه أن يكونَ علامة ثقةٍ ومجابهة للتاريخ. من هنا لا أميل على الإطلاق إلى ذلك الطرح الثقافوي البائس -المُنتشر حاليا في أوساط اليمين الثقافي والسياسي– والذي يختزل تفسيرَ انفجار العنف والتطرف بردّه إلى ثقافةٍ بعينها أو بالرجوع إلى نصوصها التأسيسيَّة كما يحصل اليوم مع «الإسلام» مثلا. هذا نظرٌ قاصرٌ جدا برأيي. وهو، كما أعبّر، يذهبُ إلى اعتبار الرؤية الثقافية أو الدينيَّة «صندوق باندورا» الذي تخرجُ منه كل شرور العالم دونما اعتبار لثقل التاريخ والبنيات السوسيو- ثقافية التي تتأبَّى على مواكبة إيقاع التغير وتُفصحُ عن احتجاجاتها، أحيانا، في صورةٍ عنيفة كما يعرفُ الجميع.
لقد كان لهذا الأمر نتائج مُدمّرة وآثار فاجعة بكل تأكيد على مُجتمعاتنا كما هو معروفٌ، ولكننا لم نُحسن فتحَ النقاشات الإيجابية من أجل فهم أكثر إضاءة لواقعنا أو اجتراح آفاق جديدة من التفكير تُتيحُ لنا أن نكتب «أنطولوجيا الحاضر» -كما يُعبّر ميشال فوكو– بصورةٍ نقدية كاشفة. فحاضرُنا انفجاريّ ولا يُمكن مقاربته من خلال أنساق ذهنية نمطية مُتآكلةٍ أو أجهزةٍ مفهوميةٍ مُتواطئة مع سقوط المرحلة.
ما الذي يلزم إذن لمقاربة هذا الحاضر الانفجاري؟
أحمد دلباني: ما يلزمنا هو المقاربة التفكيكية التي تقرأ الأزماتِ في سياقها المعقد ولا تستثمرُ في إنتاج الدلالات التي تُبرّرُ أفعال الهيمنة كما نلاحظ، بكل أسفٍ، في الجهتين العربية –الإسلامية والغربية معا حيثُ يحضرُ «الإسلام» باعتباره هوية حضارية متخمة بالمركزية اللاهوتية المتعالية عند البعض، أو باعتباره فزاعة وتهديدًا أبديا لقيم الغرب الحديث عند البعض الآخر. في كلتا الجهتين نلاحظ انتصارَ النظر الجوهراني غير التاريخي وانخراطا في حمأة تأسيس المنطق الصّراعي الذي لا يخدمُ إلا أجندة من يستثمرون في الوضع القائم.
أيضا كيف ترى أُفق أو سقف العلاقة بين العربي/ المسلم والآخر الغربي في زمن انتشار التطرف والإرهاب، والفكر الإقصائي والتكفيري أحيانا؟
أحمد دلباني: أقول دائما بهذا الصَّدد أنه لا يُمكنُ أبدًا أن تكونَ الصورة التي يُكوِّنها العالمُ الغربي -الأوروبي عن الإنسان العربي- المُسلم إلا نتاجا لمخيال جبَّار ينهل من ذاكرة الصِّراع الماضي على احتكار رأس المال الرمزي للخلاص في حوض البحر المُتوسِّط من جهةٍ أولى، واحتكار مفهوم التاريخ –من جهةٍ ثانية- باعتباره مسيرة ظافرة نحو التقدم وتحرر العقل وانعتاق الإنسان تقودها أوروبا منذ «عصر الأنوار». وهنا تقفز إلى الذهن بسرعةٍ ذكرى الحروب الصَّليبية والاستعمار الحديث وصولا إلى أشكال الهيمنة الرَّاهنة على العالم العربي/ الإسلامي. إنَّ العربيَّ/ المُسلم ظل يمثل دائما ذلك «الآخر» الذي يحمل إرث المجابهة التنافسيَّة مع الغرب. ولكنَّ هذا، طبعا، لا يكفي لتفسير الصورة المُصدَّرة اليوم عن الإنسان المُسلم في الإعلام الغربيِّ والتي هي في الأساس «إسلاموفوبيا» مُتفاقمة حتى بين المُثقفين والنخب السياسية. إذ ربما لم يكن استحضارُ التاريخ إلا ذريعة للاستثمار في الخوف من أجل أهدافٍ سياسية تخدم اليمين المُتطرِّفَ المُنتعش بصورة لافتة سياسيا وثقافيا عبر أرجاء أوروبا المُنهكة بمشاكلها وأزماتها. إنَّ ما يجبُ التركيز عليه أكثر، برأينا، هو مُشكلة أوروبا مع هويتها الثقافية وحُدودها أولا، ومُشكلة المُسلمين مع العالم ومع ثقافتهم التي لم تشهد، بعدُ، مُصالحة جادة مع الحداثة من جهةٍ ثانية.
رد العنف إلى الإسلام نظرة قاصرة
وعلى هذا نرى أنَّ صُنعَ صورةٍ نمطية استهلاكية عن الآخر تجعله فزاعة في الفضاء العام لا يستندُ إلى الذاكرة التاريخيَّة العالمة فحسب، وإنّما –تحديدًا– إلى الأوضاع المُعقدة التي تعيشها البلدانُ الحاضنة لتدفق المُهاجرين وعدم قدرتها –في ظل الأزمة الاقتصاديَّة الحالية– على تجديد خطاب الاندماج الإيجابي لأبناء الهجرة في ظل سيادة فلسفةٍ ليبرالية ظلت تفتقرُ إلى إمكانية إدارة الشأن العام بالانفتاح على الأبعاد الثقافية والاقتصادية والاجتماعية للمواطنة، بعيدًا عن الشكلانية الحقوقية الموروثة عن تنوير علا وجهَهُ الشحوب. وربما يطرحُ هذا الأمرُ مُشكلة على أوروبا التي فقدت أبهة المركزية التي بوَّأتها مكانا عليًّا في نظام الحضارة لقرون طويلة خلت. إنَّ العالمَ الغربيَّ وريث «الأنوار» الكونية أصبح يجنحُ، شيئا فشيئا، إلى الانكماش وإلى التأكيد على خصوصيته وعلى «هوية شقية» يراها مُهدَّدة كما يُشيرُ إلى ذلك عنوان كتاب للفيلسوف الفرنسي اليميني آلان فينكلكروت. وأصبح، أيضا، مفتونا بــ»مديح الحدود» كما يُشيرُ عنوانُ كتابٍ آخر للكاتب الفرنسي رجيس دوبري. فماذا يعني ذلك؟ إنَّ أوروبا التي كانت في أساس تصدير قيم الكونية عبر الاستعمار التقليدي والهيمنة المُباشرة أصبحت تنكفئ على نفسها، أكثر فأكثر، وتدرك نسبية نموذجها الحضاريِّ بنوع من اليأس القاتل الذي ربما تمَّ معه، أيضا، استحضارُ نبوة شبنغلر عن «تدهور الغرب» أو نهايته في حلة جديدة كما نلاحظ مع الفيلسوف الفرنسي ميشال أونفري في آخر تصريحاته. ونعتقدُ أن أوضاعا مماثلة ليس بإمكانها أن تُنتجَ صورة إيجابية عن الآخر ما دامت الذات الأوروبية ترى نفسها مُهددة ولم تستطع أن تحتضنَ لحظة العولمة الإشكالية في عالم شهدَ ظهورَ أقطاب أخرى تنازع القارة العجوز أحقيتها في قيادة العالم والهيمنة عليه.
هذا يعني أنّ إمكانية تبرئة المسلمين من الصورة التي يروجها الغرب عنهم غير ممكنة بالمرة؟
أحمد دلباني: من جهةٍ أخرى، نعم، لا نستطيعُ أن نبرِّئَ المُسلمين بصورة تامة من الصورة التي يتمُ إنتاجها عنهم في الغرب. إذ لم يفعل المسلمون الشيءَ الكثير من أجل تجديد حياتهم وفتحها على إشكاليات الحداثة بصورة نقدية وغير استهلاكية. لقد كان دخولنا العصرَ الحديث –خلافا لذلك– يُشبهُ سياحة مومياء في عالم مُستقبلي افتراضي. وربما لم نفهم من الحداثة إلا جانبها التقني التحديثي وشكلانية المؤسسات، ولم يكن بمقدورنا أن نتجاوز تلك الثنائيات التي مزقت وعينا وأبقتنا أسرى للتعاطي الزائف مع الهوية كما تم إنتاجها باعتبارها «أصالة» مُتخيَّلة في مقابل «مُعاصرة» مُفرغة من مضمونها الحضاري والإنسانيّ وثوراتها العديدة التي أزاحت المُقدَّس من الفضاء العام لصالح مركزية الأنتروبوس. ويقيننا في ذلك أنَّ الكوابحَ كانت ثقافية وسوسيولوجية بالمعنى الواسع. إذ لم يتم اشتغال الذات على نفسها نقديا بشكل كافٍ، ولم نشهد التجديد الاجتماعي الذي يخلخل في العمق رواسبَ البنيات البطريركية وثقافتها القائمة على الإخضاع وهيمنة الذكورة. فكيف لنا أن نكونَ بمأمن من انفجار الأصوليات التي لا تمثل –في نهاية الأمر– إلا ردَّ فعل المجتمع التقليدي على تدهور قيمه أمام هجمة الحداثة المبتورة والشكلية والمُتعثرة؟ قد يكونُ الغربُ، فعلا، بسياساته وأشكال الهيمنة المُمارسة بصورةٍ سافرة في منطقتنا العربية -حفاظا على مصالحه وأمن الدولة العبرية– من الأسباب المُؤكدة لتفشي العنف الإرهابي وتنميط صورة العربي/المُسلم باعتباره عدوا للغرب والحضارة، ولكنَّ هذا لوحده لا يُفسِّرُ موجة الأصولية الدينية التي اجتاحت حياتنا باعتبارها مؤشرا على الفشل الكبير أمام التحديات المطروحة علينا منذ قرنين من الزمن ثقافيا وسياسيا وتنمويا. لقد بقي الإسلامُ المُستعاد، بذلك، أسيرَ نسخةٍ تقليدية مثلت حلما بالخلاص للملايين من المسحوقين ضحايا أنظمة الاستبداد والعسف والتبعية للغرب. ونعتقدُ أن هذه الصورة هي السائدة في الغرب عن المُسلم. إنّها صورة اليأس من «عالم بدون قلب» كما كان يُعبِّرُ ماركس في كلامه عن وظيفة الدين. وإذا كان سارتر يصفُ ثقافة أوروبا الكلاسيكية قبل قرنين بأنّها كانت «حضارة أناس ذكور وبيض» فبإمكاننا أن نتصور الأوروبي يصفُ ثقافتنا اليوم باعتبارها «حضارة رجال مُلتحين يقمعون المرأة».
نقول هذا ونحنُ ندرك جيدا أنَّ ابن رشد والمعري والشيخ الأكبر ابن عربي –تمثيلا لا حصرًا- يُمثلون ذكرى بعيدة جدّا عن إسلام عقلاني ومُتسامح ونقدي، طوتها غياهبُ النسيان تماما أمام الغليان الإيديولوجي الذي يُميز المرحلة وعنفها باسم الإسلام.