يتواصل انتشار حرائق الغابات في جنوب أستراليا اليوم الخميس وسط موجة حر تنذر بتفاقم الأزمة، في وقت حذر المسؤولون فيه من أن بعض المناطق قد تكون "لا تزال في بداية" الكارثة المدمرة التي بدأت شهر سبتمبر الماضي.
وأودت حرائق الغابات الكارثية بأكثر من 27 شخصا، ودمرت أكثر من 2000 منزل، وأتت على نحو 8 ملايين هكتار (80 ألف كلم مربع) من الأراضي، وهي مساحة توازي مساحة جزيرة إيرلندا، وارتفع هذا الأسبوع العدد الإجمالي للحيوانات التي يُخشى نفوقها في حرائق الغابات في أستراليا إلى أكثر من مليار.
ومع دخول البلاد عامها الثالث من الجفاف غير المسبوق، أتت الحرائق على نحو أكثر من 46 في المائة من مجموع المساحة التي أحرقت في الأمازون البرازيلية العام الماضي، ولا يزال أمام موسم الجفاف الأسترالي شهران آخران، وعلى الرغم من جهود الإنقاذ، مات ما يقدر بعشرات الآلاف من حيوانات الكوالا في جزيرة واحدة، ويخشى علماء البيئة من أن تؤدي الحرائق إلى محو الأنواع المهددة بالانقراض من الخريطة.
وفي ولاية فكتوريا المجاورة، مدد المسؤولون "حال الكارثة" لـ48 ساعة إضافية،قبيل ارتفاع متوقع لدرجات الحرارة غدا الجمعة، ما ينذر بحرائق كبيرة، وقال مفوض إدارة الإطفاء في الولاية،أندرو كريسب، أنه "نواجه وضعا خطيرا جدا في الساعة الـ12 و24 و36 ساعة المقبل".
و قد أخلى عشرات الآلاف من السكان بيوتهم بسبب الحرائق التي يتوقع أن تؤدي الأحوال الجوية إلى تفاقمها بعدما تحولت المنتجعات السياحية المكتظة عادة خلال هذه الفترة من السنة إلى مناطق مهجورة، ويتوقع أن يرافق ارتفاع درجة الحرارة التي بلغت 40 درجة مئوية رياح جد قوية يمكن أن تؤجج المئات من حرائق الغابات التي تشهدها البلاد منذ أربعة أشهر وتعذرت السيطرة على معظمها حتى الآن.
و على اثر هذه التطورات المتسارعة، قال رئيس الوزراء الأسترالي، سكوت موريسون، أن عدد الوفيات بسبب حرائق الغابات بالبلاد قد ارتفع إلى 27 شخصا، معلنا أن 2131 منزلا قد دمرت وأن عدد الوفيات قد يرتفع، مع العلم أن الحكومة الاسترالية قد أعلنت تخصيص مبلغ مالي إضافي بقيمة ملياري دولار أسترالي (1.4 مليار دولار أمريكي) لدعم جهود مكافحة الحرائق.
من جهته، قال رئيس وزراء ولاية فيكتوريا، دانييل ندروز "إذا تلقيتم تعليمات بالرحيل، فعليكم أن ترحلوا، هذه هي الطريقة الوحيدة لضمان سلامتكم، الوضع خطر في بعض هذه المناطق، ولا نستطيع ضمان سلامتكم".
وتشير التوقعات إلى أن الحرائق في جنوب شرق أستراليا ستتفاقم بسبب درجات الحرارة العالية والرياح القوية اليوم وغدا الجمعة، وقال موريسون "أنا واثق من أنه خلال اليوم ومع استمرار التقييمات بشأن الدمار ولاسيما في الضحايا، وأرى أن الأعداد ستواصل تغيرها للأسف وستواصل الأمور تفاقمها" وأشجع كافة الأستراليين على مواصلة إتباع نصائح السلطات ومواصلة تعاطفهم مع بعضهم البعض في ظل هذه الظروف".
في محاولة من الحكومة الاسترالية لاحتواء أزمة حرائق الغابات التي تواصل التهام مساحات شاسعة في البلاد و إيقاع ضحايا و حرق الملايين من الحيوانات و تدمير آلاف المنازل و تشريد عدد كبير من الأشخاص، استدعت الحكومة 3000 جندي في الاحتياط للمساعدة في مكافحة حرائق الغابات التي تلتهم أنحاء واسعة من القارة في تعبئة غير مسبوقة في تاريخ البلاد.
وتوجه الجنود إلى منازل المواطنين ونصحوهم بمغادرة بلدة بارندانا جنوبي استراليا في جزيرة كانغارو بعد أن اجتاح حريق ضخم المنطقة،فيما ارتفعت الحرارة إلى 38 درجة مئوية.
و قال رئيس الوزراء الاسترالي،الذي يواجه انتقادات شديدة بسبب طريقة إدارته لهذه الحرائق الكارثية المميتة المتواصلة إن "هذا القرار يسمح بوجود مزيد من الرجال على الأرض ومزيد من الطائرات في السماء ومزيد من السفن في البحر"،علما انه منذ أشهر يساهم الجيش الأسترالي في جهود مكافحة الحرائق من خلال قيامه بعمليات استطلاع جوي ورسم خرائط وبحث وإنقاذ ودعم لوجستي وجوي، وقد سبق له وأن نشر ألفي عسكري في إطار هذه الجهود.
وتأتي أزمة حرائق الغابات الحالية، فيما يواجه موريسون انتقادات لعدم اتخاذه تدابير كافية من أجل المناخ ومواجهة الاحتباس الحراري بما في ذلك خفض اعتماد اقتصاد البلاد على صناعة الفحم التي تشغل آلاف العاملين في أستراليا.
وقال رئيس الوزراء الأسترالي الذي طالما رفض الفكرة القائلة بأن تغييرا اقتصاديا في بلاده جدير بالتصدي لهذه الظاهرة ردا على تلك الانتقادات في وقت سابق "لن نذهب إلى أهداف غير مسؤولة تدمر الوظائف وتضر بالاقتصاد كما يطلب" مضيفا "لن أشطب وظائف آلاف الاستراليين من خلال الابتعاد عن القطاعات التقليدية".
يشار إلى أن ثلث الصادرات العالمية من الفحم وهو واحد من مصادر الطاقة التي تنجم منها انبعاثات غازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري، تأتي من استراليا وهو قطاع يؤمّن عددا كبيرا من الوظائف للأستراليين.
وتقع حرائق الغابات سنويا في أستراليا، لكنها في الموسم الحالي كانت سابقة لأوانها وعنيفة وأتت على مساحة توازي مساحة بلجيكا ويغطي دخانها الملوث عدة مدن في شرق البلاد في مقدمتها سيدني.
وكالات