يصوت 7.4 ملايين ناخب في النيجر اليوم في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية, للفصل بين المرشحين محمد بازوم, و ماهامان عثمان , في استحقاقات «حاسمة» تشكل «أول انتقال ديمقراطي للسلطة» في تاريخ البلاد.
و ستجرى عملية الاقتراع في 26 ألف مكتب تصويت في عموم البلاد عبر 16 دائرة انتخابية, بعدما قررت مفوضية الانتخابات إجراء جولة ثانية , في ظل فشل أي من المرشحين الرئيسيين في الحصول على نسبة الأصوات الكافية للفوز في الجولة الأولى, وهي 50 بالمائة.
و كان وزير الداخلية النيجيري, محمد بازوم, ممثل حزب (النيجر من أجل الديمقراطية والاشتراكية) الحاكم, و خليفة الرئيس المنتهية عهدته, محمدو إيسوفو - الذي أعلن عدم الترشح لعهدة ثالثة - قد حصل على 39 بالمائة من الأصوات في الجولة الأولى من الرئاسيات التي جرت في 27 ديسمبر المنصرم , بينما جاء الرئيس الأسبق مهامان عثمان المنتمي إلى (المؤتمر الديمقراطي والاجتماعي) في المرتبة الثانية بنسبة 17 بالمائة من أصوات الناخبين.
و تعتبر هذه الجولة من الانتخابات «ذات أهمية بالغة» في النيجر ,مهما كان الفائز بها, حيث ستشهد هذه الدولة التي يبلغ عدد سكانها 22 مليون نسمة «أول تسليم ديمقراطي للسلطة», بعدما تخلى الرئيس المنتهية عهدته محمدو إيسوفو عن سعيه إلى عهدة رئاسية ثالثة, مكتفيا بعهدتين.
ويوصف بازوم بأنه «الذراع اليمنى» للرئيس إيسوفو, وقد تعهد منذ الجولة الأولى, بمواصلة العمل بسياساته في حال انتخابه, كما تعهد بالقضاء على الفساد المستشري. أما خصمه مهامان عثمان, رئيس النيجر المنتخب ديمقراطيا بين عامي (1993 و1996) قبل الإطاحة به إثر انقلاب عسكري, فله باع طويل في الساحة السياسية النيجيرية, وكان المتحدث باسم برلمان المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا /إيكواس/ بين عامي 2006 و2011 , قبل أن يتحول إلى معارض شرس للرئيس تانغا مامادو عندما حاول الأخير الترشح لولاية ثالثة في عام 2009.
وسيكون للانتقال السلمي للسلطة «أهمية كبيرة» بالنسبة للنيجر التي شهدت أربعة انقلابات عسكرية في تاريخها, حيث سيتعين على البلاد مواجهة جملة من التحديات أبرزها تلك المتعلقة بالأمن ومكافحة الجماعات الإرهابية, فضلا عن الفقر والنزوح والفساد المستشري.
و يجري هذا التحول الديمقراطي, فيما تكافح النيجر تنامي هجمات الجماعات الإرهابية في الجنوب الشرقي للبلاد, المتاخم للحدود مع نيجيريا , على جبهتين الأولى تنتمي بشكل خاص إلى ما يسمى بـ»تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى», حيث تتمركز في غرب البلاد على طول الحدود التي تفصلها عن مالي وبوركينا فاسو, و الثانية تقوم بالاعتداءات في منطقة بحيرة تشاد , و هي جماعة «بوكو حرام» الإرهابية وفرع ما يسمى بـ»تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا».
و تسببت أعمال العنف التي تفجرت منذ عام 2010 في مقتل مئات المدنيين, وتشريد مئات آلاف الآخرين (300 ألف شخص في الشرق, و160 ألفا في الغرب) , حيث كان عام
2020 الأكثر دموية مقارنة مع العام الحالي الذي سجل مستويات أقل نسبيًّا من العنف, إلا أن جيرانها في منطقة الساحل (مالي وبوركينا فاسو) مازالا يعانيان من خسائر عسكرية ومدنية كبيرة, وقد أعاقت هذه الهجمات الحركة والتجارة, وفرضت ضغوطًا إضافية على اقتصاد واحدة من أفقر البلدان في العالم.
و تبقى الأولوية التي يجب أن يكرّسها الرئيس المنتخب في النيجر, هي تعبئة إستراتيجية بعيدة المدى تضم المجتمعات المحلية والشركاء الإقليميين من أجل عكس الاتجاه التصاعدي في الأنشطة الإرهابية, للسماح بتجسيد المشاريع التنموية لإعطاء نفس للاقتصاد المتدهور لهذا البلد الإفريقي.
ومن أجل خوض غمار التنافس في هذه الاستحقاقات الرئاسية, تشكلت خلال الحملة الانتخابية التي اختتمت يوم الجمعة, تحالفات سياسية لصالح كلا المترشحين.
واصطف 18 حزبا من المعارضة, من بينهم المعارض البارز حاما أمادو- الذي منع من الترشح بسبب تورطه في قضية المتاجرة برضع- , إلى جانب المرشح عثمان ضمن تحالف /كاب 20-21 /. و حذر هذا التحالف من عدم الاعتراف بنتائج الدور الثاني من الانتخابات , «إذا لم تتسم بالشفافية».
في المقابل, انضوى 10 من بين المترشحين في الدور الأول من بينهم سالو جيبو الرئيس الأسبق- الذي حل سادسا في الدور الأول- تحت «تحالف المترشحين من أجل التغيير», مقترحا «دعمه لكل مترشح يهمه الأمر».
و في إطار إجراء هذا الاقتراع, سترافق بعثة الاتحاد الأفريقي, بقيادة الوزير الأول الموريتاني الأسبق, أسغير ولد مبارك, العملية الانتخابة , وإجراء «مراقبة صادقة ومستقلة وحيادية، بالإضافة إلى تقييم تنظيم وإجراءات هذه الانتخابات», حسبما أفادت به مفوضية الاتحاد الإفريقي.
(واج)