تتوالى المكاسب التي ما فتئت تحصدها القضية الصحراوية في الآونة الأخيرة، على المستوى الدولي لا سيما الأمريكي الذي أكد عبر العديد من المواقف الصريحة والواضحة، تمسك البيت الأبيض بتسوية النزاع في الصحراء الغربية عبر الشرعية الدولية، التي أكدت عليها الأمم المتحدة والتي أدرجت إقليم الصحراء الغربية ضمن الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي.
وجاء موقف مساعد كاتب الدولة الأمريكي المكلف بالشرق الأوسط بالإنابة، جوي هود، ليفصل من جديد في الموقف الأمريكي فسواء من الجزائر أو الرباط أكد المسؤول الأمريكي خلال جولته في المنطقة في جويلية الماضي، وبوضوح موقف الإدارة الأمريكية من تسوية النزاع في الصحراء الغربية.
وخلال زيارته للجزائر قال السيد هود في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية، أن "موقف الولايات المتحدة واضح نريد عملية تقودها الأمم المتحدة تفضي إلى اتفاق يمكن من تحقيق السلام والاستقرار" في المنطقة مسترسلا بالقول : "هذا هو الأفضل للمنطقة وهذا ما سنضع وقتنا وطاقتنا وجهدنا فيه".
وإذ جاءت تصريحات المسؤول الأمريكي، لتقطع دابر الدعاية المغربية التي لازالت تعتقد أنه باستخدامها مصطلح "لا تغيير في الموقف الأمريكي" ستثبّت موقف واشنطن من إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب حول اعترافه بالسيادة المزعومة والوهمية للمغرب على الصحراء الغربية.
وعليه فإن الموقف المعلن للمسؤول الأمريكي أو مسؤولين في الخارجية الأمريكية، قد وضع حدا لتأويلات مغلوطة للمغرب، وقدمت بالمقابل تفسيرا واضحا بهذا الخصوص وهو أن التغيير ينتظر أن تقره الأمم المتحدة، في قضية الصحراء الغربية باعتبارها قضية تصفية استعمار، وهي المخولة دون غيرها في البحث مع طرفي النزاع المغرب وجبهة البوليساريو لإيجاد حل من شأنه أن يساهم في إحلال سلام عادل ودائم في المنطقة.
كما حسمت تصريحات متطابقة لمسؤول في الخارجية الأمريكية، خلال لقاء مع قناة الحرة حول المسألة، موقف الإدارة الأمريكية الجديدة من إعلان ترامب أكد خلالها أن إدارة جو بايدن "تتشاور بشكل خاص مع الأطراف حول أفضل السبل لوقف العنف وتحقيق تسوية دائمة، وليس لدينا أي شيء آخر نعلنه في هذا الوقت".
المواقف الأمريكية تفصل بين إقليم الصحراء الغربية والمغرب
ولم تمض أيام، لتضع الإدارة الأمريكية من جديد المغرب أمام أمر الواقع، من خلال نشر الرئيس الأمريكي جو بايدن خريطة للعالم تظهر بوضوح الحدود الطبيعية لجمهورية الصحراء الغربية التي تخضع للاستعمار المغربي منذ عام 1975.
وجاء ذلك خلال حديث الرئيس الأمريكي جو بايدن عبر حساباته الاجتماعية عن توزيع بلاده لأكثر من 110 مليون جرعة من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا على 60 دولة حول العالم.
وهو الأمر الذي اعتبرته العديد من الأطراف الصحراوية والدولية "انتصارا للقضية الصحراوية" وضربة لتأويلات المغرب الذي لا زال يجاهد للترويج لمقاربته في المنطقة.
هذا، ويمكن للمتتبع للموقف الأمريكي من قضية النزاع في الصحراء الغربية أن يستوعب أن توالي القرارات الأمريكية حول المسألة تثبت في كل مرة تمسك البيت الأبيض بما نصت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تعتبر أن إقليم الصحراء الغربية لا يخضع للحكم الذاتي وبالتالي فهو من ضمن الأقاليم غير المتمتعة بالاستقلال.
وهو الأمر الذي أكده من جديد قرار الكونغرس الأمريكي الذي شدد مؤخرا على أنه لا يمكن إنفاق المساعدات الأمريكية المخصصة للمغرب والمنصوص عليها في الميزانية الفدرالية الأمريكية لعام 2022 في الصحراء الغربية، دون موافقة كتابة الدولة، وفقا لمشروع الميزانية الذي أقرته لجنة النواب المكلفة بتخصيصات الموازنة.
وهنا يمكن للعام والخاص، أن يتأكد أنه لو كان البيت الأبيض يؤيد مقاربة المغرب في الصحراء الغربية لما كانت الغرفة السفلى في الكونغرس قد اشترطت موافقة كتابة الدولة لاستعمال المغرب المساعدات الأمريكية في الصحراء الغربية.
ولابد من الإشارة في هذا المقام، أن هذه التدابير المالية، تم اعتمادها بالرغم من الضغوط المغربية من خلال اللوبي المغربي في واشنطن الذي حاول الاستحواذ على المساعدات سنة 2014، غير أن عمل لجنة تابعة لمجلس الشيوخ المكلفة بمخصصات الميزانية حددت سنة 2017 المساعدات الممنوحة للصحراء الغربية فصلا منفردا عن ذلك المخصص للمغرب باعتبار أن إقليم الصحراء الغربية منفصلا عن المغرب.
وتأتي كل هذه التطورات، عقب قرار محكمة التحقيق المركزية الاسبانية التي برأت رئيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، إبراهيم غالي، حيث أعلن قاضي التحقيق، سانتياغو بيداراز، عن حفظ وأرشفة الشكوى التي تقدمت بها جمعية موالية للمخابرات المغربية، سنة 2008 ضد الرئيس غالي، في إهانة جديدة للمغرب الذي جند آلته الدبلوماسية ووسائل إعلامه لتشويه سمعة الرئيس الصحراوي ومن خلاله نضال الشعب الصحراوي من أجل إحقاق حقه في تقرير المصير.
وأج