• المغرب يعيش تراجعاً خطيراً في حرية الصحافة والجرائد المستقلة اختفت
• شركة الطيران «رايان إير» تقرر الانسحاب نهائيا من المغرب
استبعدت مدريد عودة الدفء إلى العلاقات مع المغرب، وقال وزير الشؤون الخارجية الإسباني خوسي مانويل ألباريس، إن عودة العلاقات الطبيعية بين بلاده والمغرب ستطول، ويأتي ذلك في الوقت الذي تواجه فيه المملكة متاعب اقتصادية واجتماعية جراء جائحة كورونا وتداعياتها على الأسر الفقيرة في المغرب وسط حديث عن ضربة «قاسية» لقطاع السياحة، بالإضافة إلى التراجع الخطير الذي تعيشه حرية الصحافة في المملكة.
أكد وزير الشؤون الخارجية الإسباني خوسي مانويل ألباريس، أن عودة العلاقات الطبيعية بين بلاده والمغرب ستطول، مجددا رغبة إسبانيا في إيجاد تسوية سياسية للنزاع في الصحراء الغربية الذي «عمر لعقود». وذكرت صحيفة «الباييس» الإسبانية، نقلا عن مصادر بوزارة الخارجية أن الوزير ألباريس أعلن أن الأزمة الدبلوماسية بين إسبانيا والمملكة المغربية «ستطول»، مؤكدا أن «الوصول إلى هدف إعادة العلاقات بين البلدين يتطلب وقتا طويلا».
وقال الوزير الإسباني : «التزامي هو ضمان أن تكون العلاقة مع المغرب علاقة متينة، بعيدا عن الإجراءات الأحادية الجانب (مثل الدخول غير القانوني لأكثر من 10000 مهاجر إلى سبتة في ماي الماضي)، وعلى أن تكون قائمة على الثقة والمنفعة المتبادلة». وأضاف رئيس الدبلوماسية الإسبانية «إسبانيا ليست في عجلة من أمرها وأن إعادة العلاقات بين البلدين ستستغرق وقتا طويلا».
وبحسب صحيفة «الباييس»، فإن «الزيارة الأولى لوزير الخارجية الإسباني إلى الرباط ليست على جدول أعماله، كما أن موعد عودة السفيرة المغربية إلى مدريد، التي كانت الرباط استدعتها في ماي الماضي، لم يعرف بعد». وخلال تطرقه إلى نزاع الصحراء الغربية، جدد ألباريس التأكيد على أن إسبانيا ترغب في إيجاد حل لهذا الملف الذي «عمر لعقود طويلة»، حيث بات ملفا «منسيا».
وتجدر الإشارة إلى أن العلاقات بين المغرب و إسبانيا تشهد أزمة اندلعت منذ معارضة إسبانيا قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب خلال ديسمبر 2020 عندما اعترف بـ «سيادة» المغرب المزعومة على الصحراء الغربية. وتواصلت الأزمة بين البلدين إثر قرار المغرب التساهل في مراقبة الحدود مع سبتة ومليلية التابعتين للسيادة الإسبانية وخاصة منتصف مايو الماضي عندما دخل إلى المدينة أكثر من عشرة آلاف مغربي منهم قرابة ألفي قاصر، تلتها سحب السفيرة المغربية كريمة بنعيش من مدريد.
وكانت مصادر إعلامية إسبانية قد روجت لاحتمال عودة الدفء إلى العلاقات الثنائية بين البلدين وإظهار ذلك بمثابة نصر دبلوماسي مغربي للتستر على المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه المملكة بسبب تداعيات جائحة كورونا، وتوالي النكسات الاقتصادية، حيث اعتبر البنك الدولي، في آخر تقرير، أنّ انتعاش الاقتصاد المغربي «لا يزال هشاً»، وأنّ التحسن الذي سجل في العام الماضي في الحساب الجاري آخذ في التراجع جزئياً، ملاحظاً اتساع عجز التجارة والحساب الجاري مرة أخرى، لكن المستوى المريح لاحتياطيات النقد الأجنبي يدل على عدم وجود ضغط على ميزان المدفوعات.
قطاع السياحة المغربي تعرض لضربة قاسية
ونقلت صحيفة «مغرب أنتلجنس» عن مصادر أن قطاع السياحة المغربي تعرض لضربة قاسية جديدة بعد إعلان شركة الطيران الإيرلندية «رايان إير»، الانسحاب نهائيا من المغرب اعتبارا من ماي المقبل. وأشارت الصحيفة إلى أن العلاقات بين إدارة شركة «رايان إير» والسلطات المغربية كانت قد شهدت توترا متصاعدا مع بداية تفشي جائحة «كوفيد- 19» بالبلاد في 2019.
وتشتكي شرطة الطيران الإيرلندية مما يوصف بالإغلاق المتتالي وغير المبرر للمجال الجوي المغربي، ما قيل إنه «منع (رايان إير) من الوفاء بالتزاماتها تجاه عشرات الآلاف من الركاب الذين يستخدمون خطوطها». ولفتت الصحيفة في هذا السياق إلى أن شركة «رايان إير» كانت قررت في منتصف ديسمبر 2021، «تعليق رحلاتها إلى المغرب حتى 1 فبراير المقبل بسبب إغلاق الرباط لأجوائها مرة أخرى. وفي الوقت الحالي، لا شيء يؤشر على أن الحدود الجوية المغربية سيعاد فتحها في نهاية يناير الجاري».
ومع تفاقم العجز الاقتصادي وتردي الأوضاع الاجتماعية، بدأت الانتقادات تنهال على الحكومة المغربية برئاسة عزيز أخنوش رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار (وسط)، حيث اعتبر البرلماني عن نقابة «الاتحاد الوطني للشغل، خالد السطي، أن الحكومة لم تَفِ بالوعود الاقتصادية والاجتماعية التي أطلقتها خلال المائة يوم الأولى من عمرها. وقال السطي إن «الوعود التي أطلقتها أحزاب التحالف الحكومي في قطاعات التعليم والصحة والتشغيل لم يتحقق منها شيء».ولا تقتصر المخاوف على الشق الاجتماعي، بل
يواجه المغرب شبح نقص الموارد المائية الذي يهدد بعض مناطق المملكة بنقص في مياه الشرب بسبب التراجع الحاد في مخزون المياه في بعض السدود بشكل خاص وتأخر تساقط الأمطار، وهو ما دفع الحكومة إلى إطلاق «خطة استعجالية» لتفادي العطش في هذه المناطق. وتظهر بيانات وزارة التجهيز والمياه أنّ مخزون المياه في السدود لم يتجاوز 34.1 بالمائة، مقابل 44.4 بالمائة في الفترة نفسها من العام الماضي، حتى نهاية الأسبوع الماضي. وتأخر تساقط الأمطار منذ بداية العام الحالي، وتراجعت التساقطات بنسبة 61 بالمائة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
كما تزداد المخاوف من تراجع القدرة الشرائية للأسر بالمغرب في العام الحالي، وينتظر أن يصاحب هذا التراجع في القدرة الشرائية تفاقم الديون الأسرية التي تصل قيمتها الإجمالية إلى 42 مليار دولار، ما يمثل 34 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي. بالموازاة مع ذلك، سيتباطأ نمو القروض الاستهلاكية التي انخفضت من متوسط نمو في حدود 20.5 في المائة إلى 6.6 في المائة في العام الحالي.
المغرب يعيش تراجعاً خطيراً في حرية الصحافة
ويأتي التراجع الاقتصادي وتردي الأوضاع الاجتماعية متزامنا مع التضييق الذي يفرضه المخزن على حرية التعبير في المملكة، حيث قال أحمد رضا بنشمسي، مدير التواصل والمرافعة في قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة “هيومن رايتس ووتش”، إن المغرب يعيش تراجعاً كبيراً وخطيراً في حرية الصحافة.
وأشار بنشمسي، أنه حينما كان يشتغل صحافياً في المغرب، كان الجو والسياق مختلفاً جداً عما هو عليه الآن، بحيث لا يمكن مقارنة الحرية التي كانت وقتها مع ما يجري الآن. وأضاف: “عشر سنوات بعد ذلك تغير السياق بالكامل، فالمنابر الصحافية المستقلة أغلقت واحداً بعد الآخر، إما بتضييقات إدارية أو مالية، فالمقاطعة الإشهارية وصلت إلى مستوى لا يطاق، الشيء الذي تسبب في نزيف مالي لعدد من المنابر الإعلامية”.
وأكد بنشمسي أن الصحافة الورقية المستقلة في المغرب اختفت، يضاف إليها اختفاء الصحافة الاستقصائية، لأن البلد وصلت فيه الأمور لدرجة ترهيب الصحافيين، وأصبحت الرقابة الذاتية هي سيدة الموقف. وأضاف “بتنا أمام انهيار تام لاستقلالية الصحف وللقيم المهنية كما هي متعارف عليها ويجب أن تكون”. وأبرز بنشمسي أن “هيومن رايتس ووتش” رصدت خروقات عديدة في محاكمة الصحافيين سليمان الريسوني وعمر الراضي، خاصة ما يتعلق بالاعتقال الاحتياطي الطويل وغير المبرر، علماً أن المواثيق الدولية تؤكد أنه يجب أن يبقى تدبيراً استثنائياً، وإن كان استثنائياً يجب أن يكون معللاً. ع سمير