الاحتـلال ينتقـم من المدنيــين الصامدين في وجـــه سياسة التهـــجير
يزداد الوضع الإنساني في قطاع غزة تدهورا خصوصا في محافظة الشمال، وإلى جانب القصف المستمر وسياسة التطهير العرقي وحرب الإبادة الجماعية، التي ينفذها جيش الاحتلال الصهيوني منذ بداية العدوان ، يواجه سكان غزة الجوع والأمراض المعدية التي تنتشر بشكل لافت في محافظة الشمال ومدينة غزة، ويشتد الوضع بشكل أكبر خلال الأيام الأخيرة بعد نفاد كل الأطعمة، ومنع الاحتلال وصول المساعدات الإنسانية إلى الشمال وفرضه حصارا خانقا على المدنيين، مما أدى إلى تسجيل عدة حالات وفاة بسبب الجوع وسوء التغذية خاصة لدى الأطفال.
ويسعى الاحتلال الصهيوني للانتقام من المدنيين الأبرياء الذين صمدوا في وجه مخططاته الرامية إلى التهجير القسري للسكان، ورغم المحاولات الحثيثة من الاحتلال في بداية هذا العدوان لتهجير سكان شمال غزة إلى جنوبها برفح ثم نحو الخارج، إلا أن المواطنين صمدوا في أرضهم رغم آلة القتل الصهيونية التي طالت كل شيء ولم يترك الاحتلال شبرا واحدا من تراب غزة آمنا للمدنيين.
وإلى جانب المجاعة التي تتوسع بشمال غزة بعد النفاد التام للطعام، يواجه السكان الأمراض المعدية التي تنتشر هي الأخرى بشكل واسع في أوساط السكان والنازحين المتواجدين في مراكز الإيواء بسبب انعدام المياه الصالحة للشرب، وقلة النظافة وانتشار النفايات، وانهيار المنظومة الصحية التي دمرها الاحتلال بشكل متعمد، وأشار في هذا الإطار الملخص الصحفي اليومي الذي يصدره المكتب الإعلامي لحركة حماس في غزة إلى تسجيل أزيد من 700 ألف إصابة بالأمراض المعدية والجلدية ونزلات البرد والاسهال والتهاب الكبد الوبائي بين النازحين، كما سجلت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة نقص حاد في وحدات الدم ومشتقاته، إلى جانب تسجيل8 آلاف حالة عدوى التهاب الكبد الوبائي الفيروسي بسبب النزوح، و180 ألف حالة التهاب تنفسي حاد، بالإضافة إلى 136400 حالة اسهال وجفاف حاد عند الأطفال دون سن الخامسة، و50 ألف حالة مرض جلدي منها 26 ألف حالة جرب وتقمل و5330 حالة جدري، كما سجلت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة 350 ألف مريض مزمن يفتقرون إلى الرعاية والمتابعة الطبية وانعدام فرص الحصول على أدويتهم المقررة، إلى جانب 10 آلاف مريض بالسرطان بحاجة للرعاية الدائمة و11 ألف مريض يحتاجون بشكل عاجل إلى غسيل الكلى.
وتعيش غزة كل هذه الأوضاع المأساوية التي تزداد تعقيدا يوما بعد يوم في ظل تقاعس وتخاذل وصمت دولي، دون أن يمنع استمرار هذه الإبادة الجماعية التي تعددت فيها أشكال القتل بين القصف والقنص والإعدام الميداني والتعذيب والجوع والأمراض، ويضيف الكيان الصهيوني يوميا إلى سجله الإجرامي المزيد من المجازر ضد المدنيين العزل، وكشفت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أمس عن ارتكاب جيش الاحتلال 8 مجازر راح ضحيتها 92 شهيدا و 123 جريحا خلال 24 ساعة الأخيرة، لترتفع حصيلة العدوان الصهيوني على قطاع غزة إلى 29606 شهيد و69737 إصابة منذ بداية العدوان.
ويركز جيش الاحتلال الصهيوني قصفه خلال الأيام الأخيرة على دير البلح التي أدعى أنها آمنة، وكان أمر النازحين بالتوجه إليها، وبعد اكتظاظها بالنازحين من الشمال والجنوب يقوم الكيان الغاصب بقصف المنازل فوق رؤوس ساكنيها، حيث ارتكب منذ يومين مجزرة مروعة بعد قتله 40 مواطنا أغلبهم من النساء والأطفال، وتزامنت هذه المجزرة مع المرافعات ضد الاحتلال في محكمة العدل الدولية، كما ارتكب جيش الاحتلال مجزرة أخرى ليلة أول أمس بنفس المنطقة راح ضحيتها 24 شهيدا جلهم من النساء والأطفال وكبار السن، وكأن الاحتلال يقول للمجتمع الدولي الذي يحاكمه في محكمة العدل الدولية بارتكاب المزيد من الجرائم، أن هذه المحاكمة لن توقفه عن المزيد من الجرائم وقتل المدنيين، خصوصا وأنه يستند إلى الفيتو الأمريكي الذي يشهر ضد كل مشروع قرار جديد قد يؤثر عليه وعلى مسار حرب الإبادة التي ينفذها في غزة.
من جانب آخر اعتبرت حركة حماس الخطة التي طرحها رئيس حكومة الاحتلال الصهيوني حول ما سمي باليوم الأخير من الحرب على غزة مجرد أوهام وانفصال عن الواقع، وأكدت الحركة وفق ما جاء في التقرير اليومي لمكتبها الإعلامي في غزة بأن الشعب الفلسطيني لا يزال صامدا على أرضه، ومقاومته فعالة وتكبد الاحتلال وجنوده يوميا خسائر فادحة في المعدات والأرواح، وأوضحت الحركة بأن هذه الأفكار تندرج في سياق الحرب النفسية على الشعب الفلسطيني ومقاومته، وكذا كسب الوقت من طرف رئيس حكومة الاحتلال للاستمرار في جرائمه، بعد الطريق المسدود الذي وصله جيشه في غزة، والأسئلة المطروحة حول مستقبل هذه الحرب.
وأكدت حركة حماس بأن كل مساعي الاحتلال لتصفية القضية الفلسطينية، سواء عبر حرب الإبادة الحالية على المدنيين في القطاع، أو عبر مشاريع سياسية خبيثة ستؤول حتما إلى الفشل وستنكسر على صخرة صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته ووحدته في مواجهة الاحتلال. نورالدين ع