600 طالب اعتقلوا ومطالب بالانتفاضة ضد اللوبي الصهيوني
يدخل الحراك الطلابي الأميركي يومه الثاني عشر، ويتسيد التوتر الموقف مع تصاعد حمى الاعتقالات التي أسفرت إلى الآن عن اعتقال 600 طالب من 15 جامعة وكلية، كما امتدت الاحتجاجات الداعمة لغزة، إلى جامعات أخرى عبر العالم، وبلغ صداها كندا وبريطانيا وفرنسا واليابان، فيما أخذت المطالب في التوسع بعدما غذاها القمع، وعلت شعارات جديدة لتحرير الجامعات من قبضة اللوبيات الصهيونية و ظهر حديث عن سياسات الجماعات الضاغطة و مشاريع مثل كناري ميشن و الأوقاف.
العدوى تتجاوز حدود البلاد
عدوى احتجاجات الطلبة الأميركيين، التي انطلقت في 18 أفريل بجامعة كولومبيا بنيويورك وشارك فيها طلبة يهود كذلك، انتقلت إلى كندا بعدما التحق بها طلبة من جامعة ماكغيل بمونتريال، أين قال منظمون لمخيم اعتصام بأنهم « دخلوا في اعتصام مفتوح من أجل وقف الإبادة في غزة، إلى جانب المقاطعة الاقتصادية والأكاديمية لإسرائيل»، كما يواصل طلبة في جامعة السربون وكلية العلوم السياسية بفرنسا مظاهراتهم، ويحظون بدعم وحماية نواب وسياسيين يتقدمهم زعيم اليسار جان لوك ميلانشون، الذي شارك الجمعة في احتجاج لطلبة كلية العلوم السياسية، وصفهم خلاله « بأنهم الصوت الأخير الذي يحفظ شرف فرنسا».
وقد التحق بالحركة طلبة بجامعة طوكيو باليابان، وجامعة لندن ببريطانيا و نظم طلبة بجامعتي ملبورن وسيدني بأستراليا اعتصاما مفتوحا.
وكان مجلس إدارة جامعة كولومبيا مهد الحراك، قد أعلن أمس، عن إنشاء فريق لمراجعة قرار الإدارة باستدعاء الشرطة لفض الاحتجاجات المستمرة والاعتصام خوفا من انفجار الوضع.
وأفادت إدارة جامعة «نورث إيسترن يونيفرسيتي» ببوسطن، السبت، أن قوات الأمن الأمريكية قامت بتوقيف نحو مئة شخص أثناء محاولتها فض اعتصام طلابي في الجامعة، مقابل ذلك أسقط الادعاء الخميس الماضي، التهم الموجهة ضد 46 من بين 60 شخصا تم اعتقالهم في جامعة تكساس، وأرجع القرار إلى «أوجه القصور في إفادات السبب المحتمل».
وأوردت وكالة رويترز، أن مكتب الجمعية الوطنية للنهوض بالملونين في جورجيا، أثار تساؤلات حول ما وصفه بأنه «استخدام واضح للقوة المفرطة» ضد أشخاص يمارسون حرية التعبير.
وأضاف «يجب اعتبار استخدام القوة ملاذا أخيرا فقط ويجب أن يكون متناسبا مع التهديد القائم».
من جهة أخرى، نددت منظمة هيومن رايتس ووتش، واتحاد الحريات المدنية الأمريكي، باعتقال المتظاهرين وحثا السلطات على احترام حقوقهم في حرية التعبير.
ونفت مجموعات النشطاء بشدة أن تكون الاحتجاجات معادية للسامية، وقالت إن هدفها هو الضغط على الجامعات حتى تسحب استثماراتها من الشركات التي تدعم العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة.
«رابطة اللبلاب» تقود الحراك
وقد بلغ الحراك الطلابي مستوى غير مسبوق منذ حرب فيتنام، كما أكدته وسائل إعلام عالمية و ذهبت إليه صحف أميركية، ووصل عدد الطلبة الذين اعتقلتهم الشرطة الأميركية عبر 15 جامعة إلى 600 طالب، ووصل الأمر إلى حد اعتقال الشرطة للمرشحة للرئاسيات جيل ستاين، أثناء مشاركتها في احتجاج مساند لغزة، بجامعة جورج واشنطن.
وبلغ عدد الجامعات والكليات التي التحقت بالانتفاضة إلى الآن 42 جامعة، معظمها تعمل تحت مظلة «رابطة اللبلاب» وهي أعلى رابطة تعليمية في البلاد تكون رؤساء و صناع قرار وقاعدة النخب السياسية، وتضم أعرق ثمان جامعات أميركية على غرار كولومبيا و هارفرد وبنسيلفينيا و ييل.
كما يشارك في الحركات الاحتجاجية التي تدخل أسبوعها الثاني، أعضاء من هيئات التدريس و التحق بها منتخبون و نواب في البرلمان منهم من زاروا مخيمات اعتصام للطلبة لأجل شحذ هممهم، ويعتبر متابعون بداية انخراط سياسيين و هيئات طلابية وأكاديمية مرموقة في انتفاضة الطلبة في أمريكا مؤشرا مهما عن صحوة الوعي وتهالك السردية الصهيونية، ويرون بأن قمع المظاهرات و فك الاعتصامات بالقوة صب للزيت على النار، ما سيؤجج الوضع أكثر.
القمع يعيد « مشروع الكناري « إلى الواجهة
وأمام القمع الذي يتعرض له الطلبة المحتجون، بدأت كرة الثلج في التعاظم أكثر، كما أخذت المطالب بعدا أوسع ووصل الأمر ببعض الطلبة إلى رفع شعارات تطالب بتحرير الجامعات الأميركية من قبضة اللوبي الصهيوني، بعدما اتضح جليا أنه يتحكم في عصب التعليم في أميركا عن طريق التمويل و المنح.
وأظهرت فيديوهات يتم تداولها بشكل واسع على المنصات التفاعلية وبالأخص منصة «إكس»، احتجاجات و اعتصامات قدم خلالها الطلبة المحتجون في جامعات أمريكا خطابات أشارت إلى ضرورة تحرير الجامعة من سيطرة اللوبي الصهيوني، وعاد الحديث بقوة عما يعرف بمشروع « الكناري».
ويعرف كناري ميشن، بأنه مشروع صهيوني أطلق عام 2014، وهو عبارة عن موقع إلكتروني للوشاية، يجمع معلومات و يقدم ملفات عن النشطاء من الطلاب والأساتذة في جامعات أميركا الشمالية المتهمين بـ»معاداة إسرائيل والسامية»، وتستخدم تلك الملفات في السعي لفصل الطلاب من الدراسة، وفي حال تخرجهم يتم إبلاغ جهات العمل المحتملة لمنع توظيفهم.
كما تقوم السلطات في دولة الاحتلال بمنع الطلبة والمدرسين الواردة أسماؤهم بدخول الأراضي الفلسطينية المحتلة، خاصة وأن هناك طلبة يهودا في القوائم السوداء التي يتم إنشاؤها اعتمادا على تحليل محتوى شبكات التواصل الاجتماعي.
كما يتضمن الموقع الخاص بالمشروع قسما لمقالات يمكن أن يكتبها الناشطون في حال رغبتهم في تقديم اعتذار لإزالة ملفاتهم من تلك القائمة.
ورغم تلقيها تبرعات كمنظمة غير ربحية كما يظهر على موقعها، إلا أنه لا توجد منظمة تحمل اسم «مشروع الكناري» في سجلات مصلحة الضرائب الأميركية، كما ينص القانون المحلي.
وقد أظهرت تقارير إعلامية أن رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق، كانت قد أدرجت على الموقع، أسماء عشرة طلاب في القائمة السوداء للطلبة المعادين للسامية، وذلك عند انطلاق أولى شرارات الحراك يوم 18 أفريل. وأمام ممارساتها واستدعائها للشرطة لفض الاعتصام في بدايته، اتخذ مجلس إدارة الجامعة قرارا بإحالتها للتحقيق على خلفية ذلك.
الأوقاف.. سلاح جماعات الضغط الصهيونية
يعد مطلب سحب الاستثمارات الإسرائيلية وتعليق الأنشطة الاقتصادية والأكاديمية مع الجامعات، من أهم وأبرز المطالب التي رفعها الطلبة المحتجون في أمريكا، و ترتبط خلفية ذلك بالسلطة التي تمارسها جماعات الضغط الصهيونية في الجامعات الأمريكية أين تفرض منطقها و تتحكم في كل مقاليدها، عن طريق اللوبي المالي الذي يعتمد على الأوقاف أو ما يعرف بأوقاف الجامعات، حسب ما ذهبت إليه وكالة الأنباء الأميركية غير الربحية أسوشيتد برس.
وتتمثل هذه الأوقاف فيما يشبه صناديق تمويل في الجامعات، تبدأ بتبرعات كبيرة لشخصيات ثرية، تستخدم لدفع الأجور و لتمويل الأنشطة التعليمية ودفع المنح الدراسية للطلبة المتفوقين و تشييد المباني، و تصل في بعض الجامعات إلى ممتلكات و صناديق تضم أموالا ضخمة.
وحسب الرابطة الوطنية للكليات والجامعات في أمريكا، فإن قيمة هذه الأصول بلغت سنة 2023، ما يعادل 13.6 مليار دولار في جامعة كولومبيا وحدها، أما في جامعة هارفارد فتقدر هذه التمويلات و الأوقاف بأكثر من 50 مليار دولار.
ويتم جمع هذه المبالغ و الهبات عن طريق شبكة علاقات يقودها خريجون يعتلون مناصب قيادية وهامة، كما تعتمد الجامعات في الحصول عليها على نشاط مديري استثمار خارجيين، و تسند تسييرها إلى البنوك الاستثمارية و الشركات الناشطة في ذات المجال، وقد طالب المحتجون في جامعة ييل مثلا، بسحب الاستثمارات من الشركات المصنعة للأسلحة التي تساعد إسرائيل، بالمقابل ركز طلاب جامعة كولومبيا على شركات التكنولوجيا على غرار « غوغل» التي فصلت إلى الآن أكثر من 50 موظفا مساندا لغزة، عبروا عن رفضهم لمشروع شراكة حول الحوسبة السحابية مع جيش الاحتلال.
هدى طابي