أجلت، أمس، المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرتي اعتقال ضد رئيس وزراء حكومة الكيان الصهيوني و وزير دفاعه بتهمة ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة بعد الطلب الذي كان قد تقدم به المدعي العام لدى المحكمة كريم خان في نهاية شهر ماي الماضي.
وتواجه المحكمة الجنائية ضغوطات كبيرة لمنع إصدار مذكرات اعتقال ضد قادة الكيان الصهيوني أو عرقلتها من طرف بعض الدول والمنظمات المنحازة للاحتلال الإسرائيلي، وكشف أمس المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان عن تقدم بعض الدول والمنظمات بعشرات المذكرات إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي للطعن والتشكيك في اختصاصها القضائي للنظر والسير في الحالة في فلسطين، وذلك لمنع المحكمة أو عرقلة قدرتها على إصدار أوامر إلقاء قبض على قيادات أمنية وسياسية تابعة للاحتلال الإسرائيلي، وأشار نفس المصدر في بيان نشره أمس أن هذه الجهات تسعى إلى منع المحكمة من السير في إجراءات محاكمة قادة الاحتلال ومساءلتهم على خلفية ارتكابهم جرائم ضد الشعب الفلسطيني على الأرض الفلسطينية المحتلة، وبخاصة الجرائم التي يتم ارتكابها في قطاع غزة منذ السابع أكتوبر الماضي.
واعتبر المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان أن هذه التدخلات تمثل تهديدا للسلم والأمن الدوليين، ومن شأنها المس بشرعية المحكمة الجنائية ذاتها وبنزاهتها واستقلاليتها، سعيا لإعلاء المصالح السياسية على اعتبار تحقيق العدالة الدولية، وحماية الجناة بدلا من الضحايا، وحذر نفس المصدر من أن هذه التدخلات والتعاطي معها يشكل تواطؤا واضحا وصريحا مع الاحتلال الإسرائيلي في استمرار انتهاكه لحقوق الشعب الفلسطيني، وتأمين الغطاء له للمضي قدما ودون الخشية من أي عقاب في ارتكاب الجرائم الخطيرة ضدهم، بما فيها جريمة الإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة للشهر العاشر.
وأشار المرصد إلى أن المحكمة قبلت 70 طلبا للتدخل وتقديم إفادات «أصدقاء المحكمة» بشأن اختصاصها فيما يخص الحالة في فلسطين من بينها إفادات الولايات المتحدة الأمريكية، ألمانيا، الأرجنتين، والسيناتور الأمريكي «ليندسي غراهام» وعدد من المنظمات ونقابات المحامين الداعمة للاحتلال والمؤيدة له، لافتا إلى أن هذه الطلبات من شأنها أن تعطل صدور أوامر إلقاء القبض ضد قادة الاحتلال الإسرائيلي أو تأخيرها لعدة أشهر، مبرزا المخاوف باحتمال رفض طلب أوامر القبض من قبل الدائرة التمهيدية للمحكمة.
ودعا المرصد الأورو متوسطي المجتمع الدولي بكافة مكوناته إلى العمل على دعم عمل المحكمة الجنائية في اتجاه إقامة العدالة، باعتباره أقل ما يمكن فعله، في ظل فشله المستمر في تنفيذ التزاماته الدولية في منع و وقف الجرائم الخطيرة والانتهاكات الجسيمة التي ترتكب ضد الشعب الفلسطيني على مدار 76 عاما، بما في ذلك جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية، وجريمة الإبادة الجماعية، مشيدا في الوقت ذاته بتقديم كل من جنوب إفريقيا وأيرلندا و بنغلاديش وإسبانيا مذكرات داعمة للمضي في إصدار أوامر بالقبض في حق مسؤولي الاحتلال الإسرائيلي، كما دعا نفس المصدر المحكمة الجنائية الدولية إلى اتخاذ القرارات والإجراءات القانونية على أسرع وجه ممكن لغايات حماية الشعب الفلسطيني من خطر الهلاك الفعلي، وضمان المساءلة من أجل الضحايا وحرصا على السلام والعدل في المنطقة والعالم.
وعلى صعيد تطورات الأوضاع في قطاع غزة يواصل جيش الاحتلال الصهيوني ارتكاب المزيد من المجازر في خان يونس، وارتفع عدد الشهداء بهذه المحافظة خلال 3 أيام إلى 110 شهيد وفق ما كشف عنه المكتب الإعلامي الحكومي بغزة أمس، كما يقوم الاحتلال بهذه المنطقة بنسف المباني ومربعات سكنية كاملة خاصة بمنطقة بني سهيلا التي توغلت فيها قوات جيش الاحتلال من أجل القضاء على كل أشكال مظاهر الحياة في المنطقة، وكشفت وزارة الصحة الفلسطينية بغزة أمس عن ارتكاب جيش الاحتلال 3 مجازر خلال 24 ساعة الأخيرة وصل منها للمستشفيات 55 شهيدا و110 إصابة، لترتفع بذلك حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني منذ السابع أكتوبر إلى 39145 شهيدا و90257 مصابا.
وفي السياق ذاته يعرف الوضع الإنساني في القطاع وخاصة بشمال غزة مزيدا من التفاقم مع تصاعد المجاعة في ظل استمرار إغلاق المعابر والحصار الصهيوني الخانق للقطاع، كما تتفاقم المعاناة الإنسانية للنازحين من المناطق الشرقية لمحافظة خان يونس ولا يجد المواطنون الجهة التي يقصدونها بعد أن أصبحت كل مناطق غزة تحت دائرة الاستهداف الصهيوني ولا وجود لمناطق آمنة قد يحتمي فيها المدنيون، مما جعل خياراتهم محدودة، وآلة القتل الصهيونية تلاحقهم في كل مكان وزاوية.
نورالدين ع
