ارتكب جيش الاحتلال الصهيوني، صباح أمس، مجزرة مروعة وسط النازحين من المدنيين والنساء والأطفال، حيث قام بقصف مدرسة السيدة خديجة بدير البلح بوسط غزة التي تضم مستشفى ميداني الذي فتح لتخفيف الضغط عن مستشفى شهداء الأقصى الذي يبعد مئات الأمتار فقط عن المدرسة، وخلفت المجزرة البشعة أكثر من 30 شهيدا و100 إصابة، بينها حالات خطيرة حسب بيان وزارة الصحة الفلسطينية بغزة.
واستهدف الاحتلال الصهيوني بثلاث قنابل ألقتها طائراته الحربية ساحة المدرسة، ونقطة طبية ميدانية، وفي ظرف ثواني تحولت المدرسة إلى أشلاء والمصابون بالعشرات، وأكثر من 60 بالمائة منهم حالاتهم خطيرة، كما قام جيش الاحتلال بعد دقائق فقط من ارتكاب مجزرة مدرسة السيدة خديجة، بقصف مدرسة أحمد الكرد المحاذية، ما أدى إلى إصابة عدد من المدنيين بجروح، وأشار المكتب الإعلامي الحكومي بغزة أن الاحتلال الصهيوني استهدف خلال 10 أيام الأخيرة 4 مدارس بمنطقة دير البلح، ما أدى إلى ارتقاء عشرات الشهداء ومئات الجرحى.
واللافت أن جيش الاحتلال الصهيوني يركز خلال الأسابيع الماضية بشكل كبير على استهداف مراكز الإيواء بالمدراس والخيام بعد فشله في النيل من المقاومة التي تكبده يوميا المزيد من الخسائر البشرية والمادية، إلى جانب فشله في تحرير أسراه بعد أكثر من 10 أشهر من عدوانه على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وبذلك فهذا العدوان السافر على المدنيين في مراكز الإيواء هو انتقام من المقاومة الفلسطينية التي جعلت جيشه يغرق في أوحال غزة، بالإضافة إلى البحث عن تسجيل بعض الانتصارات الوهمية على الرغم من أن العقل البشري غير قابل لتصديقها، خصوصا وأن جيش الاحتلال الصهيوني برر قصف مدرسة خديجة صباح أمس باستهداف مركز عمليات تابع للمقاومة الفلسطينية يتخذ من المدرسة موقعا له، ورغم أن هذه التبريرات لا يقبلها عقل، وتفنده المقاومة الفلسطينية التي تبرز يوميا بأشرطة فيديو مصورة تستهدف قوات الاحتلال بعيدا عن المدنيين، وفي الغالب الأحيان تستخدم الأنفاق أو أماكن مهجورة خالية من المدنيين، كما أن صحفيين من غزة فندوا أمس ادعاءات الاحتلال بوجود مسلحين في مدرسة السيدة خديجة، وأكدوا أنهم زاروا المدرسة عدة مرات وكانت لهم لقاءات مع النازحين المقيمين فيها، كما كانت لهم زيارات للمستشفى الميداني داخل المدرسة ولم يرصدوا أي تحرك لمسلحين، وتبقى ادعاءات الاحتلال تعبر عن مدى الإفلاس الذي أصبح يعاني منه جيش الاحتلال الصهيوني على جميع الأصعدة و لا يملك أي بنك أهداف سوى قتل المزيد من المدنيين، والبحث عن أي نصر وهمي ليشغل به الجبهة الداخلية ويخفف من وطأة التصدع الداخلي وضغط عائلات الأسرى لدى المقاومة الذين يطالبون بوقف إطلاق النار وإبرام صفقة تبادل للأسرى في أسرع وقت ممكن.
وفي الوقت ذاته أصبح ظاهرا للعيان أن مع كل حديث عن عودة المفاوضات مع الوسطاء لتسريع صفقة تبادل للأسرى، يسارع الكيان الصهيوني إلى ارتكاب المزيد من المجازر ضد المدنيين والنساء والأطفال للضغط على المقاومة من أجل تحقيق تنازلات، في حين هذا الوهم الذي يعتقده رئيس وزراء حكومة الكيان الصهيوني مجرم الحرب نتنياهو غير قابل للتجسيد، وأكد قادة المقاومة أكثر من مرة أن الضغط العسكري بقتل المزيد من المدنيين الأبرياء لن يؤثر في شيء على مفاوضات وقف إطلاق النار وإبرام صفقة تبادل، وفي الوقت ذاته يؤكد سكان غزة الذين يخرجون من تحت أنقاض المنازل والمدارس المدمرة صمودهم ووقوفهم خلف المقاومة، وبذلك الممارسات البشعة ضد المدنيين لا تساهم إلا في مزيد من التلاحم بين المواطنين والمقاومة، رغم الظروف الصعبة التي يمرون بها نتيجة القصف المستمر والحصار الخانق والمجاعة الشديدة وانعدام كل ظروف العيش السليم بالقطاع.
وبخصوص مجزرة دير البلح أوضح ممثل حركة حماس بالجزائر يوسف حمدان في تصريح صحفي أمس أن هذه الجريمة هي ترجمة عملية لخطاب مجرم الحرب نتنياهو أمام الكونجرس الأمريكي تحت تصفيقات أعضاء الكونجرس، احتفاء بهذه الجرائم التي ترتكب ضد الإنسانية أمام مرأى ومسمع العالم صباحا مساء، وتنتهك فيه كل الأعراف والمواثيق الدولية والقيم الإنسانية، مؤكدا أن الاحتلال يستفيد من هذا الصمت والتخاذل والعجز الدولي، مشيرا إلى أن الشعب الفلسطيني لا يحتاج اليوم إلى خطابات بقدر ما يحتاج إلى خطوات عملية للجم الاحتلال الذي يستفيد من الدعم الأمريكي والغطاء الذي توفره له الإدارة الأمريكية لارتكاب المزيد من المجازر ضد الشعب الفلسطيني أمام مرأى ومسمع من العالم، مضيفا أن الشعب الفلسطيني سيواصل صموده وفضح جرائم الاحتلال الصهيوني، داعيا المجتمع الدولي وجميع الأطراف تحمل مسؤولياتهم أمام هذه الجرائم التي يرتكبها الاحتلال أمام العالم مباشرة في استخفاف بكل الأعراف والمواثيق الدولية.
وفي الإطار ذاته كشف أمس تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية عن تشريد 190 ألف فلسطيني حلال الأسبوع الماضي بخان يونس ودير البلح، مشيرا إلى أن مئات المدنيين الآخرين عالقين في شرق خان يونس مع تواصل هجمات قوات الاحتلال الإسرائيلي وتوغلها بالمنطقة، مؤكدا أن هذه العمليات أثرت على الجهود الإغاثية وقوضت فرص توفير المساعدات الضرورية للمدنيين في خان يونس، لافتا إلى أن 10 نقاط توزيع للغذاء و8 للوجبات المطهية توقفت، وتعطلت برامج التغذية في مركزي إيواء تدعم أكثر من 2800 طفل وامرأة حامل، كما تأثرت 10 منشآت للمياه والصرف
الصحي. نورالدين ع