تأتي زيارة الرئيس التشادي إدريس ديبي، إلى الجزائر ضمن المساعي التي تبذلها الجزائر لإجهاض أي مخطط إقليمي للتدخل عسكريا في ليبيا من شانه أن يضعف حظوظ إطلاق حوار بين الأطراف المتنازعة في ليبيا، خاصة وان هذه الزيارة جاءت أيام قليلة بعد الاجتماع الذي جمع خمس رؤساء دول بالساحل الأفريقي، وحضره الرئيس التشادي وتوج بالدعوة إلى تشكيل قوة دولية للتدخل العسكري في ليبيا وهو ما ترفضه الجزائر.
شرع رئيس جمهورية التشاد إدريس ديبي إتنو، أمس، في زيارة دولة للجزائر تستغرق ثلاثة أيام بدعوة من رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة. وستتمحور المحادثات التي ستجمع بين رئيسي البلدين حول العديد من المسائل ذات الاهتمام المشترك على الساحة الدولية لا سيما في إفريقيا. كما ستتناول اللقاءات بين الطرفين أيضا تعزيز الجهود مع دول أخرى من شبه المنطقة من أجل استتباب السلام و الأمن و الاستقرار في الفضاء الساحلي الصحراوي خاصة في مالي و ليبيا وتأتي زيارة الرئيس التشادي بعد دعوته في قمة نواكشوط الأسبوع المنصرم إلى جانب رؤساء دول بالساحل الأفريقي إلى تشكيل قوة دولية للتدخل العسكري في ليبيا وهو ما ترفضه الجزائر. وأعلن قادة الدول الخمس، الذين اجتمعوا في نواكشوط الأسبوع الماضي، أن المجموعة «تقدمت بطلب رسمي لمجلس الأمن والسلم في الاتحاد الأفريقي، من أجل تشكيل قوة دولية للتدخل العسكري في ليبيا». وأشار الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز، في المؤتمر الصحفي، إلى تحفظ بعض دول الجوار الليبي على التدخل العسكري الدولي في ليبيا دون ذكر اسمها، في تلميح واضح لموقف الجزائر، مذكرا في الوقت ذاته بأن القرار في النهاية هو قرار الليبيين، وهم من “عبروا عن رغبتهم في التدخل العسكري”.
هذه المبادرة التي أطلقتها الدول الخمس، أثارت علامات استفهام كثيرة، خاصة وأنها تزامنت مع مساعي وجهود دولية تبذلها الجزائر والأمم المتحدة لجمع شمل فرقاء الأزمة الليبية حول طاولة حوار واحدة، حيث أكدت الجزائر على لسان وزير الخارجية رمطان لعمامرة، مواصلة الجهود الرامية لعقد محادثات سلام في ليبيا، رغم العراقيل التي تحاول بعض الأطراف افتعالها لإطالة عمر الأزمة. كما أبدت الجزائر رسميا رفضها لأي تدخل عسكري خارجي بليبيا. وقال الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية « أن الجزائر وهي تواصل دعمها لجهود الأمم المتحدة في البحث عن حل سياسي لهذه الأزمة، تدعو إلى احترام لوائح مجلس الأمن ذات الصلة، وتحث شركاء ليبيا على توحيد جهودهم قصد تعزيز خيار الحوار والمصالحة بين كل الليبيين.» ويربط محللون بين تصريحات قادة الدول مجموعة الساحل الخمس، وتلك الصادرة مؤخرا عن مسؤولين فرنسيين، والذين أعادوا طرح مطلب التدخل العسكري في ليبيا أو في جنوبه على الأقل لوقف ما تسميه باريس «الخطر الإرهابي»، وتريد السلطات الفرنسية الظهور في ثوب «الحليف» الذي جاء إلى المنطقة بطلب من دول المنطقة نفسها. ولم يستبعد وزير الدفاع الفرنسي جون ايف لودريان، في تصريح أدلى به قبل أسبوعين، إمكانية القيام بعملية عسكرية في ليبيا، وأشار في تصريح صحفي إلى أن جنوب ليبيا قد أصبح ملاذا للإرهابيين، معتبرا في هذا الصدد أنه سيتعين على المجتمع الدولي بالتعاون مع الدول المعنية اتخاذ الإجراءات اللازمة و ذلك دون أن يستبعد احتمال القيام بعمل عسكري في الجنوب الليبي.
وشعرت فرنسا منذ فترة في التحضير لعملية عسكرية في حال حصولها على الضوء الأخضر الدولي، أو على الأقل حصولها على دعم إقليمي، حيث قامت بنشر قوات المنطقة و تستخدم في عملياتها العسكرية طائرات و مروحيات حربية و طائرات بدون طيار، كما يجرى حاليا إنشاء قاعدة متقدمة بالقرب من الحدود الليبية في شمال النيجر.
أنيس نواري