أجرى رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، يوم الأربعاء مقابلة صحفية مع مجموعة من مسؤولي الوسائل الاعلامية الوطنية العمومية والخاصة من قنوات تلفزيونية وصحافة مكتوبة تطرق فيها الى العديد من القضايا الوطنية والدولية. فيما يلي نصها الكامل :
*سؤال: باشرتم سلسلة من اللقاءات مع الشخصيات الوطنية والقيادات الحزبية، متى وهل ستنتهي هذه المشاورات بندوة وفاق وطني أم بلائحة مقترحات شاملة حول مشروع الجمهورية الجديدة وهل تتم بلورة أفكار هذه الشخصيات في التعديل الدستوري القادم؟ وهل تم توجيه الدعوة إلى الرئيس الأسبق اليامين زروال للمشاركة في هذه المشاورات؟
*جواب: المشاورات ستستمر. نعرف بدايتها لكن نهايتها غير معروفة. هناك رغبة من كل صانعي الرأي وذوي التجربة والشخصيات التي كانت تعاني من الإقصاء في وقت سابق، حيث سيتم الأخذ برأي الجميع بخصوص المنهجية وكذا المشاكل التي تعاني منها البلاد وآراء هذه الشخصيات يمكن أن تدخل في التحرير النهائي لنص الدستور وسيتم منح الفرصة لشخصيات أخرى لأن الدستور للجميع وهو نص لا يمكن أن يكون جماهيريا، بل هو للمختصين في القانون الدستوري وهناك لجنة تقنية تبلور كل المقترحات في هذا الشأن.
بالنسبة للشخصيات، كان من واجبي الالتقاء معها وكسر الجليد الذي كان موجودا في العلاقات بين الجزائريين والاستماع الى أشخاص لهم تجربة عالية في تسيير شؤون الدولة وهم اليوم في صفوف المواطنين وأشكر كل الشخصيات التي حاورتها واستفدت منها كثيرا.
بخصوص الرئيس الأسبق اليامين زروال، أنا أكن له مودة خاصة وعرفته أيام كان مدير المدرسة العسكرية بباتنة وهو جزائري قح ونزيه ووطني ولم تعرف عنه صفة الخداع في أي مرحلة من المراحل، لديه ظروف خاصة منعته من القدوم إلى العاصمة لكن بيننا مكالمات هاتفية يشجعني فيها على منهجية عملي. أنا مستعد للالتقاء معه بمقر رئاسة الجمهورية أو على مستوى مقر إقامته وأي لقاء معه سيكون مفيدا.
*سؤال: استقبلتم شخصيات وطنية واجريتم معها مشاورات، هل هاته المشاورات تدخل في اطار مطالب الحراك الشعبي وهل ستتم بلورة هذه الافكار في الدستور الذي تعتزمون تعديله؟
*جواب: اعتقد أن الرد على هذا السؤال يتقاطع مع السؤال الاول وسأجيب بنفس الكيفية، أولا انا وعدت في مرحلة من المراحل خاصة خلال الحملة الانتخابية انني سوف استكمل ما طلبه الحراك الذي قلت عنه مبارك، فيه ما تحقق وهناك ما يتحقق آنيا وفيه آفاق اخرى سياسية وقد التزمت بتجسيد كل طلبات الحراك المبارك بما فيه تعديل الدستور والقوانين وتعديل جذري لأسس ديمقراطيتنا في الجزائر وبناء ديمقراطية حقة و محاربة الاقصاء بكل أوجهه ومحاربة الفساد و أخلقة المجتمع و كلها كانت مطالب الحراك والدستور داخل في هذا الاطار. إذن أخذت بعين الاعتبار طلبات الحراك وسنواصل.
ولكي اجيبك بصراحة فان الشخصيات التي استقبلتها هي من الحراك او غير الحراك. انا لم اسأل عن ذلك وأفضل ان أخذهم على قيمتهم في المجتمع الجزائري كصناع راي وأغلبهم ابلغوني رغبتهم حول ضرورة اتخاد اجراءات التهدئة. هذا هو المحور الاساسي كذلك في المنهجية فهم أيضا مع تعديل الدستور، متخوفين مثل ما هو بالنسبة لبعض المواطنين حول ان يكون هذا التغيير الدستوري على المقاس.
بالنسبة لي ليس لدي أي دستور فهذا الدستور لما جاءت الازمة اظهر انه غير قادر على حل مشاكل الجزائر وظهرت فيه ثغرات وفي بعض الاحيان فيه بنود غير كاملة و الديمقراطية تقتضي الذهاب الى أبعد حد دون المساس بالدولة الوطنية وبأسسها والدفاع عنها دون المساس بالهوية الوطنية التي فصل فيها الشعب و هي واضحة ولا نقاش فيها.
وعدا ذلك يبقى تغيير الدستور أمرا ضروريا لإبعاد شبح الازمات مستقبلا وهنا يجب توضيح الأمور حيث أنهى بقدر ما يكون القانون الاساسي واضحا بقدر ما يمكنه أن يفصل في ما تعيشه البلاد لا قدر الله من ازمات أو اضطرابات، وحتى تلزم كل المسؤولين بما فيهم رئيس الجمهورية نبتعد نهائيا عن الحكم الفردي الذي هو مرفوض منذ الاستقلال.
*سؤال : متى يتم تعديل الدستور ومتى تجري الانتخابات التشريعية المسبقة؟ وهل هناك انتخابات محلية مسبقة أبضا؟
*جواب: أود أن يعلم المواطن بفحوى هذا الموضوع. أنا شخصيا اخترت مختصين يفهمون اللغة الدستورية والمحتوى الدستوري. لذا حددت الأطر التي تدعم هذا التغيير الذي طلبه الجزائريون كلهم سواء من الحراك أو من غير الحراك. عندما يتم انجاز المسودة الأولى لتعديل الدستور لا يكون هناك نقاش عشوائي.
وقد سبق أن كانت لدينا تجربة في تعديلات دستورية أخرى، فضلنا أن تكون مسودة توزع فيما بعد على كل الفئات ليكون تعديلا شاملا للدستور.
وبعدها تجتمع اللجنة مرة أخرى وتأخذ بعين الاعتبار كل الملاحظات وتثري أو تغير من الاقتراحات الاولية ربما يضيفون 10 او 15 أو 20 بندا أو يغيروا تحرير بند من بنود الدستور ليلبي كل طلبات المواطنين الذين لديهم نفس الرغبة في إعطاء مناعة للبلاد من بعض التصرفات.
لما ننتهي من النسخة النهائية، يقدم للبرلمان بغرفتيه لمناقشته والتصويت عليه قبل عرضه على الاستفتاء الشعبي. فضلت أن يمر للنقاش في البرلمان وأن تعطي توضيحات أكثر للمواطنين حتى تكون لديهم فكرة عن الدستور وأن يكون الاستفتاء تحت اشراف السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات. واذا قبل الشعب الدستور فمرحبا وإذا رفضه فمرحبا، لنمر الى تعديلات أو تغييرات أخرى حتى نصل الى دستور توافقي. وبعد كل هذه الاجراءات، نصل الى استفتاء معناه ان كل الجزائريين أعطوا رأيهم لأنه ليس دستورا على مقاس رئيس أو فئة أو نظام حكم. وانطلاقا من هذا الدستور تبدأ المرحلة الاساسية.
وبالنسبة لقانون الانتخابات، فأنه يأتي في الدرجة الثانية بعد تعديل الدستور وسيكون قانونا صارما يجرم استعمال الوسائل غير القانونية التي تجعل المواطنين غير سواسية أمام الصندوق ويجرم استعمال المال الفاسد وصراعات أخرى.
وسيفسح المجال أمام الكفاءات للترشح للمجالس المحلية والبلدية والولائية والمجلس الشعبي الوطني، خاصة أمام الجيل الصاعد من 25، 26، 30 الى غاية 40 سنة والذي يتسم بنزاهة قصوى وروح وطنية عالية تسمح لنا بالدخول في عهد الجزائر الجديدة.
*سؤال: ركزتم على الجوانب السياسية، حتى أن الإعلام ركز على هذه الجوانب فيما غابت -حسب البعض- القرارات الاقتصادية. هل يعود هذا لصعوبة الوضع الاقتصادي أم أن الإصلاح السياسي سيعبد الطريق للإصلاح الاقتصادي؟
*جواب: السياسة تخدم الاقتصاد والاقتصاد يخدم السياسة. تنتهج مناهج سياسية بنظرة اقتصادية، فالسياسة هي التي تغذي الاقتصاد وقرارات إعادة بناء الاقتصاد عمل شاق وفيه قرارات استعجالية نحن بصدد اعدادها، وهناك قرارات متوسطة المدى وأخرى على المدى الطويل. القرارات الاستعجالية هي التي تعبد الطريق أمام قرارات المدى الطويل.
اقتصادنا مبني على التجارة والاستيراد الذي قتل الإنتاج الوطني. الاقتصاد لابد أن يكون أساس الثروة وازدهار المواطن. فالاقتصاد الذي لا يخلق الثروة هو اقتصاد سياسي ولا ينفعنا، الاقتصاد الذي لا ينعكس مباشرة على المستوى المعيشي للمواطن ورفاه البلاد لا يفيدنا، بل يخدم أشخاصا.
لابد من تحضير أرضية صلبة لبناء الاقتصاد الوطني من خلال الكفاءات الوطنية الموجودة في الصناعة ومن خلال المؤسسات الناشئة. هناك شباب خلاق متخرج من الجامعة الجزائرية أثبت كفاءته في الخارج. لقد تكلمت مع الأستاذين حبة ومليكشي مؤخرا وهما مستعدان لمساعدة الشباب على بناء هذا القطاع على أسس متينة.
الوزراء الشباب موجودون بقوة في الحكومة والقرار السياسي بأيديهم وأصحاب المؤسسات الناشئة أصبح لديهم بنك خاص، وبالتالي لم يبق هناك أي حواجز لانطلاقة خلاقة وحقيقية للاقتصاد الوطني الذي يخلق الثروة ومناصب الشغل.
في معرض الانتاج الوطني الاخير، لاحظت نجاح بعض الشباب في خلق مناصب الشغل من خلال المؤسسات الناشئة.
بخصوص الاستثمار، نعتزم عدم الدخول في صراع مع أي أحد. فالتوجه السابق لم يأت بأية نتيجة إيجابية، وكل المقاولين الوطنيين النزهاء لهم الإمكانيات والوسائل لتنمية البلاد وخلق الثروة وتجاوز هذه المرحلة التي أصبحنا فيها مرتبطين بسعر برميل البترول وهي ثروة مآلها الزوال. لابد من إيجاد حل لخلق ثروات أخرى وهناك إمكانيات لدى الشباب لذلك.
يؤسفني أن هناك مؤسسات ناشئة حاولت العمل في الجزائر غير أن أصحابها وجدوا أبوابا مغلقة فتنقلوا بعدها إلى بلد عربي وهم يصدرون للجزائر، أتمنى أن تنتهي هذه الأمور نهائيا.
الكفاءات الجزائرية أينما كانت مرحب بها وتلقى آذانا صاغية والمساعدة في انبعاث الدولة الجزائرية مثلما أرادها الشهداء.
أنا لم أؤجل الإصلاحات الاقتصادية. نحن بصدد العمل عليها، لكن ليس هناك مجال للخطأ. طلبت من وزيري الصناعة والتجارة عقد لقاء وطني حول الاقتصاد الجديد وتغيير ذهنيات تسيير البنوك حتى نصل إلى اقتصاد مبني على أسس متينة. هناك إطارات في فترة السبعينيات أوصلوا البلاد إلى مستوى معين وبسبب الأزمات رجعنا اليوم إلى نقطة الصفر.
اليوم نستطيع رفع التحدي، وعيب على الجزائر أن تستورد اليوم آلة كهرومنزلية، فالمصلحة الوطنية فوق كل المصالح الخاصة. والخطة الجديدة الخلاقة للثروة ولمناصب الشغل من شأنها أن تقوي الجزائر اقتصاديا.
الاقتصاد مرتبط بالتصدير وأرى أنه حاليا نستطيع تصدير المنتوجات الفلاحية وتطوير الفلاحة الصناعية. هناك خلل بالنسبة للفلاحين الذين يعانون من فائض الإنتاج في البطاطا أو الفواكه، وهو دليل على أن اقتصادنا متأخر على اعتبار أن وسائل التخزين والتبريد متاحة. فلابد من محاربة الذهنيات المتخلفة من خلال الاقتصاد العصري وينبغي إنشاء صناعات تحويلية لتدارك هذا الوضع.
لن ننطلق من الصفر، بل يجب إصلاح ما تم إفساده في الجانب الاقتصادي وأخلقة الممارسة الاقتصادية. فبناء الاقتصاد يأخذ وقتا طويلا وأساسه الاستقرار الاجتماعي واستقرار القوانين.
وإن كانت دمقرطة الحياة السياسية وأخلقتها تأخذ أشهرا، إلا أن إصلاح الاقتصاد صعب، غير أنني متفائل جدا بأن المؤسسات الناشئة تدخل في الإنتاج في فترة لا تزيد عن سنة ونصف وتوفر مناصب شغل وتصدر إنتاجها. أنا متفائل لأن هناك استفاقة وطنية في كل الميادين سيما السياسية والاقتصادية.
*سؤال: في الجانب الاقتصادي والتجاري وفيما يتعلق بخلق مناصب الشغل، ما هي رؤيتكم لمعالجة هذه الملفات بما فيها ملف استيراد السيارات الاقل من 3 سنوات الذي ينتظره المواطن البسيط؟
*جواب: أنا أبدأ بقيمة الدينار. فالأجوبة السابقة مرتبطة ببعضها. فبقدر ما تنخفض قيمة العملة المحلية بقدر ما يظهر فيه استيراد. أحسن اجراء لإعادة قيمة الدينار هو تنمية الاقتصاد والانتاج المحلي. فلو كنا مثلا نستورد مادة البطاطا لتجاوز سعرها في السوق 40 أو 45 دينارا للكلغ. إذن الحل في الانتاج الوطني وتقليص الاستيراد غير المجدي. وفي هذا الشأن ألح مرة اخرى على أنني لن أقلص الاستيراد لحرمان المواطن الجزائري. فالاستيراد يجب ان يكون مكملا للإنتاج الوطني وإذا كان الانتاج الوطني يلبي 25 بالمائة من احتياجات المواطن فسأستورد 75 بالمائة.
وإذا كان الاقتصاد الوطني يلبي الاحتياجات ب80 بالمائة فحرام علي ان استورد اكثر من 20 بالمائة. ففي هذه الحالة أصبح اخدم مصالح اخرى غير مصالح الشعب.
بالنسبة للدينار فقد تأثر باستعمال ما يسمى بالتمويل غير التقليدي. هناك رقم يثير الخوف، لكننا سنتغلب عليه. هناك الكثير من الثغرات التي تسببت في تراجع قيمة الدينار. فالاستيراد يجب ان يكون مكملا للإنتاج الوطني، والأساس هو تشجيع الانتاج الوطني. وأكررها أمامكم بصفة رسمية، كل من يستثمر في تنمية منتوج محلي أو تحويله نحن على استعداد لإعطاء أوامر للبنوك لمساعدته بقرض قد يصل الى 90 بالمائة بالنسبة لقيمة المشروع وله أولوية بالنسبة للعقار الصناعي. فقد ذكرت على سبيل المثال نقاوس ومعسكر والمدية وكلها مناطق لها طاقات فلاحية، لكنها ايضا مؤهلة للصناعة التحويلية. واذا كانت هناك صعوبة في تصدير المنتوج الخام، فالتحويل يساعد في عملية التصدير.
قيمة الدينار انخفضت وهي مستقرة حاليا. هناك نوع من الانتعاش الطفيف في احتياط الصرف ونتمنى ان نبشر بعضنا البعض بما هو احسن في غضون هذا الثلاثي.
بالنسبة لاستيراد السيارات، فأنا شخصيا ليس لدي مانع، لكن الامر يتطلب تنظيما. يجب ان نكون على دراية ماذا نستورد وأي نوع ومن يضمن أن السيارة تتمتع بالجودة وصحة البطاقة الرمادية. هناك مخاوف للدخول في تزوير من نوع آخر. هناك لوبيات ومافيا في كل مكان. أنا لا أتهم طرفا معينا لكن لدي مخاوف في ان يكون المواطن ضحية لهذه الامور.
إذا كانت هناك ضمانات تقنية تحمي المواطن من استيراد شيء لا يصلح، فالباب مفتوح سواء من خلال الاستيراد بصفة فردية أو جماعية. وأترك كل هذه الامور لوزارتي التجارة والصناعة.
*سؤال: ماذا عن ملف التوظيف والقدرة الشرائية للمواطن؟
*جواب: الوضع المالي ليس مزريا ولا اقول هو عادي مثلما ما كان عليه الامر في السنتين الاخيرتين، ولكن هو في تحسن. الدخل الجبائي بدأ يرتفع وسوف تكون فيه اجراءات اخرى، وهنا أفتح قوسا بالنسبة لبعض الضرائب التي جاء بها قانون المالية 2020 والتي سيتم مراجعتها من أجل عدالة احسن، ربما يكون هناك قانون مراجعة خلال الخمس أو الستة اشهر المقبلة، يتم تحضيره بدقة دون شعبوية.
أول شيء أن الاعفاء الجبائي لا يؤدي الى تضخم مالي ولا الى نزيف اضافي بالنسبة لميزانية الدولة. أنا التزمت وبمجرد أن نصل إلى قانون المالية التكميلي، سيطبق الأمر الذي التزمت به وهو اعفاء كل المرتبات التي تصل إلى 30 ألف دج أو أقل عن ذلك من الضرائب لنرفع نسبيا من القدرة الشرائية مع الرقابة على أسعار المواد الأساسية.
كما يمكن أن تكون هناك مراجعة دقيقة وبتأن للحد الأدنى للأجور. فالهدف اننا نرفض مبدئيا دينيا وأخلاقيا ووطنيا الفقر المزري في الجزائر وسنمضي بالوسائل المتاحة وبإرادة صلبة الى محاربة الفقر وعدم التوازن في الدخل الفردي.
لما نعفي الرواتب التي تصل إلى 30 ألف دج وأقل من الجباية، سوف تكون تكلفة ذلك لا تتعدى 90 مليار دج وبالإمكان أخذ هذا المبلغ من جهة أخرى من أصحاب 2000 و 3000 مليار بشرط أن تكون هناك دقة في الحسابات الجبائية.
وبصفة عامة، فإن نسبة الجباية العادية لا تتعدى 30 بالمئة، فيما تبلغ الجباية البترولية 63 بالمائة من ميزانية الدولة.
فمبدأ رفع القدرة الشرائية لا رجعة فيه من خلال ازالة كل الضرائب على ذوي الدخل الضعيف والتحكم في اسعار السوق. فكل من يرفع سعر الحليب إلى 45 دج فهو يدرج في إطار الخيانة الوطنية.
*سؤال: هناك مسألة الغاز الصخري التي احدثت ضجة. هل سنذهب إلى استخراج هذا الغاز أو التريث أو نتخلى عن هذا الخيار؟
*جواب: الغاز الصخري ضروري. كان هناك رد فعل سلبي لمواطني عين صالح واستغلال الغاز الصخري تطور في الولايات المتحدة، حيث توجد بين الفيلات هناك آبار للغاز الصخري. أول تجربة لنا كانت غلطة حيث لدينا صحراء شاسعة لكن ذهبنا الى عين صالح.
ثانيا، قرار استغلال هذا الغاز جاء فجأة ولم نحضر المواطنين لذلك لتبدأ التأويلات وحتى الشعوذة. سنقيم التجارب بهدوء وهذه أمور تهم الاخصائيين ولابد أن تتأكد كل أطياف الشعب أن هذه ثروة مدفونة وإذا أردنا رفع المستوى المعيشي لابد من استغلال هذه الثروة. استغلال الغاز الصخري يحتاج إلى نقاش وطني و ليس انفراد بالرأي وثروة منحك اياها الله سبحانه وتعالى، لماذا تحرم نفسك منها؟.
اليوم نستهلك 43 بالمئة من انتاجنا للغاز ومع عدد السكنات التي تنجز ومع مشاريع تزويد السكان بالغاز في المناطق الجبلية والريفية، استهلاكنا الداخلي للغاز سيرتفع إلى ما فوق 60 بالمئة في المدى القصير والمتوسط ونحن دولة منتجة للغاز أكثر منها بترولية وهذا واقع يفرض نفسه، حيث لدينا ثاني أو ثالث مخزون عالمي من الغاز الصخري ونحن لا نصدر لا مواد فلاحية و لا صناعية. الباب مفتوح أمام استغلال الغاز الصخري وسنفتح النقاش مع الأوساط المؤثرة.
منطقة شناشن المتواجدة بين تندوف وأدرار عبارة عن محيط من الرمال و خالية من السكان و باطنها يحتوي على كمية كبيرة من الغاز الصخري. لدينا امكانيات لنستغل هذا الغاز و سنتكلم في الموضوع بعد أن نتجاوز المرحلة الحالية، ولما ندخل في بناء الاقتصاد وتمويله. شخصيا، لا أفهم كيف يرفض البعض استغلال الغاز الصخري ويفضل اللجوء إلى المديونية الخارجية. لماذا؟
هذا نقاش طويل ومتشعب نتركه للأخصائيين أولا ولما يأتي دور القرار السياسي سيكون هناك قرار سياسي.
*سؤال: ما هو رأيكم بالنسبة لإصلاح المنظومة التربوية؟
*جواب: أعتقد أن كل الجزائريين يطالبون بالتغيير الجذري للمنظومة التربوية وبالأخص الطور الابتدائي، وأنا أمنع منعا باتا إدخال الإيديولوجيا في التعليم الابتدائي. فالمواطنة تقتضي إنشاء جيل متشبع بالروح الوطنية والأخلاق والانتماء الحضاري.
بالنسبة للبرامج الدراسية، ينبغي تخفيفها مع الاهتمام بنوعية التعليم بالتدرج وترك الطفل يعيش طفولته بصفة طبيعية ومتوازنة، مع وضع حد لظاهرة ثقل المحفظة من خلال استغلال الوسائل التكنولوجية مع تكوين المعلمين وتكييفهم مع هذه الوسائل الحديثة.
ينبغي الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة. هناك مشاكل حاليا لا تتعلق بالدراسة، وألتزم بمعالجة المشاكل الاجتماعية للمعلمين، غير أنه لا ينبغي أن يستعملوا التلاميذ كوسيلة للضغط، فكثرة الإضرابات لا تخدم التلميذ.
ينبغي إعادة النظر في تأطير التعليم في كل الأطوار، وذلك بصفة تدريجية من خلال تحسين البرامج والوضع المادي للأساتذة والمعلمين، بالإضافة إلى الاعتناء بالتلاميذ خاصة في المناطق النائية من خلال ضمان النقل المدرسي والإطعام، وستكون هناك عقوبات صارمة ضد أي تقصير في هذا الشأن.
*سؤال: ماهي الخطوات التي تفكرون في اتخاذها بشأن تطوير قطاع الإعلام؟
*جواب: أنا وعدت بالحرية المطلقة للإعلام إلا فيما يتعلق بالمساس بالقوانين وأخلاقيات المهنة والتقاليد، وسنحارب بشراسة الأكاذيب والتجريح. أما فيما يخص الوضع الاجتماعي للصحفيين، فينبغي التكفل بالحماية الاجتماعية لهم، لأن هناك بعض الصحفيين في القطاع الخاص مرتباتهم هزيلة وليس لديهم تغطية اجتماعية. ألتزم بمحاربة هذه الظاهرة في كل القطاعات خاصة كانت أو عمومية.
هناك في الجزائر 160 جريدة، بينها صحف قوية فرضت نفسها وأخرى تحاول البروز، كما أن هناك صحف سحبها ضعيف وهو نفس الشيء بالنسبة للقنوات الخاصة التي لديها ممتلكات غير أن عمالها مازالوا في حالة مزرية. أعد بعدم التمييز بين الصحفيين في القطاع الخاص والعام، مع تمكين الصحفيين من دورات تكوينية.
سأساعد عمال القطاع إلى أقصى حد، وأدعو إلى خلق نوادي للصحفيين في كل ولايات الوطن، كما أدعو الصحفيين إلى لم شملهم وإنشاء نقابة خاصة بهم.
بالنسبة للمؤسسات المتعلقة بالقطاع كسلطة ضبط السمعي البصري، فسنحاول تفعيل دورها قبل نهاية سنة 2020، وقد طلبت من مديرها القيام بزيارة الى نظيراتها في دول أخرى للاستفادة من تجربتها.
*سؤال: هل تواصل العدالة مكافحة الفساد بنفس الطريقة التي كانت قبل الانتخابات الرئاسية ؟
*جواب: بخصوص استرجاع الاموال، نحن ننتظر الضوء الاخضر من طرف العدالة التي لم تفصل بعد ولم يتم تحديد كمية الاموال المهربة. فالأموال المهربة موجودة هنا وفي أماكن اخرى على غرار جنيف وبلدان معروفة بتسهيلاتها الجبائية. عنما تفصل العدالة نهائيا سوف نسترجع هذه الاموال سواء بواسطة محامين جزائريين أو أجانب أو من خلال اتفاقيات مع دول مباشرة، لكن هذه الأموال ستسترجع حتما ويتم ذلك عن طريق العدالة.
ليس هناك سرقة للأموال فحسب، بل أيضا تضخيم للفواتير. بالنسبة لمواصلة محاربة الفساد، فقد سبق لي أن قلت أنها ستتواصل بدون هوادة وبأقصى الاجراءات. كما أننا سنحارب الرشوة التي تمس القدرة الشرائية للمواطن وهي أخطر. فإذا كانت الاولى تعد أمرا خطيرا ولها تأثير على الخزينة العمومية، فان الرشوة الصغيرة تمس جيب المواطن وهو أمر أخطر. فالمواطن أصبح يقصد الإدارة ولا يقضي مصلحته إلا اذا دفع مقابلا لذلك، وبالتالي فإنه أصبح محل مساومة وهو أمر خطير. فلم تبق هناك اخلاق، ومحاربة الفساد وأخلقه المجتمع أضحى أمرا مهما. فلابد أن يكون الجميع على علم بأنه دون أخلاق لن يبقى شيئا حتى داخل العائلة. ستكون هناك اجراءات في مجال محاربة الفساد قد تصل الى وضع كاميرات مراقبة في كل مكان، على غرار مصالح الجمارك ومحافظات الشرطة وفي البلديات. هذه أمثلة والمهم أن تتم محاربة حقيقية ووقائية لظاهرة الفساد والرشوة.
*سؤال: ما هو تصوركم بالنسبة لمعالجة ظاهرة الحرقة؟
*جواب: قرأت بعض التقارير حول الحرقة وأسبابها وهي لا تتشابه. فهذه الظاهرة حين تكون مرتبطة بالفقر وبالتذمر من الوضع السياسي يمكن معالجتها، كما أن هناك حالات أخرى نتيجة للقهر العائلي والاجتماعي. الحرقة ليس أساسها الفقر، فهناك أطباء وموظفون يهاجرون بطريقة غير شرعية. لابد من التوعية وإشراك الأسرة.
هناك العديد من المهاجرين عادوا إلى أرض الوطن والشاب الذي تخرج من الجامعة ويعاني من البطالة من الطبيعي أن يتذمر وينبغي إيجاد حل لهذا المشكل من خلال تحقيق المساواة بين الجزائريين في التوظيف. وبالمناسبة، طلبت من رئيس الوزراء الإيطالي مؤخرا أن يطبق قوانين بلاده بالنسبة للمهاجرين الجزائريين لكن دون إهانة لأي جزائري.
ومن بين الحلول لظاهرة الحرقة، عقد اتفاقيات مع بعض الدول لإرسال شباب إلى الخارج للإطلاع عن كثب على الأوضاع فيها، كما يمكن الاستعانة بالأطباء النفسانيين لأن المشكل صعب وحله أصعب.
*سؤال: الاهتمام بالجالية من أولوياتكم وأولى قراراتكم كانت نقل جثامين الجزائريين في الخارج مجانا. كيف يمكن الاستفادة من الكفاءات المقيمة بالخارج؟
*جواب: أنا ملتزم بالاستفادة من الكفاءات في الخارج أينما وجدت. اتصلت بالأستاذ حبة هاتفيا وقال لي أنه مستعد لاستقبال المتربصين الشباب وتوجيههم وأنه يدمج نفسه في برنامج تشجيع المؤسسات الناشئة. ينبغي أن ينظم هؤلاء الشباب أنفسهم لتسهيل التعامل معهم.
البعض من أفراد الجالية شعروا بالإقصاء عقب إصدار المادة القانونية التي تقصيهم من المناصب. نحن حاليا بصدد مراجعة الدستور وما عدا الأمور التي تمس أمن الدولة فلا مانع من مراجعة النقاط الاخرى. فهناك دول راسخة في الديمقراطية أقصت مزدوجي الجنسية لعدم المساس بالأمن القومي، ما سيخرج به النقاش حول الدستور سيعرض على الاستفتاء.
أطلب من أفراد الجالية في الخارج ألا ينساقوا وراء انحرافات ضد بلادهم.
*سؤال: في الشأن الدولي، لاحظنا في الفترة الاخيرة عودة قوية للجزائر دبلوماسيا، خاصة على مستوى الملف الليبي وما اقترحتموه في برلين من استعداد الجزائر لاحتضان الحوار بين الفرقاء الليبيين. هل تبارك الدول احتضان الجزائر لهذا الحوار؟
*جواب: بصفة عامة، كان هناك اجماع على ما اقترحته الجزائر، لأن الجزائر معروفة ولا تبحث عن تقوية نفوذها جغرافيا. فالشعب الليبي الشقيق يعاني، والجزائر معروفة بتجاربها في مجال الوساطة وقامت بذلك لفائدة عدة دول دون البحث عن البروز أو طلب مقابل، بل من اجل إحلال السلم والامن.
هناك تصريحات مشجعة، من بينها تلك التي أدلى بها كل من فايز السراج وخالد المشري بخصوص دور الجزائر في حل الأزمة الليبية عن طريق الحوار. اذن نحن لدينا ثقة الجانبين، بالإضافة الى أن أغلب قبائل الجنوب بصفة عامة وقبائل مسراتة والزنتان والتوارق كلهم طلبوا وساطة الجزائر، وهذا يشجع السلم في ليبيا.
الامور تسير في الاتجاه الصحيح. وزير الشؤون الخارجية الفرنسي قال أن الجزائر تعد قوة توازن وسلم، وابتداء من اليوم يبدأ حضور دول الجوار الى الجزائر، كما يأتي وزير خارجية ألمانيا لتبليغهم نتائج ندوة برلين الدولية حول أزمة ليبيا.
الليبيون طلبوا وساطة الجزائر، وهذه تقاليدنا منذ سنة 1962، منذ استقلالنا ونحن نتدخل بين الشعوب والدول لتصفية الجو، وأنا متفائل.
*سؤال: ما هو رأيكم في الوضع الاقتصادي العالمي وتأثيره على الاقتصاد الوطني الذي لا يزال يسجل تحويلات اجتماعية معتبرة؟
*جواب: صندوق النقد الدولي يتوقع أنه في نهاية سنة 2020 سيتم تسجيل نمو في الاقتصاد العالمي. وبالنسبة للجزائر، فإن تكهنات البنك العالمي وصندوق النقد الدولي تتوقع 2 بالمائة نسبة نمو، وهي مجرد نظريات. فالتأثير في التنمية يكون سريعا جدا في دولة مثل الجزائر لأننا ننطلق من الصفر. أعتقد أن النمو الذي سيسجل في نهاية السنة سيكذب تكهنات هذه المؤسسات الدولية، حيث سنقضي على البطالة من خلال آليات ستسهم في خلق النمو والثروة.
بالنسبة للتحويلات الاجتماعية، فإن جزءا من التكافل الاجتماعي يعتبر من المكتسبات التي لا يمكن المساس بها، والتحويلات حاليا متوازنة مع استيراد الخدمات، والمشكل الذي يطرح يخص تمويل هذه التحويلات سيما التقاعد.
أنا مرتبط بمبدأ الدولة الديمقراطية الاجتماعية التي أسسها بيان أول نوفمبر. وبالنسبة لآليات الدعم فإنها غير عادلة. ينبغي إعادة دراسة توجيه الدعم، فهناك 35 بالمائةمن المواطنين تبقى تحت حماية الدولة وهي معنية بالدعم، ولابد من منع هذا الدعم عن الفئات غير المستحقة له، غير أن هذا النقاش سابق لأوانه، وينبغي دراسة مختلف التجارب المتعلقة بهذا الأمر ومختلف آليات الدعم المتوفرة.
يمكن تقليص الدعم تدريجيا بنسبة 20 بالمائة في البداية، غير أن الأمر يتطلب دراسات دقيقة، ولابد من إيجاد حل لهذا المشكل.
*سؤال: ماهي رؤية الرئيس لمستقبل العلاقات مع فرنسا التي تجمعنا بها علاقات معقدة ؟
*جواب: بالفعل كانت هناك مرحلة فتور بعد أن تيقن الجزائريون أن هناك تدخلا في شؤون بلادهم عقب تصريحات للجانب الفرنسي في بادية الحراك الشعبي. أما الآن فان الجزائر بجيلها الجديد وقيادتها لا تقبل بأي تدخل أو أن تمارس عليها وصاية. فالجزائر ليست محمية لفرنسا، فهي دولة حرة وتملك مستقبلها.
نحن كجزائريين من المواطن البسيط الى المسؤول، غيورين على السيادة الوطنية، خاصة حينما تأتي محاولات التدخل في شؤوننا الداخلية من المستعمر القديم، فيجب أن يكون هناك احترام متبادل بين الطرفين.
يوجد في فرنسا لوبي لديه كراهية خاصة للجزائر التي تعرف كيف تدافع عن مصالحها وكرامتها وسيادتها.
وبالنسبة لإفريقيا، فإن الجمهورية الصحراوية عضو مؤسس للاتحاد الافريقي وتعتبر قضية تصفية استعمار.
*سؤال: سيادة الرئيس نشكركم على وفائكم بالتزامكم والمبادرة الجميلة والجريئة التي تأتي لتطبع العلاقات بين أسرة الاعلام ورئيس الجمهورية بعد سنوات طويلة من القطيعة الغير المبررة. هذه المبادرة ستدفع بالتأكيد إلى تنوير الرأي العام بما يفكر فيه وما يخطط له وخلفيات ما يقرره القائد الأول للبلاد. كما أنها ستحلحل الكثير من المشاكل السياسية والاخلاقية التي ارهقت كاهل الجزائر. الرأي العام الجزائري دفع لسنوات طويلة بين أحضان الاخبار المغلوطة والمصادر المجهولة والتسريبات المشبوهة. مرة أخرى أشكركم سيادة الرئيس على هذه المبادرة التي ظهرت إرهاصاتها الاولى عندما قررتم استحداث منصب الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية واليوم الارهاصة الثانية القنوات الخاصة تدخل رئاسة الجمهورية وتلتقي رئيس الجمهورية لأول مرة على امل اللقاء بكم في مواعيد لاحقة نتمناها قريبة ان شاء الله...
*جواب : شكرا لكم جميعا لقبول الدعوة. أنتم رواد وبعدكم سيأتي آخرون ونواصل على هذا المنوال. ما دمت في هذا المنصب، سأتواصل مع المواطنين من خلال وسائل الاعلام الوطنية. هذا مبدأ من المبادئ والتزام من بين الالتزامات، والمصداقية لا تأتي إلا من خلال احترام وتطبيق الالتزامات. كنت قد التزمت وأنا متمسك بهذا الالتزام ولا اعتبركم خصوما، نحن نكمل بعضنا البعض، كل من خلال اداء مهامه. أنتم كذلك صناع الرأي العام ونحن صناع القرار وإن شاء الله، سنتجه بالجزائر سويا نحو الاتجاه الصحيح.
علاوة عن مثل هذه اللقاءات، هناك الناطق الرسمي المستعد للرد على تساؤلاتكم بصفة يومية، وحتى إن لم ينشر الخبر عبر وكالة الانباء الجزائرية وصدر عن الناطق الرسمي فمعناه ان الخبر رسمي وهذا لكي لا نسمح بتسلل أناس آخرين قد تكون نيتهم غير سليمة.