أدى تسجيل حالتين مؤكدتين لفيروس كورونا ببلدية أولاد عطية، في أقصى غرب ولاية سكيكدة و وضع عائلات تحت الحجر الصحي، إلى حالة استنفار لدى السلطات المحلية، التي سارعت لتشكيل خلية أزمة و حالة من الخوف لدى سكان بلدية أولاد عطية و البلديات المجاورة لها بالمصيف القلي، و ما يزال الكثير لم يهضموا أن فيروس كورونا الذي كانوا يتابعون أخباره عبر شاشات التلفزيون و مواقع التواصل الاجتماعي في بلدان بعيدة، قد حل ضيفا غير مرغوب فيه بالمنطقة، خاصة و أن 26 شخصا وضعوا تحت الحجر .
الزيارة التي قادتنا إلى بلدية أولاد عطية لمعرفة الأجواء العامة و الإجراءات المتخذة من قبل سكان المنطقة لمجابهة انتشار الفيروس، بدأت من مدينة القل، التي بدأ سكانها يستعدون لمجابهة انتشار الفيروس، لاسيما بعد ظهور حالة أولى بولاية سكيكدة في منطقة تمالوس القريبة من القل، لمغتربة قدمت من فرنسا، ثم تسجيل إصابتين بأولاد عطية لسائحتين كانتا في رحلة استجمام بأحد الفنادق في منطقة حمام أولاد علي بولاية قالمة. و عند وصولنا إلى بلدية أولاد عطية، سجلنا هدوء حذرا ، فيما كانت المقاهي و المطاعم و المحلات التجارية تعمل بصفة طبيعية، و بحديثنا مع بعض المواطنين الذين التقينا بهم، أبدوا مخاوفهم من انتشار الفيروس على نطاق واسع، ولكن منهم من لم يعر أي اهتمام للقضية، في حين ربط آخرون ذلك بالقضاء و القدر. كما لم نلاحظ أي إجراءات وقائية من قبل المواطنين مثل وضع الكمامات و غيرها، ما عدا داخل المؤسسة الصحية المتواجدة بمدخل البلدية و بعض الصيدليات التي مررنا عليها، حيث التزم العاملون فيها بالإجراءات الوقاية، فيما واجهنا بعض الصعوبات عند محاولتنا التصوير، بسبب اعتراض السكان المحافظين و ركزنا على الحديث معهم فقط لتفادي الإحراج.
أكثر من عائلة استقبلت المصابة ترحيبا بها
تسجيل فيروس كورونا ببلدية أولاد عطية، تسببت فيه زيارة سيدة مغتربة بفرنسا تبلغ من العمر 68 سنة ابتداء من يوم 7 مارس 2020، حينما جاءت على متن رحلة طيران من مطار ليون أين تقيم، إلى مطار قسنطينة و منها انتقلت مباشرة إلى بلدية أولاد عطية بسكيكدة عند أختها البالغة من العمر 70 سنة و التي استقبلتها بحفاوة كبيرة و لم تكن تعلم بأنها تحمل الفيروس ، حيث أقامت السيدة المغتربة عند أختها بوادي الزهور 3 أيام ، ثم انتقلت للإقامة ببيت ابنة أختها في قرية لعوينات ببلدية خناق مايون، ثم أقامت عند ابن أخيها ببلدية أولاد عطية مركز، حيث كان كل فرد من عائلتها الكبيرة يريد استقبالها في بيته، ككل مرة تأتي فيها من فرنسا و لم تكن تعلم بأنها كانت تحمل فيروس كورونا و إمكانية انتقال عدواه إلى أفراد عائلتها الكبيرة خلال الزيارة التي قامت بها.
كل الأمور كانت عادية منذ حلول السيدة المغتربة ببلدية أولاد عطية، إلى غاية اكتشاف إصابتها بعد انتقالها يوم 13 مارس رفقة أختها إلى الحمام المعدني أولاد علي ( البركة ) ببلدية قلعة بوصبع في ولاية قالمة، لقضاء أيام للراحة و الاستجمام و هناك بدأت تظهر عليهما أعراض المرض من ارتفاع لدرجة الحرارة و سعال و ضيق في التنفس و بعد استقبالهما من طرف مصلحة الاستعجالات بمستشفى ابن زهر بولاية قالمة و إجراء التحاليل، تم تأكيد إصابة المغتربة و أختها بفيروس كورونا، ليتم وضعهما تحت الحجر الصحي بمستشفى قالمة و بعدها بدأ التحقيق الوبائي و إحصاء أقاربهما و الأشخاص الذين احتكوا بهما و إخضاعهم جميعا للتحاليل الطبية.
نقل المصابة فوضع 11 فردا من عائلته في «ورطة»
و كان صاحب سيارة نقل من أولاد عطية، المدعو
(ف.ش) 60 سنة، الشخص الأكثر احتكاكا بالسيدة المغتربة، التي قام بنقلها عند حلولها بأرض الوطن يوم 7 مارس من مطار قسنطينة إلى بلدية أولاد عطية، ثم قام بنقلها رفقة أختها من أولاد عطية إلى ولاية قالمة للإقامة بالحمام المعدني و أثناء مسيرته، لم يكن يعلم بأنه أثناء قيامه بنقل الأشخاص، كان معرضا هو الآخر للإصابة و نقل الفيروس إلى أفراد أسرته، و تزامنا مع تواجدنا ببلدية أولاد عطية، تم نقل سائق السيارة من طرف المصالح الطبية على متن سيارة إسعاف، نحو مستشفى الإخوة سعد قرمش بسكيكدة، من أجل وضعه تحت الحجر الصحي، في انتظار نتائج التحاليل، فيما وضع أفراد عائلته البالغ عددهم 11 فردا، تحت الحجر الصحي بالمنزل العائلي في أولاد عطية.
كما اشتبه في انتقال العدوى إلى عائلة ثانية مسها التحقيق الوبائي و يتعلق الأمر بعائلة ابن أخ المغتربة بداية بالزوج المدعو (خ.ج) 48 سنة، رفقة أسرته المتكونة من 7 أفراد، وضعوا تحت الحجر الصحي داخل المسكن العائلي، في انتظار نتائج التحاليل بعد إرسال عينات من المشتبه في إصابتهم بفيروس كورونا إلى معهد باستور بالجزائر العاصمة.
26 شخصا تحت الحجر الصحي و العدد مرشح للارتفاع
كشف رئيس بلدية أولاد عطية، عن وضع 26 شخصا في البداية ممن لهم علاقة بالمغتربة المصابة، تحت الحجر داخل مساكنهم، و يتعلق الأمر بأفراد عائلتين ببلدية أولاد عطية و شخص من العوينات و 3 أشخاص ببلدية وادي الزهور، و أكد على أن العدد مرشح للارتفاع، خاصة و أن التحقيق الوبائي ما زال متواصلا ، حيث يجري إحصاء كل الأشخاص الذين كانت لهم علاقة بالمغتربة المصابة، لاسيما و أنها زارت عديد المناطق لرؤية أقاربها على مستوى بلديات أولاد عطية و خناق مايون و وادي الزهور.
تؤكد المعلومات التي استقيناها من محيط عائلة السيدة المصابة بفيروس كورونا بأولاد عطية، أنها كانت على متن نفس رحلة الطيران من ليون إلى قسنطينة يوم 7 مارس رفقة السيدة المصابة من تمالوس و الموجودة تحت الحجر الصحي بمستشفى قرمش بسكيكدة، و هي أول حالة مسجلة لفيروس كورونا بولاية سكيكدة، حيث وضع 36 فردا من عائلتها و المقربين منهم بتمالوس، تحت الحجر الصحي، في انتظار نتائج التحاليل من معهد باستور.
خلية أزمة للمتابعة في دائرة
أولاد عطية
تزامنا مع تواجدنا ببلدية أولاد عطية، باشر رئيس الدائرة إجراءات تشكيل خلية أزمة تضم كل المصالح المختصة، بغية التكفل بمستجدات انتشار فيروس كورونا بالمنطقة. و حسب رئيس البلدية و نظرا لعدم وجود مستشفى بأولاد عطية، فإنه يجري بالتنسيق مع المسؤولين في قطاع الصحة بدائرة القل و مديرية الصحة بالولاية، تدارس إمكانية فتح جناح بمستشفى القل، لنقل الأشخاص المشتبه في إصابتهم بفيروس كورونا إليه و عزلهم من أجل إخضاعهم للتحاليل و الحد من عدم تفشي الفيروس، كما أشار رئيس البلدية، إلى أن مصالحه و بالتنسيق مع الحماية المدنية و بعض الجمعيات، شرعت في حملات تحسيسية و وقائية لمجابهة تفشي الفيروس.
ب-م