قدم المعارض السياسي ورئيس حزب نداء الوطن (قيد التأسيس)، ووزير الخزينة في حكومة سيد احمد غزالي عام 1991، شهادته الشخصية بخصوص الحملة الشرسة التي تتعرض لها الجزائر حاليا من طرف قناة فرانس 24 وربطها مباشرة بما تعرضت له البلاد مطلع تسعينات القرن الماضي من طرف نفس اللوبي الحاقد على الجزائر في فرنسا، وكيف ساهم الصحفي فرانسيس غيلاس في تأليب المؤسسات المالية الغربية ضد الجزائر من خلال مقال نشره في مجلة الفايننشال تايمز الشهيرة.
ونقلت "الحياة" في عددها الصادر الأحد 5 أفريل، عن على بن واري، شهادته بخصوص مداخلة فرانسيس غيلاس، على قناة فرانس 24 التي جاء فيها: " أريد أن أستحضر شهادتي الخاصة، من أجل إنارة الرأي العام الوطني الجزائري، حول ما قام به فرانسيس غيلاس، أواخر سنة 1991، في مقال كتبه بالبند العريض، في مجلة ذائعة الصيت وهي الفايننشال تايمز، بعنوان "الجزائر في حالة إفلاس مالي".
ويضيف الوزير الأسبق في حكومة غزالي "هذا المنشور دفع بالبنوك الدولية لغلق أي مجال تعاون مع مؤسسات دولتنا، لقد كانت الضربة موجعة وخبيثة بإخراج ممتاز، بما لهذه المجلة من تأثير على التعاملات في السوق المالية عبر العالم".."لقد أخذت معظم الصحف العالمية والوكالات المتخصصة للنشر وجميع البنوك الفرنسية والدولية من أجل احتواء لعبته القذرة والخطيرة، في ذلك الوقت كنّا نشتغل دون هوادة، لإبقاء مختلف الأسواق المالية مستجابة لنا؛ قررت إقامة ندوة صحفية على أساس أني وزير الخزينة العمومية، وخلالها أعلنت أن الجزائر لها القدرة على تمكين القروض بما يعادل 14 مليار دولار وهو مبلغ كبير جدا في ذلك الوقت".
ويكشف الوزير الأسبق والناشط في الحراك كيف أن من وصفهم بالطابور الخامس في الإدارة الجزائرية حاولوا الوقيعة بينه وبين الرئيس الراحل محمد بوضياف بسبب رده على الصحفي الفرنسي المذكور، قائلا "شهادة للتاريخ، أعداء الوطن الذين كانوا في مفاصل الدولة، (الدولة العميقة ) كما تسمى بعد الحراك؛ أو الطابور الخامس وسوسوا لأعلى هرم في السلطة آنذاك وهو المرحوم بوضياف، فاستدعاني لتوضيح أكثر ما جاء في الندوة الصحفية على أساس أني وضعته في موقف حرج، وأنني كذّبت ما قاله أمام الشعب من أنه لا توجد أموال لإدارة شؤون البلد! فوضحت له موقفي قائلا: إن واجبي كمسؤول دولة عليّ أن أرد لاعتبارين أساسين؛ لمنع الأسواق الخارجية من غلق أبواب التعامل معنا، ودفع كل مؤسسات الدولة والشركات التي لها قروضا لاستخدامها، لأننا ندفع مقابل ذلك نسبا معينة، ( وهي حقوق ائتمان لبقاء القروض المقدرة بـ 14مليار دولار في متناولنا) والتي تثقل الخزينة بالعملة الصعبة".
ويستطرد بن واري "شرحت للرئيس بوضياف أن عدم الاهتمام بهذه القروض نابع من أنها مخصصة لمشاريع استثمارية عكس القروض العينية، التي تمنح للمتعاملين معنا الحرية في اختيار متى ومع من، وًبمرونة تامة..! هذه القروض التي تكون ضمن 14 مليار دولار لا يمكن لمستخدميها اللجوء إلى إدخال عامل الرشوة.. لقد أعطيته توضيحا أكثر من خلال التمويل الأوروبي. من أني أمضيت منذ شهور سابقة البروتوكول الرابع بين الاتحاد الاوروبي وبيننا ( الجزائر)، وبالمقابل أننا لم نستخدم البند المتعلق بالهبات الممنوحة في البروتوكول الأول الممضي سنة 1976، (ونحن لم نصرف من القروض غير الحرة إلا 50%، والتي كانت مخصصة للاستثمار).. لقد صرفنا الأجزاء المتعلقة بالاستخدام الحر، وكان يتم ذلك دوريا وبشكل سريع. حينها رأيت رئيس الدولة أومأ برأسه متفهما وراضيا، ثم تقدم مني وحيّاني وطلب مني (قبول) الاعتذار.. إلا أنه لم يستطع الوقوف في وجه ضغوطات الدولة العميقة؛ بعد أسبوعين من مقابلتي له، وعلى رئيس الحكومة آنذاك السيد احمد غزالي لعزلي، مع الاشارة أن هذا الأخير يقر ويعترف بقدرتي المتميزة في إدارة مهمتي على أكمل وجه".
ويخلص على بن واري إلى التأكيد على أن دوائر الحقد ضد الجزائر هي نفسها التي حركت الصحفي لمهاجمة الجزائر، قائلا: " أتمنى أني أحطتكم بما ينبغي حول المسمي فرانسيس غيلاس، الذي كانت قصته قد مضى عليها أكثر من 29 سنة؛ ليعلم الجميع أن الدوائر التي يعمل لها، أوعزت له بذلك لإدخال الريبة وبث سمومه مجددا".
ع.ب