يشرح مختصون وممارسون عموميون وخواص في قطاع الصحة، مدى خطورة الوضعية الوبائية الحالية، و يبرزون في ندوة النصر، أهمية التطعيم في وقف زحف المرض، كما يحذرون من التهاون في اتخاذ إجراءات الوقاية و عدم مراجعة الأطباء في وقت مبكر، خصوصا أن السلالات المتحورة للفيروس تسبب أعراضا تختلف عما كان مسجلا في العام الأول من انتشار الجائحة.
أعدّت الندوة: ياسمين بوالجدري
* رئيس نقابة ممارسي الصحة العمومية إلياس مرابط
العديد من المصالح الاستشفائية صارت تشهد حالة تشبع
يؤكد رئيس النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية، الدكتور إلياس مرابط، أن العديد من المصالح الاستشفائية أصبحت تعرف تشبعا وضغطا بسبب “ارتفاع واضح” في عدد الإصابات بفيروس كوفيد 19 والحالات المشتبه في إصابتها، موضحا أن ارتداء الكمامة وتلقيح 60 بالمئة من السكان على الأقل، يبقيان الحل الأمثل لوقف زحف الوباء.
وذكر مرابط أن المؤسسات الصحية العمومية صارت تعيش حالة ضغط سواء تعلق الأمر بالمستشفات أو الهياكل الصحية الجوارية، مع ارتفاع واضح للإصابات وحالات الأشخاص المشكوك في إصابتهم بفيروس كوفيد 19، خصوصا، مثلما قال، في بعض المناطق الموبوءة على غرار الجزائر العاصمة، البليدة، قسنطينة، سطيف، معسكر، بسكرة وغيرها.
وأبرز النقابي أن سرعة انتشار العدوى مرتبطة بظهور متحورات جديدة، لكن أغلب الحالات التي تصل المؤسسات الاستشفائية تكون خفيفة إلى متوسطة، حيث يُقدم لها العلاج ويُطلب منها الدخول في حجر صحي لمدة 10 أيام، كمعدل، حتى التماثل للشفاء، في حين أن هناك مرضى يجب أن يظلوا في المستشفى لأن حالاتهم معقدة.
و يضيف مرابط، أن الملاحظ في الموجة الحالية لجائحة كورونا، إصابة الكثير من الشباب و أشخاص ليست لهم أمراض أخرى، مؤكدا أن العديد من المصالح الاستشفائية تشبعت أمام هذا الوضع ما يعني إمكانية فتح أقسام أخرى لعلاج كوفيد 19 أي وقف النشاطات الطبية التي كانت موجودة بها وتأجيل عمليات جراحية. وفي هذا الخصوص علّق الدكتور قائلا «إذا طالت هذه الوضعية الوبائية سُيحرم الكثير من المواطنين الذين يعانون من مشاكل صحية أخرى من المتابعة الطبية”.
من جهة أخرى، أكد الطبيب أنه لوحظ بأن الكثير من المواطنين الذين كانوا مترددين في أخذ اللقاح المضاد لكورونا بل وحتى يرفضونه، أصبحوا يتوافدون على المؤسسات الصحية للاستفادة من التطعيم، حيث أن عددهم في “ارتفاع مستمر”، مؤكدا أن نسبة التطعيم يجب ألا تقل عن 60 بالمئة من مجموع السكان، كما دعا إلى إقحام القطاع الخاص في العملية لتخفيف الضغط على الهياكل الصحية العمومية، التي صار مهنيوها يعانون من «إرهاق جسدي وتعب نفسي».
ويرى مرابط أن المواطن هو «مفتاح» الخروج من الوضعية الوبائية الحالية و وقف زحف المرض، من خلال التزامه بإجراءات الوقاية و أولها الكمامة التي تحمي بنسبة 90 بالمئة من الإصابة بالمرض، يؤكد المتحدث.
* رئيس النقابة الوطنية للأطباء الخواص مصطفى بن براهم
70 بالمئة من المعاينات الطبية التي نجريها تخص حالات كورونا
أكد رئيس النقابة الوطنية للأطباء الخواص، الدكتور مصطفى بن براهم، أن معظم المعاينات التي يجريها الأطباء الخواص صارت تتعلق بأشخاص يتبين أنهم مصابون بفيروس كوفيد 19، موضحا أن تهاون العديد من المرضى في الخضوع للكشف جعل الوباء ينتشر أكثر، خصوصا أن أعراضه اختلفت وصارت تشمل الإسهال وآلام الرأس.
وذكر الدكتور في اتصال بالنصر، أن هيئته سجلت صعودا في عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد في الفترة الأخيرة، حيث أن 70 بالمئة من المعاينات التي يقوم بها الأطباء على مستوى عياداتهم، تجرى على أشخاص مصابين بكوفيد 19، وهو وضع قال إنه مسجل منذ حوالي شهر، في حين صارت حالات التهاب اللوزتين والشعب الهوائية تستقبل بصورة أقل. ويبرر الدكتور ذلك بأن الجزائري أصبح يلجأ إلى الطبيب الخاص سيما طبيب العائلة الذي يثق فيه، وذلك لتجنب زيارة المستشفيات والتعرض للعدوى هناك.
وأوضح الدكتور بن براهم، أنه وزيادة على الأعراض المعروفة لكوفيد 19 كآلام الرأس والعضلات، وفقدان حاستي الشم والتذوق، أصبحت هناك أعراض جديدة يلاحظها الأطباء الخواص على المرضى، وهي آلام في البطن والإسهال والتقيؤ، حيث تمس جميع الشرائح العمرية و من بينها الأطفال الذين يأتون غالبا وهم يعانون من إسهال.
و أضاف المختص، أن الإشكال الذي يصادفه زملاؤه هو أن العديد من المرضى يعتقدون أن الأعراض ناجمة عن استعمال المكيف الهوائي أو التعرض لنزلة برد إثر الاستحمام ثم الخروج من المنزل، فيما يرجعها آخرون إلى انفلونزا أو حساسية، في حين أن الأمر يتعلق بكورونا، إذ لا يتم إعطاء أهمية للأعراض ويتسبب الشخص المصاب في انتشار الفيروس كما قد تتعقد حالته الصحية، في وقت يجب أن يخضع للعزل.
وعن العلاج الذي يقدم للمرضى، أوضح الدكتور بن براهم أنه وبمجرد تأكيد التحاليل وكشف السكانير أن الأمر يتعلق بكوفيد 19، يُجرى فحص “ديمار” لتشخيص تجلط الدم، لأن الفيروس يؤدي إلى تخثر الدم وبالتالي انسداد الأوعية وهو ما يحدث مع العديد من المرضى الذين يدخلون مرحلة الخطر، كما تُجرى بعد 10 أيام من الإصابة فحوصات أخرى تبين إن كان جسم المريض قد بدأ في إنتاج أجسام مضادة، وحتى لو تم إنتاجها يبقى المصاب ناقلا للعدوى حتى اليوم الـ 21، يوضح المختص.
وأكد رئيس النقابة الوطنية للأطباء الخواص أن هيئته مستعدة دائما للمشاركة في عمليات مجابهة فيروس كوفيد 19 ومن بينها عمليات التطعيم بالنظر لأهميته، وقال إن هذا الأمر تم عرضه سابقا على وزير الصحة.
* عضو لجنة متابعة تفشي كورونا إلياس أخاموخ
تمديد الحجر لولايات أخرى وارد وقد يتم اعتماد جرعة ثالثة من اللقاح
يوضح عضو اللجنة العلمية لمتابعة تفشي فيروس كورونا، الدكتور إلياس أخاموخ، أن اللقاحات المضادة لكورونا والمعتمدة بالجزائر، تساعد على الحد من الحالات الخطيرة والتقليص من نسبة الوفيات حتى لو تعلق الأمر بالسلالات المتحورة، التي قال المختص إنها قد تفرض مستقبلا تقديم جرعة ثالثة من اللقاح الذي يبقى ضروريا من أجل إنقاذ الأرواح وفق تأكيده.
وقال أخاموخ في اتصال بالنصر يوم أمس، إن الارتفاع المسجل في حالات الإصابة بفيروس كوفيد 19 خلال الأسابيع الأخيرة، لم يكن مفاجئا بل متوقعا منذ الـ 28 من شهر ماي الفارط، لذلك فإن اللجنة المذكورة قدمت توصياتها منذ فترة، مؤكدا أن الإجراءات الأخيرة المتعلقة بالحجر ومنع التجمعات وغيرها، روعي فيها إحداث توازن بين ضرورة الحفاظ على الأرواح وفي الوقت ذاته الحفاظ على الاقتصاد الوطني.
وأضاف الدكتور في تصريح للنصر، أنه وبمجرد حدوث ارتفاع في عدد الإصابات، اجتمعت اللجنة العلمية لمتابعة تفشي فيروس كورونا مع رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، وقدمت له كل المعلومات بخصوص الحالة الوبائية، مؤكدا أنه لم يتم الوصول بعد إلى ذروة الموجة الثالثة، لكن اللجنة ارتأت تجديد الحجر الصحي مع اعتماد الردع وفرض احترام الإجراءات الوقائية موازاة مع متابعة منحى الإصابات يوما بيوم.
وتابع الدكتور قائلا “إذا ما استمر الارتفاع في عدد الإصابات وأصبحت المستشفيات تحت الضغط، فمن الوارد تشديد الحجر سواء من حيث المدة الزمنية أو من ناحية الرقعة الجغرافية من خلال توسيعه إلى ولايات أخرى”. وبهذا الخصوص أكد المتحدث أن الولايات الشمالية تحصي أكثر الحالات الجديدة المسجلة، غير مستبعد أن يشمل الحجر الصحي ولايات أخرى في منطقة الهضاب العليا خلال الأيام المقبلة، في حال سجلت بها الوضعية الوبائية ذاتها.
وأوضح الدكتور أخاموخ حول الإجراءات المتخذة بخصوص الرحلات الخارجية، أنها تبقى ذاتها، مضيفا أنه من بين 15 ألف مسافر دخل الجزائر منذ فتح الحدود الجوية، كانت اختبارات كورونا إيجابية بالنسبة لـ 7 منهم فقط. وفي تعقيبه على تخوف مواطنين من احتمال عدم إمكانية دخول أمريكا ودول أوروبية بسبب أخذ لقاحات غير معتمدة بهذه البلدان، علّق أخاموخ «أولا، المهم حاليا هو إنقاذ الأرواح ليحمي الفرد نفسه والآخرين، وليس السفر».
وأضاف عضو اللجنة العلمية «3 لقاحات اقتنتها الجزائر معتمدة من طرف منظمة الصحة العالمية وهي سينوفاك، سينوفارم و أسترازينيكا، كما أن لقاح سبوتنيك في طور الاعتماد، وهو ما يهم الجزائر”، وأكد المتحدث أن دولا بأوروبا بينها اسبانيا اعتمدت اللقاحين الصينيين سينوفارم وسينوفاك، زيادة على أن 1.2 مليار صيني أخذهما، لذلك فمن المستعبد، حسبه، منعهم جميعها من السفر إلى أوروبا وأمريكا لهذا السبب، كما أن التطعيم ضد كورونا مستحب وليس إلزاميا بالعديد من البلدان، إذ يكفي الحصول على نتيجة سلبية لاختبار “بي سي آر” لدخولها، يؤكد المختص.
وطمأن الدكتور أن اللقاحات الحالية التي تُقدم في الجزائر، تحمي المصابين بالمتغيرات الجديدة لفيروس كوفيد 19 ومنها السلاسة المتحورة “دلتا +»، من الوصول إلى حالات خطيرة والوفاة، مؤكدا إمكانية تقديم جرعة ثالثة من اللقاح العام المقبل، تماشيا من التحورات الجديدة للفيروس.