عالجت، أمس، محكمة الجنايات الابتدائية بمجلس قضاء أم البواقي، أول قضيّة يتعلق جانب منها بنص القانون المرتبط بالوقاية من التمييز بين أبناء الوطن الواحد ونبذ خطاب الكراهية، و المتورّط فيها المتهم المسمى (ر.ط) البالغ من العمر 46 سنة المنحدر من مشتة المالح بقصر الصبيحي، والذي حرّض في صفحة أنشأها على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» على التفرقة بين أبناء الوطن الواحد واستهداف الجيش الوطني الشعبي، وتنظيم عمليات إرهابية لتوقيف تصدير البترول للخارج واغتيال رجال الدين وغيرها.
وقضت هيئة المحكمة التي شُكِّلت من قضاة محترفين دون إشراك المحلفين، بمعاقبة المتهم بـ5 سنوات سجنا نافذا وغرامة مالية قدرها 200 ألف دينار مع إلزامه بتعويض الخزينة العمومية بمبلغ 200 ألف دينار كذلك، والتمس ممثل النيابة العامة تسليط عقوبة 10 سنوات سجنا نافذا وغرامة مالية قدرها 500 ألف دينار.
وتوبع المتهم بجناية المساهمة في وقت السّلم في إضعاف الرّوح المعنوية للجيش، وجناية استخدام تكنولوجيات الإعلام والاتصال للشروع في تجنيد الأشخاص لصالح جمعية أو منظمة إرهابية يكون غرضها جرائم موصوفة بأفعال إرهابية وتخريبية، ونشر أفكارهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وجنحة الإهانة والقذف الموجّه ضد الهيئات النظاميّة والعموميّة وجنحة إدارة حساب إلكتروني لنشر معلومات للترويج لأفكار من شأنها إثارة التمييز والكراهية في المجتمع.
القضية التي عالجتها خلية مكافحة الجريمة الإلكترونية بالمصلحة الولائية للشرطة القضائية بأمن ولاية أم البواقي، ترجع إلى سنة 2020، عندما تمت معاينة محتوى صفحة على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، تنشر مواضيع تحريضية على استهداف الجيش الوطني الشعبي، ومحاولة إحباط قدرات أفراده، وتدعو للقيام بعمليات إرهابية في مناطق متفرقة بالجزائر، أين أشادت المنشورات بأعمال العنف ودعا صاحبها للجهاد ضد الأنظمة، وكذا قيامه بنشر التفرقة والكراهية والفتنة بين أبناء الشعب الواحد، وانتهت التحقيقات إلى تحديد هوية مسير الصفحة ويتعلق الأمر بالمتهم الحالي المنحدر من مدينة قصر الصبيحي والقاطن بحي المستقبل رقم2 بعين البيضاء، حيث أجريت خبرة تقنية على حسابه على الفايسبوك، ليتضح بأنه يحوز على 4 صفحات على هذا الموقع الخاص بالتواصل الاجتماعي، منها صفحة يقوم فيها بنشر مواضيع تحريضية وتدعو للعنف والقيام بعمليات إرهابية، ويعتبر صاحب الصفحة نفسه، من خلال توقيعه على منشوراته بـ»القائد العام لجهاز الاستخبارات والأمن الخاص» وأحيانا يوقع منشوراته بـ»المهين أمين طارق».
المتهم الذي توقف عن الدراسة عند مستوى السنة الثالثة ثانوي، حاول أمس خلال امتثاله أمام هيئة المحكمة، التهرب من جميع الأدلة والمناشير التي روجها على موقع التواصل الاجتماعي، معتبرا نفسه بأنه يقصد دولة أخرى ولا يقصد الجزائر في بعض منشوراته، وأوضح بأنه كان يتواجد بإيطاليا لنحو 20 سنة.
وأضاف المتهم بأن جميع منشوراته ضد الإرهاب وفكره بعيد عن الفكر الداعشي والجماعات الإرهابية المتطرفة، متحدثا عن انتمائه للسلالة الإدريسية وأفكاره التي طرحها على صفحته التي يتابعها 400 شخص ممن وصفهم بالنخبة هي أفكار شخصية يقصد بها بعض الدول ، مضيفا بأنه معتاد على النشر في صفحته من سنة 2015 حتى سنة 2020.
وعند مواجهته بمنشوراته التي تابعها أزيد من 200 شخص على صفحته، حاول المتهم التهرب من أسئلة قاضية الجلسة التي كانت ملمة بالملف، ولم يستطع تبرير منشورات التحريض على الجيش الوطني وعلى استهداف علماء الدين وقتلهم رميا بالرصاص أو حرقا بالنار، معتبرا المناشير التي عنونها بالعدالة العسكرية، بالردود على أشخاص معينين، و أن دعوته لتفجير قنوات تصدير البترول والغاز من باب عدم التفريط في ثروات البلاد.
وأشارت قاضية الجلسة بأن حرية الرأي والتعبير لها ضوابط، والأشياء التي ارتكبها المتهم يجرمها القانون، فـ «الأفكار عندما تصل لمرحلة معينة تصبح جريمة تعرض صاحبها للعقاب»، وعن الفيديوهات التي تدعو للقتال، ربطها المتهم بدعمه للقضية الفلسطينية.
من جهته ممثل النيابة العامة، أشار بأن الأفعال التي ارتكبها المتهم مجرمة وفقا للتشريعات الجزائرية، وما قام به فعل يتطابق مع أحكام المادة 75 من قانون العقوبات، وأضاف المتحدث بأن المتهم دعا للطائفية والمشرع الجزائري وضع قانونا يحمل الرقم 05/20 للحد من خطاب الكراهية والتمييز والفتنة، وناهيك عن هذا فهو طعن في الشهداء الذين ضحوا من أجل الجزائر وكان يعمل على إثارة فتنة لا مثيل لها. أحمد ذيب