أجمع خبراء ومختصون في القانون، ومنتخبون محليون ونواب، على أن ضمان مشاركة فعالة للمنتخبين في التنمية المحلية يتطلب تمكينا أكبر لهم من حيث الصلاحيات وفق مقاربة متعددة أطرافها السلطة، والأحزاب السياسية و المواطن.
فتح اليوم البرلماني المنظم أمس من طرف المجموعة البرلمانية لحركة مجتمع السلم بالمجلس الشعبي الوطني تحت عنوان" قانون الجماعات المحلية .. نحو تمكين أكبر للمنتخبين المحليين"، النقاش واسعا حول المنتظر من قانون الجماعات المحلية قيد التحضير.
وقد أثار متدخلون في هذا اليوم مسألة الصلاحيات الممنوحة للمنتخب المحلي وعلاقتها بدوره المنتظر في بعث التنمية المحلية، و قد أجمع الكل على أن المنتخب المحلي بحاجة إلى صلاحيات واسعة وواضحة قانونا حتى يتمكن من أداء الدور المنوط به في التنمية المحلية، لكن ذلك يتوقف أيضا على إرادة السلطات العمومية في التوجه نحو هذا الدور وعلى الأحزاب السياسية التي عليها حسن اختيار المترشحين، وعلى المواطن( الناخب) الذي عليه حسن اختيار من يتولى شؤونه.
ويرى الوالي السابق، بشير فريك، بحكم تجربته بأن أطراف معادلة التنمية على المستوى المحلي هم الإدارة والمنتخبين، مشيرا هنا إلى أن دستور 2020 في مادته الـ 18 ساوى في مفهوم اللامركزية بين المنتخبين والإداريين، وأن جوهر اللامركزية هنا هم المنتخبين واللاتركيز، أي الإداريين الذين تعينهم السلطة المركزية.
وبحكم التجربة أوضح أن الولاة هم حجر الزاوية في التنمية المحلية، لكنه دع غلى اعتماد معايير في تعيينهم وسن القانون الأساسي للولاة.
بالنسبة للطرف الثاني في المعادلة- أي المنتخبين المحليين- فقد اعتبر انه من الأهمية جعل رئيس المجلس الشعبي الولائي الممثل القانوني للولاية، وجعل الجهاز التنفيذي مسؤولا أمام منتخبي المجلس الشعبي الولائي، وأخذ رأيه في العلميات الأستثمارية القطاعية، ونقل فكرة الديمقراطية التشاركية لهذا المجلس، وسن قوانين للتنازل عن بعض أملاك الدولة للبلديات والولايات حتى تثمنها وتستغلها.
وأضاف فريك بأنه على القانون القادم للولاية أن يجعل من رئيس المجلس الشعبي الولائي ومن المجلس ككل "شريكا فعليا" في تسيير الولاية وليس مصفقا فقط.ومن أجل التمكين للمجالس الشعبية البلدية فقد رافع الوالي السابق من اجل رفع الوصايات الصورية عنها، واستبدال مفهوم الوصاية بمفهوم الرقابة، وتمكين المجالس البلدية من مصالح تقنية خاصة بها، ومنحها صلاحيات تشجيع الاستثمار العمومي والخاص من خلال فرض رأي الموافقة، ودعم الميزانيات المحلية بالتنازل عن بعض الأملاك الخاصة لها، والإفراج عن الجباية المحلية، والسماح للبلديات والولايات بفرض رسوم محلية وتقنينها لدعم ميزانياتها، ودعم الإدارات البلدية بالكفاءات وضبط برامج لتكوين المنتخبين.
كما على قانون الانتخابات والجماعات المجلية العمل وفق رؤية استباقية واستشرافية من خلا فرض التشدد في اختيار المنتخبين، وتمكين البلديات من جهاز امني خاص بها ووضع حد للمتابعات الكيدية للمنتخبين.
كما حمل بشير فريك الأحزاب السياسية مسؤولية التمكين للمنتخبين المحليين وذلك عبر انتقاء المترشحين من ذوي الكفاءة والنزاهة المؤمنين بخدمة الشأن العام، وضمان تكوينهم وترسيخ ثقافة الدولة لديهم، وقال انه على الأحزاب السياسية والأحرار والبرلمان تشكيل "تحالف استراتيجي" من اجل تغيير جذري لواقع المجالس المحلية.
وخلص المتحدث إلى أن المنتخبين المحليين هم جنود معركة التنمية فعلى السلطة والأحزاب والمواطن إبلاء الأهمية اللازمة لهم والأخذ بيدهم تكوينا وتوجيها وتأطيرا، والحسم نهائيا في ترسيخ نظام الحكم والمحلي والتفتح على تجارب الدول الأخرى في هذا المجال، وإنهاء هيمنة الإداري.
وتطرق الأستاذ الجامعي، رمضان تسيمبال، إلى الجانب المتعلق بصلاحيات المنتخبين وكيفيات اختيار رؤساء البلديات وغيرها من الإشكالات في القوانين المنظمة لعمل الجماعات المحلية على غرار قانون العضوي لنظام الانتخابات وغيره، ودعا بدوره إلى تقليص عدد البلديات وعدد المنتخبين لضمان أداء فعال لهم، ولم لا اعتماد نظام الجهة المعمول به في العديد من الدول من اجل حصر المشاكل وحتى يكون فعل التنمية ناجعا.وقد دارت جل المداخلات حول التساؤل، هل المنتخب ممثل للشعب فعلا أم مجرد موظف؟، وكيف يمكن إعطائه صلاحيات حقيقية تجعله يشارك في التنمية المحلية، وطالب آخرون بضرورة تحديد كيفيات إشراك المنتخبين في وضع السياسة العامة للدولة، بينما رافع البعض من أجل احترام خصوصيات كل منطقة.
إلياس -ب