أجمع ممثلو هيئات وطنية وخبراء وأساتذة جامعيون على ضرورة صياغة رؤية جديدة تمكن الجزائر من لعب دور ريادي ومحوري في القارة الإفريقية على المستويات السياسية والاقتصادية و التجارية وفي مجال الأمن، ودعوا إلى إعادة تعريف الأهداف الاستراتيجية للجزائر في القارة السمراء.
فتحت لجنة الدفاع الوطني أمس من خلال يوم برلماني تحت عنوان" الجزائر وإفريقيا .. فرص وتحديات"نقاشا واسعا ومثمرا حول الدور الذي يمكن لبلادنا لعبه في القارة والاستفادة من الفرص الكبيرة التي تتيحها هذه الأخيرة خاصة في الجانب الاقتصادي والتجاري كونها أكبر سوق في العالم حاليا بواقع يزيد عن مليار و 300 مليون نسمة.
وانطلاقا من كل هذه الفرص وبالنظر للتنافس الدولي الكبير على القارة وعلى ثرواتها رافع الدكتور محمد خوجة من جامعة الجزائر من أجل بناء قوة ناعمة وشراكة إستراتيجية مع دول القارة، وقال في مداخلة له خلال اليوم البرلماني أن "منطقة التبادل الحر الأفريقية ستكون أكبر منطقة تجارية في العالم بعد خمس سنوات".
وعليه أوضح أن هذه المنطقة ستعطي نقلة نوعية للاقتصاد الجزائري وستحدث فيه "هزة قوية" جدا فيه، لذلك دعا إلى صياغة رؤية إستراتيجية كبيرة للاقتراب من إفريقيا والاستفادة مما توفره من فرص كبيرة مستقبلا.
ومن اجل تحقيق نفوذ ودخول أعمق في القارة يدعو المحاضر إلى ضرورة جمع كل المعلومات والمعطيات حول القارة، و استحداث نوع من الجاذبية عبر مراجعة شاملة لمختلف التخصصات الجامعية والاهتمام أكثر بدول القارة، وتوسيع التبادل التجاري معها وبناء رؤية مشتركة وتنسيق فعال بين مختلف مؤسسات الدولة و التوجه نحو خيار بناء شراكات إستراتيجية مع دولها.
وبالمختصر العودة إلى العقل الاستراتيجي الجزائري وتطوير المركب الثلاثي العسكري الفلاحي الصناعي من أجل تعامل أنجع مع دول القارة.
وتطرق الدكتور إدريس عطية من جامعة الجزائر كذلك إلى التنافس الدولي الحالي على القارة الأفريقية، وعن الروابط المتعددة التي تربط الجزائر بالقارة والتي يجب استغلالها، مشيرا إلى أن هذا التنافس سيزداد أكثر في السنوات القادمة خاصة بين الصين فرنسا تركيا إيران روسيا والكيان الصهيوني. وعليه دعا إلى ضرورة ترجمة توجهات الدبلوماسية الجزائرية في بعدها الاقتصادي داخل القارة إلى أفعال اقتصادية في شكل اتفاقيات وافتكاك التزامات من دلو القارة وفق رؤية إستراتيجية كاملة ومتكاملة.
وفي إطار بناء مقاربة شاملة ومتكاملة لدور فعال للجزائر في القارة تطرق بومدين بوزيد الأمين العام للمجلس الإسلامي الأعلى إلى دور الدبلوماسية الروحية في دعم دور الجزائر في القارة السمراء، وعليه دعا إلى تنشيط الخريطة الروحية هناك على غرار الطرق الدينية التي لها امتدادات في دول القارة خاصة في غربها.
بدوره تطرق رابح فصيح، مدير ترقية ودعم المبادلات الاقتصادية بوزارة الشؤون الخارجية، إلى أدوات والدبلوماسية الاقتصادية الجزائرية في العمق الأفريقي، وهنا تحدث عن توفير المعلومة الاقتصادية حول الأسواق المستهدفة للمتعاملين الجزائريين، و وإنشاء مكتب للإعلام وترقية الصادرات والاستثمارات على مستوى السفارات وهو يشتغل منذ فبراير من العام الماضي، ووضع شبكة للدبلوماسيين المكلفين بالسوق الاقتصادية على مستوى البعثات الدبلوماسية، وتفعيل مجالس رجال الأعمال.
وقال أن الدبلوماسية الجزائرية تهدف إلى تعزيز حضورها في كافة بلدان القارة خاصة بعد دخول منطقة التبادل الحر الإفريقية حيز الخدمة منذ يناير 2021، وأوضح بهذا الخصوص أن إستراتيجية الدخول إلى القارة تقوم على عدة مراحل، أولها استهداف سوق إفريقيا الغربية عبر بوابة موريتانيا من خلال خط بري وآخر بحري فضلا عن إقامة تظاهرات اقتصادية، ثم في مرحلة ثانية استهداف دول جنوب وشرق القارة، فضلا عن تحيين الاتفاقيات الثنائية في المجال الاقتصادي، وكشف عن فتح فروع لثلاثة بنوك عمومية في السنغال والنيجر وموريتانيا قبل نهاية السنة الجارية، وأيضا فتح خطوط جوية وسفارات جديدة.
أما العقيد مصطفى مراح عن وزارة الدفاع الوطني فقد تطرق من جانبه للتهديدات الأمنية التي تستهدف الجزائر خاصة عبر حدودها الشاسعة وتحدث عن الإستراتيجية الشاملة والمقاربة متعددة الأبعاد لمواجهتها.
وقال بهذا الخصوص أن الجيش الوطني الشعبي في كامل الاستعداد و الجاهزية التامة للدفاع عن الحدود الوطنية، مشددا على أن المنظومة الدفاعية تحتاج إلى تكاثف وتكامل كل القطاعات وخلق جبهة وطنية متينة وموحدة.
إلياس -ب
