شهد قطاع الطاقة في الجزائر ميلاد تحالف استراتيجي بين سوناطراك وشركة «ايني» الايطالية بعد إبرام الشركة الايطالية، أمس، صفقة استحواذ ضخمة في إطار تعزيز وجودها واستثماراتها بالجزائر، حيث وافقت شركة النفط البريطانية «بريتش بتروليوم»، على بيع أعمال التنقيب والإنتاج في الجزائر إلى إيني الإيطالية، بما في ذلك أنشطتها في امتياز إنتاج الغاز في إن صالح وإن أميناس. وبهذه الخطوة، تصبح الشركة الإيطالية العملاقة من بين أهم الشركاء لمجمع «سوناطراك».
أعلنت شركة إيني الإيطالية للطاقة، استحواذها على أنشطة شركة «بريتش بتروليوم» البريطانية، في امتيازات حقلي «إن أميناس» جنوب شرقي الجزائر و»إن صالح» وسط الجزائر. وقالت الشركة في بيان لها : «أعلنت شركة إيني استحواذها على أنشطة شركة بريتش بتروليوم في الجزائر، بما في ذلك امتيازا «إن أميناس» و «إن صالح».
وتزود الجزائر إيطاليا حاليا بـ13.9 مليار متر مكعب منذ مطلع السنة الجارية، متجاوزة بذلك الحجم المتوقع بـ113 بالمائة، كما تعتزم إمداد إيطاليا قبل نهاية سنة 2022 بـ6 مليارات متر مكعب إضافية، وفق تقارير رسمية صادرة عن وزارة الطاقة والمناجم. وأصبحت الجزائر المورد الأول للغاز الطبيعي إلى ايطاليا، حيث تسعى للاستغناء عن إمدادات الغاز الروسية.
وجددت إيطاليا تمسكها بالشراكة الإستراتيجية التي تربطها بالجزائر، وأجرى الرئيس تبون قبل أيام مكالمة هاتفية مع نظيره الإيطالي، سيرجيو ماتاريلا، تم خلالها تبادل الرؤى بخصوص العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين الصديقين في عديد المجالات، كما بحث الرئيسان بالمناسبة “سبل تسريع تطبيق مخرجات زيارتي قادتي البلدين ومختلف القرارات المتخذة خدمة لصالح الشعبين، مؤكدين أيضا، إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة للتنسيق والتشاور الدائمين”.
ومن أهم الاتفاقات التي وقع عليها خلال زيارات الرئيس الإيطالي ورئيس الوزراء للجزائر وزيارة الرئيس تبون إيطاليا، مسألة الغاز، بحيث تم الاتفاق على الرفع من الواردات الجزائرية بنحو 9 مليارات متر مكعب سنويا. وكانت مجموعات سوناطراك وإيني الإيطالية وأوكسيدنتال الأميركية وتوتال الفرنسية، قد وقعت، في جويلية الماضي، عقدًا ضخمًا بقيمة أربعة ملايير دولار ينصّ على “تقاسم” إنتاج النفط والغاز في حقل بجنوب شرق الجزائر على مدى 25 عامًا.
بريتش بتروليوم: فخورون بما حققناه في الجزائر
وقبل إبرام صفقة الاستحواذ، كانت «بريتش بتروليوم» تمتلك نحو 33.15 بالمائة و45.89 بالمائة في مشروعي إن صالح وإن أميناس على التوالي، في إطار استثمارات مشتركة مع شركتي إكوينور النرويجية ومجمع سوناطراك. وبحسب الموقع الرسمي لشركة النفط البريطانية، قالت نائبة الرئيس التنفيذي أنجا إيزابيل دوتزنراث: «عملت بي بي بنجاح مع الجزائر وشركائنا لما يقرب من 30 عامًا، إذ طوّرت ودعمت العمليات بمشروعين رئيسيين للغاز في البلاد.. نعتقد أن هذا الاتفاق يمثّل نتيجة جيدة لشركتنا، وأيضًا إيني والجزائر». وأضاف بيان «بي بي»: «طوّر مشروع غاز إن صالح المشترك 7 حقول غاز في جنوب الصحراء، على بعد 1200 كيلومتر جنوب الجزائر العاصمة، إذ بدأ الإنتاج في عام 2004 ومرحلة ثانية انطلقت عام 2016.. وينتج مشروع أميناس المشترك الغاز من حوض إليزي في جنوب شرق الجزائر، منذ بداية عام 2006».
ومن جهته، قال النائب الأول لرئيس «بي بي» في مصر والجزائر وليبيا كريم علاء: «نحن فخورون جدًا بما حققته بي بي في الجزائر على مدار سنوات عديدة، ونقدّر دعم الحكومة خلال هذا الوقت». وأضاف: «مع وجودها الحالي الكبير في الجزائر والمنطقة، نعتقد أن إيني ستكون في وضع جيّد للعمل مع الشركاء والحكومة، بينما يواصلون دفع هذه الأصول إلى الأمام».
إنزال أوروبي على الجزائر “بحثا عن شتاء دافئ”
وشهدت الأيام الأخيرة، إنزالا دبلوماسيا لمسؤولين أوروبيين كبار، بحثوا مع الجزائر إمكانيات رفع إمداد القارة العجوز، في ظل توفر أنابيب جاهزة تربط ضفتي المتوسط، ما يسهل نقل الغاز. ومن أبرز الوافدين، رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال الذي زار الجزائر وأجرى لقاء على انفراد مع الرئيس عبد المجيد تبون، أعقبه اجتماع موسع ضم عدة وزراء من الحكومة الجزائرية ومسؤولين عن قطاع الطاقة. وقال ميشال بعد لقائه الرئيس تبون “نظرًا للظروف الدولية التي نعيها جميعًا، من الواضح أنّ التعاون في مجال الطاقة أساسي، ونعتبر الجزائر شريكًا موثوقًا به ووفيًا وملتزمًا في مجال التعاون الطاقوي”.
وقبل ذلك، كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قد زار الجزائر. ورغم نفيه لأن يكون الغاز محور الزيارة إلا أن وسائل إعلام فرنسية ذكرت أن شركة إنجي الفرنسية تتفاوض مع شركة سوناطراك لزيادة واردات الغاز من الجزائر بنحو 50 بالمائة. ويتخوف الفرنسيون من شتاء قارس، بعد طلب الحكومة بعدم رفع درجات التدفئة في المنازل إلى أكثر من 19 درجة توفيرا للطاقة.
بدوره لم يخف رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، رغبته في أن يكون الضيف الأوربي المقبل للجزائر. وذلك على الرغم من الأزمة الدبلوماسية بين البلدين بعد التحول المفاجئ في الموقف الاسباني من النزاع في الصحراء الغربية، وقال سانشيز في ندوة صحفية قبل أيام مع المستشار الألماني أولاف شولتز في بون، على هامش مشاركته كضيف في اجتماع الحكومة الألمانية حول الأمن والطاقة: “بشأن الجزائر أقول لك يسعدني أن أكون أنا من يذهب إلى الجزائر”، وذلك في رده على سؤال حول تطورات الأزمة الإسبانية مع الجزائر.
ع سمير