قال المشاركون في ندوة حول تأسيس أركان جيش التحرير الوطني، نظمتها أكاديمية الذاكرة الجزائرية بقالمة، أمس الأربعاء، بأن القيادة التاريخية لجيش التحرير لعبت دورا بارزا في مفاوضات تقرير المصير و استطاعت تقويم
و توجيه المفاوض السياسي و دعمه في مواجهة الموقف الفرنسي المتعنت، و تمكنت من فرض بنود هامة تتعلق بالحد من التجارب النووية و البيولوجية
وسيادة ومستقبل الجزائر المستقلة.
و أوضح الباحث في شؤون الحركة الوطنية أستاذ التاريخ المتقاعد، محمد شرقي، بأن تأسيس النواة الأولى لهيئة الأركان جاء كرد فعل لمظاهر التراخي و الركود و المهادنة التي ميزت نشاط القادة السياسيين للثورة، و ما نجم عنها من تعطل عمليات الإمداد بالمال و السلاح و المؤن من الخارج، في وقت كانت فيه الثورة في أشد الحاجة إلى الدعم لمواجهة الخطط الجديدة للعدو الفرنسي، بينها إقامة الجدار المكهرب لعزل جيش التحرير و خنق الثورة و قطع خطوط الإمداد بالسلاح و المؤن من الدول الشقيقة و الصديقة المتعاطفة مع القضية الجزائرية.
و أضاف المتحدث بأن رجل السياسة خلال الثورة كان يتمتع بحرية المناورة و اللعب على كل الأوتار و ظل بعيدا عن ميادين القتال، على خلاف الرجل العسكري الذي كان يقود المعارك على الأرض لتحرير الوطن المحتل، و كان في أشد الحاجة إلى المؤن و السلاح و الموقف السياسي الداعم، و هو ما لم يكن موجودا في مرحلة من المراحل الحرجة التي مرت بها الثورة المقدسة التي كادت أن تتعرض لمكيدة عندما توقف نشاط القادة السياسيين لعدة أشهر بسبب خلافات في وجهات النظر، مما أدى إلى تحرك قيادات جيش التحرير الوطني و تحررها من وصاية رجل السياسة، و كانت البداية بتوحيد 24 ألف عسكري مجاهد على الحدود الغربية و الحدود الشرقية، حيث تم دمج هذه القوة القتالية الهامة تحت مسمى واحد هو جيش التحرير الوطني بقيادة هواري بومدين في 31 جانفي 1960، و هو الذي دعا الى إنشاء مجلس محاسبة للحد من هدر المساعدات التي كانت تمنح للثورة الجزائرية.
و في مداخلة لها قالت كوثر هاشمي نائبة رئيس قسم التاريخ بجامعة 8 ماي 1945 بقالمة، بأن هيئة أركان جيش التحرير الوطني كان لها أيضا دور سياسي هام في مسيرة المفاوضات الشاقة لتقرير المصير و استمر هذا الدور البارز بعد الاستقلال، و كانت هذه الهيئة بمثابة النواة الصلبة للجيش الوطني الشعبي الذي يواصل دوره في مسيرة البناء و التطوير و المحافظة على وحدة و سيادة البلاد.
الندوة التي تزامنت مع ذكرى اليوم الوطني للأخوة و التلاحم بين الشعب و جيشه من أجل الديمقراطية، اختتمت بتكريم مجموعة من مجاهدي ثورة نوفمبر الخالدة عرفانا بالتضحيات التي بذلوها لتحرير البلاد، و تمتين الروابط القوية بين جيل الثورة
و جيل الاستقلال.
فريد.غ