قال الأستاذ الباحث في تاريخ الجزائر الحديث والمعاصر ، الدكتور لزهر بديدة ، أن إضراب الطلبة في 19 ماي 1956، يعد محطة من محطات نضال المثقفين الجزائريين في مقاومة الاستعمار الفرنسي، وأضاف أن نضال الطلبة لم يبدأ في هذه المرحلة ، بل كان قبل ذلك واستمر بعدها حتى إلى ما بعد استرجاع السيادة الوطنية ، مؤكدا أن التحاق الطلبة بالثورة التحريرية، كان فاصلا ومنعرجا هاما في مسار الثورة التحريرية و أضاف أنه من الضروري، أن يكون الوعي لدى الشباب بماضي الأسلاف ونضالات وتضحيات الآباء و الأجداد.
وأوضح الأستاذ الباحث في تاريخ الجزائر الحديث والمعاصر ، الدكتور لزهر بديدة في تصريح للنصر، أمس، أن الطلبة كان لهم دور حاسم وفعال قبل 19 ماي 1956 وبعد هذا التاريخ ، مذكرا أن الثورة التحريرية استفادت من التجارب السابقة، باعتبار أن الأحزاب السياسية و الحركة والتشكيلات الوطنية، كانت قد انتبهت إلى ضرورة وأهمية أن يكون الطالب في المقدمة وأن تكون الحركة الطلابية هي الحضن الأساسي لمسار الحركة الوطنية، سواء من حيث الرجال أو من حيث الأفكار، مضيفا في هذا السياق، أن الحركة الطلابية، كانت مرجعية في الأفكار وفي إثراء الجانب الأيديولوجي وفي الوعي.
وذكر الأستاذ والباحث، أن الطلبة كانت لهم بصمتهم في مسار الحركة الوطنية وفي الثورة التحريرية وذلك على جميع المستويات، ومنها ما تعلق بالمستوى الثقافي و الحفاظ على هوية وشخصية المجتمع الجزائري و أيضا على المستوى التعليمي وتوعية المجتمع الجزائري و على المستوى الدبلوماسي، حيث كان عملهم الدبلوماسي فارقا وأساسيا في انتصار دبلوماسية الثورة على دبلوماسية الدولة الفرنسية، لافتا إلى أن الطلبة كانوا موجودين في الصحافة والإذاعة والمسرح وكل القطاعات التي تلامس حياة المجتمع الجزائري والتي تقاوم الاحتلال الفرنسي، بكل مشاريعه الاستيطانية والهادفة إلى البقاء في الجزائر ومحو شخصية الجزائر والجزائريين معا.
وأوضح الدكتور لزهر بديدة، أن الطلبة كانوا من الفئة المتواجدة ، في تفجير الثورة التحريرية وكانوا عنصرا فعالا في هذه المرحلة ، وهذا إذا أخذنا مفهوم الطلبة بالمفهوم العام والأوسع -كما أضاف-، باعتبار أن الذين درسوا في مدارس حزب الشعب وجمعية العلماء المسلمين و مدارس بعض الجزائريين و الكتاتيب، كانوا يسمون طلبة.
وأشار الباحث إلى أن جبهة التحرير الوطني، قدرت أن تكون هذه الفئة منظمة ، حيث أصبح التفكير جاد في منتصف 1955 أن تكون هناك تنظيمات جماهيرية مساندة للثورة وحاضنة لها و تكون كذلك في مواجهة كل المشاريع الفرنسية، مقابل المنظمات الجماهيرية الفرنسية التي كانت تدور في فلك الفرنسيين.
وأضاف أن سنة 1955 ، عرفت تأسيس اتحادات ومن أهمها تأسيس الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين في جويلية 1955 وهو الذي قام بدور مهم في الجزائر وخارجها ، داخل الأراضي الفرنسية وفي البلاد العربية وهذا على مستوى الجامعات والثانويات وانخراط الطلبة في جميع مصالح ومفاصل الثورة التحريرية، سواء كانت العسكرية أو الإدارية أو الدبلوماسية وفي قطاع الصحة والإعلام.
وأوضح الباحث، أن الثورة وبحنكة، فضلت أن يواصل جزء مهم من الطلبة الدراسة في الجزائر والتواصل مع الثورة التحريرية وبشكل أكبر في الخارج ، في مصر، تونس، العراق ، سوريا وحتى داخل الأراضي الفرنسية، تحسبا للمستقبل، بحيث تكون هناك فئة مثقفة من خريجي المدارس والجامعات، تتولى تسيير البلاد في جميع مؤسساتها، بعد استرجاع السيادة الوطنية.
وأشار الدكتور لزهر بديدة، إلى أنه بعد استرجاع السيادة الوطنية، قام الشباب الجزائري بعملية البناء، بعد مقاومة الاستعمار الفرنسي، خلال فترة الاحتلال، مع الاستفادة من حنكة وتجارب الشيوخ والكهول.
وأضاف أن ما نحتاجه هو أن يكون الشباب، واعيا بماضي أسلافه وشخصيته ونضالات وتضحيات الآباء و الأجداد وقيمة هذا البلد والذي هو أمانة الشهداء ، مذكرا أن الذين قادوا الثورة كانوا شبابا، ضحوا بالنفس والنفيس وهم في عز شبابهم واستشهدوا وهم شباب وكان بإمكانهم أن يختاروا مسارات أخرى ولكنهم اختاروا الجزائر وضحوا من أجلها وتركوا كل مصالحهم الشخصية، لافتا إلى أهمية تقديم هذه النماذج في المسلسلات وفي الأفلام السينمائية وحتى الأفلام الكرتونية للناشئة، بحيث نقدم تضحياتهم وصورة رائعة لهؤلاء الشباب الذين ضحوا من أجل الجزائر. مراد - ح
